انعقدت قمة القاهرة للسلام بحضور معظم دول حلف الاطلسي يوم أمس السبت الواحد والعشرين من اكتوبر والتقى ممثلو الدول الأطلسية مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا بكلمات لم تخرج عن المتوقع من ادانة ح ما س وتبرئة اسرائيل والاعلان الوقح عن تبني مشروع الابادة الاسرائيلية للفلسطينيين. والأوقح من ذاك التبني هو تكرار ممثلي دول سلّحت وتسلّح إسرائيل بادوات إبادة الشعب الفلسطيتي وتلك الدول التي تحمي اسرائيل من الملاحقات بسبب جرائم الحرب التي ترتبكها هي نفسها الدول التي خدعت ياسر عرفات بقصة مكررة مملة عن تبنيهم لحل الدولتين عام 1967 وعام 1973 وفي مؤتمر مدريد للسلام وهي نفس الدول التي قدمت ضمانات لياسر عرفات بانهم سيدعمونه في نيل الحق الفلسطيني في دولة مستقلة عام 1993 فمات الرجل مسموما ولم يجد من يدافع عنه حين حاصره شارون في رام الله ولولا السم لقتله شارون بالرصاص وعلى شاشات التلفزة بعد تسهيل عرفات للانتفاضة الثانية عام الفين انتقاما من التغول الاسرائيلي في نهب الاراضي الفلسطينية في الضفة وفي التملص من اتفاقيات اوسلو لما يسمى سلام.
هكذا يعيد الغربيون في القاهرة نفس الأكاذيب عن حل الدولتين وهي الكلمات التي خدعوا بها الفلسطينيين منذ الكتاب الأبيض البريطاني الذي أعطى للصهاينة نصف فلسطيني ثم غطت بريطانيا ابتلاعها كلها.
وقد انتهت "قمة القاهرة للسلام"، التي عُقدت أمس السبت في العاصمة المصرية، من دون الاتفاق على بيان ختامي، لأن دول الأطلسي أصرت على ذكر " حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها" وهو يعني أن جرائمها بحق الاف المدنيين المقتولين مبررة وهي دفاع عن النفس لا جرائم حرب. هذا الأمر لا تحتمله مصر شعبيا ولا حتى في الجيش المصري يمكنهم تقبله فصغار الضباط جزء من الشعب ولم تدجنهم المصالح المالية والشخصية وهو ما دفع الرئاسة المصرية إلى إصدار بيان منفرد.
ووفق معلومات صحفية فقد أصر الجانب الأوروبي على إدراج جملة "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" و"إدانة واضحة وصريحة لح م ا س"، بينما تحفظت المجموعة العربية خوفا من ردود فعل شعبية في البلاد خصوصا وأن عشرين ألف ضحية فلسطينية لا تزال دمائهم حارة في غزة.
وهنا يطرح السؤال نفسه، ألم يكن الرئيس عبد الفتاح السيسي يعرف بأن الغربيين سيصرون على هذه النقاط؟
على ذلك يجيب الزميل أحمد فيومي الصحفي في مركز الأهرام للدراسات فيقول " إنّ الرئيس السيسي بالتأكيد كان يعرف الموقف الأوروبي وما يريدونه من القمة لكنه مشى فيها بالتنسيق مع كل من البرازيل وجنوب إفريقيا وتركيا سعيا لايجاد ضامن للقضية الفلسطينية وتبعا لمصر في مواجهة التعنّت والاصرار الأميركي على حل المشكلة الغزاوية على حساب مصر.
ومجرد انعقاد القمة في القاهرة يبرز التزام مصر بالسلام وبالحلول السلمية أمام دول العالم وخصوصا أمام الأوروبيين في ظل مساعٍ أميركية اسرائيلية للانتقام من الرفض المصري لعملية طرد الفلسطينيين من غزة الى مصر.
وقبل القمة جرت اتصالات مصرية تركية خصوصا واتفق الطرفين على أن الرابح الأكبر مما يجري في غزة هو إيران التي يمكنها خوض حرب بالوكالة تطيح بالمصالح العربية وتهدد المصالح الأميركية الاستراتيجية فتأتي الحول على حساب العرب وتركيا لصالح تفاهم تاريخي أميركي- إيراني يوقف الحرب ويمنع حربا تبدأ إقليمية وقد تنتهي حربا عالمية تتورط فيها واشنطن وإيران بدعم روسي صيني ما سيدمر المنطقة وبلدانها".
ويختم الزميل فيومي فيقول " إنما ما أرادته مصر من القمة تحقق فهي تريد تفاهما دوليا لمنع المجزرة ولوقف الحرب الاسرائيلية قبل أن تتطور لتصبح حربا اقليمية بين أذرع إيران وإسرائيل إما تنتهي بحرب كبرى تطيح بكل المنطقة او تنتهي وهذا هو الاحتمال الأغلب بتفاهمات إيرانية اميركية تطيح بمصالح الدول العربية وبدورها وتركيا، من هذا المنطلق تعمل مع مصر على حصر الحرب في غزة وإنهائها قبل توسعها إلى جبهات أخرى.
وحول التمثيل المنخفض للاميركيين قال الكاتب أحمد عصر من صحيفة الوطن المصري أن السفيرة الاميركية في مصر وثيقة الصلة بالبيت الأبيض ولا يعني غياب ممثلين على مستوىً عالٍ استخفافا بالقمة وإنما هو تعامل واقعي اميركي معتاد مع القمم التي تعرف أمريكا انها لا تحقق لها ما تشاء من إدانة علنية عربية لحماس والتزام دولي عربي مع اسرائيل بالقتال الى جانبها ضد حماس سياسيا إن لم يكن عسكريا.
على كل حال لم تخسر أمريكا من القمة فهي منحت منبرا عربيا لأنصار اسرائيل من الأوروبيين في حين حصلت مصر على فرصة لتعاطف غربي كبير معها مع في ظل مخاوف الحكومة المصرية من حل اسرائيلي أميركي على حساب المصريين انفسهم من خلال رمي مليوني فلسطيني في سيناء.
هذا يعني ان السيسي يرى أن المشروع الاسرائيلي الأميركي لم يسقط وانه لا يستطيع مقاومة هذا الخيار دون دعم دول وازنة مثل السعودية وفرنسا وإيطاليا والبرازيل وجنوب إفريقيا، ما يعني أيضًا ا أن الجانب المصري يبحث عن دور للقاهرة في حل للأزمة يبعد كأس سلبيات الحرب عن دور الدول العربية لصالح توسع دور إيران التي ستقطف ثمار أي مأزق اسرائيلي عربي يسقط فيه الصهاينة وعرب التطبيع.
وكان ملفتا خلال الجلسة العلنية أن وزيرة خارجية فرنسا أشارت الى ان إيران تصب الزيت على نار الأحداث دون أن تسميها لكنها قالت أن هناك دولًا تدعم ح م ا س كي تشن عملياتها الارهابية وتريد توسيع الصراع لفائدة مصلحتها على حساب دول المنطقة المعنية وعلى حساب عمليات السلام بين العرب وإسرائيل.
وبينما انتهت القمة بلا بيان عنها، أصدرت الرئاسة المصرية بياناً، قالت فيه إن مصر سعت من خلال دعوتها للقمة إلى "بناء توافق دولي يدعو إلى وقف الحرب الدائرة التي راح ضحيتها الآلاف من المدنيين الأبرياء على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي". وقال البيان إن "مصر لن تقبل أبداً بدعاوى تصفية القضية الفلسطينية على حساب أي دولة بالمنطقة، ولن تتهاون للحظة في الحفاظ على سيادتها وأمنها القومي، في ظل ظروف وأوضاع متزايدة المخاطر والتهديدات".