قوة عدم استخدام القوَّة, مقابل قوة استخدام القوة الأمريكيَّة:
أشار كل من "Jonathan Tobin", و"Michael Doran", في معهد "jns", إلى أنَّ ضعف بايدن, دفع إيران والسعودية إلى الصين[1], وقال "Yiqi Zhou", زميل أوَّل مشارك في معاهد شنغهاي للدراسات الدوليَّة, في معهد "prif", للدراسات, إلى أنَّ قوَّة عدم استخدام القوة: وطرح مثال الصين والتقارب السعودي الإيراني, ويجادل المقال بأن الوساطة الصينية الناجحة حتى الآن بين السعودية وإيران تكمن في قوتها في عدم استخدام القوة, حيث يُنظر إلى الصين منذ فترة طويلة على أنها لاعب متردد ومنضبط ذاتيًا, لا سيما عندما يتعلق الأمر بشؤون الأمن الإقليمي, لكن التعاقب السريع للأحداث منذ أواخر العام الماضي, من اجتماعات القمة بين الرئيس شي وكبار قادة إيران والسعودية إلى الاجتماعات الثلاثية لمسؤولي الشؤون الخارجية في بكين, أثار الآمال في أن الصين قد يكون لديها فرصة حقيقية لتحقيق ما لقد فشل الغرب في القيام بذلك حتى مع قوته العسكرية التي لا مثيل لها ونفوذها السياسي, وأشار التقرير, إلى أنَّ ضبط النفس الاستراتيجي الصيني طويل الأمد في شؤون الأمن في الشرق الأوسط وزراعتها طويلة الأمد للاعتماد الاقتصادي المتبادل, هي التي منحتها القدرة على التوسط بفعالية في مبادرات السلام الإقليمية, ومن أهم مزايا قوة الصين الصاعدة, الحياد والإنصاف والسلطة[2], وقال "Juan Cole" في "fair observer", أنَّ الصِّين تُعَلِّق واشنطن لتجف في الشرق الأوسط اليوم, فبعد 20 عامًا من الغزو الأمريكي غير الشرعي للعراق, لا يزال هناك آلاف من القوات الأمريكية في العراق وسورية المجاورة, في حين أن النصر فيما أصبح يُعرف باسم "الحرب العالمية على الإرهاب" لم يكن في الأفق أبدًا, وتقترب إيران من أن تصبح قوة نووية, وصعود الصين يتسبب في نهاية "القرن الأمريكي" الذي لم يسبق له مثيل, كما توسَّطت الصين في الصفقة السعودية الإيرانية, هذه المرَّة, حُذفت الولايات المتحدة من الصورة, وهو تغيير لا يعكس المبادرات الصينية فحسب, بل يعكس عدم كفاءة واشنطن وغطرستها وتعاملها المزدوج في العقود الثلاثة اللاحقة في الشرق الأوسط, ومع ذلك, فإن اهتمام الصين بتهدئة التوترات بين آيات الله الإيرانيين والنظام الملكي السعودي لم ينشأ من أي طموحات عسكرية في المنطقة ولكن لأنها تستورد كميات كبيرة من النفط من كلا البلدين, وكان الدافع الآخر بلا شك مبادرة الحزام والطريق الطموحة للرئيس شي, والتي تهدف إلى توسيع البنية التحتية الاقتصادية البرية والبحرية في أوراسيا من أجل نمو هائل للتجارة الإقليمية - مع الصين, كما أنَّ وضع إيران والسعودية على أساس الحرب يهدد المصالح الاقتصادية الصينية, كما يُعتقد أيضًا أن الصين تتلقى ما يصل إلى 1.2 مليون برميل يوميًا من إيران, رغم أنها تفعل ذلك خلسةً بسبب العقوبات الأمريكية, لذا, فإن أي مزيد من عدم الاستقرار في الخليج هو آخر شيء يحتاجه الحزب الشيوعي الصيني في الوقت الحالي, وبالتالي فإن اهتمام الصين بإنهاء الحرب الباردة الإيرانية السعودية, التي كانت تهدد باستمرار بالتصاعد, واضح بما فيه الكفاية, وقال الكاتب, إنَّ واشنطن الآن هي "الظربان" في حفلة الدبلوماسيين, ولم يكن من المحتمل أن يثق الإيرانيون بالأمريكيين كوسطاء. لا بد أن السعوديين كانوا يخشون إخبارهم بمفاوضاتهم خشية إطلاق ما يعادل صاروخ هيلفاير آخر, والآن, تعرض الصين الصاعدة إطلاق جهود وساطة أخرى في الشرق الأوسط, بينما تشتكي من "أن بعض الدول الكبيرة خارج المنطقة" كانت تتسبب في "عدم استقرار طويل الأمد في الشرق الأوسط" من منطلق "المصلحة الذاتية"[3].
بالنسبة للمملكة العربية السعودية, وعن تطور العلاقة بين البلدين, أشار موقع "ft", إلى أنَّ بنك التنمية الجديد السعودي, المقرض الذي يتخذ من شنغهاي مقراً له والمعروف باسم "بنك بريكس", يجري محادثات مع المملكة العربية السعودية بشأن قبول البلد كعضو تاسع, وستعزز العضوية روابط الرياض مع دول بريكس في وقت تسعى فيه المملكة العربية السعودية, أكبر مصدر للنفط الخام في العالم, إلى إقامة علاقات أوثق مع الصين[4], كما أشار "Mary Hui" في "qz", إلى التعاون بين الصين والمملكة العربية السعودية, فيما يتعلق بإزالة الكربون من الصلب, حيث أعلنت بكين والرياض عن استثمار مشترك في مصنع لصناعة الصلب في المملكة العربية السعودية, وأشار التقرير, إلى أنَّ البلدين وقَّعا في الأشهر الأخيرة صفقات طاقة بمليارات الدولارات, وتعهَّدِت المملكة بدعم أمن الطاقة في الصين, ورحَّبت بكِّين بالرياض في منظمة شنغهاي للتعاون, الكتلة السياسية والأمنية التي تقودها الصين وروسيا, والآن, تتوسع العلاقات الصينية السعودية المزدهرة لتشمل مشروعًا رئيسيًا آخر: إزالة الكربون من إنتاج الصلب, حيث وقعت شركة باوستيل الصينية - أكبر صانع للصلب في العالم - صفقة مع شركة النفط العملاقة المملوكة للدولة أرامكو السعودية, وصندوق الثروة السيادية في الرياض, لتأسيس قاعدة لتصنيع الصلب في المملكة العربية السعودية بشكل مشترك[5], وحول العلاقات المتنامية بين البلدين, قال "David Ottaway" في معهد "Wilson center", يتبنى الشركاء العرب الخليجيون الرئيسيون لأمريكا عدم الانحياز, مع الميل نحو الصين, لكن لا يزال أمنهم يعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة, والجزء الأكبر من أسلحتهم لا يزال "صنع في أمريكا", والصين لديها وجود عسكري ضئيل في الخليج, ولم تقدم حتى الآن أي ضمانات أمنية من أي نوع, لكن تُعد الصين الشريك التجاري الأوَّل للمملكة العربية السعودية وزبون صادراتها النفطية, ومن المؤكد أن شراء الأسلحة الصينية أو الروسية سيثير غضب واشنطن, ويجعل شراء الأسلحة الأمريكية المتقدمة أكثر إشكالية من أي وقت مضى, لكن يظل من غير المرجح أن تحل الأسلحة الصينية أو الروسية المعضلة الأمنية السعودية[6], لكن يجري الآن مفاوضات لشراء أسلحة حيث أشار "Jane Cai" في موقع " scmp", إلى أنَّ المملكة العربية السعودية, تتفاوض مع الصين بشأن صفقات أسلحة, وقال التقرير أنَّ الرياض تتطلع لأنظمة الدفاع الجوي والطائرات بدون طيار كجزء من صفقة محتملة تستند إلى اليوان, وتجري الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) حاليًا محادثات مع شركة""China North Industries Group Corporation Norinco, وهي شركة دفاع مملوكة للدولة, لشراء أسلحة تتراوح من طائرات الاستطلاع بدون طيار إلى أنظمة الدفاع الجوي, وفقًا لتقرير Tactical Report, وتشمل الأسلحة المشاركة في الصفقة المحتملة طائرة Sky Saker FX80 بدون طيار (UAV), والطائرة بدون طيار CR500 العمودية للإقلاع والهبوط (VTOL), وCruise Dragon 5 و 10 - نوعان من الذخائر المتسكعة, والمعروفة باسم الطائرات بدون طيار, ونظام الدفاع الجوي قصير المدى HQ-17AE (SHORAD), حسبما ذكرت الخدمة الأسبوع الماضي[7], كذلك أشار موقع "military watch magazine", إلى أنَّ السعودية تجري محادثات لشراء مقاتلات وطائرات بدون طيار ودفاعات جوية صينيَّة من طراز J-10C, وأشار تقرير المجلة العسكريَّة أن المعلومات جاءت بناءا على معلومات جهاز استخبارات Tactical Report, وأتي هذه التقارير في الوقت الذي واصلت فيه الرياض تعزيز العلاقات الاستراتيجية بشكل شامل مع بكين, بما في ذلك التحركات نحو بيع نفطها باليوان, والاستخدام المكثف للبنية التحتية لهواوي 5G في شبكات الاتصالات الخاصة بها, والشروع في عام 2022 في مشروع لتطوير مصنع للطائرات بدون طيار بشكل مشترك لتلبية الاحتياجات, ويأتي الاهتمام السعودي بالطائرات الصينية بعد أن طلبت الإمارات العربية المتحدة طائرات تدريب مقاتلة صينية من طراز L-15 في عام 2021م, وهو ما يمثل أيضًا بداية خطوة للابتعاد عن الاعتماد على الدول الغربية للأمن مع استمرار العلاقات الاستراتيجية مع بكين[8], بالإضافة للجوانب العسكرية, تسعى كل من السعودية والصين لتعميق العلاقات التجارية والاستثمارية, وحسب موقع "Arab news" وتعد الصين حاليًا الشريك التجاري الأكبر للمملكة العربية السعودية, وهي أكبر مشتر للنفط الخام في العالم وتشتري معظم طلبها من المملكة العربية السعودية, ومع ذلك, كان هناك الكثير من الزخم بين البلدين لتوسيع العلاقات التجارية إلى ما بعد النفط الخام[9], وحسب تقرير "yahoo", ستسعى الصين إلى تعزيز العلاقات الاقتصاديَّة مع المملكة العربية السعودية, بما يتجاوز النفط الخام مع سعي الشرق الأوسط لـ"الشريك المثالي", حيث أدَّى التقدم السريع الذي حققته الصين لتحسين العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع المملكة العربية السعودية إلى إضافة الطاقة الخضراء والتمويل والبنية التحتية وتكنولوجيا المعلومات إلى التعاون التقليدي في مجال النفط والغاز حيث يسعى الشرق الأوسط إلى "شريك مثالي" للمساعدة في تنميته, وفقًا لأكاديميين ومحللين, وقال أوليفر جون, الباحث غير المقيم في معهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن, "إن تأمين إمدادات النفط هو أهم مصالح الصين", و"من وجهة نظر أرامكو, الصين سوق حرجة ومتنامية, تستحوذ على ربع صادرات الخام السعودية", ووقَّعت أرامكو اتفاقًا مع شركاء صينيِّين في مارس, لبناء مصنع تكرير في شمال شرق الصين, بينما أعلنت أيضًا عن خطَّة لشراء حصَّة 10 في المائة في رونغشينج للبتروكيماويات المدرجة في شنتشن, وقال وانج يوي, أستاذ العلاقات الدولية بجامعة رينمين في بكين, إن الصين يمكنها أيضًا أن تلعب دورًا حيويًا في المملكة العربية السعودية في التحول من "الطاقة التقليدية" - مثل النفط والغاز - إلى اقتصاد منخفض الكربون يتضمن المزيد من الطاقة المتجددة[10], وأشار موقع "zawya", إلى أنَّ السعودية والصين تبحثان العلاقات الثنائيَّة في مجال الطاقة[11], وأشار موقع "petro-online", الاقتصادي, إلى أنَّ التحالف السعودي الصيني سيؤدي إلى تحوّل في المشهد البتروكيماوي العالمي؟, حيث التزمت أرامكو السعودية, عملاق النفط الوطني في المملكة العربية السعودية, باستثمارات كبيرة في قطاع البتروكيماويات الصيني, هذا التطور ليس فقط شهادة على تعزيز العلاقات بين المملكة العربية السعودية والصين ولكن أيضًا عامل تغيير محتمل للعبة في سوق البتروكيماويات العالمي, وجزء مركزي من استثمار أرامكو بمليارات الدولارات هو حصة 10٪ في شركة رونغشنغ للبتروكيماويات المحدودة, وهي صفقة تبلغ قيمتها حوالي 3.6 مليار دولار, إلى جانب هذا الاستثمار في الأسهم, التزمت أرامكو باتفاقية توريد طويلة الأجل مع شركة "Zhejiang Pett Petroleum and Chemical Co. Ltd" التابعة لشركة Rongsheng, مجمع التكرير والكيماويات, بالإضافة إلى استثمار Rongsheng, أعلنت أرامكو أيضًا عن خطط لتطوير مصفاة جديدة ومجمع بتروكيماويات في شمال شرق الصين عبر مشروع مشترك, بحصة 30٪ في شركة Huajin Aramco Petrochemical Company, من المقرر أن تقوم أرامكو بتوريد 210،000 برميل يوميًا من الخام إلى هذه المنشأة الجديدة[12].
الإمارات وسياسة الاستقلال الاستراتيجي:
حيث أشارت "Juan Peña" إلى أنَّ الإمارات تُظهر استقلالها عن الولايات المتَّحِدة بدعمها لصين واحدة, وقالت دولة الإمارات العربية المتحدة, التي تربطها علاقات تعاون اقتصادي وتنموي عميقة للغاية مع جمهورية الصين الشعبية, في بيانها أنها تدعم سيادة الصين ووحدة أراضيها, وتؤكد على أهمية سياسة "صين واحدة" وتدعو الأمم المتحدة للعب دور في حل النزاع الدبلوماسي المستمر منذ عقود, وأضاف التقرير, بذلت الحكومة الإماراتية جهدًا لإثبات أن الولايات المتحدة لم تعد الشريك الرئيسي والحصري خارج منطقة الخليج, وتُظهر القوة العربية استقلالها عن السياسة الخارجية للبيت الأبيض وترسم مسارها الخاص من خلال الحفاظ على العلاقات مع كل من الشرق والغرب, حيث اتخذت الإمارات بالفعل موقفاً مؤيداً للصين, كذلك لدى الصين والإمارات خطط مستقبلية للتعاون في عدد من المجالات, من التعاون العسكري, والطاقة, والفضاء, والطيران, فضلاً عن تقنيات الخدمة الجديدة, والصين, من جانبها, حريصة على قضم كعكة سوق دول مجلس التعاون الخليجي المثيرة للاهتمام[13], وتحدَّث "Mohammad Eslami", و"Maria Papageorgiou"في موقع"gjia Georgetown", عن دور الصين المتزايد في الشرق الأوسط: والتداعيات على الديناميكيات الإقليميَّة والدوليَّة, حيث أعادت مشاركة الصين في الشرق الأوسط تشكيل المشهد في المنطقة, وتوسعت إلى ما وراء مصادر الطاقة التقليدية لتشمل الاعتبارات الاقتصادية والجيوسياسية والاستراتيجية, مع ذلك, فإن انخراط الصين المتزايد يشكل تهديدًا لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة وعلاقاتها مع الحلفاء التقليديين[14], أشار "Adam Lucente" في "al-monitor", إلى العلاقة المتطورة بين الصين والإمارات, حيث يعمل كلا البلدين على تتعزز العلاقات فيما يتعلق بالشؤون الاقتصادية والطاقة, ومؤخراً تعهَّد البنك المركزي لدولة الإمارات العربيَّة المتحدة, بتوسيع التعاون مع نظيره في هونج كونج, مما يعزز العلاقات المتنامية للبلاد مع الصين, واشترت الصين 65 ألف طن من الغاز الطبيعي المسال من الإمارات العربية المتحدة في مارس باستخدام العملة الصينية اليوان, وكانت هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها الصين اليوان في صفقة طاقة مع الإمارات العربية المتحدة, وفي أبريل, أبلغت مؤسَّسة رأس المال الصينية الدولية بلومبرج أنها تخطط للتوسع في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية, وتجري الشركة الخدمات المصرفية الاستثمارية وإدارة الثروات والخدمات الأخرى ذات الصلة, كما وقَّعت الإمارات والصين عدة اتفاقيات تعاون في مجال الطاقة النووية, كما وقَّعت شركة موانئ دبي العالمية العملاقة للخدمات اللوجستية, ومقرها دبي, صفقات مع اثنين من الموانئ الصينية في سلسلة صناعة السيارات, وأصبحت الإمارات والكويت شريكتان في حوار مع منظمة شنغهاي للتعاون بقيادة الصين[15], كذلك أشار "Charles Kennedy" في "oil price", إلى أنَّ الصين تستلِّم أوَّل شحنة غاز طبيعي مسال مستقر في يوان من الإمارات العربيَّة المتَّحِدة, وأفادت CNOOC الصينية عن استلام الشحنة الأولى من الغاز الطبيعي المسال التي دفعتها الشركة باليوان الصيني في أحدث حالة من التنويع المستمر في تجارة الطاقة الدولية, وقالت شركة الطاقة الحكومية, حسبما نقلت صحيفة تشاينا ديلي, إنها اشترت 65 ألف طن من الغاز الطبيعي المسال من الإمارات, مشيرة إلى أن تسوية الصفقات التجارية الدولية بالعملة المحلية أصبحت أكثر نضجًا[16], وحسب "the national news", تخدم العلاقات الثنائية القوية المصالح الاستراتيجية لكل من الصين والإمارات العربية المتحدة, واليوم, يمثل المواطنون الصينيون الذين يعيشون ويعملون في الإمارات العربية المتحدة مجتمعًا كبيرًا قوامه 180 ألف شخص ويقدمون مساهمة قيمة في التنوع الاقتصادي والثقافي للحياة الإماراتية, وتطورت العلاقات الإماراتية الصينية إلى علاقة استراتيجية, تقوم على المصالح المشتركة والقيم المشتركة وقبل كل شيء الإيمان بأن السلام والاستقرار والازدهار أمور مترابطة, وفي الواقع, فإن اتفاقية العام الماضي بين موانئ أبوظبي وشركة Cosco Shipping لبناء محطة حاويات من شأنها مضاعفة قدرة المناولة في أبوظبي لن تؤدي إلا إلى تعزيز قدرة دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا الصدد, وتعززت أهمية العلاقة بين الإمارات والصين من خلال إنشاء صندوق استثماري مشترك استراتيجي بقيمة 10 مليارات دولار, والذي تم إطلاقه في عام 2015 للتركيز على الاستثمارات التجارية المتنوعة في مجموعة من قطاعات النمو[17], كما وقَّعت موانئ دبي العالمية, ومقرَّها الإمارات, اتفاقية مع الموانئ البحرية الصينية, وحسب "the cradle", وكشف رئيس ميناء نينغبو-تشوشان البحري أن الاتفاقية ستعزز تنمية مبادرة الحزام والطريق الصينية, وكشفت إدارة ميناء نينغبو-تشوشان البحري أن الاتفاقية ستعزز تطوير مشروع الاستثمار الصيني البارز, المعروف باسم مبادرة الطريق والحزام (BRI), وتعد مبادرة الحزام والطريق جزءًا لا يتجزأ من سياسة بكين الخارجية في ظل الحزب الشيوعي الصيني (CCP), الذي يسعى إلى ربط 150 دولة, والتي تضم 75 في المائة من سكان العالم, عبر خطوط السكك الحديدية والطرق العابرة, ووفقًا لـ Seatrade Maritime News, يتمثل أحد الأهداف الرئيسية لميناء نينغبو-تشوشان في تحسين خدمات القنوات اللوجستية بين الصين وغرب آسيا وشمال إفريقيا, في محاولة لتعزيز التجارة واللوجستيات وشركات التجارة الإلكترونية عبر الحدود, كما وقَّعت الشركة الإماراتية Monarch Airplane Manufacturing صفقة مع شركة تكنولوجيا الطائرات بدون طيار الصينية EHang Holdings في 28 أبريل, لبناء مصنع لإنتاج الطائرات والطائرات بدون طيار التي تعمل بالطاقة الكهربائية المستدامة, وسيكون المصنع أوَّل منشأة في غرب آسيا لتصنيع وتشغيل طائرات دون طيار, تعمل بالطاقة الكهربائية لنقل الركاب والبضائع[18], كما أشار "middle east monitor", إلى أنَّ الإمارات تدرس تحالفاً بحريَّا مشتركاً مع الصين, وأشار موقع "middle east monitor", فإنَّ وانغ وين بين, المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية, قال في مؤتمر صحفي في بكين: "إن دعم السلام والاستقرار في منطقة الخليج في الشرق الأوسط يؤثر على رفاهية الدول والشعوب في المنطقة, وهو أهمية حيوية لحماية السلام العالمي وتعزيز النمو الاقتصادي العالمي, والحفاظ على استقرار إمدادات الطاقة", وكان يرد على التقارير التي تفيد بأن إيران والسعودية والإمارات ودول الخليج الفارسي الأخرى تفكر في تشكيل تحالف بحري يضم الهند وباكستان "لحماية الاستقرار الإقليمي", وفقًا لما جاء في نص تصريحات وانغ للصحفيين, وجاءت تقارير القوة البحرية المشتركة لحماية الأمن في الخليج العربي بعد أن قالت الإمارات مؤخراً, أنَّها انسحبت من القوات البحريَّة المشتركة بقيادة الولايات المتحدة, والتي تعمل في مياه الخليج[19], كما أنَّ الإمارات العربيَّة المتَّحِدة والصين, تسعيان لتوقيع تفاهم في مجال بناء الغوَّاصات, ويقال إن وفدًا إماراتيًا زار في منتصف مارس 2023 أحواض بناء السفن الصينية, وأحواض السفن الجافة, للتعرف بشكل أفضل على تطور التكنولوجيا الصينية في بناء السفن الغاطسة وذلك حسب تقرير "tactical report"[20], كذلك أشار موقع "technology times", إلى أنَّ الإمارات توقع اتفاقيَّات للطاقة النووية مع الصين لتحقيق أهداف إقليمية, حيث وقعت الإمارات ثلاث اتفاقيات مع منظمات الطاقة النووية الصينية, والتي يعتقد الخبراء أنها مجرد بداية لأهداف الطاقة النووية للدولة والمنطقة, وكجزء من استراتيجيتها لتحويل 6٪ من احتياجاتها من الطاقة إلى الطاقة النووية من أجل تحقيق صافي الصفر بحلول عام 2050م, يحدث هذا قبل شهور من استضافة الإمارات لقمة المناخ العالمية COP28 هذا العام, وستلعب الصين دورًا مهمًا لأن الإمارات العربية المتحدة جادة في التنويع بعيدًا عن النفط, وفقًا لروبرت موجيلنيكي, باحث مقيم أول في معهد دول الخليج العربي في واشنطن. وتابع أن الصين, وهي مستورد كبير للخام في الشرق الأوسط, ستغير علاقتها بالمنطقة نتيجة لذلك, وقال لـ"المونيتور": "سيصبح دور الصين كمورد للمعدات والتكنولوجيا والمعرفة الصناعية أكثر بروزًا مع ابتعاد منتجي النفط والغاز في الشرق الأوسط عن صادرات الطاقة التقليدية نحو طاقة أنظف وأكثر اخضرارًا", ويتوقع أن تحافظ شراكة الطاقة بين الإمارات والصين على زخمها وستظل مربحة لكلا الطرفين[21].
لكن وحسب موقع "Washington times", فإنَّ الولايات المتَّحِدة لن تقف مكتوفة الأيدي, بينما تنحاز الإمارات العربية المتحدة إلى الصين وروسيا, حيث تحل الصين وروسيا محل الولايات المتحدة بسرعة كشريكين تفضيليين عبر الجنوب العالمي, وأشار التقرير, إلى أنَّ اعتراضات الولايات المتحدة على استعداد الإمارات لمساعدة بكين في إنشاء جسر في المنطقة إلى ما يبدو الآن, أدى إلى أنَّه كان مجرد توقُّف مؤقت بدلاً من إلغاء المشروع, حيث تم الإبلاغ مؤخرًا عن استئناف بناء القاعدة العسكرية الصينية, وقد ذهب هذا إلى أبعد من ذلك, وحسب الكاتب وهذا لا يرفع التهديدات المباشرة لمصالح الأمن القومي للولايات المتحدة في الخليج الفارسي فحسب, بل يعكس أيضًا استعداد الإمارات المتزايد لتجاهل المصالح الأمريكية من خلال القفز في الفراش مع موسكو وبكين, وربما يُنظر إلى القرار الأولي لقادة الإمارات بالسماح ببناء القاعدة على أنه خطأ, لكن استئناف البناء في مواجهة اعتراضات الولايات المتحدة ليس سوى شيء آخر, وهناك اعتراضات فيما يتعلق بروسيا وسورية وليبيا, وتشكيل تحالف مع أمن الدولة الروسية لاستهداف وكالات المخابرات البريطانية والأمريكية, وإن استعداد الإمارات في الآونة الأخيرة لإلقاء نظرة خاطفة على واشنطن دون تكلفة واضحة يعني أن من المرجح أن يحذو الآخرون حذوها, وبالتالي وحسب الكاتب لا يمكن وقف هذا التآكل في النفوذ في المنطقة, إلا من خلال السماح لأصدقائنا وحلفائنا المفترضين, بمعرفة أن الصداقة هي طريق ذو اتجاهين[22].
دول الخليج الأخرى والسعي إلى التغلغل الناعم: