2020.04.09 - 11:32

هناك طرفة يرويها كثيرون ومضمونها: ان أميركا غزت العراق بحثا عن اسلحة دمار شامل، لكنها لم تغزو كوريا الشمالية لانها تملك اسلحة دمار شامل.

ومع ان الطرفة، هي مجرد سخرية من السياسات الاميركية لكن بالتأكيد يعرف الايرانيون معناها. فلماذا حرم اذا المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية السلاح النووي صناعة واستعمالا وهو السلاح الوحيد الذي يضمن بان لا تهاجم بلاده واشنطن اذا ما امتلكته.

اداء الاميركيين في السنوات التي تلت غزو العراق الى يومنا هذا تشير الى حقيقة واحدة وهي ان الولايات المتحدة تتصرف تجاه ايران وكأنها تمتلك قنبلة نووية ولديها قدرة الرد على اي ضربة اميركية مماثلة.

جورج بوش هدد الايرانيين بضربة نووية بلسان بعض الانجيليين المتحالفين معه. بل ان احد زعماء الكونغرس الجمهوريين دعا لضرب ايران بقنبلة نووية.

ولم يحصل ذلك بل ان جورج بوش ومن تلاه قرروا جميعا تجنب ايران كما يتجنبون كوريا الشمالية فما الذي تملكه ايران ويردع اميركا؟؟

في سياق أحر،  تقوم الاجهزة الاميركية منذ المواجهة النارية بين الصواريخ الايرانية وقاعدة عين الاسد في الأنبار فجر الثامن من الشهري الحالي بشن حملة تهويل نووية ضد ايران. وقد عمدت تلك الاجهزة الى تسريب روايات هوليوودية ضد الشعب الايراني وضد القادة الايرانيين. والقصة هذه المرة تستند على ما يروج له الجميع من ان دونالد ترامب " مجنون" ولن يتورعن عن استخدام القنابل النووية ضد ايران.

مناورات وسيناريو اميركي هوليوودي
وبحسب نيوزويك يقول قائد القيادة الإستراتيجية الأميركية الأدميرال سيسيل دي هاني إن المناورات السنوية المتعلقة بمحاكاة توجيه ضربة نووية لإيران "اختبار لقواتنا من خلال مجموعة من السيناريوهات الصعبة، وهو يثبت سلامة وأمن وفعالية واستعداد الردع الإستراتيجي".

وتقول مجلة نيوزويك إن أميركا تملك سلاحا نوويا جديدا يسمى "دبليو 76-2"، وتضيف أن وجود هذا السلاح يزيد من خطر احتمال استخدامه من قبل ترامب ضد إيران، رغم عدم الإعلان الصريح عن هذا الأمر.

وتقول مصادر عسكرية أميركية معنية مباشرة بالتخطيط للحرب النووية إنه لم يحدث أي تغيير رسمي في خطط الحرب فيما يتعلق بإيران في ظل إدارة ترامب، لكن نشر ما يقولون إنه السلاح "أكثر قابلية للاستخدام" يغير حسابات سيناريو الحرب النووية.

 

وتضيف النيوزويك قائلة" المسؤولون العسكريون الأربعة، متفقون أن نشر الرؤوس النووية الجديدة لصاروخ "ترايدنت2" يهدف صراحة إلى جعل التهديد بضرب إيران بالسلاح النووي أكثر مصداقية.

ويجادل المسؤولون الأربعة بأن القدرة النووية الجديدة التي تمتلكها أميركا يجب أن تدفع طهران إلى أن تتريث وتتأمل في الأمر قبل أن تفكر في أي هجوم كبير على الولايات المتحدة أو قواتها.

لكنهم أربعتهم يضيفون أن هناك عاملا يؤثر على قرار توجيه ضربة نووية، ويتمثل في شخصية دونالد ترامب.

ويشير وليام أركين وهو كاتب مرتبط بالمخابرات الاميركية ويسرب قصصا خيالية تفيد مصالح الامن الاميركي "  إلى امتلاك الولايات المتحدة أسلحة نووية جديدة صغيرة يمكن حملها عبر صواريخ باليستية دون الحاجة لقاذفات القنابل".
ويضيف الكاتب أنه في الوقت الذي يستغرق فيه الصاروخ الباليستي في مناورات "غلوبال ثاندر" 11 ساعة ليقطع المسافة من قاعدة عسكرية بولاية ميسوري وسط أميركا إلى إيران أو كوريا الشمالية، فإن صواريخ أخرى قد تستغرق 30 دقيقة أو حتى 10 إلى 15 دقيقة في حال إطلاقها من غواصات أميركية.

ويقول الكاتب "بما أن خطط الحرب النووية الحالية قد تمت كتابتها، فإنه يمكن أيضا تبرير استخدام مثل هذه الأسلحة التي تشبه ما جرى استخدامه ضد مدينة هيروشيما اليابانية إبان الحرب العالمية الثانية، مسببة صاعقة رعدية مفاجئة، وذلك لإحباط حرب شاملة أوسع وأكثر تدميرا من الناحية النظرية".

ماذا يمكن للمرء ان يقوله رداً على هذه الحرب الاميركية النفسية؟؟

المنطق يقول بما ان الاميركيين لم يضربوا ايران حتى الان بقنبلة نووية " جديدة" فهذا معناه ان لديها شيء تستطيع من خلاله ردع الاميركيين. هل اشترت ايران صواريخ نووية مثل تلك التي نسي قائد قاعدة روسية في التسعينيات نزعها من غواصة نووية باعها لحسابها الشخصي بمئة مليون دولار لمافيا مخدرات كولومبية كانت تريد استخدامها في في تهريب المخدرات الى الولايات المتحدة؟؟

القصة التي يرويها الاميركي عن ضرب ايران ليست منطقية وهي تهويل محترف يخيف البسطاء ويخيف الشعوب ولكنه لا يخيف اي سلطة عاقلة لان الاميركيين ليسوا من النوع العطوف ولا يتوروعون عن قصف عدوهم باشد الاسلحة فعالية حتى النووية منها اذا كان العدو ضعيفا ورافضا للاستسلام. لكن يبدو من حرص الاميركيين على عدم الرد على ضربة عين الاسد التي وجهتها اليهم طهران وكذلك يبدو حرصهم على عدم اشعال حرب ضد ايران بمثابة اقرار اميركي موثق بأن اعظم قوة في العالم لا تملك ترف شن حرب على دولة  تمثل قوتها صفر من  مئة الف من حجم القوة الاميركية النووية.

ما الذين منع الاميركيين من قصف صحراء طبس بقنبلة نووية للتخويف؟

لماذا لا تقصف قم او طهران بقنبلة مثيلة لقنبلة ناغازاكي او هيروشيما؟

هل تخشى واشنطن غضبة الامم المتحدة وقرارت مجلس الامن؟ ما القته على العراق يعادل خمسة قنابل نووية من تلك التي القتها على اليابان. وعدد من قتلتهم اميركا في حروبها الاخيرة على العراقيين والافغانيين مهول لدرجة لا يصح معها اعتبار ان الادارة تملك ذرة انسانية.

اذا ما المانع؟؟

من المفيد التذكير ان ايران حصلت بحسب اعتراف الاميركيين على تقنيات نووية قبل ان تطور معرفتها بهذا العام عبر علاقات مالية مع كل من باكستان وكوريا الشمالية.

وكانت  المخابرات الاميركية نفسها التي تهول على ايران الان هي من سرب قصصا خيالية عن  ان " الايرانيين اشتروا اسلحة بكميات مهولة كما اشتروا خدمات علماء روس واوكرانيين حين انهار الاتحاد السوفياتي وانها ربما، ربما حصلت على رأس او رأسيين نووين من السوفيات بعد انهيار دولتهم"

في فيلم موثق عن عملية قام الاف بي اي سميت عملية " اوديسا" تروي " نتفليكس" عبر شريط يحمل الاسم نفسه كيف كادت مافيا كولومبية تحصل على غواصة نووية بصواريخها التي نسيها ان يفكها من الغواصة قائد قاعدة بحرية للغواصات السوفياتية في بداية التسعينيات.

والقصة الموثقة والحقيقية والتي نظرت فيها المحاكم الاميركية تتحدث عن عملية مافياوية كادت تنجح لولا خيانة احد وسطاء المافيا الكولومبية لارترابه. فتصوروا ماذا يمكن لايران الدولة النفطية الثرية التي تملك اجهزة امنية ذات فعالية ورثتها عن الاجهزة الشاهنشاهية ان تفعله لو كانت قد ارادت الحصول على رؤوس نووية من الاتحاد السوفياتي الذي انهار وترك عشرات الاف الصواريخ في قواعد فارغة من السيطرة ومتخمة بالاسلحة النووية.

هل لدى ايران قنابلة نووية مستوردة؟

الايرانيون يقولون لا، ومرشدهم يحرم استعمال وصناعة السلاح النووي، فهل ذكر انه يحرم شرائها وخزنها؟؟

يبدو ان الاميركيين مقتنعون بان ايران قوية لدرجة انهم لا يجرؤون على ضربها بقنبلة نووية والا ما احتاجوا لنيوزويك لكي تهول وتكذب وتبالغ.