عن المناضل العربي الأممي سيمون مالي والديمقراطية الفرنسية والاميركية

2021.02.01 - 06:24
Facebook Share
طباعة

  هل تعجبكم مباديء الثورة الفرنسية؟


هل هناك دولة اكثر رومانسية وصدقا عند الحديث عن الحريات من الجمهورية الفرنسية ونظامها السياسي؟


هل تصدق ان قيل لك ان فرنسا طردت صحفيا من اراضيها كان يملك حق الحصول على جنسيتها فقط لانه كتب ضد الاستعمار الفرنسي وضد الممارسات الاستعمارية المتواصلة في افريقيا؟؟


أنه واقع حقيقي لكن الحريات الفرنسية الواسعة جدا تختفي حين يتعلق الامر بشخصية فاعلة دوليا ولها وزنها في الاوساط الثقافية العالمية مثل سيمون مالي مؤسسة مجلة افريك اسي الفرنسية المهتمة ببلدان العالم الثالث خصوصا تلك التي تعتبر من ضحايا الاستعمار الفرنسي.


قبل عقود من الآن اي في الستينيات من القرن الماضي لو سألت أي عربي مهتم بالسياسة من هو سيمون مالي فيسرد لك الكثير من بطولات هذا الرجل. لكننا في الوقت الحالي نعيش العصر الاسرائيلي الذي صنعه التخاذل العربي الرسمي منذ فشل جمال عبد الناصر في تحويل خطاباته النارية الى قوة تنظيمية تمسك بالجيش والشعب والدولة وتحصنهم بالاقتصاد المتين.


مات عبد الناصر عام 1970 دون ان يحقق ما حلم به الشعب العربي ودعا اليه عبد الناصر من وحدة واستقلال وتحرير لفلسطين، وهو نفس الحلم الذي قاتل وناضل لاجله السوري الاصل المصري الهوية والجزائري الفلسطيني بالنضال سيمون مالي. الذي يحب الغربيين دوما ان يخفوا هويته كونه يهودي الديانة ولكنه قومي عربي معاد للاحتلال الاسرائيلي وللكيان الاسرائيلي الذي يمارس سياسة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين كما اقرت بذلك حتى منظمة بيتساليم الاسرائيلية.


صحيفة الجراديان في إحدى تقاريرها عن "سيمون مالي", وصفته بأنَّه أحد أشهر الصحفيِّين الناطقين بالفرنسيَّة, وأنَّ لديه معرفة بالنضالات الأفريقيَّة ضد الاستعمار في القارة( ).


فما هي قصة حياة هذا العربي المقاتل للاستعمار لمن لا يعرفونه من الجيل الحالي؟؟


 وُلد "مالي" من عائلة يهوديَّة في القاهرة"ولكن والده مولود في حلب وهم عائلة أصلها سوري ( )، وقد أنهى تعليمه الرسمي في المرحلة الثانويَّة، لكنه سرعان ما وجد مكانته في الصحافة السياسيَّة. حيث جرى إرساله إلى نيويورك من قبل صحيفة "الجمهوريَّة" المصريَّة, ليتم اعتماده لدى الأمم المتَّحدة, بفضل طاقته الهائلة وميله للُّغات, حيث تحدَّث وكتب باللُّغَتين الفرنسيَّة والإنجليزيَّة بنفس السهولة التي يتمتع بها باللُّغة العربيَّة.


وقد  خلق أسلوبه الأدبي ومنطقه الموضوعي  وقرَّاء مخلصين له بين النخب العالمية، وأيضاً  خلق له التزامه بالعداء لاسرائيل أعداءً لدودين.


في نيويورك برز سيمون مالي بقوة في الاوساط الدولية وكون صداقات مع ممثلي العالم الثالث ومع اعضاء في النخب الاميركية وخصوصا الصحفيين والكتاب اليساريين واثر في الكثير من المفكرين فناصروا قضايا العرب والافارقة. وكان حماسهم لعبد الناصر كبيرا، وعمله لاجل الجزائر وثورتها يسجله التاريخ باحرف من نور.


وقد تزوج "باربرا سيلفرشتاين" وهي ايضا مناضلة اممية, من سكان "نيويورك" كانت تعمل مع الثورة الجزائرية قبل تحرير الجزائر  ومثلت الثورة من خلال انضمامها الى ممثلية جبهة التحرير الوطني الجزائرية في الامم المتحدة.


ومع خدمته للقضايا العربية كافة الا أن التركيز الرئيسي الأوَّل لعمل "مالي" هو الصحافة المختصَّة بحرب الجزائر من أجل الاستقلال بين  العام 1954 والعام -1962م( ).


 الأمريكي "ثينكر إد لاسكي"، قال إنَّ مالي "شارك في موجة الأيديولوجيَّة القوميَّة المناهضة للإمبرياليّة التي كانت تجتاح العالم الثالث, وكتب آلاف الكلمات لدعم النضال ضد الدول الغربيَّة".


  وما يصفه به لاسكي صحيح فقد دعم مالي ثورة العام 1952م, التي قادها الرئيس المصري "جمال عبد الناصر"، وبعد الهجرة إلى باريس العام 1969، شارك مع زوجته, بتأسيس مجلَّة "أفريكاسيا" التي كانت تصدر كل شهرين، والتي أعيدت تسميتها فيما بعد باسم "Afrique Asie".


 كما ناضل  مالي  دعما للعديد من "حركات التحرير" اليسارية الثوريَّة, سيما  دعمه الكبير للمناضلين لاجل القضيَّة الفلسطينيَّة.


 وكان مالي عدوا للصحافة الاسرائيلية وللصحافة الاميركية الداعمة للصهاينة وكانوا يعتبرونه عدوا لدودا لاسرائيل.


  وذكر تقرير سابق لـ"أسوشيتد برس" العام 1980م, أنَّ مالي  دعم  "التدخل الكوبي في أنغولا وإثيوبيا، وبارك احتجاز الرهائن الأمريكيِّين في إيران، و لم يخجل من اعلان دعمه لحرب العصابات المدعومة من الجزائر في جنوب المغرب، ووقف مع مصر وسورية في حرب 1973


 أدت حملات سيمون مالي في ""Afrique Asie الطويلة الأمد، كالحملات ضد الملك الحسن الثاني ملك المغرب، أو "Mobutu Sese Seko" في زائير، إلى إحراج بعض أقرب حلفاء فرنسا، الذين كانوا أيضًا مفتاحًا لاستراتيجيَّة الولايات المتحدة للحرب الباردة في إفريقيا( ), ما أثار غضب باريس.


 في العام 1980م، طُرد مالي وعائلته من فرنسا, بسبب ما وصفه المسؤولون الفرنسيُّون بـ "الأنشطة السياسية التي لا تتوافق مع المصالح الفرنسيَّة في بعض البلدان"، بل وتتعارض معها", وفي 3 أكتوبر / تشرين الأول 1980م, ذكر تقرير "يونايتد برس إنترناشونال" عن حديث لوزير الداخليَّة الفرنسي آنذاك "كريستيان بونيت", أنَّ بعض المقالات التي كتبها مالي كانت "نداءات حقيقيَّة للاساءة الى  رؤساء دول أجنبيَّة.


هكذا تحولت فرنسا ومباديء ثورتها الى كلام في الهواء وأقر الرئيس الفرنسي الاسبق فاليري جيسكارديستان طرد مالي وعائلته المؤلفة منه ومن زوجته باربرا وولدهما روبرت الذي سيصبح في العقود اللاحقة لاعبا رئيسيا في سياسات البيت الابيض.


 في العام 1980 خرجت احتجاجات على طرد مالي من فرنسا وبحسب "أليكس سفيان"، المدير المساعد للجنة الدقَّة في تغطية أخبار الشرق الأوسط في أمريكا"، فإن مالي وزوجته "كانا معادين لإسرائيل بشكل "مسعور", ويعتبران "أي مالي وزوجته" عرفات صديقًا شخصيًا", وكتب سافيان: "في الواقع، كان عرفات من بين هؤلاء "القادة", الذين تدخَّلوا لدى الحكومة الفرنسيَّة لإعادة عائلة مالي إلى فرنسا بعد طردهم بسبب أنشطتهم التي وصفت بـ"المتطرِّفة"( ), يضيف "إد لاسكي" المفكر الأمريكي: "سيمون مالي كره إسرائيل, قضى ساعات لا تحصى مع ياسر عرفات وأصبح صديقًا مقرَّباً منه", ووفقًا لرئيس منتدى الشرق الأوسط الليكودي المتطرف "دانيال بايبس"، فإنَّ سيمون مالي كان من المتعاطفين مع منظمة التحرير الفلسطينية في ذروة أنشطتها  ضد الغرب.


 مع انتخاب "فرانسوا ميتران" رئيسًا لفرنسا العام 1981، تم إلغاء أمر الطرد ضد مالي وعاد مع عائلته إلى فرنسا, وقام لاحقًا بإحياء مجلَّته، تحت عنوان "Le Nouvel Afrique Asie"، حيث نشر في كانون الأول / ديسمبر 1989م, مقابلة طويلة مع ياسر عرفات, كما تضمَّنت نسخة من رسالة شخصيَّة لعرفات تهنئ فيها مالي على السماح له بالعودة إلى منزله.


 توفِّي سايمون مالي في 7 سبتمبر 2006م تاركا ارثاء سياسيا عظيما لم يكن ولده روبرت حافظا له كما يبدو اذ اندمج في العمل لصالح المؤسسة الاميركية التي قاتلها والده واضحى واحدا من نخبة العالمين في البيت الابيض وفي المؤسسات الخاصة التي تعتبر من ادوات المؤسسة الاميركية الرسمية مثل مجموعة الازمات الدولية.


 عمل  روبرت مالي كمساعد خاص للرئيس "بيل كلينتون" للشؤون العربيَّة الإسرائيليَّة بين عامي 1998 و2001م, وكمستشار للسياسة الخارجيَّة "لباراك أوباما"


ومع ان روبرت شخصية احتلت مناصب كبيرة في مجلس الامن القومي الاميركي الا ان الصهاينة لم ينسوا والده وانتقموا من سيمون بروبرب فقيل عنه في صحف  إسرائيل انه يريد ان يدفع اسرائيل ال الركوع  على ركبتيها, و انه يبيع مصالح الولايات المتحدة لأعدائها( ). وفي بداية العام 2021 اعلن مصادر البيت الابيض عن تفكير الرئيس جوزيف بايدن بتعيين روبرت مالي مسؤولا عن الملف الايراني في البيت الابيض وهو ما اثار غضب ايتام دونالد ترامب في واشنطن كما اثار معارضة شديدة من انصار اليمين الاسرائيلي والصهيوني في اميركا.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 7