دلالات الانسحاب الأميركي من منطقة الشرق الأوسط

ترجمة : عبير علي حطيط

2021.03.04 - 03:31
Facebook Share
طباعة

 نشرت مجلة "ذي إيكونوميست" مقالًا ناقش كاتبه فيه السياسة الخارجية التي ينتهجها الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه الشرق الأوسط وتحديدًا المنطقة العربية. حيث أنه وبحسب المقال فإن الانسحاب الأمريكي من الإقليم العربي في منطقة الشرق الأوسط يحمل معاني عديدة. فهو انعكاس للارهاق الذي تشعر به الولايات المتحدة من جراء حروبها في الشرق ومن جراء صراعها مع قوى اقليمية عديدة خاصة إيران. فالإرهاق الذي تشعر به الولايات المتحدة يشعر قادتها واستراتيجيوها بأن الشرق الأوسط كان ومازال يمثل منطقة استنزاف ورمال متحركة. ويقع هذا بينما تتحرك الصين نحو تغيير موازين القوى العالمية. أما الاستنزاف الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط للحفاظ على قوة الدولة الكبرى تحول لعبء كبير على الميزانيات والاقتصاد.


وبينما كانت الولايات المتحدة تخوض حربها ضد الإرهاب وترسل الجيوش لأفغانستان ثم للعراق وغيرهما اذا بها تعاني من اشد التناقضات الذاتية والداخلية بين تياراتها السياسية وبين نخبها كما تجلى في الأزمة الاخيرة حول الكونغرس والانتخابات التي سعى الرئيس السابق ترامب لمصادرتها. بل تكتشف الولايات المتحدة بأنه حتى بُناها التحتية التي كانت متقدمة عن العالم قبل عقد أو عقدين، إذ بها متراجعة وغير صالحة لمناخ اليوم وأعاصيره. ما حصل في ولاية تكساس بالتحديد دليل على الأزمة. فتلك الولاية من اغنى الولايات خاصة بسبب إمتلاكها للنفط، لكن تحويل النفط المملوك للولاية كما والكهرباء لملكية أفراد وشركات أنهى ذلك التفوق. لهذا بالتحديد انتكبت الولاية في ظل أعاصير الأسبوعين الماضيين.


ويبدو الشرق الأوسط وفق المنظور الأمريكي منطقة أقل أهمية الآن، بل يبدو أن الولايات المتحدة تريد تهميش منطقة الشرق الأوسط لكي تنتقل للتركيز على قضايا تتعلق بالميزان الدولي. لهذا بالتحديد تتغير السياسة الأمريكية، وهي لا تمانع وقوع خلافات بينها وبين حلفاء تاريخيين لها مما يُفسر سبب نشرها للتقرير الخاص باغتيال الصحفي جمال خاشقجي في تركيا. والمقصود هنا أن نسبة المصالح التي تعتبرها مقدسة تجاه الحلفاء أصبحت أقل، وأن الولايات المتحدة لم تعد تمانع أن تأخذ مواقف أوضح تجاه جملة من القضايا من أهمها حقوق الإنسان. وهي تحت كل الظروف أقل اعتمادًا على حلفائها لاستيراد النفط.


ومن العوامل المؤثرة على المناخ السياسي الراهن تحت قيادة بايدن أن إدارته بالتحديد تجد أن عددًا من دول العالم العربية قد راهنت على ترامب كما ودعمته بطرق مختلفة أثناء حملته وفي حركته السياسية ومناوراته. أما الديمقراطيون فيرون في بعض النخب العربية الأساسية طرفًا في الوضع الداخلي الأمريكي خاصة أن أموالًا تسربت لترامب من منطقة الخليج. بنفس الوقت تحمل هذه الإدارة الكثير من الضيق تجاه نتنياهو وسياساته في دعم ترامب، كما أنها تعي أكثر من أي إدارة سابقة أن نتنياهو يمكن أن يورط الولايات المتحدة بصراع واسع مع إيران بينما تريد الولايات المتحدة أن تعود للاتفاق النووي مع إيران لتنتهي من المشكلة وتركز في أماكن أخرى.


غير أنه ووفقًا إلى ما ذُكر في المقال فإن الولايات المتحدة لن تقاطع دول الإقليم، ولكنها تتبع سياسة التقليل من الأهمية، فالاتصالات الهاتفية بين بايدن وقادة المنطقة بما فيها الحليف الاسرائيلي تأخرت لأسابيع وذلك على غير العادة، كما أنها في المرحلة القادمة ستستخدم الضغوط التي تجيدها في التعامل مع الحلفاء. فإن العلاقة القادمة مع السعودية والإمارات ستشمل قضايا كحرب اليمن وحقوق الإنسان.


وبحسب المقال فإن هذه الادارة لا تحمل مواقف سلبية تجاه الكويت على سبيل المثال، فقد كانت الكويت في المرحلة السابقة نموذجًا لدولة سعت لأن تكون وسيطًا للسلام والحلول الوسطى في كل من حرب اليمن وفي أزمة حصار قطر. ومن جهة أخرى برزت قطر في المرحلة السابقة كدولة معتدلة وبنفس الوقت محاصرة من قبل دول أقوى منها، كما أن تعاونها مع الولايات المتحدة وخاصة عبر القاعدة العسكرية أكسبها مصداقية أمريكية تجاوزت الحزبين. أما بالنسبة للسلطة الفلسطينية فلن تمانع الادارة بعض المفاوضات، لكن ذلك لن يؤدي لحل سياسي أو لدولة فلسطينية، ففي فلسطين سيبقى الجمود في مكانه، إلا إذا قامت حركة فلسطينية شعبية أساسها المقاومة السلمية.


ختامًا، وبينما تستمر المشاريع الإيرانية والتركية في الإقليم، وتستمر محاولات اسرائيل اختراق الوضع العربي كما أنها تستمر في صراعها مع إيران ثم تركيا إلا أن الشرق الأوسط يُترك لمصيره، ويُترك لمصاعبه، وهو لن ينجو من الزلازل القادمة بلا تغييرات تصيب الطبقات السياسية المسيطرة. فالشرق بحاجة لرؤى إصلاحية جادة تفتح الطريق أمام الأجيال الصاعدة كما والحريات. ومما لا شك فيه أن السفينة العربية الغارقة تحتاج لخطة إنقاذ.

المصدر : https://www.economist.com/.../can-joe-biden-get-america...

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 7