مقدِّمة:
بداية ترسَّخت علاقات التضامن العربيَّة الأفريقيَّة، باتخاذ منظمة الوحدة الأفريقيَّة قرار المقاطعة لدولة الكيان الصهيوني عشيَّة حرب 1973م, باعتبار ذلك مطلباً عربياً، وفعلاً قطعت 26 دولة أفريقيَّة علاقاتها الدبلوماسيَّة مع إسرائيل, وكانت ساحل العاج، هي الدولة الأخيرة التي قطعت علاقاتها الدبلوماسيَّة في 8 نوفمبر 1973م، على الرغم من عدم حماستها لذلك, ولكن استجابة أفريقيا لقرار المقاطعة، كان مشروطاً بتقديم الدول العربيَّة الغنيَّة مساعدات ماليَّة على البلدان الأفريقيَّة من أجل تسديد فاتورة البترول.
ولكن بعد تراجع الدول العربيَّة, وانشغالها بالحروب, وتوقيع بعض الدول العربيَّة السلام مع إسرائيل, دفع إسرائيل للتغلغل في أفريقيا منفردة, ووسع من العلاقات بين أفريقا وإسرائيل بعد زوال الحرج من توطيد العلاقات بعد السلام المصري الأردني مع إسرائيل.
وتعود بداية التواجد الإسرائيلي في أفريقيا لما بعد فشل مؤتمر باندونج "عدم الانحياز" عام 1955م، حيث قرَّر رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك"دافيد بن جوريون" ضرورة التقارب من الدول الأفريقيَّة والتواجد فيها، لاستغلال ظروفهم الاقتصاديَّة, وركزت إسرائيل بعد ذلك على أولى الدول الأفريقيَّة التي نالت استقلالها التام عام 1957م وهي دولة "غانا"، وعقدت معها شراكات اقتصاديَّة قويَّة في مختلف المجالات, فكان هذا الطُعم الخبيث الذي ألقته إسرائيل لاستقطاب الدول الأفريقيَّة الأخرى، وبعد اتساع رقعة التعاون مع العديد من الدول الأفريقيَّة، أنشأت إسرائيل قسمًا في وزارة الخارجيَّة أُطلق عليه اسم "قسم التعاون الفني" وترأسه "حنان عينور" عام 1958، وبعد مرور ثلاث سنوات أصبح القسم مُستقلًا وتم تغيير اسمه إلى "قسم التعاون الدولي" وعُرِفَ اختصارًا باسم "الماشاف" وتولى هذا القسم مشاريع التمنية بأكملها في القارة السمراء, وكانت هذه بداية سياسة الاحتلال الناعم التي تبنتها إسرائيل لبسط نفوذها على القارة.
يقيم الكيان الصهيوني علاقات دبلوماسية مع 40 دولة أفريقيَّة، من ضمنها عشر دول تملك تل أبيب فيها سفارات، وهي: جنوب أفريقيا، والكاميرون، وكينيا، ونيجيريا، وأنغولا، وأثيوبيا، وأرتيريا، وغانا، وساحل العاج، والسنغال، في حين تمَّ تعيين سفراء غير دائمين في بقيَّة الدول, في المقابل، فإنَّ 15 دولة أفريقيَّة لها سفارات في إسرائيل.
في هذا الإطار تركَّز إسرائيل في تصميم برامجها وتنفيذَها على ثلاث مؤسَّسات استشارية رئيسة, هي مركز "جولدا مائير" الدَّولي للتدريب، ومهتم يشؤون المرأة والتعليم وتنمية المجتمع وتطوير الشركات الصغيرة، ومركز "أهارون أوفري" الدولي للتدريب الذي أنشئ بالتعاون مع وزارة التعليم والثقافة والرياضة الإسرائيلي، ويركز بشكل أساسي على التعليم العلمي والتكنولوجي ومشاريع المجتمع واستيعاب المهاجرين، كما يقوم مركز "التعاون الدولي للتنمية الزراعيَّة" Cinadco كشركة محترفة تابعة لـMashav وتنفذ سياسات التعاون الإسرائيليَّة مع الدول الأفريقيَّة في مجالات الزراعة والتنمية الريفيَّة.
اضطلعت هذه المراكز تحت إشراف الماشاف Mashav بالتغلغل الناعم في أفريقيا، والانخراط في عملية بناء القطاعات الحيويَّة للدول الأفريقيَّة، مركِّزة على آليَّة مهمَّة, وهي التغلغل عبر الميِّزة النسبيَّة، وقد وجد الباحثون أنَّ تركيز برامج التدريب والمساعدة الفنيَّة في إسرائيل يختلف بشكل عام عن تركيز باقي البرامج الدوليَّة، حيث صُممت البرامج الإسرائيليَّة للمساهمة بشكل أكبر في "بناء القدرات على مستوى القاعدة الشعبيَّة" بدلاً من دعم تدفُّق رأس المال, وكان أحد أهداف ماشاف الرئيسة في أفريقيا أن تُصبح إسرائيل مركز تدريب دولي في المجالات التي كسبت فيها إسرائيل سمعة دوليَّة, تحت الغطاء التنموي وبرامج الدعم الدولي, وسنتحدث عن مراحل تطور العلاقات بين أفريقيا وإسرائيل:
أولاً). مراحل العلاقة بين دول أفريقيا وإسرائيل:
1. مرحلة التأسيس (1948/1957م):
بدأت التفكير في أفريقيا بعد مؤتمر "باندونج" في اندونيسيا العام 1955م, حيثُ أنَّ الدول الأفريقيَّة في تلك الفترة بدأت تنال استقلالها، فأصبحت تشكِّل كتلة تصويتيَّة لا بأس بها, ما يتماشى مع أهداف إسرائيل, حتى نصل لأواخر العام 1956م لتعترف غانا بإسرائيل.
2. مرحلة البداية (1957/1967م):
بدأت العام 1957م عندما افتتحت إسرائيل سفارة لها في أكرا العاصمة الغانيَّة؛ وشهدت تلك الفترة استقلال لعدد لا بأس به من الدول الأفريقيَّة, ما دَفَعَ إسرائيل لزيادة نشاطها في القارة الأفريقيَّة، و شهدت الفترة من العام (1957 لعام 1962م) زيارات بين قادة إسرائيل وزعماء أفريقيا، حيث قامت وزيرة الخارجيَّة الإسرائيلية آنذاك "جولدا مائير" بزيارة عدد من الدول الأفريقيَّة مثل السنغال ونيجيريا وغانا هذا إلى جانب قيام الرئيس الإسرائيلي آنذاك "إسحق بن تسفي" بزيارة 5 دول أفريقية حتى العام 1962م؛ ليأتي عام 1967م لتقع حرب النكسة بين مصر وإسرائيل لتغير مسار علاقة دول أفريقيا بإسرائيل للأسوء، وتصبح إعلان عن بداية مرحلة جديدة في تلك العلاقة.
3. التراجع (1967/1977م):
بدأت هذه المرحلة العام 1967م بإعلان بداية مرحلة جديدة في العلاقة بين القارة السمراء وإسرائيل حيث مع قيام النكسة واحتلال إسرائيل لسيناء، لتدرك دول أفريقيا بذلك أبعاد الصراع العربي الإسرائيلي بشكل أوضح، ويرجع ذلك للجهود العربيَّة في أروقة الأمم المتَّحِدة, ومنظمة الوحدة الأفريقيَّة, حيث حققت تلك الجهود نجاحا باستصدار قرارات من المنظمتين بإدانة إسرائيل جراء سياساتها الإمبرياليَّة جراء احتلالها لأراضي دولة أفريقيَّة بعد حرب النكسة ألا و هي مصر؛ وشهدت العلاقة تدهور وتراجع كبير, لتبلغ قمَّة تدهورها وتراجعها العام 1973م مع وقوع حرب أكتوبر, لتأتي قرارات من منظمة الوحدة الأفريقيَّة مساندة لمصر في حربها ضد إسرائيل لتشهد تلك الفترة قطع 29 دولة أفريقيَّة علاقتها مع إسرائيل، ولم يصبح لإسرائيل علاقات سوى مع مالاوي وسوازيلاند وليسوتو ليأتي العام 1977م ليشهد تغير جذري في العلاقة بين إسرائيل والدُّول الأفريقيَّة بعد زيارة الرئيس السادات للقدس ليشكل ذلك الحدث نقطة انعطاف في تلك العلاقة.
4. تحسُّن العلاقات (1977/1991م):
بدأت عندما قام الرئيس السادات بزيارة القدس العام 1977م, حدثَت صدمة للعالم كلُّه، وهو ما أدخل العلاقة بين إسرائيل وأفريقيا في مرحلة جديدة ألا وهي مرحلة تحسُّن، وبدء للتقارب حيث كانت دولة زائير السابقة أوَّل من يكسر المقاطعة الأفريقيَّة لإسرائيل, حيث كانت تحتاج لمساعدات عسكريَّة في ميدان التدريب, ما لقي قبول لدى إسرائيل وتم توقيع معاهدة بين الدولتين تفيد ذلك في تلك الفترة، وتعيد علاقتها معها في عام 1982 لترفض بعض الدول العربيَّة ذلك التصرف, وتسحب سفراؤها من العاصمة الزائيريَة كينشاسا، ولحق بزائير في عودة العلاقة مع إسرائيل كلا من كينيا العام 1988م، وأفريقيا الوسطى, وإثيوبيا العام 1989م, ليأتي العام 1991م ومعه مؤتمر مدريد للسلام لتدخل على أثره العلاقة بين أفريقيا وإسرائيل مرحلة جديدة.
5. التطبيع و ازدهار العلاقات (1991م):
وبدأت فعليًّا بعد مؤتمر مدريد للسلام 1991م الذي عقد بين أطراف عربيَّة وإسرائيل لإحياء عمليَّة السلام، فوجد الأفارقة الصراع العربي الإسرائيلي يدخل في مرحلة جديدة عن طريق التفاوض، فكان لهذا المؤتمر أثر في ازدهار العلاقة بين إسرائيل وأفريقيا بشكل أكبر,
ليشهد العام 2016م بدء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جولة شملت 4 دول أفريقية وهم أوغندا وكينيا ورواندا وأثيوبيا, وتشير بعض المصادر إلى أن تصدير الأسلحة الإسرائيلية إلى أفريقيا بلغ حوالي 275 مليون دولار العام 2016م، أي ما نسبته حوالي 70% من السلاح المصدر من إسرائيل؛ ولا يغيب عن الأذهان أنَّ العلاقات الإسرائيلية العربيَّة مؤخراً من تطبيع لبعض الدول العربيَّة, كالإمارات والبحرين, والسعودية, سيدفع باتجاه تطوير العلاقات بين إسرائيل وبعض دول أفريقيا.
ثانياً). أهداف التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا:
1. المصالح الأمنيَّة, لتثبيت وجود "إسرائيل" في قارة لطالما نأت بنفسها عنها.
2. الأهداف الدبلوماسيَّة, حيث حاولت إسرائيل الحصول على الاعتراف الدولي، وهو ما يشكل هدفا مهما لها, فبعد أن تمكَّنت من الحصول على الاعتراف الدولي من الدول الكبرى, بدأت تتطلَّع للحصول على مزيد من الاعتراف الدولي.
3. أهداف اقتصاديَّة, حيث تتمتع أفريقيا بالعديد من الموارد الطبيعية مثل المعادن والبترول بمشتقاته, وموارد أخرى مثل الأخشاب والبن والكاكاو والفواكه الاستوائيَّة مما يجعلها تجمع كبير و غني بالموارد الطبيعيَّة, كما تُعد أفريقيا اقتصاداً صاعداً وسوقاً ضخماً للمنتجات والصادرات الإسرائيلية، ففي العام 2017م، بلغت قيمة الصادرات الإسرائيلية إلى أفريقيا 938 مليون دولار أميركي، كما توجد أكثر من 800 شركة إسرائيليَّة تعمل في أثيوبيا وكينيا وجنوب أفريقيا, ويستهدف التحرُّك تحقيق السيطرة الإستراتيجيَّة على مضيق باب المندب, الذي يعتبره منفذاً حيويَّاً لتحركاته الملاحيَّة من وإلى آسيا وأفريقيا, حتى يضمن مصالحه الاقتصاديَّة والتجاريَّة, كما اتجهت إلى التركيز على تحسين علاقاتها مع دول حوض النيل, لا سيما وأنَّ الهيمنة والسيطرة على نهر النيل هو واحد من الأهداف الحيويَّة والتاريخيَّة لـها, وكذلك اختراقها للحزام الجنوبي في مناطق التَماس العربيَّة الأفريقيَّة، مثل كينيا وأوغندا، فمينائيّ مومباسا في كينيا ودار السلام في تنزانيا, يمثلان أهميةً كبرى بالنسبة لحركة التجارة "الإسرائيلية" المتجهة إلى الشرق الأقصى وجنوب أفريقيا, أما فيما يتعلق بمنطقة البحر الأحمر وشرق أفريقيا، فقد أولت "إسرائيل" اهتماماً خاصاً بتعزيز علاقاتها الثنائيَّة والأمنيَّة مع دول شرق أفريقيا، لا سيّما إثيوبيا وأوغندا وجيبوتي، حيث تهدف من خلال ذلك إلى منع تحويل البحر الأحمر إلى بحيرة عربيَّة، كما أنها تحاول السيطرة على باب المندب الذي يعد منفذاً حيوياً لتحركات "إسرائيل" تجاه آسيا وأفريقيا وبالتالي السيطرة عليه يترتب عليها ضمان مصالحها الاقتصادية والتجارية، وفضلاً عما سبق، ل"إسرائيل" أهداف تتعلق بمجالات أخرى مثل المجالات الاستخباراتيَّة، ومجال صناعة الأسلحة، والدفاع عن مصالح حلفائها الغربيين وقواعدهم العسكرية في القارة.
4. تهديد أمن الدول العربيَّة المعتمدة على مياه نهر النيل, وهما مصر والسودان بالدرجة الأولى، والحال هذه تمثل دول حوض النيل إحدى المصالح الأمنيَّة الكبرى للكيان الصهيوني, فهي تستخدم الماء وسيلة للضغط على الدول العربية الإفريقيِّة، ومن ثم فإن التنسيق الإسرائيلي مع دول منابع النيل الأخرى، وبخاصة إثيوبيا وأوغندا والكونغو الديمقراطيَّة، يمثّل تهديداً للمصالح المصريَّة والسودانيَّة بشكل لا يحتمل التأويل.
5. تطوير العلاقات مع كينيا التي تقع على المحيط الهندي، بهدف الحصول على تسهيلات للقطع البحريَّة الإسرائيليَّة.
6. تطوير العلاقة مع أرتيريا, للسماح للغواصات والسفن العسكريَّة الصهيونيَّة باستخدام موانئها.
7. تشكيل نوع من حزام أمني مع الدول المسيحيَّة في أفريقيا "ضد الدول الإسلاميَّة" لدرء تداعيات التغيُّيرات الحاصلة في شمال أفريقيا على باقي الدول الأفريقيَّة، التي تخشى من إمكانيَّة تعزيز الإسلام المتطرِّف, ومن تأثيره على القارة بأسرها, ويدفَع الخوف من صعود الإسلام المتطرِّف إلى إقامة مثل هذا الحلف بين الدول الأفريقيَّة المسيحيَّة وإسرائيل.
8. منافسة إيران وتركيا في القارة السمراء، التي تمثِّل عمقا استراتيجيَّا لها, وتهديداً لسوق اقتصادي هام على المستوى العالمي.
9. إضعاف التأييد الإفريقي للقضايا العربيَّة، وكسب الرأي العام الإفريقي إلى جانبها: خصوصاً في قضايا الصراع الساخنة، الأمر الذي قد يُفقد العرب رصيداً كبيراً من التأييد السياسي لهم، بحكم الثقل التصويتي لدول القارة في المنظمات الدوليَّة، وممَّا يدلِّل على عظم النفوذ الإسرائيلي داخل أفريقيا؛ أنَّ عدد الدول الإفريقيَّة غير العربيَّة التي أيدت قرار اعتبار الصهيونيَّة إحدى صور العنصريَّة والتمييز العنصري عام 1975م، في إطار الأمم المتحدة، لم يزد على 20 دولة، في حين عارضته 5 دول أفريقيَّة، وامتنعت 12 دولة عن التصويت، وهذا معناه أنَّه حتى في ظل المقاطعة العربية لإسرائيل اتخذت 17 دولة أفريقيَّة مواقف متباينة معارضة أو ممتنعة, في غير صالح القرار.
10. تشويه المقاومة وربطها بالإرهاب, حيث اتخذت إسرائيل من ظهور الجماعات الجهاديَّة في منطقة غرب أفريقيا, شماعة لوصم المقاومة الفلسطينيَّة بالإرهاب واعتبارها هي والجماعات الأفريقيَّة المتشدِّدة وجهان لعملة واحدة, كوصف حركات المقاومة الإسلاميَّة الفلسطينيَّة وبالتحديد حماس و الجهاد الإسلامي بالإرهاب العام 2010م من العاصمة النيجيريَّة "آبوجا".
11. الوقوف على مصادر تمويل حزب الله اللبناني, حيث شكَّلت مصادر تمويل حزب الله الخارجيَّة إحدى القضايا الأمنيَّة التي أرَّقت إسرائيل, فانصبَّ اهتمام أجهزة الاستخبارات الإسرائيليَّة, ودوائر النفوذ الاقتصادي على بعض بلدان هذه المنطقة المعروفة بالتأثير الاقتصادي والسياسي للجالية اللبنانيَّة كليبريا وساحل العاج, وتتولي شركة "فيزيوول ديفنس" الإسرائيليَّة الكنديَّة, تأمين مطار فليكس هوفيت بوني الدولي بالعاصمة الاقتصادية آبدجان, وكذلك تأمين ميناء آبدجان المستقل, ما يعني أن حركة الأفراد والواردات والصادرات الاقتصاديَّة للبلد خاضعة للرقابة الإسرائيليَّة.
12. دق إسفين بين أقطار العالم العربي والأقطار الأفريقيَّة والحيلولة دون قيام تلاحم عربي أفريقي يقوم على أساس النضال المشترك والمصير والتاريخ المشترك والمصالح التي تفرضها عوامل طبيعية مثل وقوع دول أفريقيَّة وعربيَّة على ضفاف النيل وجغرافيَّة مثل الحدود المشتركة المطلَّة على مياه البحر الأحمر .
13. تقوم إسرائيل بدور مخلب القط للولايات المتَّحدة الأميركيَّة, أو أنَّها تؤدِّي دور المساعد لأميركا في التنافس الأميركي الفرنسي في القارة الإفريقيَّة, بحيث تحوَّل النفوذ الفرنسي على سبيل المثال في كل من رواندا والكونغو الديموقراطي, إلى نفوذ أميركي بدعم الخبرات الإسرائيليَّة التي تتجلَّى خاصة في صورة مرتزقة يعملون كخبراء عسكريِّين في التدريب والتسليح.
14. الماس مقابل السلاح:
في العام 2016م, كان هذا البلد أي "إسرائيل" يتبَّوأ المركز الخامس بين مصدِّرِي الماس الخام، بحصَّة تقدَّر بـ6،7 بالمائة من السوق والمركز الرابع كمستورد عالمي، بحصَّة 7,6 بالمائة, وتُشير الأرقام الرسميَّة للحكومة الإسرائيليَّة إلى أنَّ صادرات الماس العام 2016م, بلغت 7،3 مليار دولار, كما تُشير الأرقام نفسها إلى أنَّ صادرات الأسلِحة حقَّقَت رقم 6،5 مليار دولار.
إنّ إستراتيجيَّات الحصول على الموارد المنجميَّة في أفريقيا، المثيرة للريبة في كثير من الأحيان، مرهونة بهجماتها الدبلوماسيَّة والعسكريَّة, فإيقاف "بيني شتاينميتز" من قبل الشرطة الإسرائيلية على خلفية اتهامات بتبييض الأموال ورشوة شخصيَّات قريبة من النظام الغيني، على غرار التتبُّعات الأميركيَّة ضد "دان غيرتلير"، أحد الفاعلين الإسرائيليين في تجارة الماس، تبيِّن أنَّ إسرائيل تشارك بجديَّة في "منظومة كيمبيرلي"، إلَّا أنَّ ممارسات رجال الأعمال المهيمنين فيها تبقى متلاعبة مع القانون, ففي العام 2001م اتهم "غيرتلر" بتمويل مشتريات من الأسلحة لعصبة "كبيلا" مقابل الحصول على احتكار تجارة الماس, ويشير فريق "أفريقيا بروغريس بانل" العام 2013م إلى أنَّ رجل الأعمال هذا حرم جمهوريَّة الكونغو الديمقراطيَّة من 1،4 مليار دولار من عائدات الاستثمار في المناجم, أما "ليف ليفياف"، المسمى بـ"ملك الماس"، شيد ثروته بفضل شراكته مع رئيس أنغولا "خوسي إدواردو دوس سانتوس"، للتحكم بصناعة الماس, وبصفته شريكاً تجاريَّاً للمقربين من الرئيس ترامب، فغالباً ما يثار ذكر اسمه في صحف الإثارة، بشأن صفقات مريبة أو فضائح أو محاكمات, وبالتالي سنقف هنا على أدوات وطرق التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا:
يتبع...