هل تنتقل ليبيا من الصراع إلى المصالحة؟

إعداد - رؤى خضور

2021.03.26 - 07:33
Facebook Share
طباعة

 بعد أعوام من الانقسامات والقتال، وبعد شهور من المفاوضات، أصبح لدى ليبيا الآن حكومة جديدة تجمع الليبيين، حيث أدت حكومة الوحدة الوطنية الليبية اليمين الدستورية مع ممثلين من كلا الطرفين المتحاربين في الأجزاء الشرقية والغربية.


لكن الحكومة الجديدة ستواجه تحديات كبيرة بالنظر إلى أعوام الصراع بين الحكومة المعترف بها دولياً في الغرب، والمنافسين في الشرق، فقبل العام 2011، كانت ليبيا تصدّر ما يقرب من 1.8 مليون برميل من النفط يومياً وكميات كبيرة من الغاز الطبيعي، لذلك كان للصراع الذي قسم البلاد وألحق أضراراً بمدن الموانئ ومحطات الحفر والمصافي، تأثير كبير على الاقتصاد، ومذاك أصبحت ليبيا تحت نير عديد من الميليشيات التي استغلت عدم الاستقرار السياسي وأضعف مؤسسات الدولة، خصوصاً وأن هذه الميليشيات تعتمد على الفساد والابتزاز ومصادرة الممتلكات الخاصة وتهريب منتجات تكرير النفط ورؤوس الأموال إلى دول أجنبية، وبالنتيجة ما زال الشعب الليبي يعاني من أزمات سياسية واقتصادية معقدة. 


فضلاً عن أزمات اجتماعية تتجلى بالبطالة الكبيرة بين الشباب وانقطاع الكهرباء والمياه والغاز على نطاق واسع، وأعوام من الفساد والفشل في مكافحة انتشار Covid-19، كل هذا أدى إلى احتجاجات العام الماضي، لذا سيتعين على حكومة الوحدة الوطنية أن تولي اهتماماً كبيراً لمطالب الشعب، والعمل على توحيد المؤسسات الحيوية، بما في ذلك مصرف ليبيا المركزي، وإنشاء سعر صرف موحد في جميع أنحاء البلاد هدفاً مستعجلاً للحكومة الجديدة للمساعدة في حل المشكلات الاقتصادية التي تعرقل التوصل إلى حل سياسي للصراع، ويجب على حكومة الوحدة الوطنية تطوير إصلاحات اقتصادية مهمة واستعادة ثقة الشعب في إدارة الاقتصاد الليبي. 


لكن هدف البيئة السياسية الحالية في الجمع بين المؤسسات الاقتصادية في البلاد يمكن أن يكون عملية خطرة، أو صعبة على الأقل، نظراً للترابط المعقد بين المصالح المتضاربة، داخل ليبيا وخارجها.


علاوة على ذلك، فإن الحكومة أمام مهمة شاقة أخرى تتمثل في توفير الأمن وما يتطلبه من توحيد الجيش المقسّم بين شرق ليبيا تحت قيادة خليفة حفتر، وغرب ليبيا المسيطَر عليه من قبل الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة الوفاق الوطني.


صحيح أن الأمم المتحدة ستعمل على تسهيل هذه المهمة قدر الإمكان حيث ستجمع اللجنة العسكرية المشتركة مسؤولين عسكريين من الحكومة المعترف بها دولياً في طرابلس والقوات المتحالفة مع خليفة حفتر بغية توحيد الجيش، لكن لا توجد علامة واضحة على إحراز تقدم على الجانب العسكري من الصراع، فعلى سبيل المثال، كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، كان من المفترض فتح طرق مصراتة - سرت لربط المراكز السكانية في شرق البلاد وغربها، لكن هذا لم يحدث بعد، فضلاً عن أن هناك 20000 من القوات الأجنبية في ليبيا وفقاً للأمم المتحدة، ولم يتم رصد أي مغادرين كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار، والذين كان من المفترض أن يغادروا البلاد في غضون ثلاثة شهور، لذا سيكون على حكومة الوحدة أولاً إجبار هؤلاء المرتزقة على الخروج من البلاد. 


لا شك سيستغرق هدف الوضع السياسي الدائم في ليبيا وقتاً، لكن يجب أن يُنظر إلى تشكيل أول حكومة موحدة منذ سبعة أعوام على أنها خطوة هامة نحو المصالحة بعد كل العقبات التي واجهها الليبيون، وعلى المجتمع الدولي الآن تقديم المساعدة الفعلية لحكومة الوحدة الوطنية للتحرك نحو الاستقرار الاقتصادي والسياسي ومنع المفسدين من تحويل إنجازات ليبيا التي تحققت بشق الأنفس إلى صراع متجدد.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 5