بين "كف اليد" ودعم واشنطن.. قرارات البيطار تشق القضاء اللبناني

زينة أرزوني – بيروت

2023.01.24 - 06:33
Facebook Share
طباعة

 على وقع الانهيارات المتسارعة التي يشهدها لبنان، بفعل تداخل السياسة بالقضاء وبالاقتصاد، برزت الى الواجهة معركة قانونية لم يسبق ان شهدها لبنان من قبل، ساحتها "العدلية" التي تشهد غلياناً على خلفية استئناف المحقق العدلي القاضي البيطار مهمته.

المعركة اليوم، بحسب مصادر قضائية، باتت مباشرة بين مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، الذي يترأس جميع النيابات العامة بموجب قانون أصول المحاكمات الجزائية المعدل في العام 2001، والمحقق العدلي في ملف تفجير مرفأ بيروت الذي كُفت يده قبل عام وشهر تقريباً.

كل منهما يستند الى تفسيرات قانونية خاصة به، ففي نظر القاضي عويدات، يعتبر البيطار مكفوف اليد "بحكم القانون".

أما البيطار، الذي يستند الى المادة 357 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، فيؤكد انه يتمتع بسلطة مطلقة في الملف، أعطته إياها السلطة التنفيذية، وبات الملف مرتبطاً به، مستشهداً بنص المادة 357، التي ورد فيها أن "القانون نصّ على ردّ أعضاء في المجلس العدلي، لكنه لا وجود لأي نص قانوني يتحدث عن ردّ المحقق العدلي، ما يعني عدم جواز ردّه، وبالتالي لا قيمة لدعاوى الردّ المقدمة ضده".

إجتهاد البيطار دفعه الى استدعاء عويدات نفسه، الى جانب آخرين، بينهم المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ومدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا، والادعاء عليهما اليوم الثلاثاء، الى جانب رئيس المجلس الاعلى للجمارك العميد اسعد ‏الطفيلي، عضو المجلس الاعلى للجمارك غراسيا القزي، والقضاة غسان ‏خوري وكارلا شواح وجاد معلوف‎"‎‏.

ليرد عليه القاضي عويدات بكلمات مقتضبة، وآيتَين من الإنجيل والقرآن، في كتاب وجهه اليه، جاء فيه: "إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ ‏إِلا بِسُلْطَانٍ"، "بِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ وَيُزَادُ لَكُمْ أَيُّهَا السَّامِعُونَ"، بموجبه نؤكد أن ‏يدكم مكفوفة بحكم القانون و لم يصدر لغايته اي قرار بقبول او برفض ردكم او نقل او عدم ‏نقل الدعوى من امامكم‎."‎

وأشار عويدات الى أنه في حال تمت الدعوة الى جلسة لمجلس القضاء الاعلى، فسيدرس إمكانية الحضور بحسب جدول الاعمال، لافتاً إلى أنه في حال كان ملف انفجار المرفأ بندا وحيدا فلن يحضر، موضحاً أنه تبلغ بقرار المحقق العدلي عبر الاعلام، وأنه سيتعاطى معه على أنه غير موجود.

كما نفى عويدات في دردشة مع الصحافيين، ما تردد عن أنه بصدد الادعاء على القاضي البيطار، مؤكداً أن "هذه المعلومات عارية من الصحة".

في غضون ذلك، أشارت معلومات صحفية الى ان جلسات استجواب المدعى عليهم كما حددها ‏البيطار هي على الشكل التالي: ‏‎ ‎غازي زعيتر، نهاد المشنوق في 6 شباط‎.‎، ‎حسان دياب في 8 ‏شباط‎‎، ‎طوني صليبا، عباس ابراهيم في 10 شباط، ‎اسعد طفيلي، غراسيا قزي في 13 ‏شباط، ‎جودت عويدات، كميل ضاهر في 15 شباط، جان قهوجي في 17 شباط، غسان ‏عويدات، غسان خوري في 20 شباط، ‎كارلا شواح- جاد معلوف في 22 شباط‎.‎

وفي المواقف القضائية، أكد مدعي عام التمييز السابق القاضي حاتم ماضي، أن قرار المحقق العدلي غير قانوني، لأنه لم يراعِ الأصول القانونية المتفق عليها، معتبراً أنه كل ما استند إليه لا يعطي الشرعية للخطوة التي قام بها .

بدوره، اعتبر رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي شكري صادر، أن الجدل القائم على المستوى القضائي، خطير جداً على العدلية، لافتاً إلى أن الأمور ما كان يجب أن تصل إلى هذا المكان.

واوضح أن الحكم على قانونية قرارات القاضي البيطار، يبت بها المجلس العدلي في المرحلة اللاحقة، لأن قرارات المحقق العدلي لا تقبل أي طريقة من طرق الطعن.

وفي هذا السياق، أكدت مصادر قضائية، ان قضاة النيابة العامة التمييزية أجمعوا على اعتبار قرارات البيطار وكأنها منعدمة الوجود.

وفي ظل الشرخ القضائي هذا، عقد اجتماع في مكتب وزير العدل في حكومة تصريف الاعمال ‏هنري خوري، بحضور رئيس مجلس القضاء الاعلى وعدد من القضاة للتباحث في ‏قانونية قرارات البيطار.‏

"غليان العدلية" انسحب على الجلسة التي كانت مقرّرة لمناقشة قانون استقلالية ‏القضاء في لجنة الإدارة والعدل، في ساحة النجمة، حيث حوّلت هذه الجلسة إلى ما يشبه حلبة الصراع بين فريق ‏يمثله "حزب ال له" وحركة امل يتّهم النواب الآخرين بتسييس القضاء، وافرقاء آخرين يتعجبون ‏من هذه التصريحات ويرفضونها.

وبدأ الاشكال عند انتقاد النائب حسين الحاج حسن للقاضي ‏ البيطار، لينضم إليه آخرون مؤيدين لكلامه، قبل ان يعلو صوت كل من النائبين علي ‏حسن خليل وغازي زعيتر، رداً على دفاع النائب نجاة عون صليبا عن القاضي البيطار، ‏مؤكدين ان البيطار مسيس وينفذ أجندات معينة. وخرج زعيتر من القاعة غاضباً قائلا: "ما ‏بيفهموا بالقانون وبدن يناقشوا".

وأشارت معلومات صحافية الى انّ بعض التعليقات اتسمت ‏بحدية بالغة وألفاظ عالية النبرة.

وبعد الدفع الاوروبي من خلال القضاة الذين زاروا بيروت والتقوا البيطار، جاء الدفع الاميركي والدولي، حيث علّق المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، على ‏استئناف المحقّق العدلي في انفجار مرفأ بيروت عمله، وتوجيه اتّهامات إلى كبار ‏المسؤولين، قائلا "ندعم ونحثّ السّلطات اللّبنانيّة على استكمال تحقيق سريع وشفّاف في ‏الانفجار المروّع في مرفأ بيروت"، مشيراً الى ان "ضحايا هذا الانفجار في آب 2020، يستحقّون ‏العدالة ويجب محاسبة المسؤولين".‏

طلب عادت وكررته السفارة الاميركية في بيروت عبر تغريدة لها على "تويتر"، حثت من خلاله السلطات اللبنانية على استكمال تحقيق سريع وشفاف في انفجار المرفأ.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 1