جنبلاط يُكرس قاعدة "التوريث السياسي" بخلع عباءة الزعامة الدرزية لنجله تيمور

زينة ارزوني – بيروت

2023.05.25 - 07:42
Facebook Share
طباعة

منذ العام 1920 تاريخ إعلان لبنان الكبير، وحتى يومنا هذا، تُدار العملية السياسة من عائلات كبيرة انتهجت التوريث، ولائحة "البيوتات السياسية" في لبنان تطول، فالتوريث السياسي ينطلق من الأجداد والآباء إلى الأبناء والأحفاد وحتى الأقارب.

وقد درجت العادة في لبنان، ان الابن او الشقيق او حتى الزوجة لا يرثون الزعيم السياسي الا بموته، الا ان رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط كسر هذه القاعدة، من خلال قراره الاستقالة من رئاسة الحزب، وتسليم الزعامة السياسية الدرزية الى نجله تيمور جنبلاط، فهو بحسب المراقبين يريد من هذه الخطوة أن يرسم صورة عصريّة لمفهوم الزعامة، في خطوة لا تنفصل عن السياسة التي بدأها في العام 2017، بعدما كان قد تقاسم الأدوار معه في السنوات الأخيرة، حيث كان قد سلّم نجله الزعامة، واستمر بها في العام 2018 مع تنحّيه عن العمل النيابي وترشيح نجله للانتخابات ورئاسة "اللقاء الديموقراطي"، وأكمل بالنهج نفسه مع منحه المزيد من المساحة لاتخاذ قرارات سياسية مرتبطة بالملف الرئاسي وغيره، والتأكيد امام الاعلام اكثر من مرة ان لتيمور وكتلته النيابية الكلام النهائي في الشخصية التي يمكن ان يختارها النواب لرئاسة الجمهورية.

التسليم التدريجي للمهام الحزبية والوراثة السياسية الى تيمور، وصل الى خواتيمه بحسب المراقبين، فعلى الرغم من دعوة جنبلاط المعنيين بالتزام الخطوات الحزبية الايلة الى اجراء الانتخابات في 25 حزيران المقبل وفتح باب الترشح، فإن المعطيات تُجمع بأنه لن يكون هناك من منافس لنجله تيمور لرئاسة الحزب، وبذلك يكون "البيك" قد إطمأن على التوريث السلس لنجله سياسياً وحزبياً.

وتضع مصادر متابعة هذا التجديد الذي ينشده جنبلاط من خلال استقالته المبكرة من الحزب في إطار فتح باب التغيير بدءاً من رئاسة "التقدمي" وصولاً إلى مجلس القيادة.

خطوة جنبلاط بدت مفاجئة للبعض الا انها كانت مدروسة ومحسوبة منذ فترة طويلة لدى المقربين منه.

وبحسب المصادر إن الخطوة جاءت في سياقها الديموقراطي، فولاية رئيس الحزب ومجلس القيادة انتهت منذ فترة، لكن تم تأجيل مؤتمر الجمعية العامة المولجة عملية الانتخاب، واليوم قرّر جنبلاط موعد الانتخابات في 25 حزيران المقبل، على أن تُعلن أمانة السر في الحزب موعد استقبال الترشيحات الجديدة.

وتستند المصادر على ذلك، ان جنبلاط كان قد قرر عام 2017، الابتعاد عن المشهد السياسي نسبياً، لكن تعقيدات المرحلة وخبرته في إدارة الملفات السياسية أعادته إلى الميدان، وتجزم المصادر ان جنبلاط ورغم الاستقالة إلا انه لا يُمكنه اليوم التوقف بشكل كامل عن العمل السياسي، لأن دوره ما زال أساسياً، وهو صاحب العلاقة الوثيقة مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ومع مختلف المحاور السياسية.

استقالة جنبلاط من الحزب تأتي بعد الكثير من الكلام حول وجود تباين في الآراء أو وجهات النظر بينه وبين نجله، بما يتعلق بالمقاربات السياسية وفي ملف انتخاب رئيس الجمهورية، وتحديداً في تسوية وصول سليمان فرنجية الى كرسي الرئاسة، وهو الامر الذي يرفضه يتمور، إلا أن جنبلاط وفي كثير من اللقاءات الاعلامية نفى وجود مثل هذه التباينات، معتبراً أنه يريد الإفساح في المجال أمام الجيل الجديد، مجدداً في اكثر من محطة عبارة "المستقبل هو لتيمور ولرؤيته".

التوريث السياسي ليس حكراً على عائلة جنبلاط، فالقائمة طويلة ومتشعبة، اخرها كان مع عائلة الحريري، حيث ورث سعد الحريري الزعامة السنية من والده رفيق الحريري بعد استشهاده، الا ان هذه الزعامة لم تدم طويلاً، بسبب قلة الحنكة في ادارة المعارك السياسية في لبنان.

ويشير المراقبون الى ان الكثير من العائلات السياسية في لبنان نجحت في توريث المقعد النيابي بالمعنى الحرفي للكلمة لأولادهم، لكنهم فشلوا في التوريث السياسي، لأنهم يفتقدون لأدنى مقومات السياسة، علماً وخبرة وكاريزما وحنكة وقدرة.

ففي المجلس النيابي اسماء كثيرة وصلت إلى النيابة، إما نتيجة وراثة سياسية مباشرة من الآباء، وإما نتيجة انتمائهم إلى عائلات توارثت المناصب السياسية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، طوني فرنجية وسامي الجميل، نديم الجميل، تيمور جنبلاط، مجيد ارسلان، طارق المرعبي والعديد قبلهم أو بعدهم، ورغم انهم من جيل الشباب لكنهم لم يحدثوا اي فرقٍ في العمل السياسي بل كانوا إمتداداً لنهج عائلاتهم سياسياً.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 5