تواصل القوات التركية تعزيز وجودها في محافظة إدلب بالتزامن مع زيادة التوتر في المنطقة بين الجيش السوري من جهة، وتنظيم "جبهة النصرة"، والفصائل المتحالفة معه من جهة أخرى.
تقول مصادر ميدانية أن الجيش التركي أنشأ نقطة جديدة له في قرية "منطف"، بمنطقة "جبل الزاوية"، بريف إدلب الجنوبي الشرقي، ليرتفع بذلك عدد النقاط التركية في محافظة إدلب لوحدها إلى 63 نقطة، كما دخل رتلين عسكريين تركيين إلى الأراضي السورية من "معبر كفر لوسين"، مؤلفين من عدد كبير من العربات العسكرية الثقيلة والمتوسطة لتنتشر في النقاط التركية، ويتزامن ذلك مع زيادة التوتر الميداني في المنطقة الذي قد يهدد بسقوط مخرجات الاتفاق الأخير بين الحكومتين الروسية والتركية حول وقف إطلاق النار في إدلب.
وكان مصدر عسكري سوري قد أكد في السابع من الشهر الحالي أن الفصائل المسلحة المنتشرة في إدلب قد شنت هجوماً باستخدام العربات المفخخة والانتحاريين على نقاط الجيش السوري في قريتي "الطنجرة - الفطاطرة"، بريف إدلب، إلا أنه تم تدمير المفخخات بواسطة الصواريخ المضادة للدروع قبل وصولها إلى الاهداف المحددة لها، وبعد اشتباكات تدخل فيها الطيران الحربي السوري، عاد الهدوء إلى المنطقة.
تبادل إطلاق النار نتيجة لخرق الفصائل المسلحة المتكرر للاتفاق، قد يفضي إلى إعادة إشعال الساحة الإدلبية بالمعارك، خاصة وإن الجانب التركي مازال عاجزاً عن إجبار "جبهة النصرة"، وحلفائها على الانسحاب من المناطق المتفق عليها ليتم فتح الطريق الواصل بين حلب واللاذقية والمعروف باسم "الطريق M4"، أمام القوافل التجارية وحركة الركاب.
وكانت قوات الشرطة العسكرية الروسية قد نفذت يوم الأربعاء الماضي دورية مشتركة مع القوات التركية على "الطريق M4"، ضمن المنطقة الممتدة بين قريتي "ترنبة - محبل"، إلا أن تنظيم "جبهة النصرة"، جند عدد من النسوة المنقبات للقيام برشق الدورية بالحجارة كنوع من الاعتراض على دخول القوات الروسية إلى المنطقة الخاضعة لسيطرة التنظيم، كما اعتدى عناصر من "النصرة"، على مراسلي الوكالات الأجنبية من السوريين، فيما قامت القوات التركية بحماية المراسلين الأتراك أثناء تغطيتهم للدورية.
التصعيد السياسي بين الجانب التركي وتنظيم جبهة النصرة وصل الذورة بوصف أنقرة رسميا لتنظيم "أبو محمد الجولاني"، بـ "الإرهابي"، ومن المرجح أن تذهب الحكومة التركية نحو الدفع بـ "الجيش الوطني - هيئة التحرير الوطنية"، إلى مواجهة "النصرة"، وحلفائها المندمجين في تنظيم "هيئة تحرير الشام"، إلا أن هذه المواجهة لن تكون حاسمة في الملف الإدلبي، لكون الفصائل الموالية للحكومة التركية غير قادرة على حسم المعركة بشكل منفرد حتى إذا تدخل الطيران التركي لصالحها.
ترجح المصادر الميدانية أن تعود العمليات العسكرية إلى المنطقة خلال وقت قريب، إذ أن وجود تنظيم "جبهة النصرة"، في محيط "الطريق M4"، سيفضي إلى عرقلة افتتاحه أمام الحركة التجارية والمدنية، فالقوات التركية المنتشرة على جانبي الطريق غير قادرة إلى الآن على ضبط إيقاع النصرة وحلفاءها، كما إن مرور الدوريات المشتركة ضمن جزء ضيق من الطريق لا يعني إنه آمن لمرور القوافل التجارية، خاصة وإن كل من "جبهة النصرة - الحزب الإسلامي التركستاني"، يسيطران على الجزء الأهم منه ضمن المناطق الواقعة إلى الجنوب من مدينة "جسر الشغور"، التي تعد بدورها المقر الأساسي لـ "التركستاني"، المشكل من المقاتلين المتحدرين من أقلية "الإيغور"، الصينية، كما تمتلك "النصرة"، عدداً من الحواجز في "النيرب - كفرلاشيا - أورم الجوز - أريحا - القياسات - محمبل".