مصالحة كردية - كردية.. لماذا سعى الأمريكيون إليها..؟

وسام دالاتي - وكالة أنباء آسيا

2020.06.17 - 09:46
Facebook Share
طباعة

 
يدير السفير الأمريكي السابق في البحرين "وليم روباك"، والذي يشغل منصب ممثل الإدارة الأمريكية في التحالف الدولي عملية الحوار "الكردي - الكردي"، الذي من المفترض أن يفضي إلى مصالحة ما بين "قوات سورية الديمقراطية"، و "المجلس الوطني الكردي"، علما إن الأخير يعد من مكونات الائتلاف المعارض من جهة، ومقرب من كل من الحكومة التركية وحكومة إقليم شمال العراق "كردستان"، والأخيرة تعتبر "قسد"، بما تمثله من امتداد لـ "حزب العمال الكردستاني"، في الشمال الشرقي من سورية، منافسة لها في قيادة "الشارع الكردي" -إن صح التعبير- وهذا الشارع الذي ينقسم بالولاء إلى تياري "الكردستاني"، و "البارزاني"، يجد نفسه اليوم مجبراً بملاحقة أخبار هذه المصالحة بما قد تؤدي إليه من إنهاء للصراعات الداخلية بين التيارات السياسية الكردية من جهة، والتكيف مع المحيط قي المناطق ذات الصبغة الكردية في سورية والعراق وتركيا، والأخيرة تعد ألد أعداء "الكردستاني"، وتخوض حالياً عملية عسكرية ضده في منطقة "سنجار" العراقية، ولا يمكن أن تكون هذه العملية بدون التنسيق ما بين "أنقرة"، و"أربيل"، على وجه الخصوص، لأن المعركة تحدث داخل أراضي "كردستان"، وسيكون لها بالطبع انعكاس على الداخل السوري.
في الجولة الثانية من الحوار، أصرّ ممثلوا "المجلس الوطني الكردي"، على أن ينحصر حوارهم مع "حزب الاتحاد الديمقراطي"، الذي يعد العامود الفقري والمتحكم بمسار بقية الأحزاب والقوى السياسية المنضوية في هيكلية "قسد"، إذ لا تجد قيادات "المجلس الوطني"، أن هناك خصومة إلا مع "الاتحاد الديمقراطي"، وخاصة الجناح المسلح منه الذي يسمى بـ "الوحدات الكردية"، فالأخيرة تعد الذراع العسكرية لـ "الكردستاني"، في الداخل السوري، وكانت قد اعتقلت في عدد كبير من المناسبات قيادات الأحزاب التي تشكل المجلس الوطني، وعلى ذلك جاء الاتفاق المبدئي بين الطرفين ممهداً لتصفية الخلافات الكبرى التي من شأنها أن تذهب نحو تصفية الصراع الكردي مع الحكومة التركية التي تجد في القوى المسلحة الكردية تهديداً لأمنها القومي، وعلى ما يبدو فإن ثمة رسائل حملها "المجلس الوطني الكردي"، من حكومتي "أنقرة"، و "أربيل"، تركز على عدد من النقاط أبرزها "التمهيد لفتح حوار مع تركيا بشأن الشمال السوري بشرط إعلان فك الارتباط ما بين قسد و الكردستاني"، وهذا يعني أن أمان "قسد" من أي عملية تركية قادمة في الداخل السوري ثمنه الإنشقاق عن "الكردستاني"، ومن ثم الانخراط في العمليات السياسية "السورية - السورية"، من قبل "قسد"، كجزء من المعارضة التي يوضع "الائتلاف المعارض"، في واجهتها، وهذا ما تبحث عنه واشنطن أيضاً بما يضمن عدم احتياج "قسد"، لـ "التنسيق أو الحوار مع الحكومة السورية" من جهة، ويحد من احتياج "قسد"، لـ "الحماية الروسية"، من جهة أخرى، ما يجعل من الشمال الشرقي من سورية يعود إلى كونه ساحة للنفوذ الأمريكي الخالص، الأمر الذي قد لا يعجب الروس الذين يبحثون عن موطأ قدم ثابتة لهم في المناطق القريبة من الشريط الحدودي "السوري - التركي"، لعدة أسباب من أهمها تأمين الطريق ""، الذي يربط ما بين مدينة "الموصل"، العراقية والساحل السوري حيث تتواجد كبرى القواعد الروسية في الشرق الأوسط وعلى البحر المتوسط، ففي الحسابات الروسية أن هذا الطريق قد يكون بديلاً برّيا للقوات الروسية في نقل الإمدادات مستقبلاً من "روسيا"، إلى "إيران - العراق - سوريا"، بما يجعل من المضائق البحرية التركية "البوسفور - الدردنيل"، سلاحاً تركيا وأوروبيا غير ذي فاعلية ضد روسيا، إذ طالما شكل المضيقين تهديداً للأمن القومي الروسي عبر التاريخ، والسبب الثاني الذي يبحث من أجله الروس عن موطأ قدم في المنطقة القريبة من الحدود، هو الاقتراب من المواقع النفطية التي تنتشر فيها القوات الأمريكية حالياُ.
الاتفاق "الكردي - الكردي"، المبدئي مبني بحسب المعلومات على أساس "اتفاقية دهوك"، التي وقعت بين القوى الكردية في العام 2014، والتي من المفترض أن تجمع القوى الكردية في كيان سياسي واحد، وتشكل جناحاً عسكرياً واحداً، أو ذو قيادة موحدة، وهذا ما يجعل من "بيشمركة روج آفا"، التي تعد جناحاً عسكرياً لـ "المجلس الوطني الكردي"، مرشحة لتكون ضمن هيكلية "قسد"، العسكرية، وتحت قيادة موحدة، الأمر الذي سيفضي إلى تقاسم مناطق الانتشار، ولكون "بيشمركة روج آفا"، مقبولة من قبل "الأتراك"، فمن المرجح أن يكون انتشارها في المناطق القريبة من الحدود مع تركيا بدءاً من مدينة "المالكية"، بأقصى الشمال الشرقي من محافظة الحسكة وصولاً إلى مدينة "الدرباسية"، وبلدة "أبو راسين"، اللتين تقعان إلى الشرق من مدينة "رأس العين"، التي يحتلها الأتراك، وبالقرب من الشريط الحدودي، والأمر بالنسبة لـ "الاتراك"، يحقق نوعا من تأمين الحدود، ويضمن لـ "قسد"، عدم حصول هجمات عسكرية تركية مستقبلاً، وبالنسبة للأمريكيين، فلا حاجة لـ "قسد"، بالتنسيق الأمني أو العسكري مع كل من "دمشق"، أو "موسكو"
 
 
إن تصالحت القوى الكردية في الشمال الشرقي من سورية، فإن ذلك يعني ذهاب المنطقة الشرقية إلى المزيد من التعقيد على المستوى اﻷمني والعسكري والسياسي، فكل المصادر تشير إلى أن الاتفاق "الكردي - الكردي"، لن يكون في مصلحة أحد بقدر ما يكون في مصلحة "الأمريكيين"، فمن غير المأمون أن تبقى القوى الموالية لـ "أنقرة"، حالياً على موقفها إذا ما قدم لها المزيد من الهوامش السياسية والعسكرية في الداخل السوري، خاصة وإنها حالياً مهمشة من قبل "الائتلاف"، ومن قبل ما يسمى بـ "الجيش الوطني"، الذي يرفض وجود الاكراد على أساس ديني لكون غالبية مكوناته من الميليشيات الإخوانية كـ "جيش الإسلام - حركة أحرار الشام"، كما إن بعض مكونات "الجيش الوطني"، مثل "السلطان مراد - السلطان سليم"، المشكّلة من مقاتلين تركمان، ترفض "بيشمركة روج آفا"، على أساس عرقي.
تدرك الإدارة الأمريكية إن مسألة استمالة الأتراك نحو مصالحة مع القوى الكردية في سورية مستحيلة من دون أن تتم تصفية العلاقة بين هذه القوى و "الكردستاني"، أو أن تكون هذه القوى قادرة على أن تدفع قادة "جبل قنديل"، الذي يعد المعقل الأساسي لـ "الكردستاني"، نحو حوار يصفي الصراع المسلح الذي يدور بين الطرفين (الكردستاني - تركيا)، في الأراضي الجنوبية الشرقية من تركيا، حيث يقطن ٣٠ مليون كردي بدون حقوق مواطنة كاملة، كما إنه من المستحيل أن يعلن قادة "قسد"، الإنشقاق عن "الكردستاني"، أو فك الارتباط به ويكون الامر مقنعا إن كان القائد العام لـ "قسد"، هو "مظلوم عبدي"، الذي يعرف كأحد أهم كوادر الكردستاني في الداخل السوري، وبالتالي فإن الوساطة الامريكية في المصالحة "الكردية - الكردية"، وإن كانت في الظاهر تراعي المخاوف التركية، إلا أنها في الأساس لا تبحث إلا عن تأمين المشروع الأمريكي في الداخل السوري والمتمثل حالياً باستمرارية سرقة النفط السوري من قبل "قسد"، لذا لابد من تأمين "قسد"، وحمايتها من "الاحتياج للروس أو الحكومة السورية"، وإنهاء أي احتمال لمثل هذا الاحتياج على المستوى الأمني والعسكري، ومن ثم الدفع بـ "قسد"، للمشاركة في اي عملية سياسية تناقش الملف السوري كجهة معارضة سواء من خلال التشارك مع "الائتلاف"، أو بشكل منفصل، وهذه الوعود التي لم تفي بها "واشنطن"، حتى الآن تبقى بمثابة الجزرة التي تتدلى أمامها لتستمر بالسير في الطريق الذي ترسمه لها واشنطن
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 6