روسيا والصين أمام احتمال إنشاء قواعد عسكرية أمريكية في آسيا الوسطى

إعداد - رؤى خضور

2021.08.10 - 06:28
Facebook Share
طباعة

 أفادت تقارير حديثة بأن الولايات المتحدة تحاول إنشاء قواعد عسكرية في آسيا الوسطى بعد انسحابها من أفغانستان، وكانت قد أنشأت وجوداً عسكرياً في آسيا الوسطى في أعقاب الهجمات الإرهابية في الحادي عشر من أيلول/سبتمبر.

إن الضعف الاقتصادي والعسكري لآسيا الوسطى أمام التحديات الأمنية المتزايدة وسط تقدم طالبان على الصعيد الوطني قد حول المنطقة مرة أخرى إلى ساحة للتنافس الجيوسياسي بين القوى العالمية والولايات المتحدة وروسيا والصين.

ومن خلال استغلال الأزمة الأفغانية، تحاول موسكو زيادة نفوذها العسكري في منطقة آسيا الوسطى المعروفة أيضاً باسم "نقطة الضعف الجنوبية لروسيا"، وهو مصطلح يؤكد الشعور بالضعف الذي تشعر به على طول حدودها الجنوبية، ومن هنا فإن هدف فلاديمير بوتين الأساسي في هذه المرحلة هو منع القوات المسلحة الأمريكية من الحصول على موطئ قدم في المنطقة من جديد بعد انسحابها من أفغانستان، لأنه بالنسبة لموسكو، فإن أي تقدم من قبل واشنطن في "بطنها الجنوبي"، لا سيما عسكرياً، يمثل تهديداً لنفوذها.

لذلك، يتابع المسؤولون الروس الآن باهتمام التحركات الأمريكية التالية، ويفحصون كل اتصالاتهم مع حكومات آسيا الوسطى.

من جانب آخر، التصعيد العسكري الروسي بالقرب من المناطق الحدودية في "الجزء الجنوبي السفلي" من روسيا يلعب دوراً في مصلحتها لمنع التهديدات المحتملة من أفغانستان، وروسيا بدورها تدرك اعتماد دول آسيا الوسطى عليها للدعم والدفاع، ما يزيد التكهنات بشأن زعزعة الاستقرار المحتملة في المنطقة.

وفي هذا السياق، ذكر إميل أفدالياني، من مركز بيغن للدراسات الاستراتيجية، أن التكوين الجيوسياسي اليوم يختلف بشكل لافت للنظر في كل من المنطقة وعبر أوراسيا، والظروف ليست لصالح الوجود الأمريكي كما كانت في السابق، وهذا ليس فقط لأن دول آسيا الوسطى أصبحت الآن أكثر استعداداً لمقاومة تهديد طالبان عسكرياً، إنما بسبب تعزيز روسيا أيضاً وجودها العسكري في المنطقة، ولن تسمح بالتأكيد للقوى الخارجية بالدخول، خاصة في عصر استبعاد موسكو السياسة.

لكن الموافقة الروسية لتمركز قواعد عسكرية أمريكية ليست العامل الوحيد الذي يوجه إنشاء وجود أمريكي جديد في آسيا الوسطى، فهناك لاعب آخر، الصين، سيعارض بشدة أي نوع من الوجود الأمريكي، ففي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، دفع القلق بشأن دعم طالبان للجماعات الانفصالية والمتطرفة المتمركزة في شينجيانغ الصين إلى النظر إلى جهود الولايات المتحدة على أنها غير مرحب بها، ومنذ ذلك الحين ، تدهورت العلاقات الصينية الأمريكية للغاية، مع وصول بكين لرؤية الوجود الأمريكي في أفغانستان انحرافاً عن مهمتها لمكافحة الإرهاب والتركيز بدلاً من ذلك على محاربة طموحات الصين الإقليمية، لذا ستكون بكين معارضاً قوياً للتوسع العسكري الأمريكي في آسيا الوسطى، وهي منطقة حساسة بالنسبة لبكين.

علاوة على ذلك، لن تكون الصين سعيدة بوجود غربي في آسيا الوسطى لأن المنطقة تقع على حدود مقاطعة شينجيانغ المضطربة أساساً، وتتوسع الصين عسكرياً ومن ناحية الأمن في آسيا الوسطى، وافتتحت قاعدة عسكرية في طاجيكستان وزادت خلال الأعوام الماضية عدد التدريبات العسكرية التي تجريها مع دول آسيا الوسطى، بالتالي فإن منافساً خارجياً جديداً يخاطر بإزعاج توازن القوى الإقليمي الذي كانت الصين تبنيه بعناية.

وأضاف أفيدالياني أن وقائع اللغز الأفغاني تظهر أن روسيا والولايات المتحدة، على الرغم من تنافسهما الشديد على مساحات شاسعة من الأراضي الأوراسية، يمكن أن تتعاونا في بعض الأحيان، ويتوافق القرار الروسي بالسماح للجيش الأمريكي باستخدام منشآته في آسيا الوسطى مع نموذج القوة العظمى لموسكو، ففي هذا النوع من العلاقات الدولية يسود طابع التعاون والمنافسة معاً.

وبحسب الكاتب، منذ أن دعمت موسكو هجوم أمريكا على الإرهاب في أفغانستان في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، تطور تفكيرها وباتت تنظر الآن إلى الوجود الأمريكي المحتمل من منظور سلبي، فضلاً عن أن القضية في آسيا الوسطى لا تتعلق فقط بروسيا بل يتعين على الولايات المتحدة الآن أن تستجيب للمخاوف الصينية أيضاً، والتي ستكون صعبة للغاية.

من جانبها، تفضل بكين العمل مع موسكو بدلاً من واشنطن، إذ تشترك الصين وروسيا بمخاوف مماثلة، وكلاهما يعارض الوجود العسكري الغربي، لكن يمكن لروسيا أن تتعاون مع الولايات المتحدة لغرض إظهار الصين أن موسكو، وليس بكين، هي المسؤولة في المنطقة، وأنها ستقرر ما إذا كانت ستسمح أو تمنع الوجود العسكري للقوى غير الإقليمية في آسيا الوسطى.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 4