حرب غزة والمعارضين لنتياهو, واحتمالات الحرب الأهليَّة

خاص آسيا

2024.05.07 - 10:05
Facebook Share
طباعة

  

          عسكريَّا, أشارت العديد من المراكز البحثيَّة, إلى وجود تيارات معارضة لنتنياهو وسياسته اتجاه حرب غزَّة[1], وتُنذر تلك التيَّارات بحرب أهليَّة في إسرائيل, نتيجة الانقسامات والاصطفاف, وتضم تلك التيَّارات, كل أطياف المجتمع في إسرائيل, عسكري, وأمني مخابراتي, وآخر مدني سياسي, فأشارت "الواشنطن بوست", إلى أعضاء جماعة "إخوة وأخوات السلاح"، وهي مجموعة من جنود الاحتياط والمحاربين القدامى الإسرائيليِّين المعارضين لسياسات الحكومة اليمينيَّة المتطرِّفة في إسرائيل, التي يقودها نتنياهو, وهي تعمل ما في وسعها لإسقاط حكومته, عبر الدعوة المستمرَّة لانتخابات نيابيَّة مبكرة[2]، وتحدَّث "غي زيف", أستاذ مساعد، في كليَّة الخدمة الدوليَّة بالجامعة الأمريكيَّة, "عن موقف الكتلة العسكريَّة المناهضة لنتياهو في إسرائيل, والتي سمِّيت "حزب الجنرالات", والذي تشكَّل حديثاً, لكنَّهم فشلوا حتى الآن من إنشاء كتلة وسطيَّة غير أيديولوجيَّة جديدة تحل محل كتلة نتنياهو اليمينيَّة الحاكمة, ومن أبرز أعضاء هذا التكتل ثلاثة رؤساء سابقين للجيش الإسرائيلي, "بيني غانتس، وغابي أشكنازي"[3], وموشيه يعلون, الذي أسَّس حزب "تلم", "تنوعا ليئوميت مملختيت", المعارض لنتنياهو بشدَّة[4], ومن المنتقدين في الجيش "نوعام تيبون"، وهو لواء عسكري متقاعد, حيث قال في أحدى تصريحاته: "نحن الأشخاص الذين كانوا هناك، وخضنا كل الحروب, لقد قرَّرنا أنَّه يجب أن يكون هناك صوت قوي وأخلاقي وواضح, يدعو ويعمل على وقف عمليَّة تدمير البلاد", ومن بين الأسماء البارزة العسكريَّة أيضاً, رئيس الأركان العسكري ووزير الدفاع السابق "موشيه يعالون" ومدير الشاباك السابق "كارمي جيلون"، حيث قالت "عيديت شافران جيتلمان"، الباحثة البارزة في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي، إنَّه رُغم أن مسؤولي الأمن السابقين ظلوا في الماضي بعيدين عن الصراع السياسي إلى حد كبير، إلا أنَّ هذه أيام استثنائيَّة هم يشاركون في تشكيل إسرائيل جديدة خالية من نتنياهو, كذلك قال "أمير أفيفي"، رئيس ومؤسِّس مُنتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي، وهو مجموعة متشدِّدة من ضباط الجيش السابقين، إنَّ "الجنرالات" مهووسون بسقوط نتنياهو ويسيئون استخدام مؤهَّلاتهم الأمنيَّة, لتعزيز رسالة سياسيَّة قد تضر في حد ذاتها بأمن إسرائيل, ويُعتبر "جادي آيزنكوت"، قائد الجيش السابق، أحدث علامة على الخلاف بين كبار المسؤولين الإسرائيليِّين حول اتجاه الحرب ضد حماس، وفي تصريحاته العلنيَّة حول مسار الحرب، يقول آيزنكوت إنَّ الادعاءات بإمكانيَّة إطلاق سراح عشرات الرهائن بوسائل أخرى غير وقف إطلاق النار هي بمثابة نشر "أوهام", ما اعتبر انتقاد ضمني لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفي انتقاد مستتر لنتنياهو، قال آيزنكوت أيضا أنَّ القرارات الاستراتيجيَّة بشأن اتجاه الحرب, يجب أن يتم اتخاذها بشكل عاجل, وأنَّ النقاش حول "نهاية اللُّعبة" كان يجب أن يبدأ مباشرة بعد بدء الحرب[5], في تهديد مبطن بحرب أهليَّة ستندلع إن استمر نتياهو بالسلطة.
          أمنيَّا, أشارت العديد من مراكز الأبحاث, عن خلاف "خطير" بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورؤساء الأجهزة الأمنيَّة حول مسار الحرب في قطاع غزة, حيث كانت الخلافات حول "صفقة الرهائن، ومسألة اليوم التالي للحرب، والعمليَّة العسكريَّة في رفح، وحرب الاستنزاف في الشمال "في إشارة للمواجهات مع حزب الله"، وميزانيَّة الدفاع المخصَّصة لحرب غزة[6], كما أنَّهم لم يتركوا مناسبة, لم يتحدَّثوا فيها عن احتمال نشوب حرب أهليَّة, بسبب سياسة نتنياهو, ومن أهم المعارضين, وزير الدفاع "يوآف غالانت"، ورئيس الأركان "هرتسي هاليفي", حيث كانت حرب غزة الموجة الثالثة للخلاف الحاد والمواجهة بين نتنياهو والمؤسَّسة الأمنيَّة, وبدأ نتنياهو يتعرَّض لانتقادات من كبار الأمنيِّين والمخابرات, منهم رئيس الموساد "مئير داغان", وأشير إلى أنَّ نتنياهو فقد ثقته في جدوى إجراءات الموساد السريَّة, وكان حيث قد أمر القوَّات الجويَّة بالبدء في التدريب لتوجيه ما كان يعتقد أنَّه سيكون بمثابة ضربة قاضية لطموحات إيران النوويَّة, وردَّاً على ذلك، استدعى داغان الصحفيين إلى مقر الوكالة, واتهم نتنياهو علنا ​​بقيادة البلاد إلى كارثة, وقال داغان، وفقاً لكتاب Rise and Kill First، للمؤلف "رونين بيرجمان"، "إنَّ انتخاب شخص ما لا يعني أنَّه ذكي" في أشارة إلى نتيناهو, حيث كان رئيس الموساد "مئير داغان" معارضاً للغاية لخطة نتنياهو لمهاجمة إيران في عام 2011م، المرَّة الثانية التي تصادم فيها نتنياهو مع قادته الاستخباراتيِّين والعسكريِّين حدثت بعد فترة وجيزة من إعادة انتخابه في أواخر عام 2022م، عندما أعلن ائتلافه المكون من الأحزاب الدينيَّة اليمينيَّة المتطرِّفة والأرثوذكسيَّة, عن خطته للحد من سلطة المحكمة العليا الإسرائيليَّة، الأمر الذي من شأنه إزالة السلطة, وكمؤشِّر عن التوتر مع الموساد, ضمَّت الاحتجاجات التي استهدفت نتنياهو, والتي هدَّدت بحرب أهليَّة, مجموعة تضم أكثر من 180 من كبار المسؤولين السابقين من الموساد والشين بيت والجيش والشرطة, وأعلنوا أنَّ سياسات نتنياهو كانت أكبر تهديد لمستقبل البلاد ورفاهتها, وقال "تامير باردو"، الرئيس السابق لجهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد: "لقد اعتدنا على التعامل مع التهديدات الخارجيَّة", "مررنا بحروب وعمليَّات عسكريَّة وفجأة أدركت أنَّ التهديد الأكبر لدولة إسرائيل هو تهديد داخلي", وبدوره وجَّه نتنياهو انتقاداته لرؤساء الأجهزة الأمنيَّة, لعدم تحذيره حول حرب غزة, وفي 27 كانون الثاني, أرسل أكثر من 40 من كبار مسؤولي الأمن القومي الإسرائيلي السابقين والعلماء المشهورين, وقادة الأعمال البارزين رسالة إلى الرئيس الإسرائيلي ورئيس البرلمان يطالبون فيها بإقالة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من منصبه, لطرحه ما يقولون إنَّه تهديد "وجودي" للبلاد، حسبما ذكرت شبكة سي إن إن[7], ومن المعارضين الاستخباراتيِّين لنتنياهو "عوزي أراد"، الذي كان رئيس مجلس الأمن القومي في عهد نتنياهو في الفترة من 1997 إلى 1999م, وفي الفترة من 2009 إلى 2011م، وهو ليس ناقدًا مفاجئًا لأنَّه انقلب على نتنياهو عندما دخلت القضيَّة 3000، "قضيَّة الغوَّاصات"، إلى المجال العام[8], ومن المعارضين "تامير باردو"، الرئيس السابق لجهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد، فبالنسبة له, ولعشرات قادة الأمن الإسرائيليِّين السابقين، فإنَّ سياسات حكومة نتنياهو اليمينيَّة المتطرِّفة تمثِّل أكبر تهديد حتى الآن لمستقبل البلاد, ويهدِّد السلم الأهلي, وسيؤدي في نهاية المطاف لحرب أهليَّة[9], وأشارت وسائل إعلام إسرائيليَّة, أنَّه من بين 17 من كبار رؤساء الأجهزة الأمنيَّة والمخابرات الذين عملوا مباشرة مع نتنياهو خلال فترة وجوده في منصبه، انتقد ما لا يقل عن 13 منهم بشدَّة سياساته الرئيسيَّة, أو الاتجاه الذي يقود فيه البلاد.
          أمَّا المعارضون المدنيُّون من المؤسَّسات الدينيَّة والفكريَّة, كان هناك الكثير من الهجوم على نتياهو, آخرها ما قاله المؤرِّخ الإسرائيلي المشهور عالميَّا "يوفال نواح هراري" :"لقد حان الوقت لإيقاف حكومة نتنياهو", كذلك يقول الكاتب "أفيل شنايدر" في "Israel today", إنَّ إجراءات نتنياهو, فيما يتعلَّق بالإصلاح القضائي, هدَّدت إسرائيل بحرب أهليَّة, حيث أدى الإصلاح إلى انقسام المجتمع الإسرائيلي أكثر من اللازم، كذلك كانت لسياسته دافع لانقسام ديني, مهدِّد بمواجهات وحرب أهليَّة, فالأرثوذكس الأشكناز "ممثلين بـ UTJ", اتجهوا للتصويت ضد مشاريع القوانين الأحاديَّة الجانب للإصلاح القضائي, ومن ناحية أخرى، تحدَّث "حزب شاس" السفارديمي لصالح الإصلاح القضائي, وأكَّد رئيس الحزب "أرييه درعي"، أنَّه شريك نتنياهو وسيدعم إصلاحه للمحاكم, وهناك أيضًا مخاوف من أن يؤدي مشروع القانون، بصيغته الحاليَّة، إلى إثارة جولة جديدة من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك بين ناخبي الليكود اليمينيِّين في الائتلاف, وعلى نتنياهو الآن أن يختار بين الخدمة العسكريَّة الإجباريَّة لطلاب المدارس الدينيَّة، أو الإصلاح القضائي, وفي كلتا الحالتين فإنَّ حكومته قد تسقط، إمَّا لأنَّه سيرفض تنظيم تجنيد الحاخامات، أو لأنَّه سيوقف الإصلاح القضائي[10], ومن أبرز المعارضين السياسيِّين لنتنياهو, "إيهود باراك", وقال "آرون ديفيد ميلر", تعرَّض باراك للتهميش, ولم يكن باراك يتحدث عن نفسه فقط عندما هاجم نتنياهو بهذه اللهجة القويَّة[11], ومن أبرز المعارضين السياسيين لنتنياهو أيضاً "آفي غباي"، وهو الزعيم الجديد للمعارضة الإسرائيليَّة، فوفقاً لكلام غباي "نتنياهو يعتمد سياسة تعزّز مكانته كرئيس حكومة من دون أي جهد لحل مشاكل المواطنين والدولة, ويعتمد على الشعارات, ويخاف من المتطرفين في حزبه وفي حزب "البيت اليهودي"، حليفه اللَّدود, ويرضخ لإملاءات مجموعة ضيقة من المتطرِّفين, ويمس بالقيم الليبراليَّة والديمقراطيَّة بلا حساب, كذلك يضعف سلطة القانون ومحكمة العدل العليا, ويسنّ قوانين لا ديمقراطيَّة, ويعجز عن تقديم مبادرات لتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والإسرائيلي العربي, ويضيع فرصة إقامة سلام إقليمي, ويدير الدولة وسط أساليب فساد، فالمقربون يتولون الوظائف الكبرى والمصيريَّة, وليس أصحاب القدرات المهنيَّة, إسرائيل تحت حكم نتنياهو، هي ليست إسرائيل التي حلم بها هرتسل وقادها بن غوريون ودفع شعبنا ثمنا باهظا حتى رأيناها تقوم وتتطور, وهذه ليست إسرائيل التي يريدها الجيل الجديد, نتنياهو يجب أن يذهب إلى البيت[12], وبالتالي هناك احتشاد عسكري أمني وسياسي مدني ضد نتنياهو, وقراراته واستراتيجيَّته لحرب غزة, ووفقا لمحلِّلين سياسيِّين؛ يسود اعتقاد واسع بأنَّ نتنياهو يدير هذه الحرب بدوافع سياسيَّة شخصيَّة، ولا يتهمه خصومه بالإخفاق فقط في تحقيق أي من أهدافها, بل بالوقوع أيضا رهينة لوزراء اليمين المتطرِّف الذين يشتري بقاءهم بجواره بأي ثمن, حتَّى لا تَنهار الحكومة التي تشير استطلاعات رأي إلى تراجع شعبيتها[13].
 


[4] - https://www.palestine-studies.org/ar/node/1650191
[5]-         https://apnews.com/article/israel-hamas-war-news-1-19-2024-e5f45fb7b14d3dc8ff64b0aee4b473aa
[12]- https://aawsat.com/home/article/974571/
[13] - https://gazanews.ps/?p=25884
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 4