منذ اشتعال الحرب في غزة، باشر ممولو المؤسسات التعليمية الأمريكية بممارسة الضغوط على الجامعات لإدانة المقاومة الفلسطينية وتحديدًا ح م ا س، الأمر الذي ازداد صعوبة وتصاعدت حدته مع انطلاق احتجاجات طلابية منددة بالتصعيد العسكري لقوات الاحتلال، ومطالبة بوقف العدوان على قطاع غزة.
هذا ما حدث على سبيل المثال، في جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية، فقد بعث جون هانتسمان، سفير الولايات المتحدة السابق لدى الصين وروسيا، برسالة للسيدة ليز ماغيل، رئيسة جامعة بنسلفانيا، يخبرها فيها أن عائلته "ستُوقف إصدار شيكات التبرعات المستقبلية للجامعة".
وبرر هانتسمان موقفه قائلًا: "إن صمت الجامعة بشأن هجوم ح م ا س المؤسف ضد شعب "إسرائيل"، في الوقت الذي ينبغي أن يكون الرد الوحيد فيه هو الإدانة الصريحة، إنما يعتبر انحدارًا بمستواها. "وأضاف: "فهذا الصمت ما هو إلا معاداة للسامية، ودليل على الكراهية، وهو نفس الشيء الذي عملنا على تجنبه بتأسيس التعليم العالي".
جامعة بنسلفانيا ليست الوحيدة التي وقعت أسيرة هذا الجدل، فأغلب المؤسسات التعليمية الأمريكية إن لم يكن جميعها تعرضت للحدث ذاته، والخلاف الأبرز ظهر بجامعة هارفارد، حيث أصدرت مجموعات التضامن مع فلسطين (HPSG) بياناً قالت فيه إنها تُحمّل " النظام الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن كل أعمال العنف الحالية والقادمة".
وأثار هذا البيان حالة من الجدل، وعلى أثره قال لاري سمرز، رئيس الجامعة السابق، على “موقع إكس” X (تويتر سابقا) أن صمت قيادة الجامعة جعلها "تبدو محايدة تجاه الأعمال الإرهابية ضد إسرائيل".
فيما بدأت دعوات رجال الأعمال الذين يتبرعون للجامعات، تطالب جامعة هارفارد وغيرها من جامعات النخبة بإدانة الطلاب الذين ينتقدون "إسرائيل" تظهر في الأفق.
مؤسس شركة Citadel للخدمات المالية، حثّ الجامعة للدفاع بقوة عن إسرائيل بعد إصدار البيان الذي ألقى باللوم على إسرائيل.
وكانت الجامعات الأمريكية قد بدأت بالإشارة صراحة في الآونة الأخيرة إلى أن الحصار المديد لغزة من قبل إسرائيل كان أحد الأسباب التي دفعت الفلسطينيين إلى "اليأس."
وفي محاولة من الجامعة لتدارُك الأمور وسعيًا لإرضاء مموليها، قامت كلودين غاي، رئيسة جامعة هارفارد بإصدار بيانًا ثانيًا أدانت فيه حماس. بينما أكدت أن لدى الطلاب الحق في التعبير عن آرائهم، لكنهم لا يتحدثون باسم الجامعة أو بالنيابة عن قياداتها.
وفي جامعة كولومبيا يرى طلاب من أجل العدالة في فلسطين دور الجامعات بشكل مختلف، وتمتلك المجموعة الطلابية الناشطة (التي انتقدتها رابطة مكافحة التشهير بشدة ) فروعًا في مئات الجامعات الأمريكية وكانت وراء العديد من الاحتجاجات الأخيرة، وقالت اللجنة التوجيهية للمنظمة - وهي مزيج من الطلاب الحاليين والخريجين الجدد - لإذاعة NPR عبر البريد الإلكتروني إنهم لا يعتقدون أن الجامعات بحاجة دائمًا إلى اتخاذ موقف عام بشأن الأحداث العالمية.
لكنهم يقولون إن الجامعات ملزمة بالدفاع عن حقوق الطلاب في التعبير والاحتجاج، وحمايتهم من حملات التشهير.
في سلسلة من المنشورات على منصة X (تويتر سابقًا)، طالب أكمان أحد المانحين، الجامعة بنشر قائمة بأعضاء أي منظمات طلابية أو اتحاد الطلاب الذي أعلنوا تأييدهم لغزة وألقوا باللوم على "إسرائيل".
الأمر الذي رآه مانحون أخرون إنهم شعروا أن دعوة أكمان ليس الهدف منها دعم "إسرائيل" وإنما الهدف منها تسطير قائمة سوداء للطلاب الذين يختلفون مع آرائه.
من جهته قال سامرز، الرئيس السابق لجامعة هارفارد، في مقابلة تلفزيونية، إن أكمان كان "ينجرف قليلا". وقال: "الآن ليس الوقت المناسب لشيطنة الطلاب".
في السياق، دعت مؤسسة الأعمال في جامعة بنسلفانيا، مارك روان، رئيس مجلس إدارة المدرسة والرئيس التنفيذي لشركة أبولو جلوبال مانجمنت، إلى إقالة رئيسة الجامعة، إليزابيث ماجيل، ورئيس مجلس الأمناء. كما طلب روان من زملائه المانحين قطع الأموال.
وفي رسالة علنية قبل عدة أسابيع، انتقد روان بن لاستضافته مهرجانا أدبيا يتضامن مع الفلسطينيين وضم ما أسماه "متحدثين معادين للسامية"، وطلب من الجامعة إدانته. وفي حديثه على شاشة التلفزيون يوم الخميس، قال روان إن أعضاء إدارة بنسلفانيا اقترحوا عليه التنحي عن مجلس الإدارة، وقد حثه بعض الأشخاص الذين تحدثوا معه على تخفيف انتقاداته.
وتعيش غزة أوضاع مأساوية صعبة بسبب الحصار الذي تفرضه قوات الاحتلال الاسرائيلي، والذي جاء في أعقاب عملية طوفان الأقصى، التي قامت بها الم قاومة الفلسطينية ح م ا س ضد الاحتلال الصهيوني السبت 7 أكتوبر/تشرين أول.