على عكس عمليات التسليم السابقة التي تمت في جنوب قطاع غزة، فاجأت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- مساء الأحد الماضي، إسرائيل خلال تسليمها الدفعة الثالثة من الأسرى الإسرائيليين المدنيين وعددهم 13، من شمال القطاع وتحديداً في قلب مدينة غزة، حيث تم نقلهم إلى الصليب الأحمر في ميدان فلسطين المعروف محلياً بـ"الساحة" في شارع عمر المختار.
هناك، احتشد فلسطينيون مدنيون وعشرات العناصر الملثمين من كتائب "القسام" الذين انتشروا في المكان.. فما دلالة هذا المشهد؟ وما الرسائل أرادتها "حماس" من خطوتها تلك؟
1- "نحن المسيطرون هنا"
تعد المنطقة التي انتشرت فيها كتائب القسام وقامت بشبه استعراض عسكري فيها خلال تسليم الأسرى الإسرائيليين للصليب الأحمر، منطقة عمليات عسكرية برية للجيش الإسرائيلي وتم التوغل فيها.
ووفقاً للجيش الإسرائيلي، فإن "حركة حماس لم تعد تسيطر على هذه المنطقة، بحسب ما نقلته صحيفة "يديعوت أحرنوت"؛ لكن ما حصل خلال عملية تسليم الأسرى يقدم رسالة قوية إلى الجيش والجمهور الإسرائيلي أن حركة حماس وكتائبها القسام لا تزال متواجدة في المناطق الشمالية من القطاع وقادرة على المناورة والتحرك بأريحية كبيرة في تلك المنطقة، بعد 50 يوماً من الحرب.
وفي هذه المناطق جابت الدبابات والآليات العسكرية للاحتلال مرات عديدة، إلا أنّه في كل مرة تتقدم فيها، كانت تتكبد خسائر على يد مقاتلي القسام كما أظهرت العديد من مقاطع الفيديو التي نشرتها "حماس".
2- رسالة تحدٍّ شخصية لنتنياهو
في الوقت نفسه، انتظر رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو دخول الهدنة ووقف إطلاق النار في غزة، كي يزور قواته المتمركزة في بعض المناطق شمال القطاع يوم الأحد، حيث ظن الجيش الإسرائيلي أن حماس فقدت السيطرة على هذا الجزء من القطاع، أو هكذا كان يخيل لقادة الاحتلال.
لذلك، أرادت حماس الرد سريعاً على نتنياهو وتسليم الأسرى الإسرائيليين من شمال القطاع وفي منطقة وقعت بها معارك وجهاً لوجه بين الجيش الإسرائيلي وكتائب القسام قبل أيام، بالتالي هي رسالة قوية إلى نتنياهو شخصياً مفادها أن حماس لا تزال تسيطر على الوضع هنا وليس كما تعتقد أنت وقادة جيشك.
3- "جنودكم لا يزالون في قبضتنا"
رسالة أخرى أرادت القسام إيصالها، اختارت كتائب القسام تسليم الأسرى الإسرائيليين بالقرب من نصب تذكاري يسمى "قبضة المقاومة"، يظهر فيه قبضة يد تلتف حول سلسلة، تمسك بقلائد لجنود إسرائيليين أسرتهم المقاومة الفلسطينية خلال الهجوم الإسرائيلي على القطاع في عام 2014. وتشير إحدى القلائد إلى اسم الجندي الإسرائيلي "شاؤول أرون" ورقمه العسكري، بينما تحمل البقية علامات استفهام.
وأقامت كتائب القسام، هذا النصب في عام 2015، أي بعد عام من الحرب، وذلك في إشارة إلى إنجازات الفصيل الفلسطيني في أسر ومبادلة المحتجزين الإسرائيليين لديها مقابل الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وشاؤول آرون جندي أسرته كتائب القسام من داخل دبابته في حي الشجاعية شمال شرق القطاع خلال حرب "العصف المأكول" عام 2014، خلال تلك العملية استدرجت القسام عدداً من جنود الاحتلال، وقتل فيها أيضاً 14 جندياً إسرائيلياً، في ضربة وصفها الجيش الإسرائيلي حينها بالقاسية.
وتحتفظ حركة حماس قبل معركة "طوفان الأقصى" بـ4 أسرى إسرائيليين، بينهم جنديان أُسرا خلال الحرب على قطاع غزة صيف عام 2014، أما الآخران فقد دخلا القطاع في ظروف غير واضحة، وكانا خدما في الجيش الإسرائيليّ سابقاً قبل أن يتم تسريحهما، ولا تفصح الحركة عن مصير المحتجزين الأربعة ولا يعرف مكان احتجازهم.
وفي السابع من تشرين الأول زادت كتائب القسام غلتها من الأسرى العسكريين الإسرائيليين، حيث كشفت أن بين عشرات المأسورين لديها يوجد ضباط كبار من فرقة غزة التابعة للجيش الإسرائيلي، حيث تسعى حماس لتبييض السجون الإسرائيلية ومبادلة هؤلاء بآلاف الأسرى الفلسطينيين.
4- الحاضنة الشعبية في غزة لا تزال تلتف حول المقاومة
كتائب القسام سلمت الدفعة الثالثة من الأسرى الإسرائيليين والمحتجزين الأجانب للجنة الدولية للصليب الأحمر، في مشهد جماهيري حاشد ولافت تحول إلى احتفاء بالمقاومة كما أظهرت مقاطع فيديو نشرها إعلام القسام.
حجم الاحتشاد الشعبي والهتاف للمقاومة والتلويح للمقاتلين وتقبيلهم في "ساحة فلسطين" في رسالة أخرى للاحتلال والولايات المتحدة الأميركية أيضاً، تؤكد أن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وتحديداً مناطق الشمال حاضرون صامدون في أرضهم ويلتفون حول المقاومة ويدعمونها، على عكس ما أراد الإعلام الإسرائيلي ترويجه خلال الأسابيع الماضية.