تقف إسرائيل أمام واحدة من أصعب الفترات التي عرفتها على الإطلاق، فمن أزمة اقتصادية إلى فيروس كورونا إلى هجوم نتنياهو على سيادة القانون. لكن خطته للضم يمكن أن تقود الكيان الصهيوني إلى شفا الحرب - وما بعدها، ومن المعروف أن إسرائيل تواجه ثلاث قوى عالمية وهي تنظيم "حزب الله" اللبناني وحركة "حماس" الفلسطينية إلى جانب إيران، فكيف يمكن أن يؤدي تنفيذ مخطط الضم الإسرائيلي إلى اندلاع حرب متعددة الجبهات في الشرق الأوسط خلال أسابيع؟
وفي الوقت ذاته عبّر مسؤولون في أجهزة الأمن الإسرائيلية، خلال مداولات أمنية مغلقة، عن استيائهم من امتناع المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية عن اطلاعهم على مخطط الضم الوشيك في الضفة الغربية المحتلة، وحذروا من أن ذلك يصعب من إمكانية الاستعداد المناسب لهذه الخطوة.
فيما شدد المسؤولون في الأجهزة الأمنية، بحسب ما أورد مقال نُشر في صحيفة "هآرتس"، على أن تفاصيل مخطط الضم وجدول المواعيد الذي حددته الحكومة في هذا الشأن ضرورية للجيش الإسرائيلي، وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والشرطة وغيرها من الأجهزة لوضع إستراتيجية لمواجهة ردود الفعل الفلسطينية المتوقعة على الضم.
يأتي ذلك وسط تباين وجهات النظر بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو وحزب الليكود من جهة، وبين رئيس الحكومة البديل، بيني غانتس وحزب "أزرق أبيض" (كاحول لافان) من جهة أخرى، إذ يسعى الأول إلى ضم أكبر مساحة من الأراضي، في حين يرفض الأخير ضمًا إسرائيليًا أحادي الجانب، ويدعو إلى "التنسيق مع الشركاء الإقليميين"، في إشارة إلى الأردن ومصر.
وأشارت التقارير الصحافية إلى أنه في ظل الإصرار الأميركي على إجماع إسرائيلي حول مخطط الضم كشرط لدعمه، قد يفضي الخلاف بين حزبيّ الليكود و"كاحول لافان" إلى ضم على مراحل، يبدأ بالتجمعات الاستيطانية الكبيرة في الضفة الغربية، فيما يسعى نتنياهو إلى الحصول على دعم لتنفيذ ضم واسع النطاق بوساطة السفير الأمريكي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان.
وفي هذه الأثناء، امتنع الجيش الإسرائيلي عن اتخاذ موقف علني من الضم، ولكن في محادثات مغلقة، يقول كبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية إن التهديد الرئيسي الذي تواجهه إسرائيل في السنوات القادمة يتمثل في الجبهة الشمالية، في إشارة إلى "حزب الله" اللبناني، ومحاولات إيران للتموضع العسكري في سوريا.
ووفقًا إلى تقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، فإن التصعيد في الضفة الغربية قد يعيق الاستعدادات للتهديدات على الجبهة الشمالية وسيستنزف جزءًا كبيرًا من الميزانية العسكرية. كما يحذر رؤساء الأجهزة الأمنية من تداعيات الضم على العلاقات مع الأردن ومصر وغيرها من دول المنطقة، التي تعتبر في المنظور الأمني الإسرائيلي "عاملًا كابحًا" لفصائل المقاومة الفلسطينية.
وفي هذه المرحلة، لفتت صحيفة "هآرتس" إلى أن الجيش الإسرائيلي يستعد للتعامل مع آثار الضم وفقًا إلى الإستراتيجيات التي كان قد وضعها للتعامل مع رد الفعل الفلسطيني، خلال فترات اعتبرها "حساسة"، على غرار نقل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سفارة بلاده لدى إسرائيل من تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة، بما يشمل تصعيد في الضفة وقطاعات أخرى (مناطق الـ48 وقطاع غزة). كما يستعد جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى إجراء تدريبات مفاجئة لاستدعاء جنود الاحتياط من خلال أنظمة جديدة، من أجل اختبار قدرة القوات على الانتقال من حالة الروتين إلى حالة الطوارئ في وقت قصير.
ووفقًا إلى تقديرات المخابرات العسكرية (أمان) والشاباك، فإن تنفيذ الضم سيؤدي إلى تصعيد في الضفة وستشعر حركة حماس بأنها مضطرة للرد، وسترسل الأهالي في غزة إلى المناطق الحدودية للتظاهر من جديد واستئناف مسيرات العودة، وإذا ما ازدادت حدة المواجهات في الضفة، فإن احتمالات نشوب جولة تصعيدية عنيفة في غزة
ومن جانب آخر، جولة مناكفات جديدة اندلعت بين حزبي الليكود و"كاحول لافان" أعقبت اجتماع غانتس مع نتنياهو في وقت سابق، الإثنين، حول موضوع الضم، وذلك على خلفية التصريحات التي صدرت عن نتنياهو حول موقف شركائه في الحكومة من الضم، فأجاب: "سؤال جيد، أنا أسأل نفسي السؤال ذاته، كنت أنوي طرح موضوع الضم للتصويت في غضون أيام لكن الخريطة ليست جاهزة. نحن الآن نخوض مناقشات مع الأمريكيين، نريد موافقتهم على كل شيء كما كان في مرتفعات الجولان. لقد أجرينا أيضًا مناقشات مع حزب كاحول لافان لا أعرف موقفهم، نريد استكمال الخريطة".
وفي أعقاب ذلك، قرر غانتس عقد اجتماع لكتلة "كاحول لافان" البرلمانية في ما وصفه "جلسة تحديث" لإطلاعهم على آخر التفاصيل حول المناقشات التي عقدها مع نتنياهو بوساطة السفير فريدمان. وقام حزب "كاحول لافان" بالرد على تصريحات نتنياهو أنهم لم يحددوا موقفهم من مخطط الضم لأنه لم يقم لإطلاعهم على تفاصيل المناقشات التي أجراها مع السفير الأمريكي.
وأضاف أعضاء في حزب "كاحول لافان" أنه "يبدو أن نتنياهو لم يقرر ماذا يريد في هذا الشأن، عرض علينا سيناريوهات وليس مخططات أو قرارات واضحة"، في المقابل، نفى أعضاء في حزب الليكود ذلك وشددوا على أن "نتنياهو سينفذ الضم بكل قوته"، وأضافوا أن "غانتس رفض الاطلاع على خرائط الضم لأسباب تخصه".
ما يعني أن هذا التخبط السياسي والترقب العسكري الذي حدث بسبب مشروع الضم هي عوامل مجتمعة ستجر إسرائيل نحو عاصفة هوجاء قد تكون تبِعاتها
قاسية
المصادر : https://www.haaretz.com/.../.premium-israeli-defense...
https://www.haaretz.com/.../.premium-how-israeli...