سلاح المقاطعة لا يؤتي ثماره: السوريون "يقاطعون" أطعمة أساسية مُجبرين لا مُخيّرين!

لودي علي _ دمشق وكالة أنباء آسيا

2020.07.28 - 07:34
Facebook Share
طباعة

 تتوالى دعوات السوريين لحملات مقاطعة البضائع مع كل موجة ارتفاع جديدة في الأسعار، إلا أن النتيجة غالباً ما تكون مخيّبة، حيث أثبت السوريون من خلال تلك الحملات أنهم لن يستجيوا طوعاً لأي مقاطعة..

في المقابل أجبرتهم ظروفهم وضعف قدرتهم الشرائية مؤخرا على مقاطعة كثير من المواد الأساسية على موائدهم، دون أن يلمسوا انخفاضاً في أسعارها حتى الآن!

حملة جديدة للمقاطعة انطلقت قبل أيام بهدف تخفيض سعر الفروج الذي تجاوز سعر الكيلو الواحد منه 4500 ليرة سورية، علماً أن أغلب السوريين قاطعوه مُجبرين!

يقول الباحث الاقتصادي محمد علي لوكالة أنباء آسيا، إن دعوات مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطعة شراء بعض الحاجيات من الأسواق لمدة معينة، تعكس بشكل أو بآخر معاناة السوريين من نار الأسعار التي تلتهم مدخول العائلة وتدفعهم تحت وزر الديون.

ويوضح أن ارتفاع سعر السلع المستوردة مع انخفاض سعر صرف الليرة أمام الدولار مبررٌ إلى حد ما كون قيمتها مدفوعة بالقطع الأجنبي، أما السلع المنتجة محلياً فارتفاع وتقلّب سعرها مع الدولار هو أمر غير مقبول اجتماعياً ولا يخضع لأي تحليل اقتصادي، وربما ترجع لظهور"تجار الأزمات"، إضافةً لضعف الإنتاج (وانعدامه) المرتبط بالحرب، ولا ننسى رفع نسب ربح التجار على كل سلعة لمواجهة حالة التضخم في كافة مفاصل الحياة الاجتماعية والاقتصادية.

لا تصلح للحالة السورية..

ويرى محمد بالعودة لمبادرات المقاطعة أنها لا تصلح للحالة السورية الراهنة التي ترتبط مشكلة الأسعار فيها بعوامل، ومن ناحية أخرى فإن التجارة في سورية في ظل ظروف الحرب وتقلب سعر الصرف هي صعبة للغاية، فعلى سبيل المثال تجار المفرق (وهم النسبة الكبرى من التجار) تعتبر تجارتهم مصدر رزقهم، وكثرة عددهم مفيد جداً للشعب، أما في حال إجراء المقاطعة وشل حركة التجارة (كما يتفاءل البعض) فقد يقوم قسم منهم بالإغلاق، ما يعني ذلك من الدخول في دوامة أخرى من الاحتكار.

وبالنسبة لمقاطعة الفروج يقول الباحث الاقتصادي إن السوريين بعد أن أخرجوا مادة اللحم الأحمر من مائدتهم، يسحبون اليوم مادة أخرى مهمة في نظامهم الغذائي وهي اللحوم البيضاء (الفروج)، خاصةً بعد أن وصلت أسعارها لأرقام قياسية (7000 ليرة كيلو شرحات دجاج)، ويرجع السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار هذه المادة إلى غلاء أسعار الأعلاف المستوردة. وعلى الرغم من أن الحكومة وافقت في آذار الماضي على تمويل مؤسسة الأعلاف بمبلغ مالي بالقطع الأجنبي لاستيراد المواد العلفية، فإن ذلك تزامن مع ارتفاع أسعار الأدوية واللقاحات اللازمة لأفواج الفروج، وارتفاع تكاليف، كل هذه الأسباب دفعت بسعره عاليا، ليأتي غياب التحرك الحكومي حيال ذلك، ويتسبب بخسائر مهمة للمربين، ما ساهم بخروج عدد كبير منهم عن العمل.

وبالتالي فمقاطعة الفروج هي موجودة أصلا بسبب سعره، وأي دعوة لزيادتها ستعني تحقيق خسائر لما تبقى من المربين، مايعني ذلك من دخولنا في دوامة فقدان هذا الصنف نهائيا في الأسواق، وقيام البعض باستيراد الفروج أو إدخاله إلى البلاد تهريباً.

أما بالنسبة لما حدث مع الموز المستورد الذي وصل سعره في بعض المحال إلى 10 آلاف ليرة سورية، وهوى فجأة إلى 2000 ليره دفعة واحدة نظراً لإحجام كثير من العائلات السورية عن شرائه، فهذا استثناء لن يتكرر كثيراً، وهو مرتبط بكون الموز مستورد من جهة، وخروجه من قائمة أطعمة السوريين كان سهلا لكونه من الكماليات.
مقاطعة منظمة..

في الوقت نفسه يرى الخبير الاقتصادي ماجد شرف أن المقاطعة الحقيقية والمنظمة من الممكن أن ترجع بنتائج جيدة على المواطن، إلا أن حدوث ذلك في الظروف الحالية صعب جداً، مبرراً ذلك بأنه ليس لدينا منظمات شعبية أو حماية مستهلك لتقوم بهذا الدور، فجمعية حماية المستهلك الموجودة حاليا لا تحظى بثقة السوريين، لأنه ليس لديها دور قانوني تنفيذي وحقيقي على الأرض، فهي لم تستلم قضية وتربحها.

موضحاً لوكالة أنباء آسيا، أن المقاطعة التي تحدث لبعض الأصناف تتم بشكل عفوي وبدون تنظيم، فأي شيء يرتفع سعره سيحجم الناس عن شرائه.

ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أنه لدينا مشكلة في ازدواجية القرارات والتشريعات كما بازدواجية آراء الناس، وتكمن مشكلة التشريعات في أن التقنين بالتصدير أو الاستيراد يحدث في الوقت غير المناسب وغير الصحيح، فليس لدينا خطة واضحة لتشجيع الاستيراد ودعمه من البنك المركزي في الوقت المناسب.

دائرة ضيقة..

وهكذا تبقى المقاطعة سواء كانت نافعة أم ضارة غير قابلة للتطبيق إلا عندما تُفرَض بسبب خروج صنف أو آخر من دائرة القدرة الشرائية للسوري والتي ضاقت حتى لم تعد تتسع إلا للحد الأدنى من طعامه.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 5