وسط الفراغ الذي يشهده لبنان على مستوى تأليف حكومة جديدة وعلى وقع الأزمات الاقتصادية والإجتماعية، عاد الهاجس الأمني الى الواجهة مجدداً في ظل معلومات عن تحركات لخلايا الإرهاب في بعض المناطق الحساسة، وهذا ما أشار اليه مجددا وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال محمد فهمي، الذي حذر في إطلالة إعلامية من عودة مسلسل الأحداث الأمنية إن على مستوى حصول عمليات اغتيال سياسية أو أعمال أمنية، فهل باتت الأرضية جاهزة للعبث بالوضع الأمني مجدداً؟
في ها السياق يشير رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والمتخصص في الجماعات الإرهابية العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر في حديث خاص لـ"وكالة أنباء آسيا" إلى أن "لبنان وسط الصراعات القائمة في المنطقة معرّض لحصول أحداث أمنية محدودة، ولكن لا يجب تحويلها الى هاجس دراماتيكي لا سيما وأن وضع لبنان الأمني ممسوك وليس متماسكاً، ويشير جابر الى ان "وضع لبنان في خضم صراعات المنطقة تجعل الوضع فيه غير متماسك في ظل عدم الإستقرار السياسي".
وعلى صعيد تحرك الخلايا الإرهابية يشير العميد جابر الى انه "لا يعتقد بأنها قادرة على المبادرة بأي عمل في المدى القريب، واذ يؤكد ان الخلايا النائمة لا تزال موجودة، يلفت الى أن الشيء المطمئن هو ان هذه الخلايا الإرهابية لا يمكنها ان تعيش بدون بيئة حاضنة والتي انحسرت في لبنان الى الحد الأدنى، كما ان القوى الأمنية تعرف هذه الخلايا وتراقبها ولكن متى تمكنت هذه الخلايا من القيام بأي عمل لن تتوانى عن ذلك، لأن هناك جهات تحركها من الداخل والخارج".
كذلك يرى جابر أنه وفي ظل الوضع الاقتصادي الصعب وتفشي وباء الكورونا وجوع الناس فإن المجال أمام العناصر الإرهابية للتسلل والقيام بأعمال أمنية والتخريب قائم وهذا لم يحصل، ما يعني ان الأجهزة الأمنية تقوم بعملها وتتضافر جهودها معاً في العمل على رصد الارهاب واحباط مخططاتها وهذا أمر جيد".
من جهة ثانية يلفت جابر الى الوضع الاجتماعي ممكن ان يتدهور ما يسمح لجهات مشبوهة بأن تندس بين الناس الجائعة من اجل القيام بأعمال أمنية وتخريبية، وهذا لا يمكن للأجهزة الأمنية أو لأي جهة أخرى أن تضمنه، ولكن يجب الانتباه بحيث تصبح عملية الفرز صعبة جدا بين الجائع الحقيقي والمجرم المخرب".
من جهته يشير العميد المتقاعد الدكتور أمين حطيط في حديث خاص لـ"وكالة أنباء آسيا" الى أن "لبنان وضع منذ العام 2019 ضمن خطة بومبيو التي تم تنفيذ جزء منها بنجاح لجهة الفراغ السياسي والخلل الإقتصادي والانهيار النقدي، بينما يأتي الإخلال بالأمن في المرحلة الرابعة في سياق خطة بومبيو، والعمل يتم الآن من اجل الانهيار الامني في ظل محاولات فريق سياسي ما من لإحداث الانهيار، ولكن الوضع لا يزال ممسوكاً حتى الآن ".
ويتابع حطيط مشيراً الى أن "وزير الداخلية كان متشائماً اكثر من اللزوم وربما هو لا يملك كافة المعطيات، لكن المخاطر لم تصل الى درجة الرعب والخلل الأمني لا يزال مستبعداً كما أنه لا يمكن التنبوء بالسيناريو الذي يمكن ان ينفذ، لانه لا يمكن حصر الخلل الأمني بفرضية معينة فالميدان مفتوح على كل الاحتمالات، وأحدها حصول انفجار إجتماعي واستغلال ذلك في السياق الأمني".
كذلك يلفت حطيط الى أن داعش لم تنته في لبنان رغم هزيمتها عند الحدود بحيث لا تزال لها بعض البذور، اما عملية تحريك خلاياها فهذا مرتبط بالبيئة والظرف، والى حد الآن الأجهزة الأمنية تقوم بدورها بشكل جيد، ولكن لا يمكن معرفة ماذا يمكن ان تحمل التطورات القادمة، ويختم حطيط مشيراً الى أن الجهات الخارجية تعمل من اجل حصول الخلل الأمني، لكن توازن القوى في الداخل يمنع تنفيذ الأجندة التي يتم العمل عليها ميدانياً".