هل تلبي إدارة بايدن طموحات ماكرون في الشرق الأوسط؟

إعداد - رؤى خضور

2021.02.25 - 10:38
Facebook Share
طباعة

 تماشياً مع أسلافه، يرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الشرق الأوسط هو المحور الأساسي لطموحات فرنسا العالمية، لكن الواقع بيّن فشل قدرته على ترجمة طموحاته على الأرض، ففي ليبيا فشل الدعم السري والغامض لخليفة حفتر في أن يؤتي ثماره، وانهارت محاولات ماكرون للتوسط في النزاع بين إيران والولايات المتحدة، وفي سورية ترك الانسحاب الأمريكي فرنسا مذهولة وحيدة. ويبدو أن آخر مبادراته في المنطقة، والتي كانت في لبنان في أعقاب انفجار بيروت في آب/أغسطس الماضي، ستواجه المصير غير المرضي ذاته. 

ومن الواضح أنه في الواقع الجيوسياسي الجديد في الشرق الأوسط يتم تهميش الدور الغربي بما في ذلك الدور الفرنسي، ولا شك أن روسيا وتركيا وإيران استفادت من فك ارتباط الولايات المتحدة بالمنطقة في الأعوام الأخيرة. 

في الوقت ذاته، تركت سياسة الولايات المتحدة، الداعمة للكيان الصهيوني المناهضة لإيران في عهد دونالد ترامب، فرنسا بدعم محدود في جهودها لأخذ دور لها في المنطقة، وفي لبنان اصطدمت المبادرة الفرنسية في لبنان بحملة الضغط ضد طهران، كما أن التحديات الداخلية التي تواجه فرنسا والتي تقوض طموحاتها، فضلاً عن الدعوات المتكررة لمقاطعة المنتجات الفرنسية بعد تصريحات ماكرون المثيرة للجدل عن الإسلام ودفاعه عن الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد، والتي كانت بمثابة ضربة لقوة فرنسا الناعمة في المنطقة.

بالرغم من ذلك سيبقى الشرق الأوسط نقطة جذب للنشاط الدبلوماسي لماكرون، ليس نتيجة الروابط التاريخية فقط ولكن بسبب المصالح الاقتصادية والأمنية الفرنسية، ومن المؤكد أن فرص ماكرون في المنطقة مرتبطة بالإدارة الجديدة في واشنطن، لكن لم يتضح بعد مدى نية إدارة الرئيس جو بايدن في تغيير سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، إذ إن إعلان بايدن، على سبيل المثال، أن الولايات المتحدة ستنهي دعمها للعمليات الهجومية للمملكة العربية السعودية في اليمن يؤكد هذا الغموض، في الوقت الذي ما زالت فيه مصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية نقاطاً حيوية في السياسة الأمريكية الخارجية، ومع ذلك، فإن الحسم الحقيقي للولايات المتحدة في إعادة تقييم العلاقات الدفاعية مع الشركاء الإقليميين من شأنه أن يمنح فرنسا فرصة لتعزيز دبلوماسيتها الاقتصادية السياسية، والتي كانت مزدهرة خلال إدارة باراك أوباما.

في نهاية المطاف، تشكل نية بايدن في إعادة انخراط الولايات المتحدة بشكل أكبر في الشؤون العالمية فرصة لفرنسا لإعادة تأكيد أهميتها الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وستُترجم إعادة انخراط الولايات المتحدة على الأرض إلى معارضة ثابتة لروسيا، وموقف أكثر صرامة ضد سلوك تركيا التخريبي، واستعداد أكبر للانخراط مع الحلفاء، وهذه التطورات الثلاثة ستكون إيجابية لفرنسا.

في الوقت ذاته، ستواجه إدارة بايدن مجموعة واسعة من التحديات الأخرى، من بينها المنافسة مع الصين، لذا ستكون فرنسا الشريك الدولي المفضل لها، في المقابل يمكن لباريس إعادة تأكيد أهميتها الجيوسياسية في الشرق الأوسط مع الإدارة الجديدة في واشنطن، وخطا ماكرون خطوات عملية في هذا المسعى تتمثل في العرض الذي قدمه بأن يكون "وسيطاً أميناً" في المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران.

في النهاية، فإن النتائج المختلطة لسياسة فرنسا في الشرق الأوسط خلال رئاسة ماكرون هي نتاج المشهد الجيوسياسي المتغير وتصرف الولايات المتحدة كحليف أناني غير موثوق، لكن مع استمرار المنطقة في جذب اهتمام باريس، فإن بداية إدارة بايدن تتيح لماكرون فرصة حقيقية لإعادة تأكيد أهمية فرنسا العالمية.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 10