حرب المياه لازالت مستمرة.. ألم يحن موعد التدفق؟

يانا العلي-وكالة أنباء آسيا

2023.03.31 - 10:12
Facebook Share
طباعة

تُشيرُ آخر المستجدات في موضوعِ حبسِ مياهِ الأنهار السورية التي قامت بها تركيا من خلالِ السدودِ المُخالفة للقانونِ الدولي، إلى تَفاقمِ المشكلةِ في العديدِ من مناطقِ الشمال والشمال الشرقي السوري، ليُعاني أكثر من مليون نسمة من نقص حاد في المياه النظيفة والصحية.

تفاقمت الأزمةُ المائيةُ تحديداً عام 2021.مثلاً يُعتبر سد إليسو المُنشأ على نهرِ الفرات من بين السدود المُقامة، حيثُ يعملُ السدُ على حَجزِ المياهِ وتَوزيعها بطريقةٍ تَخدمُ مصالحَ تركيا على حسابِ المصالحِ السورية.


احتكار المياه هذا أدى إلى نقصٍ حاد في الإمدادات، حيث كان معظم الأهالي يعتمد على المياه الجوفية والمياه العذبة التي تتدفق من الأنهار. وكانت مديرة مكتب منظمة الصحة العالمية في سوريا، أكجمال مختوموفا قد أعربت خلال زيارتها محافظة الحسكة في عام 2021 عن قلقها من مخاوف انتشار الأمراض والأوبئة في صفوف أهالي مدينة الحسكة نتيجة انقطاع المياه.


وهذا ماحصل بالفعل، فقد أعلنت وزارة الصحة في سوريا عن تفشي بعض الأمراض المعدية والوبائية في المحافظة، مثل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي والأمراض الجلدية والتهابات المسالك البولية والحمى التيفية والكوليرا. وتم تسجيل العديد من الحالات المرضية التي تنتقل بسبب نقص المياه في المحافظة، هذه الأزمة أدت الى كارثة تمثلت بوفاةِ العديدِ من الأشخاص، وخاصة الأطفال والمسنين والأشخاص الذين يُعانون من أمراضٍ مزمنة. وقد أجبرَ هذا الوضع السلطاتُ المحلية والمنظماتُ الإنسانية على توفيرِ المياهِ النظيفةِ والخدمات الصحيةِ والسعي الى الحفاظ على النظافة العامة للحدِ من انتشارِ الأمراض وإنقاذ حياة السُكان في المنطقة.


ناهيك عن تعرضِ أغلبِ الأشخاص للعطش خاصةً في الفترات الأمنية الحرجة حيث تروي لنا (ن. أ) وهي من سكان مدينة الحسكة :" لم نعد نذكر أن الماء مر يوماً في صنابير منازلنا لطول مدة انقطاعها عندنا. نعتمد على طرقًا مختلفة وغير ثابتة للحصول على الماء، فمثلاً بالتعاون بيننا نحن سكان البناية الواحدة اشتركنا في استخدام البئر الذي تعود ملكيته لجارنا. رغم أنها غير صالحة للشرب ولا للاستخدامات الأُخرى، إلا أننا نحاول أن نستفيد من وجود قطرة الماء على الأقل في الغسل والحمامات رغم ملوحتها وتلوثها. أما ما يخص مياه الشرب فأننا نلجأ لشراء صهاريج المارة. الذين بدورهم باتوا يتحكمون في أوقات قدومهم والأسعار. فهم يُدركونَ أن ماء حياتنا رهن ايديهم". وصرح فلاديمير دادكوفسكي، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سورية في 1 فبراير 2021: "نحن نعمل على توفير المساعدات الإنسانية والتنموية للسكان المتضررين في الشمال الشرقي من سوريا، ونحث الأطراف المعنية على التعاون لتحسين الوضع المائي في المنطقة وتوفير المياه النظيفة والصحية للسكان المتضررين".


وقد بلغت فترةُ النقص الحاد في المياه في المحافظة أكثر من ثمانِ سنوات، منذ عام 2014 وحتى وقتنا الراهن. حيثُ تستمرُ المجموعات المسلحة بالتحكمِ في محطةِ عَلوك لضخِ المياه. ما يؤدي لتعطيشِ سكان محافظة الحسكة، وتهديد حياة سُكانها، لا سيما وأن المحطة تُشكل المصدر الرئيس والوحيد لتزويدهم بمياه الشرب.


تحاولُ الدولةُ السورية ومعها المجتمعُ الدولي إيجادَ حلول لهذه الأزمةِ ، وذلك من خلال المفاوضات واللجان الدولية المختصة بحقوق المياه لاسترجاع حق سورية في المياه. لربما الحل الأمثل يكون في إيجاد اتفاق بين تركيا وسوريا للسماح للمياه بالتدفق عبر الحدود.فإذا تم التوصل إلى اتفاق بينهما ، فإن ذلك حتماً سينعكسُ بشكلٍ مُجدٍ على وضع المياه في سوريا. حيثُ سيتمُ تخفيف الضغط على الموارد المائية في سوريا من خلال تدفق مياه نهر الفرات بشكلٍ أكبر. لذا وُجدت عدة حلول مُقترحة،منها إعادة بناء البنية التحتية من خلال بناء المحطات المائية والأنابيب والمصادر المائية التي تم تدميرها خلال الحرب، وهذا يتطلب استثمارات كبيرة وجهود مشتركة من الحكومة والمجتمع المدني والمانحين. ويمكن التفاوض على تخفيض كمية المياه التي تحجزها تركيا من نهر الفرات وهذا "أضعف الإيمان" . وتشجيع الاستثمار في محطات تحلية المياه لتوفير مياه صالحة للشرب والاستخدام اليومي، ويمكن أن تكون هذه المحطات مصدراً مهماً لتوفير المياه في المناطق الجافة في سورية. بالإطار العام يطرح السؤال الأهم نفسه:ألم يكن زلزال السادس من شباط الذي دمرَ البشرَ والحجر كافياً لهزِ الضمير التركي، لإعادةِ المياهِ إلى مجاريها لري البشر والأرض؟

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 7