دخلت العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا في أزمة عقب الزيارة التي قام بها منسق الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في أوائل هذا الشهر إلى موسكو، والتي عومل فيها، على حد قوله، بازدراء متعمد، حين هاجم نظيره في الكرملين سيرجي لافروف الاتحاد الأوروبي ووصفه بأنه "شريك غير موثوق به"، لكن كلام لافروف جاء بعد قول بوريل بأن "الاتحاد الأوروبي هو من يرعى وسيظل الراعي الأكبر لمشاريع المجتمع المدني في روسيا"، وهو ما اعتبره لافروف تأكيداً على نية الاتحاد الأوروبي مواصلة التدخل في شؤون روسيا الداخلية، بما في ذلك رعاية معارضي الحكومة الروسية.
وربما يكون هذا التصعيد نقطة فارقة في العلاقة غير الودية بين روسيا والاتحاد الأوروبي في الوقت الذي تسري فيه عقوبات الاتحاد على روسيا منذ بدء الحرب بين روسيا أوكرانيا في العام 2014،والتي أوشكت أن تدخل عامها الثامن دون أي مؤشر على أي تقدم نحو السلام، إلا أن المسؤولين في بروكسل تجنبوا طيلة الفترة السابقة خطاب المواجهة مع روسيا، لكن على ما يبدو الآن أن تصرفات موسكو لا تلق استحساناً من قبلهم، ما قد يشير إلى وقف التعاون في العلاقات في المستقبل المنظور، بالتالي فإن هذا التجميد في العلاقات الثنائية يخلق فرصاً كبيرة لأوكرانيا في ظل النزاع مع روسيا، فلها مصلحة مباشرة في الحفاظ على الضغط الدولي على موسكو، وهذا يعني استخدام جميع المحافل والقنوات الدبلوماسية المتاحة لخدمة مصالحها، كما فعلت خلال الدورة الشتوية الأخيرة للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا (PACE)، والتي أصدر المندوبون خلالها قراراً ينتقد روسيا بشدة، ما أثار حفيظة موسكو.
وعندما ضغط المسؤولون الأوروبيون من أجل عودة روسيا إلى PACE في العام 2019 من خلال القول بأنها ستكون بمثابة منصة مفيدة للحوار، أبدت روسيا موافقتها على العودة إلى PACE، وليس سراً أن السبب الحقيقي لعودة روسيا كان مساهمة الكرملين السنوية الكبيرة في ميزانية PACE، كما اكتشف بوريل نفسه مؤخراً في موسكو، ما يوضح سبب الشعور بالسخرية في روسيا تجاه المؤسسات الأوروبية.
لا شك أن السياسة الخارجية غير الفعالة للاتحاد الأوروبي طيلة الأعوام السبعة الأخيرة كانت من مصلحة موسكو، لكن اليوم تتزايد الدعوات في بروكسل لاتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه الكرملين بسبب السلوك الروسي غير الدبلوماسي، وكدولة في حالة حرب، لن تكون أوكرانيا طرفاً سلبياً في الدبلوماسية الأوروبية، فالتوتر الأخير الحاصل بين روسيا والاتحاد الأوروبي يخلق لها فرصاً كي تلعب دوراً أكثر بروزاً في النقاش حول أفضل السبل للتعامل مع الكرملين.