ازداد الطلب في الآونة اﻷخيرة على العملتين اﻷمريكية والتركية ضمن المناطق التي يسيطر عليها تنظيم "جبهة النصرة"، والمناطق التي تحتلها القوات التركية من الشمال السوري، وذلك نتيجةً لتنفيذ كل من "حكومة الانقاذ"، المعلنة من قبل "النصرة"، و "الحكومة المؤقتة"، المعلنة من قبل "الائتلاف المعارض"، لجانب مهم من المعركة الجديدة على الاقتصاد السوري، والتي بدأت قبل دخول "قانون قيصر"، حيز التنفيذ بأيام، والهدف من هذه الخطوة هو استمثار ما نتج من هجمة على العملة السورية وارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق السوادء، ليتم تسعير المواد في المناطق المحتلة من قبل الطرفين في الشمال السوري بـ "الليرة التركية"، ما جعل من العملتين التركية والأمريكية تتحولان إلى "سلعة"، يرتفع سعرها كلما زاد الطلب عليها.
دفع كل من "الانقاذ"، و "المؤقتة"، نحو تسعير المواد الأساسية لحياة المواطن بالليرة التركية، أجبر السكان في المنطقة على استبدال ما يملكونه من الليرة السورية بالعملة التركية للحصول على احتياجاتهم اليومية من ٧٣ مادة بدأ من الخبز والدواء والمشتقات النفطية، الأمر الذي وإن كانت حجته "الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن"، إلا أنه جاء معكوساً بطبيعة أن ما يملكه المواطن من مدخرات بالليرة السورية قلت قيمته أمام "الليرة التركية"، التي وصل سعر صرفها في مناطق "رأس العين - تل أبيض - شمال شرق حلب - شمال غرب حلب - إدلب"، إلى ٤٥٠ ليرة سورية لكل ليرة تركية، وهو سعر صرف غير حقيقي بالنسبة للتداول العالمي، إلا أنه ملموس على أرض الواقع بنتيجة تلاعب تجار العملة المرتبطين بالائتلاف والنصرة في أسعار الصرف، ما تسبب بهوامش ربحية ضخمة بالنسبة لكل منهما.
دولرة العمليات الاقتصادية الكبرى التي تجمع "النصرة"، و "الائتلاف"، من جهة مع الأطراف الموردة للمواد الأساسية من جهة ثانية (قسد - التجار الأتراك)، أدت إلى دولرة العمليات الاقتصادية المتوسطة ما بين تجار الجملة وتجار نصف الجملة، وعلى ذلك زاد الطلب أيضاً على الدولار الأمريكي بما أوصل سعر الصرف إلى ٣٢٠٠ ليرة ضمن المناطق المحتلة آنفة الذكر، وهو سعر غير ملموس في بقية المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية أو حتى المناطق التي تسيطر عليها "قوات سورية الديمقراطية"، إلا أن الأمر سيؤثر حتما ويتسبب بموجات ارتفاع بسعر صرف الدولار في بقية المناطق السورية نتيجة لمحاولة المتلاعبين بسعر الصرف في السوق السوداء للعمل الاجنبية الاستفادة قدر الإمكان لتحقيق المزيد من المكاسب المادية، وعليه فإن "معركة العملة"، التي يتشارك الإخوة الاعداء (النصرة - الائتلاف)، في لعب دور "رأس الحربة"، بطلب من القوى المشغلة لكل من الطرفين، وبهدف تحقيق أكبر قدر من المكاسب المادية تعد التمهيد الأفضل بالنسبة للإدارة الامريكية لتطبيق "قانون قيصر"، الذي قد تستثني الإدارة الأمريكية مناطق سيطرة "قسد"، من تطبيقه أو تخفف بعض الإجراءات فيه.
تأثر المواطن السوري لم يبدأ عملياً بـ "قانون قيصر"، إلا أن "معركة العملة"، التي تشن ضد الليرة السورية في المناطق المحتلة ستؤثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطن القاطن في هذه المناطق أولاً، وستنعكس على المواطن السوري في بقية المناطق، الأمر الذي يجعل من هذه المعركة ترقى لمستوى "إرهاباً اقتصادياً"، أو "جريمة حرب اقتصادية"، إن صح التعبير، فهي ستؤدي حتماً إلى إيصال القدرة الشرائية للمواطن نحو العدم، ولن ينجو من هذه المعركة حتى من يتقاضون رواتبهم بالليرة التركية من عناصر "الجيش الوطني - هيئة التحرير الوطني"، الموالية لتركيا، أو حتى موظفي ما يسمى بـ "الهيئات المدنية"، التابعة لـ "الائتلاف المعارض من موظفي "المجالس المحلية - التربية - النقاط الطبية"، وذلك ﻷن رواتبهم التي كانت تحقق لهم اكتفاءاً مادياً بعد صرفها على الليرة السورية للتعامل التجاري مع الباعة، ستصبح ذات قدرة شرائية أقل بعد تسعير المواد على الليرة التركية من جهة، وارتفاع أسعار المواد الأساسية من جهة ثانية