كتبَ جورج حايك: الحزب والعونيين.. طلاق أم استمرار؟

خاص - آسيا

2021.02.12 - 04:37
Facebook Share
طباعة

 لا شك أن وثيقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر التي عُرفت بتفاهم مار مخايل، شكّلت نقطة مفصليّة في المشهد السياسي اللبناني عام 2006، وقد مضى عليها 15 عاماً، شهدت فيها الساحة اللبنانية محطات عديدة صمد فيها هذا التفاهم الذي يعتبره الخصوم انه يحكم لبنان وخصوصاً أن طرفيه وحلفائهما يشكلان الأكثرية في مجلس النواب والحكومات ورئاسة الجمهورية. لكن طرفي التفاهم يشددان على ايجابيات عديدة لهذا التفاهم، مع ذلك يقران بوجود نقاط ضعف وقوة فيه، ويعتبران انه يحتاج إلى تعديلات تستوجبها التطورات المحلية والاقليمية لذلك هما ينكبان على دراسة ما يمكن تعديله في ورشة عمل شكّلت لجاناً من الطرفين لها. أما المعارضون لهذا التفاهم فيذهبون إلى حد تخوين الطرفين ووضع لبنان في محور مواجهة مع العرب والغرب وبالتالي هم يعتبرون ان التفاهم ليس لمصلحة لبنان.

أمام هذا الواقع وفي الذكرى الخامسة عشرة على توقيع التفاهم صدر بياناً عن التيار الوطني الحر اكد فيه "ان التفاهم نجح في ردع اسرائيل لكنه فشل في مشروع بناء دولة".

الموسوي: الفساد سرطان في الجسم اللبناني

يوافق عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب ابراهيم الموسوي على هذا الكلام ويقول لـ"وكالة أنباء آسيا":"على مستوى المقاومة جاء هذا التفاهم في 6 شباط 2006 بين تيارين كبيرين على الساحة اللبنانية، لهما قواعدهما الشعبية وحيثياتهما على مستوى التمثيل الرسمي، وقد نجح هذا التفاهم في ضخ جزء كبير من المناعة في الجسم اللبناني بإتجاه حشد القوى في وجه العدو الاسرائيلي، لكن يجب ان لا ننسى انه قبل التفاهم حققت المقاومة ايضاً نجاحات كبيرة وكان مستوى الردع متقدماً مثلاً في مواجهات 1993 وعناقيد الغضب عام 1996 وصولاً إلى سلسلة عمليات أدت إلى تحرير لبنان في 26 أيار 2000. لا نقول هذا الكلام انتقاصاً من مساهمة التفاهم في تعزيز الجبهة اللبنانية امام العدوان الأكبر والأعنف في تموز 2006، لكن لا بد من التركيز على عوامل النجاح في حرب 2006 وأهمها ان قرار الحرب ضد العدو الاسرائيلي كان في يد المقاومة والرصد والعمل والعسكر والأوامر، كلّها جعلت المقاومة تواجه بحريّة ولا أحد تدخل لمنعها بعيداً عن الضغوط وبمنأى عن أي مساومة مما أدى إلى الانتصار".

وعن فشل التفاهم في بناء الدولة يقول:"نكرر كلام السيد حسن نصرالله الذي قال ان الانتصار على اسرائيل أسهل من محاربة الفساد، معتبراً ان الفساد هو أخطبوط وسرطان متفشي بالجسد اللبناني وليس مقتصراً على جهة دون أخرى. في الواقع تنتشر ثقافة الفساد عند غالبية الأطراف السياسية، لذلك نقول نعم نجح التفاهم في مسألة ردع اسرائيل إلا انه فشل في مسألة مكافحة الفساد، وحتى لو لم يكن التفاهم موجوداً لن تختلف النتائج لأن الفساد مرتبط بثقافة هذا البلد وبمراكز القوة فيه، ولدينا أمثلة عديدة وواضحة، كالخطوط الحمر التي تضعها المراجع الروحية لعدم محاسبة مسؤولين ضمن الطائفة، وهنا نقول ان هذا النظام الطائفي يصطف غرائزياً خلف أي مسؤول أو وزير يمارس الفساد. هكذا نتأكد ان المعركة ضد الفساد لها ظروفها وادواتها وصعوباتها قد تكون أكبر بكثير من الحرب ضد المحتل".

نسأل الموسوي ماذا عن الانتقادات التي توجّه للتفاهم بأنه تفاهم مصالح وسلّم البلد إلى ايران؟ يجيب:"نحن لا نقبل أصلاً بهذا التوصيف، يتكلمون عن الاحتلال الايراني وبأن حزب الله مسيطر على البلد فيما تحصي كل يوم 100 موبقة تحصل في البلد ولا يعرف بها حزب الله، نقول لهم هاتوا براهين إن كنتم صادقين، فليقدموا لنا أمثلة واقعية وحقيقية. نحن نتعرض لحملات اعلامية وبروباغندا ولعلها أخطر ما يمارس في هذا البلد، أي تضليل ممنهج للناس وترداد ببغائي للشعارات والمصطلحات التي لا تمت إلى الواقع بصلة. ولو كانت الأمور كما يتهموننا كنا قبلنا عروض ايران لتأمين الكهرباء للبنان، وكنا قبلنا عروض انشاء السدود، وكنا قبلنا عروض السلاح للجيش اللبناني، اضافة إلى عرض ايران تزويدنا بالنفط مجاناً، وانشاء سكك الحديد! وعندما نقترح بالذهاب شرقاً لا نقصد ايران أولاً إنما روسيا والصين. كل هذا الكلام تضليل ممنهج ونحن نفهمه تماماً".

حنا: لا نريد أي نفوذ خارجي

أما عضو المجلس التنفيذي في التيار الوطني الحر فادي حنا أحد المكلفين بالتفاوض مع الحزب فيقول:"حتماً نجحنا في مسألة ردع اسرائيل في حرب تموز 2006، ونجحنا في منع استفراد مكوّن لبناني بصرف النظر إذا كان حزب الله أو غيره، وقد فعلنا ذلك مع الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط. لا بد من الاعتراف بأن تفاهم مار مخايل لعب دوره في موضوع الاحتلال الاسرائيلي  من جهة وبموضوع المحافظة على كل المكوّنات اللبنانية من جهة أخرى. أما في موضوع بناء الدولة فنختلف مع حزب الله بالطريقة وبكيفية تنظيم الدولة ورفع الغطاء عن بعض حلفائه، لكن هدفنا واحد. نحن لا نريد أن يبقى عنوان مكافحة الفساد "تراند" انما نريد أن ننفذ على الأرض، ولم نصل إلى الحكم للسلطة انما كان الهدف تغيير البلد.

ويرد حنا على الانتقادات التي تتهم وثيقة التفاهم بأنها سلّمت البلد إلى ايران، ويقول:"نحن لم نقبل أن نسلّم البلد إلى سوريا أو السعودية أو ايران أو الولايات المتحدة، وأجمل ما قاله رئيس التيار جبران باسيل خلال الضغط الأميركي عليه I want to be your friend not your agent. نحن نؤيد العلاقة الجيدة مع الجميع لكن ولاء التيار هو للبنان فقط وليس لدولة غريبة".

وينفي حنا وجود أي نفوذ ايراني احادي في لبنان، "انما يعاني البلد من نفوذ دول عدة، أميركي وسعودي وايراني. منذ اتفاق الطائف نحن اختلفنا مع أكثرية القوى السياسية حول مسألة نفوذ الدول في لبنان، لدينا مصالح مشتركة مع بعضنا كمكوّنات سياسية لكننا لا نريد أحداً من الخارج أن يقول لنا ماذا نفعل".

وعن الاتهامات بأن التفاهم مع حزب الله هو اتفاق مصالح وتفاهم بين الفساد والسلاح يقول:"هذا كلام للتسلية، أولاً لو اتفاق مصالح كان العماد ميشال عون الذي نال 80 في المئة من اصوات الشارع المسيحي تجنب انجاز هذا التفاهم لأن الشارع لم يتقبله، والكل يجمع ان التفاهم لم يكن لمصلحتنا انما أقدمنا عليه من أجل مصلحة لبنان. ثانياً، بالنسبة إلى تفاهم الفساد والسلاح، هم قاموا بالتحالف الرباعي اولاً عام 2005 لماذا لم يعتبرونه تحالف الفساد والسلاح، هم يريدون ان يشتبك التيار والحزب ويفرحون بأن يجرّهم حزب الله خلفه ولم يعتادوا على فريقين يجلسان ويتحاوران من الند إلى الند كما نفعل نحن والحزب. ثالثاً، لو اتفاق مصالح ما كان رئيس التيار جبران باسيل تحمّل العقوبات الأميركية وكان تخلى عن التفاهم. ونتحدى كل هؤلاء الذين أطلوا بعشرات الحلقات التلفزيونية أن يقدّموا ورقة واحدة تثبت فساد الوزير باسيل، ورغم وجود عشرات أجهزة المخابرات الأجنبية في لبنان لم يستطع أحداً أن يثبت أي عملية فساد على باسيل".

ولا ينكر حنا ان الوثيقة تحتاج إلى مراجعة بعد مرور 15 عاماً على توقيعها، ويعتبر "ان بعض الأمور نجحنا في تنفيذها وبعض الأمور الأخرى فشلنا بها، سنجلس معاً لنجد طريقة كي ننفذها. النقطة الأولى التي سنعمل عليها كيفية بناء الدولة ومكافحة الفساد، والنقطة الثانية هل النظام اللبناني لا يزال صالحاً؟ فكل نقطة فيه تثير مئات علامات الاستفهام والآراء المتناقضة، فهل هذا النظام وضع ليحكم اللبنانيون أنفسهم أو كي يبقى علينا وصايات أجنبية؟ سنعمل على بلورة أفكار تنفذ بين الطرفين لمصلحة لبنان والشباب سعياً إلى بناء دولة".

محفوض: التفاهم اسقط الجمهورية اللبنانية

على خط نقيض، يقف رئيس حركة التغيير المحامي ايلي محفوض ويقول:"ليس دقيقاً الكلام عن نجاح وثيقة تفاهم مار مخايل في ردع اسرائيل، بل نحن كقوى سيادية نجد ان هناك تماهي بين حزب الله واسرائيل، وهذا الكلام لا ينطلي إلا على الأبرياء، وكل التقارير الدولية والاسرائيلية تؤكد ان معظم الحروب والاعتداءات كانت مجرد لعبة "بينغ بونغ" بين الطرفين، ولا أجد أحداً يحمي الحدود الشمالية لإسرائيل أكثر من حزب الله".

نلفت نظر محفوض إلى أن وثيقة التفاهم بين التيار والحزب لعبت دورها في حرب تموز2006، الا أنه يؤكد "لا يمكن لأي وثيقة أن تردع عدواناً خارجياً، لقد لمسنا لمس اليد حجم الضرر الذي سببه العدوان الاسرائيلي خلال هذه الحرب وشمل المطار والجسور والطرقات وعبّارات المياه والبنى التحتية، إضافة إلى سقوط عدد كبير من الضحايا، فيما اسرائيل كانت إذا تضرر رصيف، تطلب تعويضاً بالمليارات. نحن نرى ان هذه عملية تكاملية ومصالح مشتركة بين حزب الله واسرائيل وعلى الحزب أن يثبت العكس، بل أكثر من ذلك نلاحظ أن أكثرية عملاء اسرائيل هم من بيئة حزب الله، ورأينا عندما ثبتت العمالة على أحد مسؤولي التيار الوطني الحر كيف تعامل معها الحزب ببرودة".

من جهة أخرى، يعتبر محفوض "أن حزب الله كان يريد الغطاء المسيحي من تفاهمه مع التيار للإنطلاق في الداخل اللبناني، والإنخراط في المؤسسات معززاً بشرعية مسيحية من أكبر تكتل نيابي مسيحي، والقول للعالم ان مقاومته لم تعد حصراً بالطائفة الشيعية" أما التيار الوطني الحر فاستفاد من وثيقة التفاهم للوصول إلى رئاسة الجمهورية وحصد أكبر عدد من النواب بدعم شيعي، وانتزاع السلطة التي لم تكن لتؤمن لولا حزب الله وحصد الوزارات وأكثرية المراكز في الدولة، اضافة إلى جعل التيار الوطني الحر حالة شعبية منتفخة إلا أنها لم تكن يوماً قائمة على أسس ثابتة وصلبة، أي بالمحصلة هذا التفاهم ليس سوى زواج متعة بين الطرفين".

ونسأل محفوض ماذا عن اعتراف التيار بأن وثيقة التفاهم فشلت في مشروع بناء دولة؟ يجيب:"برأيي أخطأ بيان التيار في التوصيف، لأنه نجح في بناء دولة حزب الله واسقاط الجمهورية اللبنانية ومقوّمات الدولة، علماً ان التيار ليس سوى مكوّن صغير في جمهورية الحزب، وها هو يدفع الثمن بالعقوبات وبالشعبية والضياع وضعف العهد وتشتت الحلفاء. خلاصة أنا أرى وثيقة التفاهم دكّ اسفين في جسم الجمهورية اللبنانية".

ومقابل الكلام عن نجاح وثيقة التفاهم من حماية لبنان من الفتنة وعدم استفراد بقية المكونات اللبنانية بحزب الله، يلفت محفوض إلى "أن هذا الكلام مريب، ولا يمكن أن نفهمه الا باحتمالين، اما حزب الله كان يريد أن يعمل فتنة والتيار منعه وهذا أمر بغيض، أو ان التيار ارتضى أن يلعب دور الذمي ولولا هذا الدور كانت وقعت فتنة. الاحتمالان مخزيان ومهينان لكل من يلعب دوراً سياسياً في لبنان. على كل حال هذا التيار بدأ بممارسة الذمية منذ ارتمائه بأحضان النظام السوري ثم الايراني، وقد بدأ مسيرة الانحدار منذ  توقيعه على وثيقة تفاهم مار مخايل وتنازله عن المسلمات الأساسية والدستور".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 2