اجتماع موسكو لم يشهد طرح صفقة سورية – تركية.. والإمارات تحاول لعب وساطة بين دمشق والرياض

سفيان درويش – وكالة أنباء آسيا

2023.01.07 - 07:41
Facebook Share
طباعة

تقول مصادر سورية معنية أن الاجتماع الذي جمع بين وزيري الدفاع في سورية وتركيا ، وبوساطة روسية، لم يشهد ولادة أي صفقة سياسية او عسكرية، وكان مجموعة من الطروحات التي لم يتوافق عليها الطرفين إلى الآن، فيما تشدد المصادر في حديثها لـ "وكالة أنباء آسيا"، أن الهدف الأساس من الاجتماع هو التحضير لتوقيع اتفاقية جديدة بين سورية وتركيا يتم من خلالها تطوير "اتفاقية أضنة"، المعنية بحماية الحدود المشتركة بين البلدين.


المصادر تحدثت عن عدم إبداء الحكومة السورية تجاوباً مع الدعوة التركية لمحاربة "قوات سورية الديمقراطية"، رافضة حصر التعريف التركي لـ "المنظمات الإرهابية"، في سورية بتنظيمي "قسد"، و "داعش"، وان على تركيا أن تذهب نحو واقعية التعامل مع التنظيمات المسلحة بوصفها تهديداً إرهابياً للحكومة السورية، الأمر الذي لم تقبل به أنقرة، وعلى إثر الخلاف على توصيف هذه التنظيمات تعتبر المصادر أن الوصول إلى توافق على شكل ومضمون محاربة الإرهاب بشكل مشترك بين سورية وتركيا تبدو عملية صعبة.


وتنفي المصادر طرح ما يمكن تسميته بـ "الصفقة السياسية والعسكرية"، من قبل أي من الطرفين، وفيما تسعى الحكومة الروسية لتفعيل العلاقات بشكل جدي بين الطرفين، ومن المبكر الحديث عن هذه الصفقة التي تثير مخاوف المعارضة السورية وتنظيم "هيئة تحرير الشام"، أكثر من أي طرف آخر لكونها ستعني تخل تركي عنهما، وبالتالي إحتمالية خروجهما من المعادلة السورية بشكل أسرع، فيما تعد "قسد"، الطرف الأقل تهديداً في أي صفقة بين البلدين لكونها محمية بالقرار الأمريكي.


في المقابل تعتبر مصادر تركية خاصة تحدث معها مراسل الوكالة الزميل في انقرة "احمت كورت" أن ما يقوله المصدر السوري هو تضليل كون الاتفاق لتجديد اتفاق انقرة انما عنوانه الرئيسي الانسحاب التركي المبرمج على وقع الحل السياسي النهائي في سورية والذي سيكون من عناوينه الرئيسية انضمام المعارضة المدعومة تركيا للجيش السوري والقضاء على الارهاب بما فيه الارهاب الكردي.


و يبدو الاقتصاد هو الأكثر طرحاً على طاولة النقاش حالياً، فالحديث عن فتح المعابر البرّية بين البلدين، وتحرير الحركة التجارية على الطريقين "إم 4 – إم 5"، سيقدم للحكومة التركية القدرة على الوصول ببضائعها إلى الأسواق الخليجية عبر طرق آمنة وقصيرة، لم تستخدمها منذ بداية الحدث السوري، فالنقل من الموانئ التركية على البحر المتوسط نحو الدول الخليجية يتطلب حالياً المرور بهذه القوافل من غرب إلى شرق الأراضي التركية أولاً، والدخول من العراق نحو المعابر البرّية مع الخليج، وهي طرق تعادل ضعفي الطرق السورية من حيث الطول، ناهيك عن احتمالات التعرض لهجمات من قبل مجموعات حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق تركيا، وشمال العراق، أو مجموعات تنظيم داعش حين مرور القوافل التجارية في صحراء "جنوب الأنبار"،


غرب العراق.


وفيما تشير التصريحات التركية إلى احتمال عقد لقاء بين وزير خارجيتها "مولود جاويش أوغلو"، مع نظيره السوري "فيصل المقداد"، مع إشارة التقديرات من قبل وسائل الإعلام إلى احتمال عقد هذا اللقاء بحضور روسي في العاصمة الإماراتية، فإن الفهم الدمشقي للمساعي التركية نحو التقارب مع سورية، سيدفع الأخيرة إلى التروي قدر الإمكان، إذ لن يقبل الرئيس بشار الأسد بعقد أي لقاء مع نظيره التركي قبل إجراء الانتخابات التركية بما لا يعطي "أردوغان"، أفضلية مجانية على منافسيه، خاصة وإن مسؤولي حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا تربط بين التقارب مع سورية وملف إعادة اللاجئين والتهديدات الإرهابية، الامر الذي سيعتبره الشارع التركي خطوات جدية من "أردوغان"، نحو تخليص بلاده من ثقل وجود السوريين في تركيا على المستويين الاقتصادي والخدمي.


وتتحدث مصادر دمشقية عن كون زيارة وزير الخارجية الإماراتية الأخيرة إلى دمشق لا ترتبط بملف العلاقة مع تركيا، بل باحتمالات التقارب السوري – السعودي، فالرياض ستذهب نحو تطبيع العلاقات مع دمشق بخطوات أسرع إذا ما أحست بأن الأتراك جديين بمثل هذا التقارب، ومع الإشارة هنا إلى أن ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، بوصفه الحاكم الفعلي للسعودية منذ تنصيب والده ملكاً، ذهب نحو وقف الدعم المالي للمجموعات المسلحة في سورية، ويبدو إن الملف السوري بالنسبة له إنهاك غير مرحب باستمراره في ظل مساعيه نحو تطوير المملكة وفقاً للرؤية التي يسميها بـ "السعودية 2030"، والتي يريدها بـ "صفر أعداء"، ورغم العلاقة الجيدة بين الإمارات وتركيا، إلا أن الأخيرة قد تكتفي بالوساطة الروسية لتحقيق التقارب مع دمشق، وبالتالي فإن المساعي الإماراتية تأتي كمحاولة خليجية لسبق الأتراك نحو دمشق. وهي مساع مرتبطة بالجدية السورية باخراج الايرانية شكلا ومضمونا من الاراضي السورية ولو بقي التحالف على قوته لكن دون فاعلية ايرانية على القرار السوري المستقل.


كل هذا الانفتاح والتحسن في العلاقات مع المحيط الإقليمي لدمشق لن يفيدها في حل الأزمة، فالمصادر الكردية التي تواصلت معها "وكالة أنباء آسيا"، تؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية وجهت "قوات سورية الديمقراطية"، بـ "تجميد الحوار"، مع الحكومة السورية وعدم الذهاب نحو أي شكل من التنسيق مع دمشق في الوقت الحالي إلا بما تقتضيه الضرورة الأمنية، وتعمل واشنطن حالياً على تقديم ما يرضي الأتراك من حيث الملف الأمني بتشكيل مجموعات مكونة من أبناء العشائر العربية لنشرهم على خط التماس المباشر، وتم بالفعل التواصل مع القائد السابق لفصيل "لواء ثوار الرقة"، الذي حلته "قسد"، في العام 2018، وذلك بهدف إعادة تشكيل هذا الفصيل ونشره على خطوط التماس شمال الرقة، كما يتم مناقشة هوية الشخصية الأنسب لتقود تشكيل عشائري يتنشر لصالح "قسد"، في مناطق شمال الحسكة، الأمر الذي سيحرج الوجود السوري والروسي في المنطقة، وقد يجبرهما على الانسحاب من المنطقة، وهذا ما قد يجهض المساعي الروسية لتطوير "اتفاق اضنة"، والاستفادة منه بتسليم مناطق الحدود للجيش السوري بدلاً من الوجود التركي المباشر.


المشكلة الأساس بالنسبة لـ "دمشق" هي التواجد الأمريكي الذي انحصر منذ تشرين الأول للعام 2019 بالمناطق النفطية الواقعة إلى الشرق من نهر الفرات، إضافة إلى منطقة التنف الواقعة إلى الشرق من محافظة حمص، والتي يمر منها الطريق الأقرب بين "دمشق – بغداد"، حيث يعد الوجود الأمريكي في هذه المنطقة قطعاً لطريق "طهران – بيروت"، ما يجعل الاستراتيجية الأمريكية في سورية محصورة بهدفي قطع الطرق البرّية مع العراق، ومنع دمشق من الاستفادة من النفط في عملية إعادة إعمار البلاد، وبدون الخروج الأمريكي من الأراضي السورية وتحديداً من منطقة الثروات الاستراتيجية تبدو الازمة السورية مستمرة دون إمكانية لحلها، لكن الخطوات التي تتخذ من الجانب السوري بالتعاون مع موسكو لتطبيع العلاقات مع دول الإقليم قد تفيد في إحراج الموقف الأمريكي في المحافل السياسية لا أكثر. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 10