مقدمة
يُعد حزب العمل الإسرائيلي أحد المكونات الرئيسية في تاريخ السياسة الإسرائيلية، حيث كان لفترة طويلة القوة السياسية المهيمنة في مرحلة ما بعد تأسيس دولة إسرائيل. تأسس الحزب على مبادئ الصهيونية العمالية، التي طالما دعمت إنشاء دولة يهودية مع تعزيز حقوق العمال والرعاية الاجتماعية، ما يعكس علاقاته القوية مع النقابات العمالية. كما سعت أيديولوجية الحزب إلى تعزيز السلام مع الفلسطينيين واتباع سياسات اقتصادية اشتراكية ديمقراطية. من بين أبرز الشخصيات التي لعبت دورًا محوريًا في تاريخ الحزب نجد ليفي إشكول، جولدا مائير، إسحاق رابين، وشيمون بيريز، الذين ساهموا في صياغة السنوات الأولى لدولة إسرائيل.
إلا أن حزب العمل شهد تراجعًا كبيرًا في تأثيره السياسي على مر العقود الأخيرة، ما تجسد في انخفاض تمثيله في الكنيست، حيث وصل إلى أدنى مستوى له في الكنيست الـ 25. هذا التحول يطرح تساؤلات حول مدى استمرارية تأثير أيديولوجيات الحزب وأساليبه التقليدية في مواجهة التغيرات الاجتماعية والسياسية التي يشهدها المجتمع الإسرائيلي.
تعد انتخابات الكنيست الـ 25 في عام 2022 نقطة فاصلة في تاريخ الحزب، حيث حصل على أربعة مقاعد فقط، وهو أقل عدد من المقاعد التي حققها في تاريخه. وقد تجسدت هذه النتيجة في سياق سياسي يسوده تفوق الكتل اليمينية، بقيادة بنيامين نتنياهو، في حين شهد اليسار الصهيوني ضعفًا ملحوظًا. وبالتالي، أصبح حزب العمل في الكنيست الـ 25 قوة معارضة محدودة التأثير في برلمان يهيمن عليه ائتلاف يميني.
يتناول هذا التقرير تحليلًا تفصيليًا لأعضاء حزب العمل الذين خدموا في الكنيست الـ 25. سيتناول التقرير خلفياتهم الفردية، أدوارهم في البرلمان، مشاركتهم في المبادرات التشريعية الرئيسية، مواقفهم السياسية، وأي تطورات هامة داخل الحزب خلال هذه الفترة. كما سيتم تقييم تأثيرهم الجماعي على السياسة الإسرائيلية في هذا السياق.
تحديد أعضاء حزب العمل في الكنيست الـ 25
تتضمن القائمة الرسمية لأعضاء الكنيست الـ 25 ممثلين من مختلف الأحزاب والفصائل، وبينما لا تحدد هذه القائمة صراحة أعضاء حزب العمل، فإن الرجوع إلى مصادر أخرى يقدم صورة واضحة لتمثيل الحزب. بشكل خاص، يتم تحديد أربعة أعضاء بشكل مستمر كممثلين لحزب العمل في الكنيست الـ 25: ميراف ميخائيلي، إفرات رايتن، جلعاد كاريف، ونعمة لازيمي. وقد تم التأكيد على هؤلاء الأفراد الأربعة بشكل خاص في العديد من التغطيات الإعلامية، بما في ذلك التقارير المتعلقة بحفل أداء اليمين للكنيست، مما يعكس تمثيلهم الثابت لحزب العمل.
إن هذه الإشارة المتكررة إلى هؤلاء الأفراد عبر المصادر المتنوعة تؤكد تكوين وفد حزب العمل في الكنيست الـ 25. ومن المهم ملاحظة أن الحزب قد حصل على أربعة مقاعد فقط في هذه الدورة، مما يعكس القوة العددية المحدودة التي يتمتع بها داخل الهيئة التشريعية المكونة من 120 عضوًا. هذا العامل يعد حاسمًا في فهم مدى تأثيرهم على العمليات البرلمانية والقرارات التشريعية، حيث يقتصر دورهم بشكل كبير على المشاركة في المناقشات وممارسة التأثير المحدود على سير التشريعات.
الخلفيات السيرة الذاتية لأعضاء حزب العمل في الكنيست الـ 25
ميراڤ ميخائيلي
تتمتع ميراڤ ميخائيلي بخبرة واسعة في الإعلام الإسرائيلي، حيث عملت كمقدمة تلفزيونية وإذاعية وصحفية. إضافة إلى مسيرتها الإعلامية، تعد ميخائيلي ناشطة نسوية بارزة، وألقت العديد من المحاضرات حول قضايا النوع الاجتماعي والاتصال. كما أسست "عزرات ناشيم"، منظمة غير ربحية تهدف إلى زيادة الوعي ودعم ضحايا الاعتداء الجنسي. بدأت مسيرتها السياسية في عام 2013، حيث تم انتخابها عضوًا في الكنيست. ومنذ عام 2021، شغلت منصب قيادة حزب العمل، حيث لعبت دورًا بارزًا في توجيه الحزب خلال فترة الولاية. كما تولت منصب وزيرة النقل في الحكومة الـ 36. خلفيتها المتنوعة، من الإعلام إلى العمل السياسي، قد شكلت توجهاتها في القضايا العامة، حيث كانت تسعى إلى معالجة القضايا الاجتماعية والحقوقية بشكل يوازن بين المساواة والعدالة.
إفرات رايتن
بدأت إفرات رايتن حياتها المهنية في صناعة الترفيه، حيث عملت كمقدمة تلفزيونية وممثلة، قبل أن تنتقل إلى المجال القانوني، حيث حصلت على شهادة في القانون وأصبحت شريكة في شركة المحاماة غولد فارب سليغمان. دخلت المجال السياسي في عام 2021 بعد انتخابها للكنيست، حيث شغلت منصب رئيسة لجنة العمل والرفاه والصحة. في انتخابات 2022، تم انتخابها لتكون رئيسة كتلة حزب العمل في الكنيست. تجمع خلفيتها بين الإعلام والقانون، ما يميزها بقدرات تواصل قوية وخبرة قانونية تساعدها في تنفيذ دورها البرلماني بفعالية. تؤكد هذه الخبرة المتنوعة قدرتها على الدفاع عن مصالح الحزب وإدارة القضايا البرلمانية بشكل محترف.
جلعاد كاريف
جلعاد كاريف هو محامٍ وحاخام إصلاحي، وقد خدم لعدة سنوات كمدير تنفيذي للحركة الإسرائيلية لليهودية الإصلاحية. تم انتخابه لأول مرة للكنيست في عام 2021، ومن ثم تولى منصب رئيس لجنة الدستور والقانون والعدالة في الحكومة الـ 36. خلفيته الفريدة كقائد في الحركة اليهودية الإصلاحية جعلته صوتًا رئيسيًا داخل حزب العمل في المسائل المتعلقة بالتعددية الدينية وفصل الدين عن الدولة، كما اهتم بقضايا حقوق اليهود غير الأرثوذكس في إسرائيل. إن تجربته القانونية والدستورية تمنحه تأثيرًا قويًا على المناقشات التشريعية الخاصة بالقوانين المتعلقة بالشؤون الدينية والحقوق المدنية.
نعمة لازيمي
تتمتع نعمة لازيمي بخبرة في العمل السياسي والشعبي، حيث شغلت منصب مستشارة برلمانية وشاركت في تأسيس مركز التدريب السياسي وحل النزاع في منظمة "السلام الآن". كما ترأست اللجنة المالية في منظمة "كوح لا عوفديم" العمالية، وشغلت منصب عضو في مجلس مدينة حيفا. انخرطت في حزب العمل منذ عام 2012، وانتُخبت لعضوية الكنيست لأول مرة في عام 2021. في انتخابات 2022، حصلت على المركز الأول في قائمة الحزب بعد الزعيم، مما يعكس تزايد مكانتها داخل الحزب. خلال عملها في مجلس مدينة حيفا، ترأست لجنة المساواة بين الجنسين، مما يعكس التزامها بقضايا العدالة الاجتماعية. إن خلفيتها السياسية والشعبية وتاريخها في خدمة القضايا الاجتماعية والاقتصادية تجعلها شخصية بارزة في حزب العمل، مع تركيز قوي على تمثيل القضايا الاجتماعية في الكنيست.
الأدوار والمسؤوليات داخل الكنيست الـ 25
عضويات اللجان
على الرغم من أن تفاصيل المهام الخاصة بميراڤ ميخائيلي في الكنيست الـ 25 لم يتم توضيحها بشكل صريح، فإن أعضاء حزب العمل الآخرين تولوا أدوارًا هامة في مختلف اللجان البرلمانية:
إفرات رايتن: خدمت رايتن في عدة لجان بارزة، منها لجنة الترتيبات، لجنة العمل والرفاه، لجنة الأمن القومي، اللجنة الخاصة لمعاملة الناجين من المحرقة، اللجنة الخاصة المعنية بتعديلات القانون الأساسي: الحكومة، بالإضافة إلى اللجنة المشتركة بين لجنة الأمن القومي ولجنة الدستور والقانون والعدالة. هذه العضويات تعكس تنوع اهتماماتها في القضايا الاجتماعية والأمنية.
جلعاد كاريف: شغل كاريف عضوية في عدة لجان هامة تشمل لجنة الشؤون الخارجية والدفاع، لجنة الدستور والقانون والعدالة، لجنة الأمن القومي، اللجنة الخاصة المعنية بالعمال الأجانب، اللجنة المشتركة المعنية بمشروع قانون إلغاء قانون التقادم لجرائم الجنس، وكذلك اللجنة المشتركة المعنية بمشروع قانون الأسلحة غير القانونية. كما ترأس لجنة الهجرة والاستيعاب وشؤون الشتات، مما يعكس دوره البارز في القضايا القانونية والدستورية بالإضافة إلى قضايا الهجرة.
نعمة لازيمي: كانت لازيمي عضوة في لجنة المالية ولجنة التربية والثقافة والرياضة، كما شغلت منصب رئيسة اللجنة الخاصة المعنية بالشباب الإسرائيلي. هذا التنوع في عضويتها يبرز اهتمامها بالقضايا الاقتصادية والتعليمية والشبابية.
المناصب القيادية
ميراڤ ميخائيلي: شغلت ميخائيلي منصب زعيمة حزب العمل لمدة طويلة خلال فترة الكنيست الـ 25، حتى مايو 2024. كان هذا الدور محوريًا في توجيه الحزب وتحديد أولوياته البرلمانية.
إفرات رايتن: شغلت منصب رئيسة كتلة حزب العمل في الكنيست، ما جعلها الشخصية القيادية التي تمثل الحزب داخل البرلمان. كانت هذه المسؤولية أساسية في تنسيق مواقف الحزب وإدارة تفاعلاته مع الأحزاب الأخرى.
جلعاد كاريف: ترأس كاريف لجنة الهجرة والاستيعاب وشؤون الشتات، حيث لعب دورًا قياديًا في معالجة قضايا الهجرة والتنوع الثقافي في إسرائيل، وهو ما يعكس أولوياته في تعزيز حقوق المهاجرين.
نعمة لازيمي: ترأست لازيمي اللجنة الخاصة المعنية بالشباب الإسرائيلي، حيث قدمت قيادة هامة في قضايا تتعلق بسياسات الشباب والتعليم والتنمية المجتمعية.
جدول: عضويات اللجان والأدوار القيادية لأعضاء حزب العمل في الكنيست الـ 25
على الرغم من العدد المحدود لأعضاء حزب العمل في الكنيست الـ 25، فقد شغلوا مناصب قيادية هامة داخل اللجان البرلمانية وداخل كتلة الحزب، مما يعكس استراتيجيتهم في استخدام مواردهم المحدودة بشكل فعال لتحقيق التأثير في مجالات سياسية محددة.
ميراڤ ميخائيلي: بينما لم يتم تفصيل عضوياتها في اللجان بشكل صريح في المقتطفات المقدمة، شغلت ميراڤ ميخائيلي منصب زعيمة حزب العمل حتى مايو 2024. كان هذا الدور محوريًا في توجيه الحزب وتحديد أولوياته السياسية داخل الكنيست، مما يعكس قيادتها القوية في مواجهة التحديات السياسية.
إفرات رايتن: شغلت إفرات رايتن عضوية في عدة لجان هامة، منها لجنة الترتيبات، لجنة العمل والرفاه، لجنة الأمن القومي، اللجنة الخاصة لمعاملة الناجين من المحرقة، واللجنة الخاصة المعنية بتعديلات القانون الأساسي: الحكومة، بالإضافة إلى اللجنة المشتركة بين لجنة الأمن القومي ولجنة الدستور والقانون والعدالة. كما شغلت منصب رئيسة كتلة حزب العمل في الكنيست، وهو دور محوري لتنسيق أنشطة الحزب البرلمانية واستراتيجياته في ظل الهيمنة اليمينية.
جلعاد كاريف: شغل كاريف عضوية في عدة لجان حيوية مثل لجنة الهجرة والاستيعاب وشؤون الشتات، لجنة الشؤون الخارجية والدفاع، لجنة الدستور والقانون والعدالة، لجنة الأمن القومي، واللجنة الخاصة المعنية بالعمال الأجانب، بالإضافة إلى اللجنة المشتركة المتعلقة بمشروعات القوانين الخاصة بجرائم الجنس والأسلحة غير القانونية. كما ترأس لجنة الهجرة والاستيعاب وشؤون الشتات، ما يبرز اهتمامه البارز بقضايا الهجرة والشتات وحقوق المهاجرين في إسرائيل.
نعمة لازيمي: كانت لازيمي عضوة في لجنة المالية ولجنة التربية والثقافة والرياضة، كما ترأست اللجنة الخاصة المعنية بالشباب الإسرائيلي. هذا الدور يعكس اهتمامها بقضايا رفاهية الشباب، بالإضافة إلى تركيزها على الشؤون الاجتماعية والاقتصادية.
على الرغم من تمثيلهم المحدود في الكنيست، فإن الأدوار القيادية التي شغلها أعضاء حزب العمل تظهر قدرتهم على التأثير في قضايا مهمة مثل الهجرة، حقوق الشباب، والعمل الاجتماعي، بالإضافة إلى تعزيز تمثيل الحزب في البرلمان.
المبادرات التشريعية والتصويتات الهامة لأعضاء حزب العمل في الكنيست الـ 25
ميراڤ ميخائيلي: على الرغم من عدم توفر تفاصيل دقيقة حول المبادرات التشريعية التي قادتها ميراڤ ميخائيلي خلال الكنيست الـ 25، إلا أن سجلها السابق يظهر تركيزًا مستمرًا على قضايا مثل حقوق العمال، تحصيل الديون، وحقوق مجتمع الميم. من المحتمل أنها تابعت العمل على هذه القضايا أو تناولت قضايا مشابهة خلال هذه الفترة.
إفرات رايتن: كانت إفرات رايتن نشطة في المناقشات المتعلقة بالتعديلات الدستورية. شاركت في مناقشات حول التعديلات المقترحة على القانون الأساسي، ولا سيما معارضتها لمبادرة إلغاء حكومة التناوب. كما كانت من المعارضين لمقترح فرض ضريبة بنسبة 80٪ على التبرعات الأجنبية لمنظمات حقوق الإنسان، مما يعكس اهتمام حزب العمل بقضايا المجتمع المدني وحقوق الإنسان. بالإضافة إلى ذلك، انتقدت رايتن خطط الحكومة بشأن الإصلاحات القضائية، وهو ما يتماشى مع موقف حزب العمل المعارض للإجراءات التي قد تؤثر على استقلال القضاء.
جلعاد كاريف: كان جلعاد كاريف من بين المعارضين البارزين للإصلاحات القضائية المقترحة من الحكومة. عبر عن معارضته المتواصلة لهذه الإصلاحات، مشددًا على أن ذلك قد يؤدي إلى تسييس النظام القضائي وتقويض استقلاليته. بالإضافة إلى ذلك، بصفته رئيسًا للجنة الهجرة والاستيعاب وشؤون الشتات، قام بدور محوري في مناقشات تتعلق بحقوق "نساء الحائط" في الصلاة بالموقع المقدس. كان موقفه يؤكد على ضرورة احترام التعددية الدينية وحقوق الأقليات الدينية في إسرائيل.
نعمة لازيمي: قامت نعمة لازيمي، بصفتها رئيسة اللجنة الخاصة المعنية بالشباب الإسرائيلي، بتوجيه اللجنة إلى معالجة التحديات التي يواجهها الشباب الذين ينحدرون من المجتمع الحريدي. كما أثارت قضايا تتعلق بتعويضات العائلات التي تم إجلاؤها من بعض الأحياء.
التطورات الداخلية في حزب العمل خلال الكنيست الـ 25
شهد حزب العمل في الكنيست الـ 25 عدة تطورات داخلية بارزة، كان من أبرزها إعلان ميراڤ ميخائيلي في ديسمبر 2023 أنها لن تسعى لإعادة انتخابها كزعيمة للحزب. هذا القرار فتح المجال لمنافسة على القيادة، انتهت بانتخاب يائير غولان كزعيم جديد للحزب في مايو 2024، ما شكل نقطة تحول في القيادة قد تشير إلى تغيير في الاستراتيجية والاتجاه العام للحزب في المستقبل.
تزامن هذا التحول مع نتائج الانتخابات العامة لعام 2022 التي كانت محبطة لحزب العمل، مما أدى إلى موجة من النقد الداخلي حول استراتيجيته الانتخابية. كان من أبرز نقاط الخلاف قرار ميراڤ ميخائيلي بعدم تشكيل قائمة مشتركة مع حزب ميرتس، وهو حزب يساري آخر. وقد اعتبر بعض الأعضاء أن رفض هذه الشراكة ساهم في إضعاف الكتلة اليسارية في الكنيست، حيث فشل حزب ميرتس في تجاوز العتبة الانتخابية. هذا الجدل سلط الضوء على الانقسامات داخل الحزب حول أفضل السبل لاستعادة قوته السياسية وتعزيز وجوده في الساحة الإسرائيلية.
في نهاية فترة الكنيست الـ 25، مر حزب العمل بتحول استراتيجي هام من خلال اندماجه مع حزب ميرتس في يونيو 2024. أسفر هذا الاندماج عن تشكيل كيان سياسي جديد تحت اسم "الديمقراطيون". مثل هذا التوحيد خطوة كبيرة نحو إعادة ترتيب المشهد السياسي اليساري في إسرائيل، حيث كان الهدف من هذا التحالف تقوية الجبهة اليسارية وإعادة جذب الناخبين. ولكن، واجه هذا التوحيد صعوبة بيروقراطية عندما تم رفض محاولة تسجيل الاسم الجديد لدى لجنة مجلس الكنيست، مما أظهر بعض التحديات السياسية التي قد يواجهها الحزب الجديد في إتمام عملية إعادة تشكيل هويته بشكل رسمي.
على مدار الكنيست الـ 25، تميز حزب العمل بمراجعة استراتيجية شاملة، بما في ذلك الانتقال القيادي، الانتقادات المتعلقة بالاستراتيجية الانتخابية بعد انتخابات 2022، والاندماج مع ميرتس الذي أدى إلى تغيير الاسم. هذه التطورات تعكس جهود الحزب المستمرة لإعادة بناء نفسه والبحث عن طرق فعالة لاستعادة مكانته في الساحة السياسية في ظل التحولات المستمرة في السياسة الإسرائيلية.
الأنشطة والمساهمات والتأثير الإجمالي
على الرغم من تمثيلهم المحدود بأربعة أعضاء فقط في الكنيست الـ 25، انخرط حزب العمل بشكل ملحوظ في العمليات البرلمانية، حيث لعبوا دورًا أساسيًا في صفوف المعارضة، موجهين انتقاداتهم المستمرة لسياسات ومبادرات الحكومة اليمينية. كان محور معارضتهم الأساسي يتعلق بالتعديل القضائي المقترح من الحكومة، الذي اعتبره الحزب تهديدًا كبيرًا لمبادئ الديمقراطية في إسرائيل.
ساهم كل عضو من أعضاء حزب العمل في مجالات معينة تتناسب مع خلفياتهم المهنية واللجان التي تم تعيينهم لها. شغلت ميراڤ ميخائيلي، التي قادت الحزب لفترة طويلة، دورًا محوريًا في صياغة الرسائل السياسية العامة وتوجيه استراتيجيات الحزب. فيما ركزت إفرات رايتن على المسائل الدستورية، معارضةً التشريعات التي كانت تراها تهدد الديمقراطية أو تضر بالحريات المدنية. أما جلعاد كاريف، فقد أصبح من أبرز الأصوات المعارضة للتعديل القضائي، كما دافع عن قضايا التعددية الدينية، لا سيما من خلال دعمه لحقوق "نساء الحائط" في الصلاة بالمساواة. وفيما يخص نعمة لازيمي، فقد كان تركيزها الأساسي على القضايا الاجتماعية، وخاصة تلك التي تؤثر على الشباب والمجتمعات الضعيفة في إسرائيل.
ورغم العدد المحدود لأعضاء الحزب في كنيست يهيمن عليه الائتلاف اليميني، كانت قدرتهم المباشرة على التأثير في تشريع القوانين محدودة، إلا أن تأثيرهم في النقاش السياسي كان بارزًا. فقد طرحوا أسئلة محورية حول سياسات الحكومة، وقدموا وجهات نظر بديلة، وظلوا يسعون إلى محاسبة الحكومة على قراراتها. كما أن مشاركتهم في اللجان البرلمانية، خاصة من خلال رئاسة كاريف ولازيمي لبعض اللجان، منحتهم منصة للتأثير في الأجندة البرلمانية وتوجيه المناقشات في مجالات سياسية معينة.
في نهاية فترة الكنيست الـ 25، قرر حزب العمل الاندماج مع حزب ميرتس وتغيير اسمه إلى "الديمقراطيون"، وهو قرار يعكس محاولة استراتيجية لتوحيد القوى السياسية اليسارية في إسرائيل. هذا التحرك يعكس إدراكًا لحاجة الحزب إلى بناء تحالف أوسع لاستعادة نفوذه السياسي في المستقبل، رغم أن تأثير هذا الاندماج على المشهد السياسي في إسرائيل يبقى قيد الملاحظة.
الخلاصة
في الختام، يمكن القول إن حزب العمل في الكنيست الـ 25، رغم تمثيله المحدود بأربعة أعضاء فقط، أظهر تأثيرًا ملحوظًا في الساحة السياسية الإسرائيلية. على الرغم من قلة عددهم، ظل أعضاء الحزب يعبرون عن معارضتهم المستمرة لأجندة الحكومة اليمينية، مع تركيز خاص على التعديل القضائي المقترح وقضايا أخرى تتعلق بالقيم الديمقراطية والحريات المدنية.
بالرغم من أن قدرتهم على التأثير المباشر في التشريعات كانت محدودة بسبب تموضعهم كأقلية في الكنيست، فإن حزب العمل استطاع أن يلعب دورًا بارزًا في تشكيل النقاشات السياسية. قدموا منبرًا لوجهات نظر يسارية وسطية حول القضايا الحيوية التي تواجه المجتمع الإسرائيلي، وظلوا يسعون جاهدين لمحاسبة الحكومة عبر انتقاداتهم ومشاركتهم النشطة في لجان الكنيست المختلفة.
تشير التطورات الداخلية داخل الحزب خلال الكنيست الـ 25، مثل الانتقال القيادي بانتخاب يائير غولان، بالإضافة إلى القرار الاستراتيجي بالاندماج مع حزب ميرتس وتشكيل "الديمقراطيون"، إلى أن حزب العمل في مرحلة تحول وإعادة تقييم. تلك الخطوات تؤكد سعي الحزب للتكيف مع المتغيرات السياسية في إسرائيل وإعادة بناء نفوذه السياسي في المستقبل. وعليه، تمثل فترة الكنيست الـ 25 مرحلة من التحديات الكبيرة والتحولات الاستراتيجية التي سيكون لها تأثيرات طويلة الأمد على الساحة السياسية الإسرائيلية.