بعد أن تضاعف سعره 30 مرة هذا الموسم.. أين يتبخّر الليمون السوري؟

حبيب شحادة – وكالة أنباء آسيا

2020.07.02 - 04:55
Facebook Share
طباعة

 

تشهد الأسواق السورية نقصاً في مادة الليمون، حتى أصبحت تُباع بالحبة (القطعة) نظراً لارتفاع سعرها بشكل كبير، ما جعلها خارج قدرة السوريين الشرائية. حيثُ بدأ سعر الليمون بالارتفاع خلال الأشهر الماضية بدءاً من 1500 بعد أن كان بين 500 و600 ليرة. ليصل اليوم سعر الكيلو الواحد منها إلى 6000 ليرة سورية.
وتشكو الأسواق اليوم، من ضآلة اللون البرتقالي والأصفر على حد سواء، بعد أن كانت غارقة بالبرتقال والليمون إلى حد التخمة في كل المواسم. وكانت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة – الفاو – أعلنت في عام 2017 أنّ سورية في المرتبة الأولى في إنتاج الليمون على مستوى دول حوض المتوسط.
إنتاج كبير
بلغ إنتاج الحمضيات خلال العام 2019، بحسب مكتب الحمضيات التابع لوزارة الزراعة 1,041 ألف طن، في حين بلغ الإنتاج هذا العام بحسب إفادة رئيس اتحاد غرف الزراعة في سوريا، محمد كشتو، لوسائل إعلامية محلية، مليون ومئة ألف طن.
وحيثُ أنّ السوق المحلية تحتاج من تلك المادة ثلث إنتاج سوريا فقط، ما يبقي كميات كبيرة خارج حاجة السوق. فأين يختفي الليمون والتصدير مُغلق، وكيف يصل سعره لهذا الحد؟
وفي هذا السياق أشار المهندس سهيل حمدان مدير مكتب الحمضيات في وزارة الزراعة إلى أنّ إنتاج الليمون يبدأ في شهر أيلول من كل عام. والإنتاج الموجود بالسوق حالياً، ليس من محصول العام الحالي الذي لم يقطف بعد.
وقال حمدان في حديثه لوكالة "آسيا" "إنّ الاحصائيات المتعلقة بحجم الموسم الحالي لم تظهر بعد، كون الحمضيات ما زالت صغيرة، وقد تتعرض لعدة عوامل طبيعية". مضيفاً أنه خلال هذا الشهر سيتم تقدير الإنتاج الأولي، متوقعاً أن تكون الكميات كبيرة وتفوق المليون طن.
الحامض يُخمّر
في الموسم الماضي قام جزء كبير من أصحاب مزارع الليمون بالقطاف المبكر قبل النضج، بحسب إفادة حمدان وتحت شعار المزارع يحتاج مصاري يقول حمدان "يأتي التجار ويشترون الحامض بوقت مُبكّر قبل نضوجه ويقومون بتخميره، ويأخذ الليمون لون أصفر من الخارج بعد التخمير، ثم يقومون بالبيع. ليأتي أخر الموسم وتصبح الأسعار دبل ويخسر المزارعون".
من جهته أحمد مرتكوش مزارع من اللاذقية (50عاماً) قال لوكالة "آسيا" بإنّه في العام الماضي، "شهد الموسم لجوء العديد من أصحاب مزارع الليمون لبيعه للتجار قبل نضوجه"، وذلك نتيجة دفع التجار أسعار جيدة لأصحاب المزارع".
لكن تبقى تلك الأسعار منخفضة مقارنة بما حدث ويحدث من ارتفاعات سعرية للكيلو الواحد من مادة الليمون والتي وصلت لحدود ال 6000 ليرة في هذه الأيام.
وشكّل هذا الارتفاع عبئاً إضافياً على الأسرة السورية التي لا يتعدى دخلها الشهري 20 دولار. ويوضح مرتكوش "كان سعر الحامض الموسم الماضي لا يتعدى 200 ليرة لكن اليوم زاد عشرات الأضعاف".
استغلال للمزارع
وحيال ذلك قال سهيل حمدان " بإنّ التجار يستغلون حاجة المزارع، وأن الكيلو الذي يباع ب 6000 اليوم، نفسه الذي كان يباع ب 1000 ليرة قبل عدة أشهر". وذلك نتيجة احتكار المادة من قبل التجار في براداتهم وبيعها بالقطارة للتحكم بسعرها وجني الأرباح، وفقاً لحمدان.
ويعاني مزارعو المادة من عدة صعوبات تتجلى بعدم إمكانية تصدير إنتاجهم لأسباب عدة، منها عدم مطابقة المنتج للمواصفات القياسية التي تطلبها الأسواق الخارجية، إذ رفضت روسيا عام 2017 شحنات الحمضيات السورية لهذا السبب ما دفع البلدين لتأسيس شركة خاصة تعنى بجودة المنتج الزراعي، بحيث يكون مطابقاً للمواصفات التي تناسب السوق الروسية.
أزمة تسويق وتصدير
وبناء عليه وتم وضع خطة لمبادلة 200 ألف طن من الحمضيات والفواكه والخضار السورية بالقمح الروسي، وفي منتصف الشهر الفائت، اتفقت سورية وروسيا على تأمين خط بحري ثابت ومنتظم لتصدير الحمضيات بين ميناء “اللاذقية” وميناء “نوفوروسيسك” في روسيا، على أن يبدأ العمل به في 12 كانون الثاني 2020.
وأزمة تسويق الحمضيات في سوريا ليست جديدة، فخلال أكثر من 25 سنة تنوعت المساعي الحكومية التجميلية للتخفيف من الواقع المأساوي لمصير الحمضيات دون جدوى.
في المقابل يعزو مصدر في اتحاد غرف الزراعة ارتفاع الأسعار إلى التصدير لدول خارجية منها روسيا وجزيرة القرم بشكل كثيف هذا الموسم على خلاف المواسم المنصرمة عقب اتفاقيات تجارية بين البلدين.
وفي هذا السياق لم تتوقف الباخرة "روس لاين" الروسية عن شحن أطنان شهرياً عبر عمليات نقل بمعدل ثلاث رحلات شهرياً، وفق ما أعلنه المدير العام لهيئة دعم الصادرات إبراهيم ميدة، الذي أوضح في تصريحات إعلامية أن "حمولة كل رحلة تبلغ 1500 طن من الحمضيات".
بينما يرى سهيل حمدان أنّ التصدير اليوم يتم من الموسم السابق، وأنه مهما بلغ حجم الكميات المصدرة، فإن ذلك لا يؤثر على الأسعار المحلية، كون الإنتاج كبير وضخم ويغطي حاجة السوق المحلي، الذي يأخذ نواتج الفرز وهذه ليست سيئة الجودة.
ويقترح حمدان تدخل الجهات المعنية لتحقيق التوازن بين العرض والطلب ومنع الاحتكار والاستغلال الذي يحدث للمزارعين. داعياً إلى منع قطف الموسم قبل نضوجه وتخزينه وتخميره فيما بعد.
وتتركز زراعة الليمون في المناطق الساحلية "اللاذقية طرطوس" بشكلٍ كبير، ويبلغ عدد أشجارها نحو 14 مليون على امتداد 43 ألف هكتار بإشراف 100 وحدة ارشادية. ويعمل بهذه الزراعة قرابة 57 ألف عائلة في 357 قرية يعتمدون عليها بشكل أساسي في معيشتهم.
وأمام ارتفاع أسعار كافّة المواد الاستهلاكية والليمون منها لم يتبق على المواطن السوري سوى الّلجوء إلى "حمض الليمون" الذي يُباع الكيلو الواحد منه بين 2500 ليرة و3500 ليرة سورية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 5