ناشطون من السويداء: معارضون للفساد والغلاء لكننا لسنا مرتزقة

علي مخلوف _ وكالة أنباء آسيا

2020.06.22 - 08:57
Facebook Share
طباعة

 حازت محافظة السويداء على اهتمام وسائل الإعلام، وباتت تحت المجهر منذ عدّة اشهر على قائمة الاخبار الساخنة في الداخل السوري، تم ربط المحافظة بما سُميت مظاهرات رددت شعارات سياسية، والآن هناك معلومات غير مؤكدة تفيد عبر مصادر تركية بأن روسيا تقوم بعمليات تجنيد لشبان المحافظة من أجل القتال في ليبيا ضد حكومة السراج، فما صحة تلك المعلومات؟ و ما هي أهداف ترويج هذه الأخبار في هذه الفترة بالذات، ومن المستفيد منها أيضاً؟
بدايةً اقتصر تداول الخبر على وسائل إعلام المعارضة إلى جانب وسائل إعلام غير سورية توصف بالحيادية، حيث يقول الخبر بأن روسيا تواصل عمليات تجنيد سوريين موالين لها، وتحولهم إلى مرتزقة للقتال إلى جانب الجيش الوطني الليبي الذي يقوده المشير حفتر ضد حكومة السراج والأتراك، ويستند الخبر في عمليات تجنيد الروس لأهالي المحافظة إلى الوضع المعيشي السيء الذي يعيشه السوريون عموماً.
مصادر من السويداء تنفي وتوضح،
مصادر روحية في المحافظة قالت بأن مشيخة العقل ورجال الدين كانوا قد ألقوا مجموعة وصايا يتم تجديدها كل فترة على شبان المحافظة من خلال التزام الناس بخط الدولة، والتبرؤ من كل من يمارس أعمال لا أخلاقية، في إشارة لبعض عصابات السلب والنهب التي تم التبرؤ منها في الفترة السابقة.
وتتابع المصادر حديثها بالقول: إن شائعات تجنيد شباننا ليصبحوا مرتزقة يقاتلون خارج البلاد في قضية ليست قضيتهم، ليس أمراً وارداً لدينا البتة، هناك مرجعية دينية وهناك وجهاء في المنطقة والجبل لا يسمحون بذلك أولاً، ثانياً شباننا غالبتيهم مثقفون وملتزمون بنهج الدولة ومحاربة الإرهاب، بالتالي كيف يمكن أن تنطلي تلك الشائعات على بعض الناس وفق قولهم.
فيما قال مصدر مطلع من إحدى العائلات الكبيرة في المحافظة فضل عدم الكشف عن اسمه بأن تلك الشائعات غير بريئة البتة، وربط هذه الشائعات الجديدة بمحاولة تصوير أهالي المحافظة وكأنهم خارجون عن خط الدولة عندما تم استغلال مظاهرات دخلها مندسون محسوبون على جهات خارجية بحسب قوله.
من جهتهم رد ناشطون من أهالي المحافظة على وسائل التواصل الاجتماعي على تلك الشائعات بالقول: إن كان شبان المحافظة قد طالبوا الدولة سابقاً بالخدمة داخل محافظتهم لا خارجها من أجل حمايتها من داعش والجماعات التكفيرية والخلايا الإرهابية النائمة في درعا، فكيف سيقبلون اليوم في القتال خارج سورية كلها، ولن نقول خارج السويداء نفسها، علماً بان عدداً كبيراً من أبناء المحافظة استشهدوا دفاعاً عن مدن سورية أخرى خلال سنوات الحرب.
توقيت هذه الأخبار وأهدافها
عن التوقيت الذي بدأ فيه الترويج لتلك المعلومات، قال صحفي مطلع من العاصمة السورية دمشق: إن التوتر المتزايد في الملف الليبي، ووجود خلاف تركي مع روسيا بشأن هذا الملف، حيث تدعم موسكو الجيش الوطني الليبي إلى جانب مصر والإمارات، فيما تدعم أنقرة حكومة السراج ومقاتليها، إضافةً إلى بداية تحرك اوروبي ضد تركيا بسبب أنشطتها الأخيرة في ليبيا، وقيام فرنسا بحملة احتجاجات داخل حلف الناتو أيضاً ضد أنقرة، كل ذلك بات يشكل ضغطاً على انقرة، بالتالي فإن هذا التوقيت مثالي لترويج مثل تلك الشائعات، وما يؤكد ذلك هو نقل تلك المعلومات عن مصادر تركية وهذا لوحده كفيل لخلق الشكوك حولها وفق رأيه.
وحول الهدف من إشاعة تلك المعلومات يقول المصدر ذاته: إن تركيا التي باتت تعيش ضغوطاً إقليمية ودولية، بسبب الملف الليبي، لا سيما التحرك الأوروبي الأخير، وتطورات هذا الملف من إعلان مصر لحقها في التدخل العسكري من أجل حماية امنها القومي، بالتزامن مع موقف لرئيس أركان الجيش اليوناني أكد خلاله بأن السفن التركية سيتم حرقها في حال اقتربت من المياه اليونانية، كل هذه التطورات باتت تستدعي تدخل القوة الناعمة، باستخدام العمليات النفسية عبر الإعلام وتسريب الشائعات والتركيز على الدعاية، لكن الهدف الأكبر من قبل تلك المصادر التركية هو القول بأن تركيا ليست الوحيدة المتواجدة على الأرض الليبية، بل هناك قوة أخرى وعالمية هي روسيا، بما يجعل القارة الأوروبية تخفف من حدة مواقفها تجاه أنقرة في هذا الملف، إضافةً لأن هذا الأمر سيعني تشكيل لجان تحقيق في هذه المعلومات، خصوصاً وأن عملية إيريني الأوروبية لمراقبة حظر إرسال السلاح والمقاتلين إلى ليبيا لا تزال سارية، وهو ما سيكسب أنقرة المزيد من الوقت في ليبيا وفق قول المصدر الصحفي الذي تمنى عدم الكشف عن هويته حالياً.
بينما رأى احد المحللين بأن أحد أهم أهداف ترويج تلك الشائعات هو إظهار الدولة السورية بأنها لا تملك زمام سيادتها وقرارها، وأن الروس يسرحون ويمرحون في مناطق الدولة ويقومون بالتأثير على مختلف الديموغرافيا والجغرافية السورية التي يتواجدون بها وفق اعتقاده.
هل المعلومات حقيقية أم حرب نفسية؟
يجمع الكثير من ناشطي محافظة السويداء بأن تلك المعلومات ليست بريئة، ويعتقد هؤلاء بأن هناك محاولات خبيثة لتصوير السويداء على أنها محافظة غير مستقرة، ويمكن أن تفتعل مشاكل أمنية وسياسية للدولة، ففي الفترة السابقة تم التركيز على مظاهرة لم يتخطى عدد أفرادها الـ 300 شخص، ردد بعضهم وليس جميعهم شعارات سياسية مناهضة للدولة، علماً بأن الهدف المعلن لتلك التظاهرة كان ضد الحكومة التي كانت برأيهم لا تقدم حلولاً مجدية لمواجهة ارتفاع الأسعار وسوء الوضع المعيشي، حيث تم ترديد شعارات ضد روسيا أيضاً ، فما علاقة الروس بارتفاع سعر عبوة زيت عباد الشمس مثلاً أو سعر علبة المحارم؟ والآن يتم زج اسم روسيا في السويداء والترويج لفكرة أنها تجند أبناء المنطقة ليتحولوا إلى مرتزقة.
ويضيف هؤلاء: هذه الشائعات تأتي لاستهداف أبناء المحافظة الذين خرجوا بمظاهرات بأعداد كبيرة لتؤكد على التزامهم بالنهج السياسي للدولة السورية، وضرورة الفصل بين معارضتهم للوضع المعيشي السيء، و ذلك النهج السياسي القائم على العداء للكيان الإسرائيلي، والجماعات الإرهابية التي ارتبطت به، ما جعل الشائعات تشكل إهانة لأبناء المنطقة قبل أن تستهدف روسيا، وهي أنهم يتحولون لمرتزقة.
كذلك فإن سوء الوضع المعيشي بات يشكل بيئة خصبة وثغرة استراتيجية لغرف العمليات النفسية من أجل تأليف شائعات وأخبار تهدد الأمن المجتمعي السوري كما الدولة والحكومة، لخلق حالة من البلبلة بين السوريين بحسب تلك الآراء.
من يقف وراء تلك المعلومات؟
يُعتبر المرصد السوري لحقوق الإنسان وهو منظمة معارضة، المصدر الرئيسي لهذه الأنباء حيث يعترف المرصد بأنه حصل عليها من مصادر تركية، ثم ما لبثت مواقع المعارضة، أن روجت لهذه المعلومات، وتناقلتها بعض الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي، ومنها إحدى الصفحات الخاصة بالسويداء، والتي يصفها ناشطون بأنها تُدار من الخارج بسبب صفراوية الأخبار التي تتداولها.
بالمقابل ردت صفحات ناشطة من قلب السويداء عبر وسائل التواصل الاجتماعي على تلك الصفحة التي يصفها هؤلاء بالمشبوهة، وقالت تلك الصفحات أن لا صحة لهذه الأنباء أبداً.
لسنا من عشاق نظرية المؤامرة، لكن هذا لا يعني بأن المخططات الخبيثة غير موجودة، يقول ( ز ن ) وهو صحفي ناشط من أبناء محافظة السويداء، ويتابع : لدينا معلومات بأن جماعة الشيخ البلعوس لا ينشطون فقط في بعض التظاهرات، بل لديهم صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي يبثون من خلالها اخباراً تم إعدادها من الخارج، بل ذهب هذا الصحفي لاتهام إحدى الجهات اللبنانية بالضلوع وراء جماعة البلعوس التي بات معظم أفرادها أشبه بخلايا نائمة لعدم تقبلهم من المجتمع المحلي بشكل عام وفق قوله.
فيما قال آخرون : إن وقوف المرصد المعارض المعروف بأنه من المنظمات غير الحكومية التي تستهدف المجتمع السوري، كفيل لوحده بنسف صحة تلك الأنباء، فكيف والمرصد ينقلها عن مصادر تركية أيضاً؟.
يرى البعض أن المرصد هو أحد أهم المنظمات الغير حكومية المرتبطة بوزارة الخارجية الأمريكية، حيث تعمل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية usaid على دعم وتمويل مثل هذه المنظمات، إضافةً للصندوق الأمريكي لمنح الديمقراطية وهو الآخر يُعتبر أحد أهم المنظمات الدولية الناشطة في الساحة السورية خلال الحرب، فضلاً عن وجود نشاط تركي استخباري وبيئة معارضة "مسلحة" موالية لأنقرة في شمال سورية، كل هذه الجهات مسؤولة عن صناعة الشائعات وترويجها، وليست شائعة تجنيد موسكو لأبناء السويداء من أجل التحول لمرتزقة في ليبيا سوى دليل على ما ذهبنا إليه، يقول هؤلاء الناشطون.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 9