فشلت الحركة المدنية الديمقراطية، التوافق حول دعم مرشح واحد يعبر عن المعارضة المصرية في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فعلاوة على إعلان المعارض المصري البارز أحمد الطنطاوي رئيس حزب الكرامة سابقًا نيته الترشح للانتخابات، فقد قرر فريد زهران رئيس حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي أحد مكونات الحركة المدنية خوضه الانتخابات الرئاسية، كما أعلنت جميلة إسماعيل رئيسة حزب الدستور أحد مكونات الحركة المدنية استعدادها لخوض الانتخابات الرئاسية.
ومنذ إعلان زهران وجميلة عن نيتهم الترشح للانتخابات الرئاسية، توالت ردود أفعال النشطاء والسياسيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبر بعضهم أن المعارضة تعيد نفس أخطاء الماضي بعدم الاتفاق حول مرشح واحد في الانتخابات القادمة في إشارة إلى أول انتخابات رئاسية أجريت عقب ثورة يناير عام 2012، وخاضها المعارضون البارزون حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح، وفشلت حينها المعارضة أيضًا في التوافق حول مرشح واحد، الأمر الذي يرى فيه البعض أنه أضعفَ فرصة المعارضة في الفوز بالانتخابات الرئاسية، لينتهي الأمر بفوز مرشح الإخوان " محمد مرسي".
من جهته يرى مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أحد أعضاء الحركة المدنية الديمقراطية، أن عدم تكتل المعارضة في الوقت الراهن خلف مرشح واحد في الانتخابات سيضعف فرص المنافسة، بما يصب في صالح المرشح المنافس الرئيس عبد الفتاح السيسي (حال خوضه السباق الرئاسي).
وأوضح الزاهد أن الحركة المدنية ستعقد اجتماعًا الأحد أو الاثنين المقبل للتباحث حول ملف الانتخابات الرئاسية سواء فيما يتعلق بالمرشحين الذين يعتزمون الترشح، فضلا على ضمانات إجراء هذه الانتخابات.
وأضاف رئيس حزب التحالف الشعبي، أن المحاولة التي تجري حاليًا داخل الحركة المدنية هي بحث فكرة التوافق حول مرشح واحد نرى أنه أكثر حظًا في المنافسة بالانتخابات، ولا بد من أن تتكتل المعارضة كلها خلفه.
وأشار إلى أنه في حال عدم توافق الحركة المدنية على مرشح واحد وتعدد المرشحين، لا بد أن يكون هناك التزام بالإطار البرنامجي الخاص بالحركة الذي ستقدمه بشأن هذه الانتخابات.
واختتم الزاهد قائلًا: "إذا كان هناك أكثر من مرشح من الحركة في الانتخابات لا بد أن يكون هناك اجتماعات معهم ويتم إقناعهم بالتنازل لمن هو أوفر حظًا لخوض هذه المنافسة، لأن هذا هو وقت توافق المعارضة لتعزيز حظوظها في هذه الانتخابات".
ويعتبر فريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي ممثلًا للتيار اليساري، والنائب السابق أحمد الطنطاوي ممثلًا للتيار الناصري، أما جميلة إسماعيل رئيسة حزب الدستور فهي تمثل التيار الليبرالي.
في المقابل طالب، هيثم الحريري، البرلماني السابق، وعضو المكتب السياسي بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، المرشحين الرئاسيين المحتملين والمحسوبين على الحركة المدنية، بالتضامن معًا لتحقيق أكبر قدر ممكن من النزاهة في العملية الانتخابية المنتظر الإعلان عن جداولها الرسمية منتصف الأسبوع المقبل، وفقًا لمؤتمر صحفي عقدته الهيئة العليا للانتخابات.
وعبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، وتحت عنوان "إلى المرشحين المحتملين المحسوبين على الحركة المدنية”، كتب الحريري “مع اقتراب انطلاق الانتخابات الرئاسية في مصر وفي ظل رغبة أكثر من مرشح محسوب على المعارضة الوطنية في خوض الانتخابات الرئاسية والذين يؤكدون على التزامهم بميثاق الحركة المدنية، فإنني أطالب الحركة المدنية وأحزابها والمرشحين المحتملين للرئاسة أن يتضامنوا معا ويعلنوا موقفًا واحدًا وطلبات محددة من أجل أن تتوفر أقصى الضمانات التي تحقق نزاهة وضمان جمع التوكيلات من المواطنين بدون أي تدخل من أجهزة الدولة في منح أو منع التوكيلات".
وأضاف هيثم الحريري "هذا الموقف الموحد للمعارضة الوطنية المصرية يجب أن يكون واضحا وصارما وملزما للجميع وأن أي تجاوزات أو تدخلات سيتم كشفها لجموع الشعب المصري".
وتابع "على الدولة أن توفر كافة الضمانات التي تحقق التواصل مع المواطنين وجمع التوكيلات في أمان ويسر، وأن تسمح للمرشحين بالتواجد الإعلامي منفردين ومجتمعين في وسائل الإعلام حتى يتسنى للمواطنين التعرف على برامجهم الانتخابية، وتكون هذه الخطوة مقدمة لمناظرة أخرى بين ممثل المعارضة وممثل السلطة بعد تخطي عتبة جمع التوكيلات".
واسترسل “يجب أن يتعهد المرشحون المحتملون التزامهم التام باتخاذ مواقف موحدة في مواجهة كل أشكال التجاوزات أو التدخلات من السلطة ضد أي منهم أو أعضاء حملاتهم أو مؤيديهم، بما في ذلك الانسحاب من العملية الانتخابية أو إعلان المقاطعة التامة للانتخابات”.
واختتم الحريري "في تصوري، إن إعلان الحركة المدنية موقفها النهائي من الانتخابات أو دعمها لأي من المرشحين المحسوبين على الحركة يكون بعد انتهاء مرحلة جمع التوكيلات، بناء على ما يحدث أثناء جمع التوكيلات والمناظرات وعدد التوكيلات التي يتحصل عليها كل مرشح وتقدير الفرص الحقيقية لمنافسة ممثل السلطة في الانتخابات الرئاسية".
في محاولة للتوافق والتي لم تحقق إلى الآن على أرض الواقع، اجتمع عدة أحزاب وشخصيات سياسية، في 11 أغسطس/آب الماضي، في مدينة العلمين بالساحل الشمالي المصري لبحث تكوين فريق رئاسي لخوض الانتخابات المقبلة.
واستعرضت رئيسة حزب الدستور جميلة إسماعيل، تفاصيل ما دار في الاجتماع في منشور على حسابها بموقع فيسبوك، وأوضحت مناقشة مبادرة لتكوين فريق رئاسي من المرشحين المحتملين في الأحزاب المدنية.
جاء هذا اللقاء مبادرة من رئيس حزب المحافظين أكمل قرطام، الذي لم يحسم موقفه من الترشح حتى الآن بعد مطالبته بذلك من المجلس التنفيذي لحزبه.
وبحسب مصدر من الحركة المدنية فضل عدم ذكر اسمه، فإن المبادرة كانت بهدف "جمع الاتجاهات المختلفة ورؤية من الأكثر حظًا ويتنازل له الآخرون ويعملون بعد ذلك ضمن فريق رئاسي معه، لكن حتى الآن لم تأتِ المبادرة بثمارها، ولم يتم التجاوب مع الفكرة".
الجدير بالذكر أن خلافًا كبيرًا نشب بين الناشر هاشم قاسم ووزير القوى العاملة سابقًا كمال أبو عيطة، الأمر الذي سيزيد من حالة عدم التوافق داخل الحركة، إذ كشف هذا الخلاف عن الصدع الكبير في الأفكار بين الأحزاب الليبرالية والأخرى اليسارية والقومية المشتركة معها في الحملة المدنية.
وشهدت الأزمة تشكيكا من كمال أبو عيطة في التيار الحر بشكل عام، حيث قال في تصريحات إعلامية: "التيار الليبرالي الحر أشم فيه رائحة أجندة أجنبية لوجود هشام قاسم، وأنا ضد أي تيار يستقوى بالخارج".
ليرد عليه قاسم بنشر خبر قبل سنوات يتطرق للذمة المالية لأبو عيطة، ما دفع الأخير بالتقدم ببلاغ، انتهى بالقبض على قاسم والحكم على ب6 أشهر حبس، الأمر الذي دفع عددًا من أحزاب المعارضة داخل الحركة المدنية إعلان تضامنها مع قاسم ضد ما قام به أبو عيطة المحسوب على التيار الناصري.
إن الاختلاف الأيدلوجي والفكري داخل الحركة المدنية يجعل قرار التوافق حول المرشح الواحد غاية في الصعوبة، الأمر الذي لم يكن حديث العهد فهو أزلي وممتد وبخاصة أن الحركة تضم اليسار والليبراليين والناصريين.
وحددت الهيئة الوطنية للانتخابات، الاثنين المقبل، 25 سبتمبر، موعدًا لإعلان الجدول الزمني للانتخابات الرئاسية. وتشترط المادة 142 من الدستور حصول المُرشح لمنصب رئيس الجمهورية على تزكية 20 عضوًا على الأقل من أعضاء مجلس النواب، أو جمع 25 ألف توكيل من المواطنين الذين لهم حق الانتخاب فى 15 محافظة على الأقل، بحد أدنى ألف توكيل من كل محافظة منها.