" وسط صمت حكومي".. مشكلة البنزين تطارد السوريين الغارقين بالأزمات

وكالة أنباء آسيا – نور ملحم

2021.02.04 - 07:14
Facebook Share
طباعة

 لليوم الثاني على التوالي ينتظر " أبو عبد الله " سائق تكسي في العاصمة السورية دمشق دوره عند محطة وقود حكومية دون أن يكون هناك فائدة من هذا الانتظار. 

ويقول الرجل الخمسيني لـ"وكالة أنباء آسيا" أنتظر يومين لكي أحصل على دور للحصول على مخصصاتي من البنزين المدعوم، لأعمل ثلاث أيام ومن ثم أعود من جديد للوقوف والانتظار على الكازية، وعلى هذا الحال لنا أكثر من شهرين.

وبضحكة استهزاء يكمل الرجل، "أقضي أكثر من 15 يوماً من أصل 30 يوماً بالشهر وأنا نائم عاند الكازيات، وعلى مبدأ جاء الصهريج ولم يأتِ، مشاجرة مع الذي يقف خلفي ودفشة صغيرة للذي أمامي".

تفنن بالأزمات ...
حال أبو عبد الله، حال معظم السوريين الذين يملكون سيارة فأزمة البنزين في الداخل السوري تدخل شهرها الرابع، مشهد الازدحام لا يبدو أنه انخفض أو سينخفض في الأيام المقبلة، فمعظم الكازيات تشهد ازدحاماً مطابقاً ليومها السابق، وهناك طوابير وصل بعضها إلى ثلاثة كيلومترات، ما يحتم على السائق في أحيانٍ الانتظار لـ 48 ساعة لتعبئة المادة في سيارته المحدودة لأربعين ليتراً فقط لا أكثر، وبتباعد زمني عن التعبئة السابقة يكون أسبوعاً على الأقل. 

يقول مصطفى "مهندس معلوماتية " لـ"وكالة أنباء آسيا": في بداية الأمر كنت انتظر مثل أي سوري ولكن اتجهت لشراء البنزين الحر حيث وصل سعر الغالون لـ 35 ألف. 

ويضيف: "المشكلة أنّنا نشعر أن القادم أسوأ، وكل الوعود التي نسمعها تذهب مع الرياح، كالعادة، وكأن الحكومة تريد لهذه الأزمات أن تطول، وأن يبقى الشعب يفكر بأبسط احتياجاته، أنا اليوم، كما كثيرون، أخاف الوقوف على الطابور لأنه، وببساطة، قد يحدث إطلاق نار وأصاب بالخطأ، فالأمر لم يعد مجرد انتظار، حيث باتت الحكومة تتفنن بصناعة الأزمات، التي تزيد في إذلال المواطنين السوريين، وتحويلهم إلى وحوش يأكلون بعضهم، وتعميق ثقافة "القطيع"، كما بات مصطلح "طابور" في سورية يرمز إلى شكل الحياة الكابوسية التي نعيشها بشكل يومي".

الحكومة تخفض دعم المحروقات 
كانت قد أصدرت وزارة النفط السورية، بيانا توضح فيه حقيقة خفض نسبة البنزين الموزع على المحافظات.

وقالت الوزارة انه نتيجة تأخر وصول توريدات المشتقات النفطية المتعاقد عليها إلى القطر بسبب العقوبات والحصار، وبهدف الاستمرار في تأمين حاجات المواطنين وإدارة المخزون المتوفر وفق أفضل شكل ممكن، فقد تم وبشكل مؤقت تخفيض كميات البنزين الموزعة على المحافظات بنسبة ١٧% وكميات المازوت بنسبة ٢٤%.

واشارت إلى أن هذا الأمر مستمر لحين وصول التوريدات الجديدة التي يتوقع أن تصل قريباً بما يتيح معالجة هذا الأمر بشكل كامل.

بالمقابل قدر دعم المشتقات النفطية في مشروع موازنة عام 2021 لسوريا، بمبلغ 2700 مليار ليرة سورية مقابل 11 مليار ليرة سورية في موازنة عام 2020.

وكشف التقرير الذي اطلعت عليه "وكالة أنباء آسيا" انخفاض الدعم المقدم للمشتقات النفطية في العام 2020 لخسارة شركة محروقات لعدة أسباب منها انخفاض الأسعار الواردة من مكاتب تسويق النفط لكل من النفط الخفيف والثقيل والمستورد مع ثبات سعر الصرف 435 ليرة سورية إضافة إلى زيادة كمية المشتقات النفطية المنتجة محلياً وانخفاض كمية المشتقات النفطية المستوردة وانخفاض أسعارها عن عام 2019 لاسيما (المازوت -الفيول-الغاز السائل).

ولم توضح الحكومة كيف ستوفر الإمدادات الإضافية، لكنه صرحت إنها استوردت بالفعل 1.2 مليون طن من النفط الخام الإيراني وإن الشحنات كلفتها، بجانب منتجات بترولية أخرى، نحو 820 مليون دولار في الأشهر الستة الأخيرة.
مبينة أن سورية تنتج الآن 20 ألف برميل يوميا فقط مع خسارة نحو 400 ألف برميل يوميا من حقول النفط في شمال شرق سوريا الخاضع حاليا لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية السورية والتي تمنع وصول هذه الكميات إلى مناطق الحكومة السورية.

البنزين الحر متوفر ...
بالمقابل حاولت الحكومة السورية الارتجال في إيجاد الحلول، هذا إذا ما تم اعتبار أنه قد تم تحليل المشكلة وتشريحها لفهمها قبل الإدلاء بالتصاريح والبدء بتنفيذ استراتيجية لم تجد نفعاً بحسب المحلل الاقتصادي الدكتور علي ديب. 

مضيفاً في تصريحه لـ"وكالة أنباء آسيا" أن الحكومة تدعم مواطنيها ب 75 ليتر بنزين بسعر 475 ليرة سورية لليتر الواحد، وتقدم له 125 لتر إضافية غير مدعومة بضعف سعر المدعوم، لذلك نشط سوق البنزين السوداء بحضور وكثافة عالية على الطرقات الدولية، ومداخل المدن بزيادة ثمانية أضعاف عن سعره داخل المحطة. 
لافتاً إلى أن توافر البنزين في السوق السوداء يعود لعاملين، الأول نتيجة التلاعب في محطات الوقود وتوفير بنزين سري يتم بيعه إلى الخارج، والثاني عبر التهريب من المنافذ غير الشرعية بين سوريا ولبنان، وفي الحالتين لم تنفذ أي حملة من قبل الشرطة لمكافحة الظاهرة على الطرقات العامة، والتي تعرض بضاعتها على طرفي الطريق.
 
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 7