يشهد الواقع الدوائي والصحي منذ حوالي الشهر احتكاراً للأدوية من قِبل معامل الأدوية وأصحاب المستودعات لخلق أزمة دوائية وصحية للضغط على وزارة الصحة لرفع أسعار الأدوية والضحية الوحيدة هم السوريون. وفقاً لعدد من الصيادلة بدمشق.
ورغم سنوات الحرب التسع، وما نتج عنها من تفاقم للمعاناة الاقتصادية والمعيشية للناس في معظم المناطق السورية، إلا أنّ تلك المعاناة لم تصل لدرجة العجز عن شراء الدواء. أما اليوم فقد أصبح الحصول على بعض الأدوية، في سورية، أمراً صعباً، فهي إمّا غير متوفرة في غالبية الصيدليات، أو أنّ سعرها سجّل ارتفاعاً جديداً.
مع ذلك، فإن النقص في الأدوية وما نتج عنه من معاناة للناس، ليس وليد اليوم، بل بدأ مع تطبيق الحكومة لإجراءاتها الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا، في أواخر آذار/مارس الماضي، ويبدو أنّ هذا النقص تحول لأزمة فقدان العديد من الأصناف الدوائية من الصيدليات لامتناع المعامل عن الإنتاج ما أثّر بشكل مباشر على حياة الناس.
ويؤكد صيادلة بدمشق أنّ مشكلة نقص الدواء تكمن في الخلاف بين وزارة الصحة ومعامل الأدوية (المتوقفة عن الإنتاج اليوم) بسبب رفض الوزارة تعديل الأسعار بما يتناسب مع الارتفاعات الحاصلة بسعر الصرف في السوق السوداء.
ورأى الصيدلي أحمد وهبة في حديثه لوكالة "آسيا" أن المشكلة في وزارة الصحة التي ترفض رفع الأسعار لمعامل الأدوية التي توقفت عن الإنتاج بشكل كامل. ويقول وهبة إنّ " قائمة الأدوية المسعّرة حديثاً والتي تحتوي 1247 صنف دوائي غير موجودة بالسوق نهائياً".
في حين قال صاحب صيدلية المنير بدمشق بإنّ "الدواء متوفر في المعامل وكذلك المواد الأولية، لكنها لا تنتج اعتراضاً على الأسعار، حيث يبلغ مثلاً سعر علبة انفكون 200 ليرة لا تغطي تكاليف الكرتونة والزجاجة". وأضاف بأنّ المستودعات لا توزع الأدوية، وفي حال وزعت فالتوزيع بالقطارة.
إلا أنّ وزير الصحة نزار يازجي قال بتاريخ 4حزيران/ يونيو ضمن مؤتمر صحفي إنّه "ليس هناك انقطاع لمادة دوائية، قد يكون هناك انقطاع لأسماء تجارية، لكن يوجد بدائل، فالوزارة تُرخّص الصنف الدوائي الواحد لعدة معامل".
وأضاف يازجي بأنّه لا يوجد أي حجة لمعامل الدواء لتوقيف إنتاج الدواء والحكومة تتحمل أعباء دعم تمويل مستورداتها من المواد الاولية وباقي المستلزمات.
وكلام الوزير يتناقض مع تصريح مدير الرقابة الدوائية في وزارة الصحة سوسن برو لوكالة "آسيا" حيثُ قالت "إنّ الوزارة تقوم بجهود حثيثة ومكثفة لاستدراك الانقطاع للدواء".
وأضافت برو أنّه تم توجيه اللجان في مديريات الصحة لإجراء الجولات على الصيدليات والمستودعات والمعامل للتأكد من وجود الأدوية ومنعاً للاحتكار الذي قامت به بعض المستودعات والصيدليات لاتخاذ أشد العقوبات بحق المحتكرين في خطة إسعافيه لمواجهة الواقع الدوائي.
وخلال جولة لمراسل آسيا في عدد من أحياء العاصمة دمشق رصد تجمع لعدد من الناس أمام ما تبقى من صيدليات غير مُغلقة، للحصول على أدويتهم الضرورية واليومية بالنسبة لهم، فهناك الكثير ممن يعيش على الدواء كما الغذاء.
كما أكدت برو أن العمل جاري بشكل مستمر لتوفير الزمر الدوائية، وحسب الأولوية التي أعطيت للزمر الخاصة بأدوية الأمراض المزمنة (أمراض القلب – الضغط – السكري) مشيرةً إلى أنّ المعامل مستمرة بالإنتاج ويبلغ عددها اليوم 77 معملاً.
يدرك الكثير من السوريين فداحة الوضع الصحي في سورية في ظل نقص الأدوية، وامتناع وزارة الصحة عن حل المشكلة بما يوفر الدواء للناس ويحميهم من الوقوع في العجز حتى عن شراءه، بعد أن أصبح 83% من السوريين تحت خط الفقر.