في خضم الأزمات السياسية والاقتصادية والمعيشية في لبنان، تتصاعد المخاوف الأمنية في البلد الذي ينقسم مواطنيه إلى قسمين، الأول: تقليدي يتمثل بهؤلاء الذين لا زالوا مشدودين إلى انتمائهم السياسي والطائفي وولائهم لزعمائهم، والقسم الثاني مدني ضاق ذرعاً بالنظام السياسي اللبناني القائم على الإقطاع العائلي والطائفية السياسية.
مشكلة المصارف والودائع، وسعر الصرف، وتدني العملة، مع الضغوط الغربية على السياسيين اللبنانيين، وبروز مخاوف من مواجهات على الحدود مع الكيان الإسرائيلي، تساهم جميعها في رفع منسوب القلق لدى كثيرين.
بعض وسائل الإعلام اللبنانية حذرت من عودة مسلسل الاغتيالات، وأشارت إلى اضطرار القيادات السياسية للإقامة الجبرية وعدم مغادرة المنازل إلا للضرورة القصوى، رغم أن منسوب التأزّم السياسي يتصاعد بسبب تعذُّر تشكيل الحكومة الجديدة بانتظار الخطوة المرتقبة لرئيس الوزراء المكلف سعد الحريري الذي سيسعى قريباً إلى فتح ثغرة في جدار عراقيل ولادة الحكومة.
المدير العام للأمن العام، اللواء عباس ابراهيم، عرض في الاجتماع الأخير للمجلس الأعلى للدفاع تقريراً يحاكي تأثير الوضع الاجتماعي والاقتصادي على الوضع الأمني، متطرقاً إلى التهريب عبر الحدود والاشتباكات التي تحصل على معابر سمّاها معابر الجوع، والتي بدأت تتحول إلى معابر للموت. وتطرّق ابراهيم في تقريره إلى ما يجري في الجامعات والتحريض الطائفي وتأثيره على الأمن، ولا سيما منه ما حصل أخيراً في الجامعة اليسوعية، كذلك عودة الاغتيالات والتصفيات الشخصية داخل المخيمات، والانقسامات. وقدّم ابراهيم بالتحليل، ومن ضمن العمل الاستباقي، معلومات عن عمليات اغتيال واردة. معتبراً أنّ الإعلان عنها يحوّل الأهداف السهلة إلى صعبة، كاشفاً أنّه أبلغ هذه المعطيات إلى المعنيين بالتهديد الذين اتخذوا إثر ذلك الإجراءات اللازمة.
مصدر خاص مقرب من إحدى الجهات السياسية الوازنة في لبنان، قال لوكالة أنباء آسيا حول ذلك: إن النشاط الاستخباري المعادي، أي نشاط الأجهزة الخارجية، ازداد في الآونة الاخيرة، وهناك العديد من الأعمال التخريبية التي يمكن أن تقوم بها تلك الأجهزة كإثارة الفتن بين اللبنانيين، ومن بين أساليبها اغتيالات وتصفية، وليس بالضرورة أن تطال تلك الاغتيالات شخصيات سياسية أو شهيرة، بل يكفي أن يتم استهداف مواطن من منطقة ما ذات رمزية دينية كي تشتعل منطقته وتبدأ الفوضى، وبالتالي على جميع اللبنانيين الحذر من الفتن في هذه الفترة الحرجة، إذ لا مصلحة لأي منا بأي فتنة أو اقتتال، فالبلد لم يعد يحتمل، وفق تعبيره.