هل تنجح مساعي التقارب بين مصر وتركيا؟

إعداد - رؤى خضور

2021.03.22 - 04:13
Facebook Share
طباعة

 أثارت التصريحات الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول رفع محتمل لمستوى العلاقات مع مصر، جولة أخرى من التكهنات حول التقارب المصري التركي المحتمل، وأشار إلى أن التعاون "قد لا يكون على أعلى مستوى، ولكنه عند مستوى مقبول، ونأمل في مواصلة هذه العملية مع مصر بقوة أكبر".


صحيح أن مبادرات عديدة من الجانب التركي كانت من قبل، لكن جميعها لم تسفر عن أي شيء، لذلك إذا كان مضمون التعليقات الأخيرة صحيحاً، فسيكون تطوراً مهماً، فتركيا، العضو في حلف الناتو، قوة لا يستهان بها، في المقابل فإن مصر أيضاً لاعب إقليمي رئيسي، وقد قوبلت الجولة الأخيرة من التعليقات بتصريح مصري يفيد بأن العلاقات الرسمية بين مصر وتركيا قائمة بالفعل، وإن كانت على مستوى القائم بالأعمال، وأن أي رفع لمستوى التمثيل سيتطلب تقيدًا بالإطار القانوني والدبلوماسي واحتراماً لمبادئ السيادة الوطنية والأمن الإقليمي، وتلك كانت طريقة منمقة للإشارة إلى اثنين من المنغصات التي تزعزع حالياً العلاقة بين البلدين.


بقيت العلاقات بين البلدين فاترة منذ العام 2013، عندما أُطيح بالرئيس المصري السابق في انقلاب عسكري، ليدلي بعد ذلك أردوغان بتصريحات غير لائقة بشأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كما فر أعضاء جماعة الإخوان المسلمين إلى تركيا وأطلقوا وابلاً من الإساءات على الحكومة الجديدة من القنوات التليفزيونية التي تُبَث من تركيا، ونتيجة إعلان مصر الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، تحولت العلاقات من فاترة إلى متجمدة. 


وبمعزل عما تعتبره القاهرة احتضان تركيا لمنظمة إرهابية، ثمة قضيتان رئيستان موضع للخلاف، الأولى هي تورط تركيا في ليبيا، ذات الأهمية الكبرى لمصر، حيث تتشارك معها نحو 1700 كم من الحدود، وقد كشفت المخابرات المصرية صلات بين متشددين مسلحين يقاتلهم الجيش المصري في شمال سيناء وبين إرهابيين في ليبيا، ولا شك أن دعم الحكومة المصرية للجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر يستند إلى مخاوفها بشأن المليشيات الإسلامية المسلحة، لكن دخول تركيا المعترك الليبي، بإرسال "مرتزقة" لدعم حكومة الوفاق الوطني، أضرّ بالأهداف المصرية.


القضية الأخرى هي ترسيم الحدود البحرية، بالرغم من أن هذا الأمر هو أساس الخلاف المستمر بين قبرص واليونان وتركيا، إلا أن مصر انضمت للنزاع عندما أعلنت تركيا اتفاقية بحرية جديدة مع حكومة الوفاق الوطني الليبية اعتبرتها الدول الثلاث الأخرى انتهاكاً للقانون الدولي، وبالتالي فهي باطلة ولاغية، تلا ذلك شهور من التوتر المتصاعد وحالة التأهب القصوى في شرق البحر المتوسط قبل أن تتلاشى تدريجياً نحو هدوء يشوبه القلق.


ويبدو أن مصالح أنقرة من كسر الجليد مع القاهرة هو أنها تطمع في كسب الأخيرة إلى جانبها في هذا النزاع في شرق المتوسط، ولربما تشجعت عندما أطلقت مصر جولة للتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في شباط/فبراير الماضي احترمت فيها مزاعم تركيا بشأن مياهها الإقليمية، وتجنبت العداء الصريح مع تركيا في هذه المنطقة، غير أن قضية التنقيب في شرق المتوسط هي قضية معقدة من المتوقع أن تشهد تغييرات في التحالفات، تبعاً للأولويات المختلفة لكل دولة.


إذا ما أخذنا في الاعتبار العوامل المذكورة أعلاه، وحقيقة أن الحليف التقليدي لتركيا، قطر، يلقى ترحيباً بالعودة من قِبَل دول مجلس التعاون الخليجي ومصر، من ثم، فإن تحسن العلاقات مع مصر هو الخيار الأفضل لتركيا، ومع ذلك، من غير المرجح حدوث تقارب، من الجانب المصري، ما لم يرى تقدماً فيما يتعلق بالقضايا التي يعتبرها إشكالية، لا سيما ليبيا وشرق البحر المتوسط.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 10