كتبَ سلامة حربي: العبث بالدين.. وشهوة التريند

2022.04.16 - 08:43
Facebook Share
طباعة

 لا تكاد تمر بضعة أيام إلا ونفاجأ بأحد الإعلاميين المثيرين للجدل، الذين لا يعرفون الألف من كوز الذرة، يتقيأ جهله وتخلفه الفكري والحضاري في وجوهنا برأي شاذ وغريب ما أنزل الله به من سلطان، ينكر من خلاله معجزة "الإسراء والمعراج"، ويصف صلاة التراويح بأنها "اختراع"، وأنها ليست سنة ولا فرض.

ويظهر جهبذ آخر، يترك كل القضايا الشائكة التي تهم المواطنين في أمور دينهم ودنياهم، ويتفتق ذهنه العبقري عن البحث عن حكم بيع الطعام في نهار رمضان لغير المسلم، وكأننا نعيش في بدايات الإسلام، وكل هذا بحثًا عن شهوة التريند وإثارة الجدل واللغط والبلبلة وإفساد الدين على الناس.

 وسرعان ما تتلقف هذه الآراء الشاذة مواقع التواصل الاجتماعي، لتنتشر كالنار في الهشيم، في محاولة يائسة لتشويه صورة الإسلام، ذلك الدين الحنيف الصالح لكل زمان ومكان، وللأسف الشديد، تجد هؤلاء المرضى ينبشون كل فترة في كتب التراث عن القضايا الخلافية، ويعتمدون على آراء بعينها دون باقي الآراء - ربما كانت صالحة في زمانها - وكأن هذا الرأي هو الرأي الأوحد والأكثر صحة دون غيره.

 ومما يدعو للأسى والحزن في آن واحد أن هؤلاء الجهابذة، لم يحصلوا على أي درجات علمية في الفقه أو الحديث أو أصول الدين، ولا يعرفون عن الإسلام وأحكامه سوى قشرته الخارجية، وأقول لهؤلاء وأمثالهم كفانا نبش كل فترة عن بعض الآراء والأحكام الفقهية التي تشوه صورة الإسلام، وأن الخاسر من يبيع آخرته بدنياه بحثًا عن زعامة وهمية، أو مجد زائف، أو لهثًا وراء التريند وشهوة الشهرة، أو التربح وكسب المال، وقد روي عن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" أنه قال (من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن أسخط الناس برضا الله، رضي الله عنه وأرضى عنه الناس).

 والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ويحتاج إلى إجابة شافية، هو لمصلحة من البحث والتنقيب عن الآراء الغريبة والشاذة؟! وما هي مناسبة طرحها حاليًا، وأقول شاذة لأن الشاذ هو المخالف بعد الموافقة، لا من خالف قبل الموافقة، ألا يرى هؤلاء أن هناك شبه إجماع وإيمان ويقين بين المسلمين في كافة أرجاء الكون بمعجزة "الإسراء والمعراج"؟! وأنها من معجزات خاتم المرسلين سيدنا محمد "صلى الله عليه وسلم" الثابتة بنص القرآن الكريم في سورتي "الإسراء والنجم" وبأحاديث السنة النبوية المطهرة وغيرها؟! ألا يرون بأم أعينهم فرحة المسلمين بصلاة التراويح في رمضان، أليس هذا إجماع، فلما البحث إذن عن الشاذ؟!

 وأعتقد أنه آن الأوان لتتدخل الدولة من خلال المجلس الأعلى للإعلام، ونقابة الإعلاميين، والهيئة الوطنية للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة لمنع هذا العبث في ثوابت الدين، ولوضع حل جذري لوقف تطاير الفتاوى المريبة الغريبة عبر الفضائيات، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي لا هدف ولا طائل من ورائها سوى إثارة الرأي العام، والبلبلة وتشكيك الناس في ثوابت دينهم، والملاحظ في كل هذه الآراء المثيرة للجدل إنها قضايا قديمة، قُتلت بحثًا من قبل، وليست قضايا جديدة تشغل الرأي العام.

 لابد من وضع معايير ومواصفات حاسمة لمن يتحدث في أمور الدين عبر وسائل الإعلام، وليس عيبًا أن يتم إعداد قائمة من أساتذة وعلماء الأزهر الشريف وكليات الشريعة والقانون ومن علماء الدين المشهود لهم بالوسطية والاعتدال، للاستعانة بهم في شرح وتفسير كل القضايا الدينية التي تشغل بال المواطنين والرد على أسئلتهم واستفساراتهم، ومنع أي إعلامي من التحدث بغير علم في أمور الدين، ويجب أن يعرف القاصي والداني أن الحديث في أمور الدين يحتاج إلى دراسة وعلم، وليس فهلوة.

 

 المقال لا يعبّر عن رأي الوكالة وإنما يعبّر عن رأي كاتبه فقط


Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 10