هل عادت الجبهة الجنوبية إلى ستايتيكو مضبوط؟

2024.08.27 - 12:54
Facebook Share
طباعة

رد «ح ز ب الله»  فجر 25 آب على عملية اغتيال العدو الإسرائيلي للقائد الميداني فؤاد شكر وهذا الرد الذي حمل اسم «عملية الأربعين» تم بواسطة أكثر من 300 صاروخ وطائرات مسيرة وكشف عن معطيات هامة في الصراع في الشرق الأوسط ومنها مدى ارتهان الكيان الصهيوني للغرب عسكريا.

 

خلال نهاية تموز الماضي قام العدو الاسرائيلي باغتيال فؤاد شكر، وهي عملية ما كان للكيان تنفيذها لولا الحشد العسكري القوي للغرب في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة الولايات المتحدة، إذ تدرك "إسرائيل" مسبقا الحصول، ليس فقط، على الدعم الاستخباراتي ولكن العسكري المباشر وغير المعلن عنه من القوات الغربية، لمساعدتها في مغامراتها

الحربية.

 

وفي الوقت الذي كانت تسعى فيه الدول الغربية عبر وسطاء إلى إقناع «ح ز ب الله» بعدم الرد على الهجوم الإسرائيلي، انطلقت آلة إعلامية معينة في العالم العربي تقلل من هذه الحركة اللبنانية، متوقعة أن  ينتظر لبنان وضعا شبيها بحرب الإبادة التي يتعرض لها قطاع غزة إذا استمر في مواجهة الكيان الاسرائيلي.

 

وجاء رد «ح ز ب الله»، وتجلى في استهداف قاعدة «غليلوت»، وهي القاعدة الأساسية لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية «أمان»، وتضم هذه القاعدة المركز الرئيسي لوحدة (8200)، المسؤولة عن استخبارات الإشارة والسايبر، كما تضم أيضاً مدرسة الاستخبارات العسكرية ومجموعة من الكليات العسكرية القيادية، بالإضافة إلى كتيبة

الاتصالات الخاصة بشعبة الاستخبارات العسكرية. واستهدفت عملية المق او مة قاعدة «عين شمير» للدفاع الجوي المتعدد الطبقات، وتحتوي على منظومات حيتس، ومنظومات مقلاع داوود وقبة حديدة. كما تضم القاعدة مقر لواء «منشيه»، ومطارا لتجارب المسيرات.

 

وبعد رد «ح ز ب الله»، يرى مراقبون أنّ الغرب والكيان أصبحا  متأكدين من حدوث الرد الإيراني، في أي وقت وبشكل مفاجئ، للانتقام من اغتيال الكيان الاسرائيلي لزعيم حركة ح م ا س إسماعيل هنية في طهران. وهذا يجعل الكيان يعيش قلقا كبيرا، كما يجعل القوات الأمريكية والغربية، عموما، أكثر تأهبا لمواجهة الهجوم الإيراني. وعموما، تأتي

عملية الرد لتكشف عن معطيات هامة للغاية لهذه العملية التي يمكن استعراضها في ما يلي.

 

حفاظ «ح ز ب الله» على قوة الردع وقوة التصميم في الرد النوعي، إذ لم يتراجع أمام التهويل المرافق ل"قوة إسرائيل"، ونفذ التهديد وقصف الكيان، بل قصف أماكن ذات رمزية كبرى، وهي مقر الاستخبارات العسكرية «أمان»، التي لديها صلاحيات تفوق الموساد. ويتمتع هذا المقر بالسرية. كما تحميه أنظمة دفاع جوي تعتبر آخر ما توصلت إليه

"إسرائيل" والولايات المتحدة في هذا المجال. ويعتبر قصف مقر «آمان» امتدادا لاستراتيجية «ح ز ب الله» في استهداف المقرات العسكرية السرية والعلنية منها.

 

إن قصف «ح ز ب الله» لمقر الاستخبارات وسط تل أبيب، يجعل من تهديدات السيد حسن نصر الله بالقدرة على ضرب مختلف البنيات التحتية المدنية والعسكرية منها واقعا ملموسا. والمثير أن هجوم «ح ز ب الله» جاء بعد تعرض القواعد العسكرية للحزب إلى غارة بمائة مقاتلة إسرائيلية فجر 25 آب الجاري لمنع الهجوم، ولكن الغارة لم توقف الرد،

وهذا يدل على مستوى المناورة.

 

تأكد مرة أخرى أن "إسرائيل" لا تمتلك القوة العسكرية الكافية لمواجهة طويلة مع حركات الم قا ومة التي تشكل جيوشا غير نظاميّة  مثل حركة ح م ا س و«ح ز ب الله»، دون دعم استخباراتي وعسكري من قبل الغرب، وخاصة الولايات المتحدة. إذ ستكشف الأيام كيف شاركت الدول الغربية في اعتراض صواريخ «ح ز ب الله» ضد الاحتلال الاسرائيلي.

 

وبحسب المراقبين فلو لم يتلق الكيان الاسرائيلي الدعم العسكري القوي من الغرب، لكان قد راهن على السلام مع الفلسطينيين أسابيع قليلة بعد طوفان الأقصى وعندما سيتم مستقبلا الكشف عن حجم الدعم العسكري والاستخباراتي الغربي الحقيقي للكيان، في هذه الحرب، ستكون الأرقام مذهلة بكل المقاييس. وتؤكد هذه الحرب كيف كانت

"إسرائيل" قريبة من الانهيار لولا هذا الدعم.

 

يتجنّب العدو التسبب في خسائر بشرية كبيرة وفي البنيات التحتية في لبنان، إذ لا يمكنه تكرار حرب الإبادة  كما تفعل في قطاع غزة، بقتله أكثر من 40 ألفا، وذلك تفاديا لرد مماثل من قبل «ح ز ب الله». ولو لم يكن «ح ز ب الله» قد حقق توازن الرعب العسكري، لكان لبنان مسرحا لعملية تدمير بشعة بمباركة الغرب.

 

يأتي ردّ «ح ز ب الله» على كيان الاحتلال ليضع الجيوش العربية، وخاصة في الشرق الأوسط، في موقف حرج للغاية، بل في موقف الخزي والعار أمام التاريخ. إذ تتأمل الشعوب العربية كيف انخرط الغرب في تقديم الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي للكيان، في حربه ضد الفلسطينيين وقوى التحرر في المنطقة، بينما الجيوش العربية لا تحرك

ساكنا، بل تقمع التظاهرات المؤيدة لفلسطين، وتقوم حكومات الدول العربية بترديد الجملة الشهيرة، التي تعتبر عن عجز خطير وهي: «ندعو إلى ضبط النفس لتجنيب المنطقة الانزلاق نحو حرب إقليمية». 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 7