كيف ساهمت قرارات المحكمة الدولية بإعادة فسطين للاهتمام العالمي؟

ترجمة : عبير علي حطيط

2021.02.11 - 06:41
Facebook Share
طباعة

 نشرت صحيفة "ذا واشنطن بوست" مقالًا حول قرارات المحكمة الجنائية الدولية بخصوص فلسطين، فبعد سنوات طوال من حجب فلسطين وقضيتها عن اهتمام العالم، ها هي المحكمة الجنائية الدولية تعيدهما بشكل لافت إلى صدارة الاهتمامات العالمية. 


وأعلنت المحكمة الدولية أواخرَ الأسبوع الماضي أن اختصاصها القضائي يشمل ـ رغم اعتراض "إسرائيل" ـ الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما يمهّد لفتح تحقيق جديد في جرائم حربٍ ارتكبت في قطاع غزة خلال عملية "الجرف الصامد" سنة 2014 التي شنّتها "إسرائيل" على السكان الفلسطينيين، تلك الحرب التي استمرت 50 يومًا تسبّبت في دمار واسع في قطاع غزة المحاصَر وخلّفت 2250 شهيدًا فلسطينيًا، معظمهم مدنيون بالإضافة لمقتل 74 جنديًا إسرائيليًا.

وبحسب المقال، فإنه في مطلع سنة 2015، بدأت المدعية العامة لدى المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودة تحقيقًا أوليًا لمعرفة ما إذا كانت هناك أدلة كافية لتبرير فتح تحقيق في جرائم حربٍ في النزاع العسكري المذكور، هذا التحقيق الأولي دام نحو أربع سنوات، ففي كانون الأول/ديسمبر 2019، اتخذت المدعية العامة قرارها بفتح تحقيق كامل في جرائم الحرب المقترفة في الأراضي الفلسطينية، بعد أن "اقتنعت بأن جرائم حربٍ قد جرى ارتكابها في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وقطاع غزة" وطلبت من المحكمة أن تتخذ قرارًا بشأن اختصاصها الجغرافي، الأمر الذي أنجزته المحكمة أواخرَ الأسبوع الماضي.

وبالنسبة لبنيامين نتنياهو الذي كانت حكومته قد رفضت الانضمام إلى الدول الموقعة على "نظام روما" لعام 1998 المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، فإنه استشاط غضبًا على قرار المحكمة الدولية قائلًا: "إنها أداة سياسية ضد الدولة العبرية وقرارها معادٍ للسامية"، أما الفلسطينيون فقد ابتهجوا لقرار المحكمة الجنائية الدولية، لأن دولة فلسطين كانت قد انضمت إلى الدول الموقعة على "نظام روما" سنة 2015، وتطلعوا إلى مزيد من الانتصارات في المحكمة إياها. 


وبخصوص نتنياهو المتخوّف من مخاطر قرار المدعية العامة، فإنه قد دعا بسرعة المجلس الوزاري المصغر إلى الانعقاد، لتدارس تداعيات هذا القرار، ولاسيما من حيث ما ينجم عنه من تعزيزٍ لمكانة فلسطين، وتداعياته السلبية على دول الغرب، وفي مقدمها الولايات المتحدة، التي كانت انسحبت من نظام المحكمة الجنائية الدولية بعد توقيعه، تخوفًا من انعكاساته على عناصر من قواتها المسلحة واحتمال محاسبة الذين ارتكبوا جرائمَ حربٍ، فسارعت قيادة الجيش الإسرائيلي إلى تعيين منسق عام هو قائد الكليات العسكرية اللواء إيتاي فيروف، وذلك لمواجهة تداعيات قرار المحكمة الجنائية الدولية، حيث قام بتكليف ضباطٍ إجراء تحقيقات عملانية داخل صفوف الجيش، لحماية المتورطين من ضباطه وجنوده من إجراءات محتملة ضدهم من قِبل المحكمة، كما أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية، بيانًا أبدت فيه مخاوف جدّية من إمكانية قيام المحكمة الجنائية الدولية بممارسة ولايتها القضائية على جنود إسرائيليين، مضيفةً أن الولايات المتحدة تبنّت دائمًا الموقف القائل، إن اختصاص المحكمة يجب أن يقتصر على الدول التي وافقت على إنشائها، أو على القضايا التي يحيلها عليها مجلس الأمن الدولي.

وقيل في المقال إن واشنطن تجاهلت المادة 15 من نظام المحكمة الجنائية الدولية، التي تنص على أن "للمدعي العام أن يباشر التحقيقات من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة".


 في المقابل، يبدو الفلسطينيون مطمئنين لموقفهم من قرار المحكمة، ذلك أن الجمعية العامة للأمم المتحدة سبق أن وافقت بقرار واضح على اعتبار فلسطين دولة، وفقًا لمعايير القانون الدولي، كما أن وزارة الخارجية الفلسطينية، كانت قد سلّمت المحكمة 57 ملفًا وبرقية توثّق الجرائم الإسرائيلية المرتكبة.


 إلى ذلك، تأمل سلطات دولة فلسطين أن تمتدّ صلاحيات المدعية العامة لتشمل التحقيق في جرائم الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، فالمادة 8 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، تنص في مختلف أحكامها على اختصاصها فيما يتصل بالجرائم الآتية:

"تدمير ممتلكات العدو أو الاستيلاء عليها".

"تعمّد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية، أو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية، والآثار التاريخية، وأماكن تجميع المرضى والجرحى".

"إصدار أوامر بتشريد السكان المدنيين لأسباب تتصل بالنزاع".

إذْ يعترف المسؤولون الفلسطينيون بأن لا ضمانة لديهم بأن "إسرائيل" ستنفذ القرارات والأحكام الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، لاسيما وأن لها سوابق في تجاهل القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، إلاّ أنهم يعوّلون كثيرًا على الآثار الإيجابية لقرارات المحكمة في دعم مكانة دولة فلسطين، وفضح تدابير "اسرائيل" الوحشية ضد الشعب الفلسطيني، ومخالفاتها الفاضحة لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي بعمليات الاستيطان الواسعة التي تمارسها وتؤدي إلى تشريد الفلسطينيين من مدنهم وبلداتهم وقراهم والإستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم، إلى ذلك كله، من شأن قرارات المحكمة الجنائية الدولية آنفة الذكر، وربما غيرها أيضاً، تعزيز صمود الفلسطينيين، وإبقاء قضيتهم حيّة، وكسب المزيد من التعاطف والتأييد في أوساط الرأي العام العالمي.

 المصدر : https://www.washingtonpost.com/.../icc-says-it-can.../

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 2