ما بين ارتفاع اسعار المحروقات والتهريب... ما الهدف من وراء تعاميم مصرف لبنان؟

2022.10.10 - 09:48
Facebook Share
طباعة

كتبت صحيفة الديار تقول: ما يمر به لبنان من أزمة إقتصادية مُستفحلة خصوصًا على صعيد إرتفاع الأسعار، يُثبّت ما تنص عليه النظرية الإقتصادية من ناحية أولويات الحكومات. فالمهمّة الأولى المنوطة بكل حكومة هي تحقيق التوازن الداخلي والذي يحوي شقّين إستقرار الأسعار والتوظيف الكامل.

تعاميم مصرف لبنان
سابقًا قبل الأزمة، كان ارتفاع الأسعار يعود بشكل شبه حصري إلى إجراءات (؟) من قبل التجار. أما اليوم فإرتفاع الأسعار أصبح مرهونا بثلاثة عوامل رئيسية: مستوى الأسعار العالمية، دولار السوق السوداء، والتلاعب بالأسعار من قبل التجار.

من ناحية الأسعار العالمية، تنصّ التوقعات على إرتفاع الأسعار بشكل هيكلي إلى مستويات المئة دولار أميركي للبرميل الواحد خصوصًا بعد قرار دول الأوبك+ بتقليص الإنتاج بقيمة مليوني برميل يوميًا. هذا القرار أتى على إثر الاجتماع الأخير للمنظّمة والذي إستند إلى المعطيات الإقتصادية العالمية وتراجع الطلب نتيجة السياسات النقدية للمصارف المركزية في العالم أجمع، والتي تُنبئ بضرب النمو الإقتصادي العالمي أي الطلب على النفط. الاقتصاد العالمي من ناحيته، لم يتعاف بالكامل من تداعيات جائحة كورونا التي عصفت بالعالم في العام 2020 وإمتدّت إلى منتصف العام 2021، ليُعاود بعدها الاقتصاد العالمي ويتلّقى ضربة قوية نتيجة الحرب الروسية – الأوكرانية والتي رفعت أسعار النفط والغاز عالميًا ورفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية، وهو ما تُرّجم تضخّما في كل دول العالم تقريبًا مع حرمان العديد من الدول الفقيرة من الحبوب والمحروقات.

من ناحية سعر صرف الدولار في السوق السوداء، فالتوقّعات بلجم الإرتفاع خصوصًا بعد الإجراء الذي إتخذه المصرف المركزي من خلال تعميميّه الوسيطين 643 و644 واللذين نصّا على وقف شراء الدولارات على منصة صيرفة مع فرض التدقيق على فتح الإعتمادات في الخارج وذلك بهدف التأكّد من أن الأموال التي حُوّلت إلى الخارج، خدمت هدف التحويل أي شراء المحروقات وجلبها إلى لبنان. ونصّت المادة الأولى من التعميم الوسيط رقم 644 على «يُطلب، إستثنائيًا من المصارف أخذ موافقة مصرف لبنان المسبقة على فتح الإعتمادات أو دفع الفواتير المخصصة لإستيراد المشتقات النفطية (بنزين، مازوت، غاز) على أن يتمّ، لاحقًا، تزويد مديرية القطع والعمليات الخارجية لدى مصرف لبنان بالفاتورة النهائية ووثيقة الشحن ومحضر التفريغ». كما نصّت المادة الأولى من التعميم الوسيط رقم 643 على وقف إعطاء الدولارات من مصرف لبنان لشراء المشتقات النفطية وحصر طلب الدولارات حصريًا بالقمح والأدوية والمستلزمات الطبية، وحليب الرضع لغاية عمر السنة والمواد الطبية التي تدخل في صناعة الأدوية.

في الواقع هذه التعاميم تأتي على خلفية حجم التهريب المزدوج: (1) لرؤوس الأموال من قبل التجار الذين يُرسلون الأموال بهدف الإستيراد من دون أن تعكس قيمة السلع المستوردة حجم الأموال المحوّلة، و(2) تهريب المشتقات النفطية عبر الحدود إلى دول مجاورة أو مباشرة إلى دول أخرى من دون المرور في الأراضي اللبنانية!

وتُظهر حساباتنا إلى أن نصف الإستيراد (بما فيه المحروقات) يذهب إلى التهريب وبالتالي، فإن عملية التشديد على الفواتير ووثائق الشحن ومحاضر التفريغ، يُخفف من عملية التهريب وبالتالي من إستهلاك الدولار المحلي.

أما على صعيد التلاعب بالأسعار من قبل التجار، فهذا الأمر أصبح شبه طبيعي في بلدٍ غابت فيه الرقابة بسبب الوسائل المتوفرة أو بسبب التواطؤ. وعلى سبيل المثال لا الحصر، أظهر برنامج على إحدى المحطات التلفزيونية المحلية أن الفواتير التي يُقدّمها التجار تُعدّل فيها الأسعار لترتفع بشكل غير مبرر بالدولار الأميركي وبالتالي بالليرة اللبنانية. كما أظهر البرنامج الذي بُثّ نهار الجمعة الماضي، إعترافات واضحة بعمليات التهريب عبر الحدود.

أيضًا من الأمثلة، هو رغبة زبون دفع ثمن صفيحة البنزين بالدولار الأميركي على محطات الوقود، حيث يتم إحتساب الدولار على سعر صرف أقلّ من السوق السوداء التي يتبعها التجار بما قيمته 4000 إلى 5000 ليرة للدولار الواحد وهو ما يؤمّن لصاحب المحطّة ربحًا بقيمة 80 ألف ليرة عن كل صفيحة من فارق سعر الصرف فقط!

تعاميم مصرف لبنان قد تُعطي مفعولها إذا ما تواكبت مع إجراءات من قبل الأجهزة الرقابية والقضائية والأمنية. حيث أنه من الممكن الإمساك باللعبة بالكامل خصوصًا أن المخالفين الكبار معروفون بالأسماء وضبطهم رهينة قرار سياسي «محجوز» في مكان ما.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 10