ترتيب البيت الدرزي.. أول غيث إعادة تموضع جنبلاط

يوسف الصايغ - بيروت

2021.06.21 - 02:07
Facebook Share
طباعة

على وقع السجال السياسي وارتفاع حدة الخطاب والتراشق الإعلامي العنيف بين مختلف القوى، تسلطت الأَضواء على الزيارات التي قام بها رئيس الحزب الإشتراكي وليد جنبلاط على عدد من المرجعيات الروحية لطائفة الموحدين الدروز في الجبل، والتي هدفت بحسب أوساط مطلعة الى وضع تلك المرجعيات في أجواء التطورات الحاصلة على صعيد المنطقة والتي بالطبع ستنعكس على لبنان، وهذا ما عبّر عنه جنبلاط بالقول ان الأيام القادمة ستكون صعبة، ما يحتم العمل على تمتين الصف وتوحيد الموقف في مواجهة العواصف الآتية.
جنبلاط قارىء ممتاز للتطورات السياسية التي تشهدها المنطقة فهو عند كل محطة يكون جاهزا للتعاطي وفق ما تقتضيه الحاجة، بحسب ما تؤكد مصادر سياسية مواكبة لحراك جنبلاط السياسي، والتي تشير الى ان رئيس الاشتراكي لم يجد حرجا في الدعوة الى التسوية السياسية، التي ليست عيبا في القاموس السياسي، خصوصا وان جنبلاط عاصر مختلف الحقبات التي شهدت متغيرات مفصلية على صعيد لبنان والمنطقة، وهو يعمل اليوم على إستباق القادم الأسوأ بحسب تعبيره، ويسعى من اجل ترتيب الأوضاع داخل البيت الدرزي السياسي بالتعاون مع النائب طلال أرسلان والوزير السابق وئام وهاب، وهذا ما تعتبره الأوساط المتابعة بأنه تطور إيجابي يعكس اعتراف جنبلاط بشركائه السياسيين على الساحة الدرزية خلافا للمراحل السابقة حيث كان الإستئثار هو السائد، وعليه تدعو الاوساط الى انتظار ما ستحمله الايام المقبلة، لنرى ان كانت الشراكة ستترجم في المجلس المذهبي الدرزي ولجنة الاوقاف، وحتى في المقاعد النيابية الثمانية التي هي من حصة الدروز في المجلس النيابي وكذلك الامر في الحكومة بحال توافرت الظروف لولادتها، دون أن نسقط من الحسابات استعادة جنبلاط للعلاقة مع دمشق، والتي يبدو ان ظروفها غير ناضجة حتى الآن ان على صعيد جنبلاط الشخصي او بالنسبة لنجله النائب تيمور جنبلاط.
وبحسب الأوساط لا يمكن النظر الى حراك جنبلاط الا من زاوية التطورات الاقليمية، وفي مقدمها الـ سين – سين أي عودة التقارب السوري – السعودي، وربما هذا ما دفع بجنبلاط للحديث عن التسوية، فعودة الانفتاح العربي على دمشق لا سيما بعد انتخاب الرئيس بشار الأسد لولاية رئاسية خامسة، وبعد الحسم العسكري الميداني لصالح الجيش السوري له دلالاته التي يقرأها جنبلاط بعين البصيرة، وتضيف الأوساط مشيرة الى ان "زعيم الاشتراكي غمز أيضا من باب التسوية الكبرى التي تحصل على المستوى الاميركي – الإيراني في فيينا والتي ستضمن عودة الغرب الى الاتفاق النووي مع إيران، والتي يالطبع سيكون له انعكاساته على لبنان ما يعني تعزيز موقف حلفاء طهران، وجنبلاط يدرك ان حزب الله سيكون سيكون الرابح الاول من نتائج مفاوضات فيينا وسيسعى الى استثمار ذلك سياسياً، ومن هنا فإن دعوة جنبلاط الى التسوية السياسية التي تحفظ الجميع على قاعدة لا غالب ولا مغلوب".
وتتابع الأوساط مؤكدة ان جنبلاط الراصد للتطورات والمتغيرات قرأ أيضاً المشهد الأخير في فلسطين المحتلة خلال معركة سيف القدس، حيث بدا واضحا ان الفصائل الفلسطينية باتت أكثر قدرة على المواجهة العسكرية، والكل يدرك ان طهران ودمشق ومن خلفهما حزب الله هم شركاء في الانجاز الذي تحقق في فلسطين المحتلة، كما ان المكوّن الدرزي في مناطق الـ 48 كان له موقف مشرف في الدفاع عن الاقصى وفي التحركات التي اندلعت في مناطق تواجدهم، إضافة الى ما حصل على صعيد الإطاحة بنتنياهو وتشكيل إئتلاف حكومي "إسرائيلي" جديد، وهذه المعطيات قرأها جنبلاط جيداً ومن هنا جاء موقفه الداعي الى انجاز التسوية السياسية في لبنان".
وتختم المصادر مؤكدة أن "رئيس الإشتراكي يدرك جيدا ان المشهد في المرحلة القادمة والتي وصفها بالصعبة ستكون مختلفة بكل المقاييس والمفاهيم، وعليه إنطلق في مشروع إعادة تموضع سياسي جديد وأولى خطواته تتطلب طي صفحة الخلاف الدرزي – الدرزي والذي سيترجم يوم السبت القادم بلقاء خلدة الثلاثي بين جنبلاط وأرسلان ووهاب، ما يشكل منطلقاً للعمل على وحدة الصف في الجبل والذي سيكون مطلبا أساسيا في المرحلة القادمة، وبالطبع لن تكون هذه خطوة جنبلاط الأخيرة وستكون هناك خطوات لاحقة، ولقاء خلدة سيكون أول غيث إعادة تموضع جنبلاط، وهو الذي يدرك كيف يتعاطى مع العواصف التي تهب وفق المثل القائل "لا تكن ليناً فتعصر ولا تكن قاسياً فتكسر"، ومن هنا فإن التسوية تصبح هي شعار جنبلاط بإنتظار تطورات المرحلة المقبلة على لبنان والمنطقة". 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 5