دعا عدد من أعضاء البرلمان السويدي الحكومة إلى عدم التخلي عن فكرة انضمام البلاد إلى حلف شمال الأطلسي، لمواجهة "التهديد الروسي".
لكن خبراء قالوا إن جزءا من الطبقة السياسية السويدية يطرح بانتظام مقترحات من هذا القبيل، غير أن الحكومة والبرلمان يعتبران مبادرات كهذه مثيرة للجدل وغير مجدية، مشيرين إلى ضعف إمكانية تخلي السويد عن سياسة الحياد العسكري (التي تمارسها المملكة على مدار أكثر من 200 سنة) وانضمامها إلى حلف شمال الأطلسي.
وفي خطاب وجهه إلى البرلمان، ذكر إدوارد ريدل، النائب من حزب التجمع المعتدل (معارض) أن السويد تقع "في حالة خطرة جدا لأن روسيا قامت بتعزيز قدراتها العسكرية وتستخدمها بلا تردد، وفي هذه الظروف فإن قدرا معينا من الحرية لا بد منه لدى بلورة السياسة الدفاعية السويدية". وأضاف النائب أنه "في إطار هذه الحرية يجب النظر في الانضمام إلى الناتو كأحد الخيارات". وأوضح ريدل أنه في حالة موافقة البرلمان على اقتراحه سيحال إلى الحكومة للنظر فيه.
يذكر أنها ليست المرة الأولى التي تسمع فيها في المملكة دعوات كهذه، ففي العام 2019 قدمت بوريانا أوبيرغ، من نفس حزب التجمع المعتدل، مشروع قرار يناشد الحكومة "عدم التمهل" في التقدم إلى حلف شمال الأطلسي بطلب النظر في قبول عضوية المملكة فيه على خلفية "تصرفات روسيا العدوانية".
تجدر الإشارة إلى أن موسكو أعلنت مرارا أن جهودها لتعزيز قدراتها الدفاعية غير موجهة ضد أي دولة، الأمر الذي شدد عليه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي قال في خطابه إلى البرلمان في مارس العام 2018 "إن قدرات روسيا العسكرية المتنامية لا تهدد أحدا، إذ لا توجد ولم تكن لدينا أبدا خطط لاستخدام هذه القدرات لأغراض هجومية، ناهيك عن أغراض عدوانية".
من الملفت أن ريدل ذكر في رسالته فنلندا المجاورة، مشيرا إلى "الطابع الخاص" لعلاقات هذه الأخيرة مع الناتو. وبحسب النائب فإن هلسنكي تفضل "إبقاء باب الناتو مفتوحا، وذلك "كي يكون لدى النظام الروسي الذي تزداد عدوانيته ما يخسره إذا خطر بباله تدبير استفزاز ما أو اختبار متانة الدفاع الفنلندي". ودعا النائب السويدي بهذا الصدد إلى عدم استبعاد "كل الخيارات التي تخدم تعزيز قدراتنا الدفاعية".
وكانت موسكو أعربت مرارا عن قلقها إزاء توسيع نشاطات الناتو العسكرية قرب حدودها، وقال وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، إنها تهدف إلى تعزيز وجود الحلف العسكري على أطرافه الشرقية. وأشار شويغو بهذا الخصوص إلى أن قيادة الناتو تستغل "أسطورة التهديد الروسي" لتوسيع تعاونها مع عواصم أخرى، بما فيها ستوكهولم وهلسنكي.
أما وزارة الخارجية الروسية فأشارت، على لسان المتحدثة باسمها، ماريا زاخاروفا، إلى أن مشاركة عسكريين سويديين وفنلنديين في تدريبات الناتو، كمثال على محاولات إشراك البلدين في "أنشطة الناتو العملية"، لا تخدم تعزيز الاستقرار والأمن في شمال أوروبا بل تهدد بتدهور الوضع في المنطقة.
وفي حديث صحفي، اعتبر دميرتي نوفيكوف، النائب الأول لرئيس لجنة مجلس الدوما (النواب) الروسي للشؤون الدولية، أن المحاولات المذكورة "تهدد أمن أوروبا وأمن روسيا بشكل واضح، نظرا لقلة المسافة بين السويد وروسيا. أما إذا أخذنا بعين الاعتبار كثرة القواعد العسكرية للناتو الموجودة في شرق أوروبا بالقرب من الحدود الروسية، فإننا بالطبع لا نرى أي مصلحة لنا في ظهور دولة جديدة تستقبل على أراضيها قوات أجنبية بموجب تضامنها الأوروبية الأطلسية".
من جانبه، لم يستبعد فلاديمير أولينتشينكو، الباحث في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية بموسكو، اهتمام الولايات المتحدة بانضمام السويد وفنلندا إلى الناتو، نظرا لدور واشنطن المركزي في توريد أسلحة ومعدات عسكرية جديدة لدول الحلف.
ولفتت ناتاليا يريومينا، أستاذة قسم الدراسات الأوروبية بكلية العلاقات الدولية في جامعة بطرسبورغ، إلى عدم وجود موقف موحد لدى نواب البرلمانين السويدي والفنلندي إزاء مسألة انضمام المملكة إلى الناتو، وأن الرأي العام في كلا البلدين لا يرى أن هناك أسبابا جدية للنظر في هذه الإمكانية. أما المسؤولون في وزارتي دفاع السويد وأجهزتهما الاستخباراتية فلا يرون أن روسيا تمثل تهديدا عسكريا لهذين البلدين في الوقت الراهن، مع أنهم يؤكدون عزم ستوكهولم وهلسنكي تعزيز قدراتهما الدفاعية.