رفع المصرف المركزي من سعر صرف الدولار الأمريكي في التحويلات المالية التي تصل من خارج سورية، إلا أن السعر مازال لا يصل إلى نصف سعر الصرف الذي يتم تداوله عبر بعض المواقع ووسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يدفع من المواطن المقيم خارج البلاد للبحث عن طرق تحويل غير شرعية للأموال لتصل إلى ذويه بسعر الصرف في السوق السوداء، بما لا يفقدها من قيمتها الشرائية كون الأسعار مرتبطة بـ "السعر الوهمي"، الذي يتم تداوله من قبل بعض المواقع والتطبيقات الإلكترونية، إلا الحلول الممكنة بالنسبة للمصرف المركزي تبدأ من رفع سعر صرف الدولار الأمريكي في الحوالات إلى سعر قريب من "السعر الوهمي"، بما يشجع على عودة المغتربين إلى التحويل عبر الشركات النظامية، فالأرقام تشير إلى أن الحوالات الخارجية كانت تورد إلى الخزينة السورية ما يقارب ٧ مليون دولار أمريكي يومياً، الأمر الذي سيزيد من قدرة "المركزي"، على المناورة في سعر الصرف بما يؤدي إلى خفضه تدريجياً.
ان التمسك بالسياسات الخشبية من قبل المركزي للتعامل مع "السعر الوهمي"، على الرغم من تاثيره في الأسواق المحلية بما ضاعف اسعار المواد الأساسية عدة مرات، لن تجدي نفعاً مع ازدياد حدة الهجوم على الليرة السورية خاصة في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة كـ "إدلب - الشمال السوري"، باختلاف الجهة التي تحتل هذه المناطق "قسد - النصرة - النظام التركي"، ولان الطرق الواضحة للتحويل غير الشرعي تمر من خلال هذه المناطق إلى بقية المحافظات السورية، فقد تحولت قيمة الحولات الخارجية التي كانت ترد الخزينة السورية إلى أحد مصادر تمويل التنظيمات الإرهابية كـ "قسد"، فالحولات تصل بـ "الدولار الأمريكي"، إلى تلك المناطق باعتبارها جزء من سورية، ومن ثم تحول إلى الليرة السورية وترسل عبر أقنية طبيعية وشركات نظامية إلى بقية المحافظات السورية دون أن يكون ثمة خرق لقانون الحوالات، إذ يمكن وصف العملية بأنها طريقة قانونية لخرق القوانين السورية.
إن الذهاب نحو رفع سعر صرف الدولار الأمريكي في الحوالات الخارجية من شأنه أن يعيد ما يعادل ٧ مليون دولار أمريكي إلى الدخول اليومي إلى الخزينة السورية، الأمر الذي من شأنه يجعل من "شركات التحويل"، تستعيد زبائنها، ولا يوجد ضير من جعل المواطن قادراً على استلام حوالته بـ "العملة الأجنبية"، الأمر الذي سيسهل عملية الضخ في السوق السوادء بما يسهم في خفض السعر من خلال تعامل الدولة مع "الدولار"، مثل أي سلعة، فيقل الطلب عليه نتيجة لزيادة العرض، وبالتالي سيكون من الحتمي أن يهبط سعر الصرف ولن يعود ثمة إمكانية لوضع أسعار وهمية من قبل تجار السوق السوداء أو المضاربين من خارج الحدود، فالملاحظ أن سعر الصرف ظل ثابتا أو متصاعداً بشكل منطقي حتى بدأ قرارات المركزي بـتسليم الحوالات بالليرة السورية، ومن ثم تثبيت سعر الصرف وتجاهل ما يحدث في السوق، وفي ظل العاصفة التي تشهدها البلاد من أسعار وهمية، لابد من الانحناء قليلاً ومسايرة السوق مع الاستمرار بضرب معاقل التصريف وملاحقة المضاربين من قبل الجهات المختصة بذلك، بما يجعل العمل متكاملاً بين المركزي وبقية مؤسسات الدولة على ضبط إيقاع سعر الصرف، وإعادة "ترويض الدولار".
المواطن السوري مطالب بأن يكون جزء من هذه العملية أيضاً، فإن ذهب المصرف المركزي نحو زيادة سعر صرف الدولار بالنسبة للحوالات المالية، فعلى المغتربين بأن يكفوا عن اللجوء نحو التحويلات غير الشرعية ويتجهوا نحو التحويل عبر الشركات الرسمية، فالأمر يعد اكثر أمنا لتحويلاتهم المالية من الضياع في أروقة الشركات العاملة في مناطق خارج سيطرة الدولة، إضافة إلى عدم تعريض ذويهم للمسائلة القانونية نتيجة لورود تحويلات مشبوهة المصدر إليهم، وعليه فإن مواجهة موجات ارتفاع "السعر الوهمي"، عملية تكاملية تبدأ من المواطن وتمر بالمركزي والجهات الأمنية وتنتهي بالمواطن، وبهذه الطريقة قد يمر جزء من الحرب على الاقتصاد السوري المسماة بـ "قانون قيصر"، إذ لا يوجد جهة في العالم تمتلك القدرة على منع أي مواطن من إعانة ذويه