المناطق الثلاث.. فدرلة مقنعة ودمشق تلوح بالعصا

سفيان درويش

2024.05.02 - 10:27
Facebook Share
طباعة

تكشف معلومات أن مبادرة المناطق الثلاث (أعزاز في ريف حلب - القريا في السويداء - درعا البلد)، والتي أطلقت كمشروع معارض جديد من الداخل السوري، تحظى بدعم غير معلن حاليا من عدة دول على رأسها "فرنسا"، التي صيغت المبادرة في أراضيها من قبل "مالك ابو الخير"، متزعم من يسمى "حزب اللواء السوري"، مع مجموعة من الشخصيات، كما تدعم من قبل إسرائيل من خلال الدعم المالي المقدم لما يسمى بـ "المعارضة"، في السويداء عبر الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز المعين بقرار من تل أبيب "موفق طريف"، كما إن المبادرة تحظى بمباركة أمريكية لكونها تعيد طرح "فدرلة سورية"، على الطاولة بطريقة غير مباشرة، وعلى إنها مطلب من المعارضة السورية لا من القوى الخارجية المتدخلة في الملف السوري.


مصادر قريبة من "قوات سورية الديمقراطية"، تقول لـ وكالة أنباء آسيا، أن ترحيب المجلس السياسي لـ قسد (مجلس سورية الديمقراطية)، بالمبادرة، جاء من محاولة الالتفاف على الجمود السياسي الذي تعيشه قسد داخليا منذ تشكلها، ومحاولة منها لإيجاد موطئ قدم بين القوى المعارضة بعد سنوات من رفض الجميع التعامل مع قسد، كما إن الأخيرة بوصفها "سلطة أمر واقع"، في الشمال السوري تحاول أن تستبق الأمور وتكون هي من يرحب بالمبادرة ويسعى للانضمام إليها قبل أن تكون مستهدفة من المبادرة ذاتها إذا ما كانت نية القائمين عليها استقطاب قوى معارضة لـ قسد ذات المشروع الانفصالي الهوى، وعلى أساس المشاورات مع فريق وزارة الخارجية الأمريكية المقيم بشكل دائم في قاعدة الاحتلال الأمريكي بالقرب من قرية "هيمو"، غرب القامشلي، جاء موقف قسد إيجابيا من المبادرة، وفقا لما تؤكده المصادر الكردية.


هناك مخاوف لدى القائمين على المبادرة من الاصطدام مع القرار التركي شمالاً، فالمبادرة تهمش الائتلاف المعارض، وتتوسع دائرة المنضمين إليها من القوى السياسية التي لا تقبل بالائتلاف ممثلا حصريا عنها، وبالتالي من الطبيعي أن يكون هناك رد فعل من قبل الأتراك لضمان بقاء بيادقهم السياسية في واجهة الحدث السوري وعدم الاستعاضة عنهم بأي قوة جديدة، وهذا ما يضمن لـ تركيا مواصلة مشاريعها في الشمال السوري من تغيير ديموغرافي لزراعة الموالين لها جنوب حدودها مع سورية لتشكيل طوق آمن بالنسبة لها، ومحاربة للفصائل الكردية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، وهذا ما قد يدفع تركيا لتحريك الفصائل المسلحة الموالية لها لتفكيك أي محاولة لتقوية نفوذ المبادرة شمالا.
انسحاب الشيخ "أحمد الصياصنة"، الذي كان خطيبا للمسجد العمري في درعا من المبادرة بعد توقيعه عليها، يعكس موقف الإسلاميين من فكرة العلمانية في سورية، ورفض التيارات المتشددة مثل الإخوان المسلمين وسواها من أي طرح يغلف نفسه بفكرة العلمانية والتعددية السياسية، فـ "الصياصنة"، الذي كان له دور كبير في بداية الحدث السوري لا يمثل نفسه حتى وإن ادعى الاستقلالية، بل يعكس موقف اليمين المتطرف، وهذا يدلل على ماهية الموقف المحتمل من القوى المنتشرة في إدلب وشمال غرب سورية من مبادرة المناطق الثلاث.

 

المبادرة التي من شأنها أن تعيد طرح فكرة فدرلة سورية وتقسيمها لأقاليم شبه مستقلة، تخدم مشروعا إسرائيليا - أمريكيا، ينهي أي دور فاعل لسورية في المنطقة، ويحقق لتل أبيب ما تريده من ضمان إخماد الجبهة السورية بشكل نهائي وبدون حرب، مستفيدة من مجموع الشخصيات التي تعمل لصالح تل أبيب من قادة المسلحين في درعا والقنيطرة، ومن علاقات موفق طريف مع قوى وشخصيات سياسية ودينية في السويداء، والتفاعل الذي أحدثته المبادرة مع قوى سياسية أو شخصيات تُحسب على الساحل السوري، ما هي إلا نتاج الجهد الأمريكي الذي يُبذل لإعادة الملف السوري إلى النقطة الأولى، بخلق قوى سياسية من العدم، تنادي بما تريده واشنطن، ومن الطبيعي أن يحدث الأمر رد فعل في وسائل الإعلام الناطقة بالعربية للتعريف والترويج للمبادرة على إنها مشروع سلمي، يحافظ على علمانية البلاد والتعددية السياسية فيها.


رد فعل دمشق لم يكن باردا هذه المرة، فالتعزيزات العسكرية التي نقلت لـ السويداء التي انطلقت منها المبادرة يحمل عدة رسائل، أولها التلويح بالعصا للقائمين على المبادرة، والأهم هو الرسالة التي تتلقاها الفصائل المساحة غير المنضبطة في محافظة السويداء بأن صبر دمشق بدء بالنفاذ على ممارساتها من مهاجمة المقار الحكومية وخطف العسكريين وما إلى ذلك من محاولات استفزاز الحكومة، وعليه فإن دمشق تدرك تماما خطورة أن يتم إشعال الجنوب مرة أخرى، وخطورة محاولات دس السم في العسل من خلال مبادرات تغلف نفسها بالمطالب الشعبية والعلمانية، فأول ما حدث خلال العام ٢٠١١ أن بعضا من الأصوات طالبت بالحريات، ليجد السوريين أنفسهم بعد فترة وجيزة جدا أمام مواجهة مفتوحة مع التنظيمات المتطرفة التي تلغي فكرة الحريات لتحل مكانها شريعة القتل لمن لا يقبل بشريعتها أيا كان موقفه السياسي. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 4