يجلس الدكتور اللبناني جورج الأخصائي بالأمراض الهضمية وراء مكتبه وعلامات الاستياء بادية على وجهه، يشبك أصابعه ببعضها قبل الشروع بالحديث لـ وكالة أنباء آسيا" عن هموم أطباء لبنان وما يتم الكلام حوله من هجرة لأطباء لبنان في أحلك الظروف .
يقول الدكتور جورج: للأسف هناك أسباب موضوعية تدفع أطباءنا للهجرة، لم يقصر هؤلاء في خدمة اللبنانيين، ولكن الشعارات المهنية والإنسانية لا تشبع بطون عائلاتهم أيضاً، لقد تسبب تزايد معدلات الفقر ، وخصخصة القطاع الطبي إلى درجة باتت فيها المشافي الحكومية أشبه بأشباح مقارنة بحاجات اللبنانيين للاستشفاء بأزمة معيشية خانقة للأطباء، كثير من الناس بات يستغني عن مراجعات الأطباء، بسبب ارتفاع تكاليف المعاينات، إضافة إلى ذلك ارتفاع أسعار الدواء، هذه أسباب قد يراها البعض بسيطة لكنها تؤرق الغالبية العظمى من الجسم الطبي في لبنان، وفق قوله.
في آخر الإحصائيات اللبنانية عن هجرة الأطباء، قام أكثر من 100 طبيب بالهجرة إلى كردستان العراق والسعودية وأبو ظبي والبحرين وسلطنة عمان ، فيما بلغت نسبة الأطباء والمهندسين من المهاجرين اللبنانيين 53% وهي نسبة كبيرة وخطيرة.
فيما يتداول اللبنانيون إحصائيات حول احتلال بلدهم للمرتبة 113 بين 144 دولة نسبة إلى ظاهرة هجرة الأدمغة، وفي العام 2020 هاجر ما يقارب الـ 600 طبيب من لبنان.
تعقيباً على تلك المعلومات، قال الدكتور محمد بعريني أخصائي في الأمراض الجلدية: الغريب أن هذه الظاهرة الخطرة بدأت بشكل ملحوظ منذ عامين، لكن المسؤولين والدولة لم يحركوا ساكناً.
وفي رده على سؤال "آسيا"، عمّا كان للدولة أو الحكومة أن تفعله للأطباء أجاب قائلاً: كان يمكن للدولة أو الحكومة إعطاء الأطباء مزايا تجعلهم لا يفكرون بالهجرة، ولو كان هناك قطاع صحي عام وازن لا خاص، وتم إعطاء الأطباء مزايا كالسكن والأجور على سبيل المثال لا الحصر لكانت نسب الهجرة أقل بكثير مما نشهده الآن ، فالمشافي الخاصة قد تعطي أجوراً عالية للأطباء، لكنها ستتوقف عن ذلك عندما يقل عدد المرضى والمراجعين الذين يرتادونها، والآن في هذا الوضع المزري اقتصادياً ومعيشياً، كم نسبة اللبنانيين القادرين على ارتياد مشافي خاصة؟
فيما كان رئيس قسم جراحة الأعصاب والدماغ والعامود الفقري في الجامعة الأميركية في بيروت غسان سكاف قد حذر من أن هجرة الأطباء ستفقد لبنان دوره الريادي في الطب.
ضمن استنزاف قدرات وعقول لبنان الطبية والهندسية، فإن جورج حاتم الطبيب الخاص للرئيس ماو تسي تونغ مؤسس الصين الشعبية، هو لبناني من حمانا. تخرج من AUB وتخصص في سويسرا وكان اول اجنبي يحصل على الجنسية الصينية، هذه المعلومات بات يتداولها ويحتج بها الكثير من الأطباء اليوم تبريراً لنيتهم في الهجرة، بحثاً عمن يقدر قيمتهم، وفق تعبيرهم.
يأتي كل ذلك بعد أن أُعلنت معلومات عن هجرة أطباء لبنانيين إلى العراق بحثاً عن فرص عمل هناك، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية، حيث شهدت بعض المستشفيات بجنوب وشمال العراق، قدوم عدد من الأطباء اللبنانيين للعمل فيها، وهناك معلومات عن نية العشرات للتوجه إلى العراق خلال الأيام المقبلة، وقد تم الكشف عن هذه المعلومات من مصادر عراقية، بعد الإعلان أيضاً عن اتفاقية بين العراق ولبنان تعتمد مبدأ النفط مقابل الخدمات الطبية، في ظل ظروف تجعل الشعب اللبناني بحاجة لكوادره الطبية في مواجهة كورونا، فيما الكثير من الأطباء يستعدون لخوض تغريبتهم الخاصة في زمن الوباء.