تربية الطفل : المشاكل الأسباب والعلاج ح4

ربى رياض عيسى

2021.09.30 - 09:15
Facebook Share
طباعة

  

سادساً). الطفل ومشكلة تحكُّم الآباء والأمهات:
1). تأثير التحكم بالطفل:
        بحسب رأي الخبراء فإنَّ التربية السليمة للأطفال, وتشجيعهم على التعلُّم, وبناء شخصيَّة متوازنة, وسلوكيَّات ايجابيَّة، هي أفضل الطرق لتنشئة جيل سليم قادر على تأدية واجباته بشكل جيِّد في المستقبل، لذا من الضروري أن يُترك الأطفال ليعيشوا طفولتهم بعيداً عن القَلق والمخاطر, وباقي أعباء العمل التي لم يستعدُّوا بعد لتحمُّلَها، والتي يُمكِن أن تترك تأثيرات جسديَّة ونفسيَّة تؤثِّر سلباً على مستقبلهم.
        وفي السياق ذاته كشفت دراسة أجراها باحثون بريطانيُّون أنَّ الرَّاشدين الذين تعرَّضوا لسيطرة نفسيَّة من قبل والِديهم وهم أطفال، معرَّضون أكثر للإصابة بأمراض عقليَّة، وقال الباحثون من جامعة لندن "UCL" إنَّ هذا التَّأثير شبيه بفقدان صديق مقرَّب أو قريب، وأضافوا أنَّ "أهم عامل في تطوير الحس العقلي للأطفال, هو رعاية الوالدين, وطريقة تعامُلَهُم مع أبنائهم"، وأكَّد الباحثون أنَّ الوالدين المُسيطِرين على أطفالهم, يمنعوهُم من تكوين هويَّة ذاتيَّة قويَّة، كما يحرمُونَهم من التعلُّم من أخطائهم أو مشاكلهم، وأشاروا أنَّ ذلك يؤثِّر على صِحَّتَهُم العقليَّة خلال حياتهم.
        وأوضح الباحثون أنَّ الأهل الذين يوفِّرون رعاية واهتمام أكثر لأطفالهم، ينعكس ذلك إيجاباً على علاقاتهم مع الآخرين في المستقبل، إذ يستطيعون بناء شبكة من العلاقات, ويَقدِرُون على التعامل معها بسهولة، وشارك في الدراسة ألفي شخص ولدوا في انكلترا وويلز واسكتلندا, وتمَّ طرح أسئلة عليهم بِشأن صحتهم العقليَّة وهم في سن المراهقة, وفي الثلاثينيَّات من عمرهم, وفي الأربعينيَّات, والفترة ما بين سنهم 60 إلى 64 عاماً, وطَرَحَت عليهُم أسئلة حول طبيعة علاقاتِهم بوالِدَيهِم حتى بُلوغِهم السادسة عشر من عمرِهم، وقالت الدكتورة "ماي ستافورد" التي ترأَّست هذا البحث إنَّ "جميع الآباء والأمَّهَات يَقدِّمُون رعاية لأطفالهم من جهة، ومن جهة ثانية يميلون إلى السيطرة عليهم"، وأضافت أنَّه " كلَّما اهتممنَا بأطفالنا, وحاولنا أن نفهمهُم أكثر، وكلما استمعنا إليهم وتحدَّثنا معهم بطريقة وديَّة ولطيفة, كلَّما انعكس ذلك بشكل ايجابي على صحَّتَهُم العقليَّة في المستقبل".
        وهذا بالفعل ما أكَّدته دراسة أُخرَى أُجريت في "جامعة فاندربيلت", وكان مفادُها أن الآباء والأُمهات الذين يُسيطرون نفسيَّاً على أبنائِهم, يخلقون نتاجاً سلبيَّا على الطفل, من أهمَّها انعدام ثقتِه بنفسه, وعدم اعتماده على الذَّات, وفي "مجلَّة للبحوث الخاصَّة في المراهقة" ذُكر أنَّ منح الطفل "خاصة المراهقين" الاستقلاليَّة, قد يكون أمراً جيِّداً يُساعده في حل نزاعاتِه وعلاقاته الشخصيَّة, وبالإضافة إلى ذلك, وَجَدَت هذه الدِّراسة دليلاً على أنَّ منح المزيد من الاستقلاليَّة يُمكِن أن يؤدِّي إلى زيادة في قدرة المراهقين على مقاومة ضغط الأقران.
        وهنا نُبرِز مصطلح استُخدم كثيراً وهو مصطلح "هليكوبتر الأبوة والأمومة" والذي استخدم لأوَّل مرَّة في العام 1969م, في كتاب "بين الآباء والمراهقين" للدكتور "هايم جينوت"، وأصبحت العبارة شائعة جدَاً, ودخلت في قاموس معاني اللُّغة في العام 2011م, في حين أنَّه من الجيِّد جداً, أن يكون الأهل حاضرين في حياة أطفالهم، فإنَّ الإفراط في "الحَوم في دواخل الطفل كطائرة الهليكوبتر" قد يكون أمرا مُعاكسا للتوقُّعات؛ بل ويمكن أن يكون سبباً للقلق والاكتئاب, وهذا ما أكَّدته دراسة أُجريت في العام 2013م, على ما يُقارب 300 طالب من طلاب الجامعات، فكتب أحد القائمين على الدراسة في مجلَّة "Journal of Child and Family Studies": "الطلاب الذين أبلغوا عن سيطرة مُفرطة من قِبل الآباء، قد سجلوا مستويات مُرتفعة جداً من الاكتئاب, وعدم الرضا عن الحياة بشكل عام", وهذه دراسة واحدة من عدد كبير من الدِّراسات الأخرى التي تُشير إلى وجود رابط واضح وصلة مُمكنة, بين الاكتئاب والسَّيطرة المُفرطة من قِبل الآباء.
        وقالت أحدى الدراسات, عن التحكُّم والسيطرة للأهل على الأبناء, ظنَّا من الوالدين أنَّ ذلك في مصلحة الطِّفل, دون أن يعلموا أنَّ لذلك الأسلوب خطر على صحَّة الطفل النفسيَّة, وعلى شخصيَّتِه مُستقبلاً, وما يترتَّب عنها من ميل الطفل الشديد للخضوع واتباع الآخرين, فهو هنا لا يستطيع أن يُبدع أو أن يفكِّر, وينتابه شعور بعدم القدرة على إبداء الرأي والمناقشة, كما يُساعد اتباع هذا الأسلوب في تكوين شخصيَّة قلقة خائفة, تتَّسم بالخجل والحساسيَّة الزائدة, وتُفقد الطفل الثِّقة بالنفس, وشعور دائم بالتقصير وعدم الانجاز, وينتج عن اتباع هذا الأسلوب أيضاً, طفل عدواني يخرِّب ويُكَسِّر أشياء الآخرين, لأنَّ الطفل في صغره لم يُشبِع حاجته للحريَّة والاستمتاع بها.
2). تأثير المديح الزائد على الطفل:
        راقَبَ مجموعة باحثين سلوك 565 طفلاً في هولندا, على مدى سنة ونِصف السَّنة، في سبيل إعداد دراسة منشورة في "مجلَّة الأكاديميَّة الوطنيَّة الأميركيَّة للعلوم", حيث عَكَف الباحثون لتحليل سلوكيَّات الأهل، وتبيَّن لهم أنَّ الأطفال الذي يصفهم والدوهُم أنَّهم "مميَّزُون عن غيرهم"، وأنَّهم "يستحقُّون أفضل ما يكون في الحياة"، هم أكثر عرضَة للإصابة بالنرجسيَّة، وكانت أعمار الأطفال المشمولين بالدِّراسة تراوح بين السابعة والحادية عشرة, وتبيِّن للباحثين أنَّ الأطفال يقتنعُون أنَّهم أفضل من غيرهم، إذا سمعوا ذلك من أهلهم، بحسب أستاذ علم النفس "براد بوشمان" المشارك في الدراسة، وقال "بوشمان": "لن يكون ذلك مفيداً لهم, ولا للمجتمع من حولهم"، وبحسب الدِّراسة، فإنَّ التشجيع والتعامل بحرارة مع الأطفال هو "أفضل من تضخيم الأنا لديهم", وأشار المُشرِف على الدِّراسة "أدي بروملمان" إلى أنَّ الأهل يظنُّون أنَّهم يُحسِنُون صنعاً, حين يقولون لأطفالهم أنَّهم مميَّزون، لكنَّهم في الحقيقة يضخِّمون النرجسيَّة عندهم، وقال "بوشمان" إنَّ خُلاصات هذه الدِّراسة, جعلَتهُ ينتَقِي الكلمات التي يَقولَها لأطفاله، وأضاف "حين بدأت الأبحاث في هذا المجال, كنتُ أظنُّ أنَّه ينبغي أن يُقال للطفل أنَّه مميَّز جدَّاً عن غيره، لكنِّي الآن أدركت أن ذلك خطأ", ومن الأضرار المترتبة على مديح الطفل: الزائد:
·       شعور الطفل بالغرور الزائد, والثقة الزائدة بالنفس.
·       كثرة مطالب الطفل.
·       تضخيم صورة الفرد عن ذاته, ما يؤدِّى لإصابته بعد ذلك بالإحباط والفشل, عندما يصطدم مع غيره من النَّاس, الذين لا يمنَحُونَه نفس القدر من الإعجاب.
3). الأهل وإيذاء الطفل نفسيَّاً:
        يقول "جوزيف سبينازولا" الذي قادَ دراسة حول تربية الطفل, "عندما تنظر إلى قوَّة الأعراض, فإنَّه لا يوجد اختلاف بين الأشكال الثلاثة لإساءة المعاملة"، وتختلف الصَّدمات النفسيَّة عن "الاختلال في التربية", والذي يحدث عندما يفقد الآباء والأمَّهَات أعصابهم بين الحين والآخر, عند التَّعامُل مع أولادِهم، وأَضاف "سبينازولا": "إنَّه كالعيش دون الحُصُول على أيِّ نَوع من الحُب أو الدفء وإنَّما العداوة أو التهديدات أو المطالب المستحيلة, وكأنَّ الطفل عدوٌّ أو وحشٌ أو مخلوق بائس غير محبوب", و"سبينازولا" هو المدير التنفيذي لمركز الصَّدمات بمعهد "جاستيس ريسورس" في ولاية "ماساتشوستس" الأمريكيَّة، وذّكَرَت الورقة البحثيَّة في "دوريَّة الصدمات النفسيَّة": النظريَّة والبحث والممارسة والسياسات "Psychological Trauma: Theory, Research, Practice, and Policy" أنَّ الأطفال الذين يتعرَّضون للأذى النفسي, يُصبِحُون عرضةً أكثر بنسبة 78 في المائة للاكتئاب, و80 في المائة للإصابة باضطرابات القلق, و92 في المائة للتوتر.
        وبمقارنتهم بأطفال تعرَّضوا للأذى الجنسي, توصَّل الباحثون إلى أنَّ الأطفال الذين يتعرَّضون للأذى النفسي, يكونون أكثر عرضة لمواجهة مشاكل دراسيَّة وممارسة الأنشطة الإجراميَّة, وإيذاء أنفسهم جسديَّاً، وأشار الباحثون إلى أنَّ الأذى الجسدي والجنسي يحظى باهتمام أكبر من إيذاء الطفل نفسيَّا.
        وفي العام 2013م, أُجريت دراسة في "جامعة بيتسبرغ"، وجدت أنَّ التأديب اللَّفظي القاسي أو الشتم أو استخدام أسلوب الإهانة, قد يضر بجودة نفسيَّة الطِّفل على المدى البعيد, وهُناك دراسة أُخرى دامت لمدَّة سنوات, وَجَدَت أنَّ المواظبة على استخدام التوبيخ اللَّفظي القاسي, كان مَدخلاً رئيسيَّا للاكتئاب, وقال كاتب الدِّراسة: "هذه دعوة للآباء والأمَّهات للتركيز, وعدم الانجراف في هذه الدوَّامة، دوامة الصراخ، تلك السلوكيَّات من أطفالكم التي تجعلكم راغبين في الصُّراخ والتوجيه اللَّفظي, تدفَعَهُم لتكرار السلوكيَّات نفسها مراراً وتكراراً, دون توقُّف", وتتَّفق جميع الدراسات على أنَّ الصراخ لا يؤدِّب! ويمكنك استخدام الصُّراخ فقط, لوقف تصرُّف يقوم به طفلك الآن ويُعرضه للخطر.
        ومن الآثار الأخرى, أنَّ إشعار الطفل بالذنب, كلَّما أتى سلوكاً غير مرغوب فيه, أو كلَّما عبَّر عن رغبة سيِّئة أيضاً, وتحقير الطفل والتقليل من شأنه, والبحث عن أخطاءه ونقد سلوكه, يُفقد الطفل ثقته بنفسه, فيكون متردِّداً عند القيام بأيِّ عمل, خوفاُ من حرمانه من رضا الكبار وحُبَّهم, وعِندما يكبر هذا الطَّفل يكوِّن شخصيَّة انسحابيَّة منطوية غير واثق من نفسه, يوجه عدوانه لذاته, وعدم الشعور بالأمان, ويتوقَّّع الأنظار دائمة موجَّهة إليه, فيخاف كثيراً, ولا يحب ذاته, ويمتدِح الآخرين ويفتخر بِهم وبإنجازاتهم وقُدَرَاتِهم, أمَّا هو فيحطِّم نفسُه ويزدريها.
4). الأهل ومشكلة ضرب الطفل:
        يجب منع الوالدين من ضرب أطفالهم، حسبما قالت "ماغي اتكينسون" مفوَّضة شؤون الأطفال في انجلترا، حيث قالت "اتكينسون" لصحيفة "الأندبندنت" إنَّ القانون يمنح الحيوانات الأليفة والبالغين, قدراً أكبر من الحماية من العنف عن الأطفال، وأضافت توجد ثغرة قانونيَّة بشأن "العقاب الجسدي لطفلك", ودعت اتكينسون إلى حظر كلِّي للضرب, يواجه بموجبه الآباء عقوبات قانونيَّة، ووفقاً للقوانين الحاليَّة، يسمح بالضرب الخفيف, ولكن أي ضرب يحدث كدمات أو خدوشا أو تورما أو جروحا محظور قانونا، وقالت اتكينسون للصحيفة "بصفة شخصيَّة كمعلمة سابقة، لم اضطر قط لاستخدام العقاب الجسدي, اعتقد أنَّنا يجب أن نتخذ إجراءاً لمنع الضرب".
        وتابعت بعض الدراسات, إنَّ إحدى المقاربات الرائجة الآن بأساليب العقاب, هي "التأديب الايجابي" وهي أسلوب معتمد في كاليفورنيا, وترتكز على "تربية الأطفال بحزم وعطف".
        وحسب الخبراء, قد يبدو أنَّ الضرب على المؤخِّرة هو العقاب الألطف، والأقل ضرراً، إلَّا أنَّ هذا الأسلوب من الضرب, قد أخذ جزءا بالغا من اهتمام بعض الباحثين، الذين أكَّدوا أن استمرار استخدام هذا النوع من العقاب مع الطفل, قد ارتبط بمشكلات مختلفة مثل فرط النشاط والعدوانيَّة والتنمر تجاه الأطفال الآخرين, ووجدت إحدى الدراسات, أنَّ أطفال الصف الأوَّل الذين يعاقبهم آباؤهم بهذا النوع من الضرب؛ كانوا أكثر عُرضة لافتعال المشكلات مع زملائهم, لتأتي من بعدها دراسة تحليليَّة في العام 2016م, من "جامعة تكساس" تستند إلى خمسين سنة من البحث والتجربة على 160,000 طفل، أكَّدت وأظهرت أنَّ الضرب على المؤخِّرة يرتبط ارتباطا واضحا بمشكلات الصحة العقليَّة, والصعوبات المعرفيَّة, لدى الطفل, وأشار الدكتور فيل في إحدى حلقاته إلى دراسة تؤكِّد أنَّ الأطفال الذين يتعرضون لهذا النوع من العقاب باستمرار ينخفض معدل ذكائهم (IQ) بنسبة 5 درجات في سن الخامسة.
وهذه بعض النصائح للأم التي يتملَّكها الغضب إزاء الطفل:
·       التفكير والهدوء عند إثارة غضبك, سواء أقام بكسر أشياء في البيت، أو بضرب أخته أو أخيه الصغير.
·       انظري إلى طفلك طويلاً حين يكون نائماً، و تأمَّلِي في براءته و ضعفه، وخاطبي نفسك: هل يستحق هذا المسكين أن أضربه أو أصرخ في وجهه و أثور عليه ؟!
·       فكِّري أنَّ غضبك لن ينفع في تأديبه, بل سيزيده شغباً و عناداً و تمرداً.
·       أشغلي نفسك بأي عمل آخر وأنت تعلنين لطفلك أنك ستحاسبينه على خطئه أو إهماله أو ذنبه.
 
 
5). الأهل و"الابن البكر":
        بينما كشفت دراسة صادرة عن "المكتب الوطني للبحوث الاقتصاديَّة" أنَّ أداء الأولاد البكر يُعتبر أفضل في المدرسة، مقارنة بالأطفال الذين يولدون لاحقاً، حيث وجد الباحثون أنَّ الأولاد البِكر، حَصَلُوا على علامات أفضل، وقد يكون السَّبَب أنَّ الآباء هم أكثر صرامة، مع أولادِهم البكر، ويُصبِحُون أكثر مرونة مع الأطفال الذين يأتون في مراحل لاحقة، خصوصاً فيما يرتبط بفرض قواعد مشاهدة التليفزيون، ومراقبة الواجبات المنزليَّة، وإظهار شعورهم بالغضب إذا حصل أولاهم على درجات سيِّئة في المدرسة.
        وأشارت الدِّراسات السابقة, أنَّ الأولاد البِكر لديهُم مستوى ذكاء أعلى مقارنة بأشقَّائِهم، بسبب حصولِهم على مزيد من الوقت والاهتمام غير المجزأ من قبل الأم والأب، قبل ولادَةِ أشقَّائِهِم، وفي السياق ذاته، قال الدكتور "ريتشارد غالاغر" في "مركز دراسة الطفل في جامعة نيويورك"، إنَّ "مساهمة الوالدين والمشاركة اللفظيَّة مع الأطفال, لديه تأثير كبير جدَّاً على تنمِيَتِهِم، وقد يكون هذا الأمر ليس بالزَّخَم ذاته مع الأبناء الذين يُولَدُون لاحقاً ما يفسِّر هذا التأثير".
       وفي أواخر الستينيَّات وَجَدَت عالمة النفس التنمويَّة "ديانا بامرايد" أنَّ هناك ثلاثة أنماط أساسيَّة من الأبوَّة والأمومة: المُتساهلة، المُستبدَّة "السلطويَّة"، والمبنيَّة على الثِّقَة, المبنيَّة على الثِّقة بالطبع هي الأفضل؛ وهي العلاقة التي يكون فيها الآباء والأمَّهَات منفتحين في توجيهاتِهم بعقلانيَّة لأطفالهم, أمَّا الأسوأ، مما لا شكَّ فيه، هي الأبوَّة والأمومة المُستبدَّة التي يكون بها الأهل متطلِّبِين للغاية ومُثبَّطين لأيِّ نقاشٍ مفتُوح بينهم وبين أبنائهم, فعلى سبيل المثال، الأهالي السلطويًّون يَطلُبُون من أبنائهم أداء عظيماً, وعلامات متقدِّمة في المدرسة, وتَكُون حُجَّتَهم: "لأنِّي قُلتُ لك ذلك!"، أمَّا أولئك العقلانيُّون فيُبرِّرُون لأبنائِهم ضرورَة التقدُّم العِلمي والعلامات المتقدِّمة, الَّتِي من شأنَها أن تَبني له مستقبلاً أفضل.
6). طبيعة وسمات نفسيَّة الأهل, وتأثيره على الطفل:
        أظهرت دراسة نُشرت في العام 2016م, في مجلَّة الطب النفسي الانتقالي, أنَّ الآباء المُشتتين, يُمكن لتشتتهم أن يُؤثر سلباً على نمو أطفالِهم, ولكن الدِّراسة أُجريت على الفِئران ومن غير المؤكَّد "بعد" تطابق النتيجة على البشر, على الجانب الآخر، وبحسب ما نُشر في صحيفة وول ستريت "Wall Street Journal", فإنَّ بعض أطباء غرفة الطوارئ، الذين لاحظوا ارتفاعا غير مسبوق في ارتفاع عدد إصابات الأطفال، يّعتَقِدُون أنَّ التكنولوجيا والهواتف الذكيَّة, قد يكونَان من الأسباب الرئيسيَّة التي تُشتّت الآباء, وتُصرِف اهتمامَهُم عن الانتباه لأطفالهم.
        ويقولُ الخبراء, أنَّه من الصَّعب حقيقةً فرض مُعادلة دقيقة تضمن نتائج تربويَّة سليمة 100%، ولكن يبدو أنَّ هُناك علاقة طرديَّة واضحة تربط بين دفء الوالدين, وانعكاس دفئهم على سلوك أطفالهم، فالعديد من الدِّرَاسات كشفت أنَّ انخفاض مستوى الدفء, وبرود العلاقة بين الآباء والأبناء تُسهم في بناء مشكلات سلوكيَّة, إلى جانب عدم الإحساس بالأمان والميل إلى العُزلة, ووفقاً لواحدة من الدراسات, فإنَّ الأطفال الذين يفتَقِرُون إلى الثناء الأبوي, هم أكثر عُرضة للقلق والاكتئاب والانسحاب من المجتمع.
        وربَّمَا يلجأ الوالدين إلى ُترك الطفل دون تشجيع على سلوك مرغوب فيه, أو الاستجابة له, وتركه دون محاسبته على قيامه بسلوك غير مرغوب, وقد ينتَهِج الوالدين أو أحدهما هذا الأسلوب, بسبب الانشغال الدَّائِم عن الأبناء, وإهمالهم المستمر لهم, أو عندما تُهمِل الأم تلبية حاجات الطِّفل من طعام وشراب وملبس وغيرها من الصُّوَر, والأبناء يفسِّرُون ذلك على أنَّه نوع من النبذ والكراهيَّة والإهمال, فتنعَكِس بآثارها سلباً على نموِّهِم النَّفسِي, ويُصَاحِب ذلك أحياناً السخرية والتحقير للطفل, فمثلاً عندما يقدِّم الطفل للأم عملاً قد أنجزه, وسعد به, تَجِدُهَا تحطِّمُه وتنهَرَه وتسخر من عملِه ذلك, وتَطلب منه عدم إزعاجها بمثل تلك الأمور التَّافِهة, كذلك الحال عندما يحضَر الطفل درجة مرتفعة ما في أحد المواد الدراسيَّة, لا يكافأ ماديَّاً ولا معنويَّاً, بينما إن حصل على درجة منخفضة تجدُهُ يوبِّخ ويسخر منه، وهذا بلا شك يَحرُم الطِّفل من حاجته إلى الإحساس بالنجاح, ومع تكرار ذلك يفقد الطفل مكانته في الأسرة, ويشعر تجاهها بالعدوانيَّة وفقدان حبِّه لَهُم, وهذا يفسِّر بلا شك هُرُوب بعض الأبناء من المنزل إلى شلَّة الأصدقاء, ليجدوا ما يشبع حاجاتهم المفقودة هناك في المنزل, وتكون خطورة ذلك الأسلوب المتَّبَع, وهو الإهمال, أكثر ضرراً على الطفل في سني حياتِه الأولى بإهماله, وعدم إشباع حاجاته الفيزولوجيَّة والنفسيَّة لحاجة الطفل للآخرين, وعجزه عن القيام بإشباع تلك الحاجات, ومن نتائج إتباع هذا الأسلوب في التربية ظهور بعض الاضطرابات السلوكيَّة لدى الطفل, كالعدوان والعنف أو الاعتداء على الآخرين أو العناد أو السرقة أو إصابة الطفل بالتبلُّد الانفعالي, وعدم الاكتراث بالأوامر والنواهي التي يصدرها الوالدين.
7). الأهل وتأثير الخوف على الطفل:
        الحماية الزائدة, تعني قيام أحد الوالدين أو كلاهما نيابة عن الطفل بالمسؤوليَّات التي يفترض أن يقوم بها الطفل وحدُه, حيث يَحرص الوالِدان أو أحَدِهِما على حماية الطفل, والتدخُّل في شؤونه, فلا يُتاح للطفل فُرصَة اتخاذ قراره بنفسه, وعدم إعطاءه حريَّة التصرُّف في كثير من أموره, كالدِّفاع عنه عندما يعتدي عليه أحد الأطفال, وهذا الأسلوب بلا شك يؤثِّر سلباً على نفسيَّة الطفل, وشخصيَّته, فينمو الطفل بشخصيَّة ضعيفة غير مستقلَّة, يَعتمد على الغير في أداء واجباته الشخصيَّة, وعدم القدرة على تحمل المسؤوليَّة ورفضها, إضافة إلى انخفاض مستوى الثقة بالنفس وتقبُّل الإحباط, كذلك نجد هذا النوع من الأطفال الذي تربي على هذا الأسلوب لا يثق في قراراته التي يصدرها, ويثق في قرارات الآخرين ويعتمد عليهم في كل شيء, ويكون نسبة حساسيته للنقد مرتفعة, وعندما يكبر, يطالب بأن تذهب معه أمُّه للمدرسة, حتى مرحلة متقدِّمة من العمر, يفترض أن يعتمد فيها الشخص على نفسه, ومن سلبيَّات ذلك أيضاً:
·       يخلق مثل هذا النمط من التربية, شخصا هيَّاباً, يخشى اقتحام المواقف الجديدة.
·       عدم الاعتماد على الذات.
8). الأهل وتأثير التذبذب بمعاملة الطفل:
        يعني عدم استقرار الأب أو الأم, من حيث استخدام أساليب الثواب والعقاب, فيُعاقب الطفل على سلوك معيَّن مرَّة, ويثاب على نفس السلوك مرَّة أخرى, ولذلك نلاحظه في حياتنا اليوميَّة من تعامل بعض الآباء والأمَّهات مع أبناءهم مثلاً: عندما يسب الطفل أمُّه أو أباه, نجد الوالدين يضحكان له ويُبدِيَان سرورَهُما، بينما لو كان الطفل يفعل ذلك أمام ضيوف, نجد أنواع من العقاب النفسي والبدني, فيكون الطفل في حيرة من أمره, لا يعرف هل هو على صح أم على خطأ, وغالباً ما يترتَّب على اتباع ذلك الأسلوب, شخصيَّة متقلِّبة مزدوجة في التعامل مع الآخرين, ومن أضرار ذلك على الطفل:
         يجد صعوبة في معرفة الصواب والخطاء.
         ينشأ على التردُّد وعدم الحسم في الأمور.
         ممكن أن يكف عن التعبير الصريح عن التعبير عن أرائه ومشاعره.
 
 
9). الأهل والتفرقة بين الأطفال:
        ويعني ذلك عدم المساواة بين الأبناء جميعاً, والتفضيل بينَهُم بسبب الجنس, أو ترتيب المولود, أو السن, فنجد بعض الأسر تفضِّل الأبناء الذكور على الإناث, أو تفضيل الأصغر على الأكبر, أو ابن من الأبناء بسبب أنَّه متفوِّق, أو جميل, أو ذكي, وغيرها من الأساليب الخاطئة, وهذا بلا شك يؤثِّر على نفسيَّات الأطفال الآخرين, وعلى شخصيَّاتِهم, فيشعرون بالحقد والحسد تجاه هذا المفضَّل, وينتج عنه شخصيَّة أنانيَّة, ويتعوَّد الطفل أن يأخذ دون أن يُعطي, ويحب أن يستحوذ على كلِّ شيء لنفسه, حتى ولو على حساب الآخرين, ويُصبح لا يرى إلَّا ذاته فقط, والآخرين لا يهموُّنه, وينتُج عنه شخصيَّة تَعرف مالها, ولا تَعرف ما عليها, وتعرف حقوقَها ولا تَعرف واجباتها.
        وهناك أيضاً اختلاف بين وجهات النَّظر في تربية الطفل, بين الأم والأب, كأن يؤمن الأب بالصَّرامة والشدَّة, بينما تؤمِن الأم باللِّين وتدليل الطفل, أو يؤمن أحَدَهُما بالطريقة الحديثة, والأخر بالطريقة التقليديَّة, ومن آثار ذلك على الطفل:
·       قد يكره الطِّفل والده, ويميل إلى الأم, وقد يحدُث العكس, بأن يتقمَّص صفات الخشونة من والده.
·       يجد مثل هذا الطِّفل صعوبة في التمييز بين الصَّواب والخطاء, أو والمسموح والممنوع, كما يعانى من ضعف الولاء لأحدهما أو كلاهما.
·       قد يؤدِّى ميله وارتباطه بأمِّه, إلى تقمص الصفات الأنثويَّة.
10). الأهل والتعامل مع تنافس الأطفال:
        إنَّ الجدال بين الأشقَّاء جزء طبيعي من الحياة, مع ذلك، في بعض الأحيان يُمكِن أن تخرج درجة العداء بين الأشقَّاء "كالتنافس بين الأشقاء" عن السيطرة, وتتعارض مع جودة العلاقة, ناهيك عن خلق البؤس للآباء, بالإضافة إلى ذلك، هناك عواقب سلبيَّة طويلة المدى لعلاقات الأخوة الإشكاليَّة، مثل السلوك المُنحَرِف بين الأطفال الأكبر سنًا والمراهِقين.
        وغالبًا ما يَكُون التنافس بين الأشقَّاء معقََّّدًا، حيث يتأثَّر بمجموعة من المتغيِّرات الأسريَّة، مثل حجم الأسرة والتفاعل بين الوالدين والطفل, والعلاقات الأبويَّة وجنس الأطفال, وترتيب الميلاد والشخصيَّة, ففي بعض الأحيان، بمجرَّد أن يدرك الطفل أنَّ أخيه أو أخته على الطريق، تبدأ العواطف في الارتفاع, ولحسن الحظ، يتمتَّع الآباء بفرصة كبيرة لإعداد أطفالهم من البداية, على سبيل المثال، يمكن للوالد تعزيز علاقة أخوة صحيَّة, من خلال الانخراط في اتصال مفتوح حول أن يصبح أخًا كبيرًا أو أختًا في وقت مبكر, ويجب أن يتم ذلك بطريقة مثيرة للعاطفة, وتدعم الدور الجديد للطفل باعتباره الأخ الأكبر, ويمكن للوالدين دعم الترابط من خلال السَّماح للطفل أن يشعر بركلة الطفل, أو عرض صُوَر الموجات فوق الصوتيَّة, ويُمكِنَهم طلب مساعدة طفلهم في تزيين غرفة الطِّفل القادم, وهناك طرق أخرى لتقليل التنافس بين الأطفال, وعلاج تأثيراتها على سلوك الطفل:
طرق علاج التنافس بين الأطفال:
1.    الاستعداد للسلام: حيث يصف "إيمي ماكريدي" عدَّة طُرق لتعليم مهارات حل النِّزاعات, التي تساعد على تجنًّب المزيد من المشاكل بين الأشقاء, "أي ابتعد عن المشاحنات".
2.    تهدئة الصِّراع: إذا كان لا بد من التدخُّل، فمن الأفضل مساعدة الأطفال على حل المشكلة, دون إصدار حكم أو انحياز.
3.    ضعهم جميعًا في نفس القارب: يقترح "ماكريدي" أن يتلقَّى جميع الأطفال المشاركين في النزاع نفس النتيجة، والتي تعلِّمُهم أنَّ كل واحد منهم سيستفيد من التعايش.
11). الأساليب الخاطئة لتعامل الأهل مع الطفل:
·       الصرامة والشدَّة:
        حيث يَعتبر علماء التربية والنفسانيُّون هذا الأسلوب, أخطر ما يكون على الطفل, إذا استخدم بكثرة, فالحزم مطلوب في المواقف التي تتطلب ذلك، أمَّا العُنف والصَّرامة فيزيدان تعقيد المشكلة وتفاقمها؛ وهذا ما يحدث في حالة العقاب الانفعالي للطفل, الذي يُفِقْدُ الطفل الشعور بالأمان والثِّقة بالنفس كما أنَّ الصَّرامة والشدَّة, تجعل الطفل يخاف ويحترم المربي في وقت حدوث المشكلة فقط, ولكنَّها لا تمنعه من تكرار السلوك مستقبلاً, وقد يؤدِّي هذا الصراع إلى الكبت والتصرُّف المُخل, والعدوانيَّة تجاه الآخرين أو انفجارات الغضب الحادَّة, التي قد تَحدُث لأسباب ظاهرها تافه, ومن أضرار ذلك على الطفل:
·       قد يؤدِّى بالطفل إلى الانطواء أو الانزواء, أو الانسحاب في معترك الحياة الاجتماعيَّة.
·       يؤدِّى لشعور الطفل بالنقص, وعدم الثقة بنفسه.
·       صعوبة تكوين شخصيَّة مستقلَّة, نتيجة منعِه من التعبير عن نفسه.
·       شعورُه الحاد بالذَّنب.
·       كُره السلطة الوالية, وقد يمتد هذا الشعور إلى معارضة السلطة الخارجيَّة في المجتمع.
·       قد ينتهج هو نفسه منهج الصَّرامة والشدَّة في حياته المستقبليَّة, عن طريق عمليَّتَي التقليد أو التقمُّص لشخصيَّة أحد الوالدين أو كلاهما.
·       الدلال الزائد والتسامح الزائد:
        هذا الأسلوب في التعامل لا يقل خطورة عن القسوة والصَّرامة, فالمغالاة في الرعاية والدلال, سيجعل الطفل غير قادر على تكوين علاقات اجتماعيَّة ناجحة مع الآخرين، أو تحمُّل المسؤوليَّة ومواجهة الحياة, لأنَّه لم يمر بتجارب كافية ليتعلَّم مِنها كيف يواجه الأحداث التي قد يتعرَّض لها, حيث يتعامل الوالدان مع الطِّفل بدلال زائد, وتَسَاهُل, بحجَّة رقَّة قلبيهِما وحُبِّهِما لطفلهما, ما يجعل الطفل يعتقد أنَّ كل شيء مسموح ولا يوجد شيء ممنوع، لأنَّ هذا ما يجده في بيئته الصغيرة, ولكن إذا ما كبر وخرج إلى بيئته الكبيرة, وواجه القوانين والأنظمة التي تمنعه من ارتكاب بعض التصرُّفات، ثار في وجهها وقد يخالفها دون مبالاة, ومن أضرار هذا الأسلوب على الطفل:
·       عدم تحمُّل الطفل المسؤوليَّة.
·       الاعتماد على الغير.
·       عدم تحمُّل الطِّفل مواقف الفشل والإحباط في الحياة الخارجيَّة, حيث تَعوَّد على أن تُلبَّى كافة مطالبه.
·       توقُّع هذا الإشباع المُطلق من المجتمع فيما بعد؟
·       نمو نزعات الأنانيَّة وحب التملك للطفل.
سابعاً). الطفل ومشكلة اللُّجوء إلى الكذب:
1.   أسباب الكذب عند الطفل:
        أشارت دراسة كنديَّة حديثة شارك بها 268 طفلاً تراوح أعمارهم بين ثلاثة وسبعة أعوام، حيث قرء العلماء مجموعة مختلفة من القِصَص لهؤلاء الأطفال، ثم قاموا بعدها بإسناد إحدى المهام، التي كانت متاحة للطفل أن يَغُش خلالها أو يلتزم بالصِّدق, وتبيَّن بعد ذلك، أنَّ الأطفال الذين استمَعُوا لقُصص إيجابيَّة ذات شخصيَّات صادقة, كانوا الأكثر قولاً للصدق، حيث صرَّحُوا بالحقيقة على نحو يزداد بمعدَّل ثلاثة أضعاف عن غيرهم من الأطفال, الذين استمعوا للقُصَصَ الأخرى, وأظهرت نتائج الدراسة أيضاً أنَّ الأطفال لم يتأثَّرُوا مُطلقاً بالقُصص التي واجهت خلالها الشخصيَّات الكاذبة عواقب سلبيَّة، لذا خَلُصَ الباحثون إلى أنَّه من الأفضل أن يتم تحفيز الطِّفل على قول الحقيقة, من خلال القصص التي تستعرِض العواقِب الإيجابيَّة للصدِّق, وليس العواقب السلبيَّة للكذب.
        فالطفل منذ ولادته يملك استعداداً للتأثُّر بكل ما يتّصل به من مؤثِّرات, عن طريق التلقين والتقليد، فإبعاده عن المؤثِّرات السيِّئة، وتقريبه من المؤثِّرات الحسنة الصالحة؛ هو الباب الصحيح لإدخاله في عالم خالٍ من الكذب؛ لأنَّه بمنزلة الأساس لعمليَّة التربية بصورة كليَّة, فإذا أحسن المربِّي بناء هذا الأساس؛ نشأ البناء متيناً راسخاً، وما يكتسبه الطّفل في المرحلة الأولى من عمره يصعب تغييره مستقبلاً, وعلى الوالدين أن يتنبَّها لهذا الأمر, ومن الأسباب الظاهرة لكذب الأطفال:
1.    اضطراب الحياة الأسريَّة وتفكّكها, وعدم الشعور بالأمان داخلها.
2.    الشعور بالنَّقص.
3.    التمييز بين الأولاد.
4.    ظلم المدرِّس للطالب الذي يدفعه للكذب بقصد الخلاص.
5.    المدرِّس الذي يحدِّد موعداً للامتحان ثم لا يجريه.
6.    تجنّب العقاب.
7.    الزهو ولفت الأنظار.
8.    الهرب من المسؤوليَّة.
9.    الكذب على سبيل اللَّعب.
10.      الكذب خوفاً من العقاب.
11.      الحصول على العطف والمحبَّة من الكبار.
12.      طمع في تحقيق غرض نفسي مثل: "الانتقام والكراهيَّة".
13.      وضع الوالدين أبناءهم في مواقف, يضطرُّون فيها إلى الكذب، فيُشعِر الطفل أنَّه أُرغم على الكذب.
14.      تقليد الوالدين حين يستمع إلى كذبهم, ويدخل ضمن هذا أيضاً مبالغة الوالدين عند سرد بعض الحكايات, ما يسوِّغ تسميتِهم بكاذبين.
15.      لجوء الوالدين إلى المبالغة في تنشئة الطفل على الصِّدق، والتضييق عليه، والإصرار على أن يكون صادقاً 100%, ما يؤثّر فيه عكسيَّاً؛ حيث يندَفِع الطفل إلى الكَذِب كمحاولة للظهور بالمظهر الذي يَطلبه الوالدان.
2.   أنواع الكذب عند الأطفال:
1)   الكذب الخيالي:
        كإظهار النزعة القياديَّة، ومحاولة انتزاع إعجاب الآخرين، والإيهام بأنَّه يمتلك قوَّة كافية للرَّدع, بالإضافة إلى التعبير عن خياله الذي يستخدِمُه لخلق البطولة الوهميَّة التي يتمنى أن يكون عليها؛ ويعد هذا الكذب أيضاً وسيلة للتسلية، فالطفل مثلاً في سن الخامسة قد تختلط في ذهنه الأفكارُ فيصوِّر له خيالُه أفكارًا بعيدة عن الواقع، ويَعد المحلِّلون هذا الكذب ضربًا من القصص الخياليََّّة أو التأليف, وقد يكبر هذا الطفل ويصبح ممثلاً يجسِّد هذه الصُّورة الكامنة بداخله على خشبة المسرح في المدرسة تجسيدا يفوق التصوُّر!
2)   الكذب الالتباسي:
        وهنا يلتبس الواقع بغير الواقع، وتلتبس الحقيقة بالخرافة، ويتداخل الخيال مع الواقع، ويظهر من القصص التي يسمعها الطفل، ومرجع الكثير منه يكون أحلام الطفل، فقد يتصوَّر الطفل "نتيجة أحلام حلمها أثناء الليل" أن كلباً هجم عليه، ويقص قصَّة يصوِّرَها على أنَّها واقعيَّة, والواقع أنَّ الطفل يلجأ للكذب في هذه الحالات, لأنَّ الحقائق تلتبس عليه؛ وتعجز ذاكرتَه أن تعي حادثة معيَّنة بتفاصِيلَها؛ فيلجأ إلى تكويرَها في عقلِه الصغير ومنطقهِ المحدود؛ فإذا قصَّها بدت لنا كذباً.
3)   الكذب الادِّعائي:
        يلجأ الطفل إلى هذا النوع من الكذب لتعظيم ذاته, فيبالغ في صفاته، أو للظهور بشكل محدَّد لشعوره بالنَّقص فتجده يبالغ فيما يملك، أو يبالغ في صفات والديه أو أقربائه بين أقرانِه بهدف الشعور بالمركز؛ أو استجابة لمؤثِّرات يتعرَّض لها في المدرسة أو غيرها, فقد يدَّعي أنَّ والِدَهُ يشغل مركزاً مرموقًا لمجرَّد التفاخر وتعظيم الذَّات، ويلجأ إليه الأطفال لاستدرار العطف والشعور بالقبول في البيئة، وأيضاً للأطفال المدلَّلِين في الصِّغَر إذا تغيَّرت معاملة الوالدين لهم, على أساس أنَّهم لم يعودوا أطفالاً صغاراً, وهذا النوع يجب الإسراع في علاجه بتفهُّم الحاجات النفسيَّة التي يخدمها الكذب ومحاولة إشباعها.
4)   الكذب بغرض الاستحواذ:
        وهذا النَّوع من الكَِذب يقوله الطفل الذي يُعامل بقسوة من والديه، أو يتّصف والداه بالرقابة المبالغة له؛ فنجده دائماً يلجأ لذلك لتحقيق رغباته، فإذا سألته: هل معه نقود؟ أجاب بالنَّفي، أو يدَّعي ضياع لعبة ليشتري له والده أخرى، كل ذلك بهدف الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من الأشياء، وذلك لفقدانه الثِّقَة في أقاربه.
5)   الكذب الانتقامي:
        قد يُسقط الطفل اللَّوم على شخص يكرهه أو يغار منه, وهو من أكثر أنواع الكذب خطراً؛ لأنَّه كذب مع سبق الإصرار، ويحتاج من الطفل إلى تفكير وتدبير مسبق مصحوباً بالتوتُّر النفسي بقصد إلحاق الضَّرر, وقد يحدث بين الإخوة في الأسرة الواحدة، بسبب التفرقة في المعاملة بين الإخوة، أو في المدرسة بسبب الغيرة.
6)   الكذب الدفاعي "الخوف من العقاب":
        ويبدر هذا النوع من الكذب من الأسر التي يسود فيها نوع من النِّظام الصَّارم والعقوبة الشديدة، فترى الطفل يكذِب ليهرُب من العقاب، وقد يُلصِق التُّهمة ببريء سواء كان أخاً له أو زميلاً, خوفاً من أن تقع عليه عقوبة ما, وأظهرت الدراسات أنَّ 70% من أنواع سلوك الأطفال الذي يتّجه إلى الكذب, ترجع إلى الخوف من العقاب.
3.   علاج ظاهرة كذب الأطفال:
تتم معالجة الكذب لدى الأطفال, عبر عدَّة خطوات تتمثَّل بما يلي:
·       الضَّبط, فالضبط من القواعد العامَّة لتحفيز السلوك الإيجابي لدى الطفل، وهو أسلوب تربوي إيجابي، يُشعر الطّفل بالجائز من الأمور والمحظور منها، ومن خلال عمليَّّة الضبط يتشرَّب الطفل معايير المجتمع وقيَمه، ويتعلّم أيضاً احترام الآخرين وحقوقهم.
·       التزوّد بالقيم الأخلاقيَّة.
·       إذا اعترف الطّفل بذنبه يجب أن لا يُعاقب، بل يُكافأ.
·       القيام بتشجيع الطفل على قول الصِّدق.
·       التروِّي في إلصاق تُهمَة الكذب بالطّفل, لئلَّا يألف اللفظ.
·       ألَّا نترك الطّفل يمرِّر كذبته على الأهل أو المدرّسين؛ لأنّ ذلك يشجّعه ويعطيه الثّقة بقدرته على ممارسة الكذب.
·       المساواة بين الإخوة.
·       تنمية ثقة الطّفل بنفسه.
ثامناً). الطفل والنظام المدرسي:
      لا بُدَّ للأهل من تنمية إدراك الطفل بمدى أهميَّة الدراسة والتعلُّم, وذلك من خلال وضع الكثير من الأمثلة عن الأشخاص الناجحين في الحياة أمام عينيه, وسرد الكثير من القصص الخاصَّة بهم عن الدراسة, كم كانت ممتعه بالنسبة لهم حتى يحب الطفل الدراسة والذهاب إلى المدرسة, وهناك العديد من الخطوات للدفع باتجاه التعلُّم والاستمتاع بالواجب المنزلي:
1. خطوات دفع الطفل باتجاه التعلُّم:
        من الممكن أن المحيطين بالطفل يسعون في جعل الطفل يحب الدراسة والذهاب إلى المدرسة, من خلال اتباع واحدة من الخطوات التالية:
·       لابد من اختيار العقاب المناسب للطفل, فعلى سبيل المثال لا بُدَّ على الأهل أن يخبروا الطفل أنَّه حال إنْ رسب, أو لم يحصل على نتيجة مرضية في مادة ما, فسوف يحصل على المزيد من الدُّروس الإضافيَّة خلال العطلة, وهذا أمر يكرهه الكثير من الطلاب لذا سيؤثِّر به هذا الأسلوب.
·       لابد من البدء في تعليم الطفل خلال وقت مبكَّر, حتى لا يجد في اللَّعب المتعة الخاصَّة به, حيث سيدرك الطفل وحده فيما بعد أهميَّة الفصل بين وقت الدِّراسة ووقت اللعب.
·       لا بدَّ من البعد عن الطرق العنيفة في تعليم الطفل, والتي من بينها إجباره على أمر ما في الدِّراسة, أو وضعه في غرفته وإغلاق الباب عليه لعدَّة ساعات, كي ينجز الواجبات الخاصَّة به, وهذا سوف يأتي بنتيجة عكسيَّة على الفور, ولن يكون الأمر مجدي مع الطفل.
·       لا بدَّ أن يكون الوالدين مثال يُحتذى به, من قبل الطفل, حيث أنَّ رؤية الولد لوالديه, وهما ينجزان الأمور الخاصَّة بهم, سوف يجعله أكثر نشاط في إنجاز الواجبات الخاصَّة به.
·       إعطاء الطُّفل المزيد من الراحة حال الشعور بالتَّعب, حتى لا تتسبَّب له الدِّراسة في الكثير من الضَّغط على الأعصاب, ويمكِّنَه خلال ذلك الوقت اللَّعب أو مشاهدة التلفاز, وغيرها من الأمور المحبَّبة له.
·       لا بُدَّ على الأهل من مراقبة كافة المحيطين بالطفل, حيث أنَّ للأصدقاء الكثير من التأثير على الطِّفل, إمَّا التأثير السلبي أو التأثير الإيجابي, ففي حالة إن كانوا كارهين للدِّراسة, فسوف ينعكِس الأمر على طفلك, لذا لا بُدَّ من مراقبة الطِّفل لكن دون أن يشعر.
2. كيف تجعل طفلك يستمتِع بالواجب المنزلي:
        "فيديا راجو"، عالمة نفس وأخصائيَّة التعلم والتطوير، لديها منهجيَّة مثيرة للاهتمام يجب على الآباء اتباعها, يطلق عليه مفهوم "واصل القراءة", لمساعدة الأطفال على أداء واجباتهم المدرسيَّة, ومن أهم تلك الطرق والأساليب:
1.    اجعل الواجبات المنزليَّة مسؤوليَّة طفلك, واجعل طفلك يفهم أنَّ الواجب المنزلي هو مسؤوليته, لذا فإنَّ ما تقترحه "Vidya" هو بدلاً من إكمال الواجب المنزلي لطفلك, أو الصراخ عليهم، شجِّع الطفل على فهم أنَّ دَورُه ومسؤوليَّتُه هو أداء واجباته المدرسيَّة.
2.    دع طفلك يخبرك بما يجب القيام به، وما هو مطلوب، والوقت الذي يجب أن يكون قادرًا على إكماله، وما إذا كان يريد القيام بذلك بشكل مستقل, تدريجيَّاً، سيتعلَّم الأطفال تحمُّل مسؤوليَّة واجباتهم المدرسيَّة.
3.    التمسُّك بالانتظام والروتين, وهذا يجعل أداء الواجب المنزلي عادة لدى الطِّفل, فهم ينشؤون روتينَّاً لوقت معيِّن كل يوم, حيث يَعرِفون أنَّ هذا هو وقت الواجب المنزلي, وتوضِّح "Vidya"، "اجعلها عادة أن تناقش الطفل كل يوم بمهامه, وتخرج بخطَّة تقول: "حسناً، هذا هو وقت واجبنا المنزلي, وسنفعل ذلك كل يوم".
4.    امدح طفلك, بدلاً من المكافأة, وبدلًا من الهدايا، أي حفِّز طفلك بالثناء! لأن الحمد والثناء هو الدافع, مثال "في اللَّحظة التي تنظر فيها إلى الطفل وتقول له (واو)"، لقد قمت بعمل جيِّد جدًا؛ هل يمكنك أن تفعل هذا أيضًا؟ "، هذا مدح! لكن عند تقديم المكافئة أو الهديَّة, فستصبح تلك عادة.
5.    اجعل طفلك يفهم عواقب عدم أداء الواجب المنزلي, أي "قوَّة الاختيار, وقوَّة العواقب" فإذا كان الطفل قادرًا على الجلوس لمدَّة 45 دقيقة وإنهاء واجباته المدرسيَّة, أو القيام بجزء جيِّد منها, فقم بتمكينِه من اتخاذ القرار بقول: حسنًا، لقد قُمت بهذا الجزء منه، ماذا تريد أن تفعل؟ عملك المقبل؟" بدلاً من الإجبار، "انتهى وقت واجبك المنزلي، فلنفعل ذلك الشيء الآن", ثم تأتي قوَّة العواقب, "إذا كان الطفل يؤدِّي الواجب المنزلي يوماً ما, ولكنَّه لم يفعل ذلك في يوم آخر، فيجب أن يكون الطفل قادرًا على فهم أنَّ هناك عواقب لذلك, لذلك في غضون أسبوع، إذا لم يتم الانتهاء من 2 أو 3، فسيواجه الطفل نتيجة, مثل تخطِّي ساعة واحدة من وقت التلفاز, أو تخطِّي وقت اللَّعب, أو أي شيء يمكن أن يدرك أنَّ "هناك نتيجة لعمله", وهذا يمكِّن الطّفل من فهم المسؤوليَّة كعامل مهم في حياته".
6.    الصبر هو المفتاح للآباء لمساعدة الأطفال في أداء واجباتهم المدرسيَّة, فعندما تناقش الواجبات المنزليَّة، أظهر الاهتمام وليس القلق، ولا تدخل في حالة القلق والشكوة, إذا كان طفلك غير قادر على القيام بالعمل بسرعة.
7.    اجعل الواجبات والدِّراسات ممتعة لطفلك, كأن تسأل طفلك يوميَّاً عمَّا فعله في المدرسة, وما إذا كان لديه / لديها بعض أوراق التمارين لمراجعتها في المنزل, عندما تناقش الواجبات المنزليَّة، أظهر الاهتمام والحماس وليس التوتُّر والقلق, ويمكن إعطاء طفلك هدايا مدروسة مثل طاولة دراسة مثيرة، أو أدوات مكتبيَّة جيِّدة، أو عناصر فنيَّة، أو ساعة طاولة..
8.    أخبر ابنك أن يقوم بالجزء الصَّعب بمساعدتك أوَّلاً، وبعد ذلك يمكنه إنهاء الجزء السهل بسرعة عندما يكون متعبًا.
9.    قدِّم نصائح لتذكر التهجئات, وكيفيَّة تكوين تهجئة عن طريق كسر الكلمات, وأنشئ قواعد الأناشيد, أو الإبهام.
 
يتبع...
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 3