لا تتوقف طلقات التحذير بين الروس والأمريكيين، فبينما تهاجم الولايات المتحدة خصومها علانية، تتقن روسيا الهجوم بشكل خفي.
وفي رد تجاه عملية اختراق نظام شركة سولار ويندوز الأمريكية التي قام بها قراصنة روس كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن الرئيس الأمريكي جو بايدن أعطى تعليمات بإجراء تقييم شامل للقرصنة الروسية، حتى أثناء تجديد المعاهدة النووية مع موسكو.
وبحسب نيويورك تايمز يقول مسؤولو الإدارة إنه لن يكون هناك "إعادة ضبط" للعلاقة الأمريكية مع موسكو، لكن في عصر المواجهة المستمرة في الفضاء الإلكتروني، يسعى بايدن إلى تجنب سباق التسلح النووي.
في مقابلة له قال براندون ويلز، القائم بأعمال مدير وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية، إن المخترقين تمكنوا، عبر تخمين كلمات المرور واستغلال ثغرات أنظمة التشغيل، من النفاذ إلى معلومات هامة وخطيرة تتعلق بشركات لها ارتباط بجهات حكومية. هذا التصعيد الروسي يتزامن مع ما تقوم به الدول التي تفرض عقوبات على موسكو تجاه قضية المعارض الروسي إليكسي نافالني، ومحاولة الولايات المتحدة تدويل القضية، ما قد يكون سببًا لإدارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإطلاق إشارة تحذير من هذا النوع، تمامًا كما يمكن للأمريكيين تحريض ثورة سيبرانية تخترق النظام الروسي المستقر نسبياً سياسياً لزعزعته، ومن يزر موقع نافالني على شبكة الإنترنت سيدرك حجم تنظيم الموقع من تنظيم الاحتجاجات وتسمية أسماء الساحات ومواعيد التجمعات في أكثر من 50 مدينة روسية، ما يكرس ادعاءات روسيا بدعم الولايات المتحدة للمعارض نافالني، ووقوفها خلف تصعيد الاحتجاجات في روسيا، والتي اعتُقل على خلفيتها 5000 متظاهر في روسيا حتى هذا الأسبوع.
واعترف براندون ويلز أن المهاجمين وصلوا إلى أهدافهم بطرق متنوعة، ويبدو أن الأمريكيين يريدون للخبر أن يأخذ صدى إعلامياً أكبر لجهة قدرة الروس على اختراق الشبكات الأمريكية والنفاذ إليها، وحتى إمكانية تعطيل البنية التحتية الأمريكية وشل حركة بعض القطاعات، وهذا ما قالته حقًا صحيفة وول ستريت نقلًا عن أحد الخبراء بأن سلاسل التوريد لتعزيز الأمن القومي الأمريكي تحتاج إعادة النظر في بنيتها بشكل كلي بعد أن طال الاختراق ست إدارات على مستوى رئاسة مجلس الوزراء.
وبحسب عمر خواجة، كبير مسؤولي أمن المعلومات في مؤسسة Highmark Health فإن هذا الاختراق يعد نقطة تحول في عالم الاقتصاد الرقمي بعد أن كان من المسلم به أن سلاسل التوريد عصية على الاختراق.
وكانت الوكالة الأميركية للأمن المعلوماتي (CISA) أكدت حدوث حملة اختراق وقرصنة واسعة النطاق على حواسيب شركة "سولار ويندوز"، وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن أنظمة الحاسوب في عدد كبير من الوكالات الحكومية الأميركية تعرضت لعمليات اختراق، يعتقد أنها جزء من حملة تجسس إلكتروني تقف وراءها الاستخبارات الروسية عبر زرع فيروس إلكتروني في أحد حواسيب شركة "سولار ويندوز" المتخصصة في إدارة الشبكات، والذي نفت روسيا لاحقًا ضلوعها فيه.
التصعيد الأخير يضع جليد العلاقات الأمريكية الروسية على صفيح ساخن بانتظار قرارات بايدن تجاه ملفات العقوبات على موسكو، لذا من المبكر الرهان على نتائج هذه الغزوات السيبرانية التي يتبادلها البلدان في ملفات مختلفة بدءاً من تصعيد قضية نافالني وتحريض التظاهر في روسيا إلى عملية الاختراق الروسي مؤخرًا، والتي حتماً لن تكون الأخيرة في حرب الاستخبارات بين الدولتين.