لكل ورقة تسعيرة ... الرشوة في سورية تتضاعف بسبب الوضع الاقتصادي السيء

وكالة أنباء آسيا – نور ملحم

2020.12.11 - 01:56
Facebook Share
طباعة

2500 دعوة قضائية بتهمة الرشوة  في النصف الأول 2020
 
وباء الفساد يهدد بالقضاء على ما تبقى من الاقتصاد السوري، فما سلم من نار الحرب تعبث به أيدي الفاسدين في مؤسسات الدولة والتجار المتواطئين معهم في ظل غياب شبه تام للرقابة وهذا ما ينعكس بشكل كارثي على المواطنين ممن لديهم معاملات في هذه الدوائر الحكومية.
التسعيرة بحسب الطلب ...
تختلف حجم الرشوة حسب أهمية الوثيقة المطلوبة، بحسب ما صرح به إحدى الموظفين في دائرة النفوس بدمشق لوكالة أنباء آسيا ليشرح لنا أن تلك الإكرامية حق له لأن راتبه ضعيف جداً مقارنة مع الوضع المعيشي السيء والغلاء الفاحش، لافتاً إلى أنه على الحكومة أن تزيد الأجور والمعاشات بما يتناسب مع الغلاء والأسعار.
مضيفاً إذا كانت معاملة أحوال شخصية تتطلب عادة دفع من 1000 إلى 5000 ليرة إضافية كرشوة، والمبلغ يزداد مع الصفقات التجارية التي تقدر قيمتها بالملايين
تضاعف الرشاوى عشرة أضعاف
تضاعفت الرشاوى نتيجة الوضع الاقتصادي الراهن لتزيد إلى عشرة أضعاف مما كانت عليه، ولتصبح أبرز المظاهر المنتشرة في المجتمع السوري، نتيجة لطغيان الفساد في العديد من المؤسسات الحكومية بحسب تصريح رئيس غرفة الجنايات أحمد البكري، والذي بين أن "معظم جرائم الرشوة حالياً سببها سد حاجات الموظفين نتيجة الفارق الكبير بين رواتبهم وأسعار السوق".
وتشير الاحصائيات الصادرة عن وزارة العدل والتي حصلت وكالة آسيا على نسخة منها أن عدد الرشاوى بلغت 2500دعوة فصل النصف الأول من عام 2020
فساد في الفطرة ...
لا يخفى على أحد أن الفساد منتشر في سورية انتشار الفطر، وبما أن الفساد بعبارة بسيطة هو استغلال المنصب العام لخدمة المصالح والمنافع الشخصية، فإن انتشاره الواسع والكبير في سورية يتناسب طردا مع كبر حجم الدولة واتساع دورها، ليدخل عمق تداخلاتها في إدارة المجتمع وأنشطته المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، متخذا صوراً مختلفة وأشكالاً متنوعة يعاد تجديدها وتطويرها يوماً بعد يوم من قبل الفاسدين والمفسدين بحسب تعبير المحامي ازدشير منصور عضو نقابة ريف دمشق
مؤكداً في تصريحه لوكالة أنباء آسيا إلى أن الدعاوى التي تنظر في دمشق أكثر من ريفها، حيث ينظر بالدعوى في عدلية المدينة أحيانًا حتى لو كان الشخص من الريف، وبالتالي قد تكون الدعاوى فيها ضعف الموجودة بريف دمشق".
وفرق المنصور بين نوعين من الرشوة، الأول لسد الحاجة والثاني عادة عند الموظف، إلا أن القانون لم يفرق بين الأمرين"، موضحاً أن "قانون العقوبات أخذ بما يسمى بالدافع الذي أدى للجريمة، ومن ثم فإن القاضي ينظر بهذه الدوافع وبناء عليه يصدر حكمه".
مبيناً إلى أن "الرقابة كانت شديدة قبل الأزمة، بحسب تعبيره، وبالتالي فإن نسبة دعاوى الرشوة كانت قليلة جداً لتتفاقم خلال الأزمة، واصفًا ذلك بالمشكلة الخطيرة التي تواجه المجتمع، رغم تشدد القانون كثيراً بشأنها".
رشاوي من نوع جديد ...
ويكمل المنصور تطورت الرشاوى خلال الحرب لتصبح لدى العديد من الأصحاب النفوذ نوع من الاستيلاء على المال العام عبر التلاعب في المشتريات وأعمال المخازن والمهمات، إضافة للمبالغة في أوجه الإنفاق الحكومي والإفراط في تخديم المسؤولين والوزارات والهيئات الرسمية مرورا بتمرير الاتفاقات والعقود لقاء عمولات خاصة ومجزية يقبضها القائمون على تنفيذها.
كما يندرج أيضا التلاعب في إرساء المناقصات والمزايدات الحكومية على من يعطي أكثر، ومن ثم تلقي الرشاوى كي يتم غض النظر عن تجاوزات القانون أو لتسهيل حركة المعاملات في الدوائر الرسمية، ثم استخدام المركز الحكومي تهديدا وابتزازا لجني ما يمكن جنيه من أموال من رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال والمتاجر.
يضاف إلى ذلك استغلال الصلاحيات العامة لفرض قنوات خاصة وآمنة لنمو السوق السوداء بمختلف "براويها" مثل صرف وترويج العملات الأجنبية وتهريب البضائع والسلع وتجارة الجنس والمخدرات.
خسائر الاقتصاد ...
انتشار الفساد والرشوة لم تقتصر آثارها السلبية على المجتمع فحسب بل على اقتصاد الدولة بالدرجة الرئيسية بحسب كلام الخبير الاقتصادي أحمد ديب مشيراً في تصريحه لوكالة أنباء آسيا   أن الفساد تسبب بخسارة الاقتصاد لأكثر من 50 مليار دولار وفي كافة القطاعات الحكومية.
لافتاً إلى أن 80 %من انتشار الرشوة في ظل الأزمة سببه تمتع البعض بمناصب ومراكز تجعلهم بعيدين عن المحاسبة وافتقار دور الرقابة إلى كوادر مؤهلة ومدربة، إضافة إلى أن 90% من أسباب الرشوة يعود للتفاوت الطبقي والاجتماعي بين الأفراد بغض النظر عن نوع الرشوة.
سورية تصدر قائمة الفساد
وكانت قد تصدرت سورية مجددا قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم، وفق التقرير السنوي لمؤشرات مدركات الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية.
وتراجعت سوريا بـ 13 نقطة، مقارنة بعام 2012 ويعتمد المؤشر على تقييم الدول وفق مقياس من مئة نقطة، بحيث يقل الفساد كلما زادت أعداد النقاط التي حصلت عليها الدولة.
يشار إلى أن سورية حافظت على تصدر القائمة للعام الثاني على التوالي باعتبارها من الدول الأكثر فساداً والأقل محاربة للفساد في العالم.
 
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 5