تراجعت الاهداف الاسرائيلية في العدوان على غزة من الرغبة في احتلالها والقضاء بشكل كامل على حركة حماس الى هدف أقل طموحا بحسب مصادر قناة ١٢ العبرية والتي قالت أن الجيش وضع خططا أقل طموحا وأكثر واقعية وتتمثل بتدمير المرافق الخدمية والصحية للقطاع وتدمير منشأت وبنية تحتية تابعة لفصائل ال م ق ا ومة في غزة واغتيال أبرز القيادات الحم س ا وية.
وفيما يبدو صدمة للكيان بعد صدمة السابع من أكتوبر، قالت القناة العبرية في تقرير منسوب لمصادر عسكرية أن قرارا ايراتيا جرى ابلاغه لاسرائيل عبر كل من قطر وسلطنة عمان وفيه أن حربا شاملة ستشن على اسرائيل من كل الجبهات اذا لم يتوقف القصف الاسرائيلي خلال ساعات. وفي حين لم يتوقع الجيش المحتل تورطا مباشرا لايران وحزب الله في الحرب رفع الحزب اللبناني من منسوب قصفه لمواقع اسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة وحشد بشكل شبه علني عشرات الاف المقاتلين في جبهة خلفية لا تبعد سوى كيلومترات شمال نهر الليطاني في اجراء هدفه اظهار الاستعداد لاجتياح بري لمستعمرات اسرائيلية في الشمال.
على صعيد متصل
خرجت تصريحات لمسؤولين كبارا سابقين من النخبة الأمنية في اسرائيل سكبوا فيها بعض الماء على الرؤوس الحامية، ودعوا إلى الكف عن التبجح والغطرسة والاستخفاف. وكان أبرز هؤلاء، اللواء أفرايم هليفي، الرئيس الأسبق للموساد، الذي أرسله نتنياهو إلى عمّان في سنة 1997، للتفاوض في أزمة محاولة اغتيال خالد مشعل، وتوصل إلى اتفاق بإبطال مفعول السم الذي دلقه أحد عملاء الموساد في أذنه، وبضمن الصفقة أُطلق سراح الشيخ أحمد ياسين.
وقال هليفي إن «من المؤسف أن كثيراً ممن يتولون المسؤولية الآن لا يعرفون حماس بشكل حقيقي، ولا يعرفون غزة، ولا يجيدون قراءة خريطة الشرق الأوسط». وقال إنه أمضى ساعات طويلة من حياته في حوارات مع قادة «حماس» وسنين طويلة في دراسة هذه الحركة والبيئة التي تعمل فيها. ولذلك فهو ينصح بترك أسلوب التبجح والتهديدات الفارغة والامتناع عن الاجتياح «بشكل كثيف وشرس».
وأكد: «نحن إزاء شيء جدي ويجب التعامل معه بمهنية. يجب أن نجعل الاجتياح مهنياً بأعصاب باردة وبالتدريج، واتخاذ القرارات بتروٍ شديدٍ، ووضع أهداف سياسية واقعية». وأضاف: «من يتحدث عن سحق حماس، لا يعرف عما يتكلم. حماس تنظيم كبير وقوي ولديه عزم وإصرار. قوامه نحو 150 ألف عنصر، بينهم عشرات الآلاف من المقاتلين المدربين بشكل مهني. وفي قيادته مجموعة لا بأس بها من الأفذاذ، الذين لا أحبهم وكلي غضب عليهم، ولكنني أعترف بأنهم ذوو قدرات عالية في القيادة وأذكياء واستراتيجيون. وأقترح على مَن اعتاد الاستخفاف بهم أن يكف عن ذلك. وهم ليسوا تنظيماً سياسياً وعسكرياً فحسب، بل فكر وقناعات. وإذا قضيت على قيادتهم وحتى على تنظيمهم كله، وهذا غير واقعي، فإنك لا تستطيع القضاء على فكرهم. وسينبزون لك من تحت أرض ما في وقت ما. لذلك يجب أن نضع أهدافنا بشكل واقعي وأقدامنا على الأرض».
ورفض هليفي التصريحات الإسرائيلية التي أطلقها قادة الجيش وقادة الأحزاب، من نتنياهو حتى بيني غانتس، وحتى الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، وفيها شبهوا «حماس» بـ«داعش» أو حتى بالنازية، وقال إن «حماس ليست داعش، ومَن يقول هذا الكلام لا يعرف حماس ولا يعرف داعش، ويردد كلاماً سطحياً وعاطفياً لا أكثر». ورفض هليفي أقوال حيلي غروبر، وغيره من المسؤولين الذين قالوا إن «حماس» تريد تدمير إسرائيل، وعدّوا الحرب معها وجودية.
وقال: «أصحاب هذا الرأي يعانون من إفلاس فكري. فمن أين هذه النظرية وإلى أي شيء تستند. فلا حماس قادرة على تهديد وجود إسرائيل، ولا حزب الله ولا حتى إيران. هم يتمنون دمار إسرائيل، ولدينا مَن يساعدهم بمحاولة تدمير إسرائيل من الداخل. ومن الناحية العسكرية، ما حدث هو خطأ، إخفاق كبير، ولكن بمقدورنا إصلاحه. وبالتأكيد يجب ضرب حماس، ولكن لا حاجة لوضع هدف غير واقعي بالقضاء عليها. ويجب التفاوض معها والتوصل إلى تفاهمات وفقاً لخدمة مصالحنا الوطنية».