فقط في لبنان: "إشترِ دواءك أثناء ذهابك إلى المستشفى وإلا..."!

زينة أرزوني – بيروت

2023.01.23 - 03:30
Facebook Share
طباعة

 في كل دول العالم يلجأ المواطن الى المستشفى، لانها دار الامان الذي يمكن ان يحافظ على حياته وتنقذه الموت بعد تدخل الاطباء واعطائه الدواء المناسب، الا في لبنان تحولت المستشفيات الى دار شقاء، وبات اللبناني يتمنى الموت في منزله لتجنب الذل امام ابوابها، وليتجنّب الديون التي يمكن ان تتراكم عليه بسبب دخول المستشفى.

قبل الازمة كنا نسمع في لبنان ان اطفالاً او كباراً ماتوا امام ابواب المستشفيات، لعدم توفر الاموال لدى عائلاتهم، من دون ان يرف جفن لصاحب اي مستشفى، اليوم بعد الازمة أصبحنا نسمع أصوات اصحاب المستشفيات جراء إحتجاز اموالها داخل المصارف، وزيادة فاتورة المحروقات، وهجرة غالبية الاطباء بعد فقدان قيمة رواتبهم نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء.

وامام كل ازمة تعصف في هذا البلد يكون المواطن هو الضحية، فرغم فقدان الادوية في الصيدليات وارتفاع أسعارها، بات على اللبناني ان يدفع ثمن دوائه ايضا في المستشفى، او يجلبه معه قبل دخوله اليها، ما اثار استياء المرضى الذين يعانون اصلا من صعوبة في تأمين الدواء، ودفعهم الى السخرية، في اشارة منهم الى ان حتى فاتورة الموت بات على اللبناني ان يدفعها بنفسه!

اليوم للأسف، الطبابة باتت من الكماليات، وحكراً على الاغنياء فقط، أما الفقراء فلم يعودوا قادرين على الاهتمام بصحتهم، ورقم الفاتورة الاستشفائية الذي يُذيل بأصفار ستة دائماً وحده كفيل بان يجلب "الجلطة"، فهناك مرضى توفوا في منازلهم لأنهم عجزوا عن تحمل التكاليف الاستشفائية التي تضاهي كل جنى عمرهم. وهناك مرضى كادوا أن يخسروا حياتهم لأنهم تناولوا دواء مزوراً. وهناك مرضى يدفعون ويستدينون للحصول على العلاج.

باتت الصحة في لبنان عملية حسابية، أرقام مدولرة أو ما يوازيها على سعر الصرف، وبات المريض مجرد ماكينة تدر أموالاً، "معك تدفع بتتعالج وما معك الله يساعدك".

وامام هذا كله، بدأت المستشفيات اليوم بتطبيق تهديدها، الذي يقضي بتدفيع المرضى ثمن أدوية علاجاتهم "كاش"، حيث أعلن نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون أنه اعتباراً من اليوم، سيتحمل المريض ثمن أدوية علاجاته، بعدما باتت المستشفيات الخاصة غير قادرة على تأمينها، باستثناء البعض الّذي ما زال يملك مخزونا.

هارون الذي يعترف أن الاستشفاء في لبنان أصبح للأغنياء فقط، لفت الى ان المستشفيات الخاصة تطالب المرضى بتسديد ثمن الأدوية لأنّ مستوردي الأدوية لا يسلّمون المستشفى إلّا من خلال تأمين الكاش لهم، ويرفضون الشيكات، في وقتٍ ترفض المصارف تسليم الكاش للمستشفيات، هذا ما أدّى بحسب هارون إلى عدم استطاعة المستشفيات سحب جزء من حساباتها في البنك بطريقة نقدية للدفع لمشتريات أكانت أدوية او غير ذلك، والحجة أن مصرف لبنان لا يمكنه أن يعطيهم أموالًا نقدية ليتصرفوا بها.

وأكد هارون أن المريض مضطر إلى دفع ثمن أدويته نقداً في المستشفى، وقد تتراوح أسعار الدواء حسب نوعها بين مليون ليرة وصولاً إلى عشرة ملايين ليرة لبنانية، وما يفوق ذلك.

وعن كلفة الاستشفاء، يشير هارون إلى أن الفاتورة تختلف حسب العمل الجراحي، ولكن على سبيل المثال لا الحصر تعتبر عمليات العظم الأكثر كلفة اليوم لأنها تتطلب استخدام المغروسات الطبية المستوردة من الخارج ومرفوع عنها الدعم، فيما تبلغ كلفة تمييل شرايين القلب قرابة 200-300 مليون ليرة حسب عدد الراسورات المستخدمة.

بدوره، أكد نقيب الصيادلة جو سلوم أن كل "النقابات المعنية بالصحة، همها الأول تأمين الدواء للمريض"، قائلاً: "كلنا صرختنا وحدي، لأنو شعبنا عم بموت".

المفارقة الغريبة هنا أنه في ايام الحرب الاهلية والحروب الاسرائيلية لم يعش لبنان هذه الازمات، ولم نسمع بهذه الكوارث الصحية والأزمة الدوائية التي تعصف بالبلد منذ انهيار الليرة، ولم نسمع أيضاً حينها ان مريضاً توفي بسبب الأدوية المزورة التي تدخل لبنان من دون أن يُحاسب أحد.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 1