كَثُرت التحليلات الاقتصادية لقانون قيصر ومدى تأثيره على حياة السوريين، باعتباره أخطر قانون يشكل حصاراً اقتصادياً شاملاً على الدولة السورية ومؤسساتها بعد سنوات من الحرب، إضافة لفقدان حتى سورييّي الخارج قدرتهم على تحويل الأموال لذويهم في الداخل.
وبحسب خبراء اقتصاديين فأن القانون يضم حزمة عقوبات اقتصادية على كل من يتعامل مع الحكومة السورية سواء كان فرداً أو مؤسسة، وكل من يقدم خدمات بناء أو خدمات هندسية، وكل من يسهل صيانة أو ﺗﻮﺳﻴﻊ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻤﺤﻠﻲ للغاز اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ أو اﻟﺒﺘﺮول أو اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت اﻟﺒﺘﺮولية، وغيرها من العقوبات.
وقانون قيصر هو مشروع قانون أقره مجلس النواب الأمريكي (الكونغرس)، في 15 تشرين الثاني 2016، وينص على معاقبة كل من يقدم الدعم للحكومة السورية، ويلزم رئيس الولايات المتحدة بفرض عقوبات على الدول الحليفة لدمشق.
وتم التصويت على قانون قيصر من قبل مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين، ولم يعد ينقصه إلا توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ليصبح نافذًا ويبدأ تطبيق العقوبات التي ينص عليها هذا القانون خلال أشهر قليلة.
وثمة من وصف القانون بأنه "حرب تجويع معلنة بدأها ترامب على سوريا"، تتزامن مع تراجع في الإنتاج وقيمة الليرة، إلى حدود غير مسبوقة، تجاوزت حاجز ال 3000 ليرة.
لكن بالمقابل هناك من يقول بإن القانون ينطوي على وجه أخر ألا وهو الوجه السياسي. كورقة ضغط وتفاوض للوصول لحل سياسي للأزمة السورية.
وحول منعكسات القرار سياسياً تقول الباحثة الاقتصادية رشا سيروب " رغم أن سورية تعرضت للعقوبات منذ العام 1979، لكن قانون قيصر هو الأخطر، كونه يشكل ورقة ضغط سياسي مع إمكانية إمكانية التفاوض المشروط لمدة خمس سنوات، ليس فقط على سورية بل على سورية وحلفائها العسكريين (روسيا وإيران) وحلفائها الماليين في المستقبل.
وتضيف سيروب عبر منشورها على الفيس بوك والذي رصدته وكالة "آسيا" أن الولايات المتحدة تنظر إلى سورية باعتبارها تهديداً للأمن القومي، حيث تم طرح مشروع قانون قيصر 5 مرات على الكونغرس الأميركي) 3مرات منفرداً (12تموز 2016، و22 آذار 2017، و3 كانون الثاني 2019). جميعها لم تمر في الكونغرس وبقيت في إطار مشروع القانون.
كما أشارت سيروب إلى نيّة الولايات المتحدة تقسيم سورية، إذ تصنف سورية إلى أراضٍ تحت سيطرة الدولة وحلفاؤها وهي التي تخضع للعقوبات، وأراضٍ لا تخضع للعقوبات وهي الأراضي التي "من وجهة نظر أميركا" خارج السيطرة.
وعن ما يمكن فعله لمواجهة قيصر قالت سيروب " إنه ورغم قدرة سوريا على الالتفاف والتكيف مع العقوبات المختلفة الصادرة بحقها منذ سبعينيات القرن الماضي، إلا أن تكلفة الالتفاف والتحايل هذه المرة ستكون باهظة الثمن"، ما سيزيد من معاناة الشعب السوري وتفاقم الأزمات الحياتية والمعاشية، وتكثيف المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، ويشكل عقبة أخرى أمام التعافي الاقتصادي في المأمول على حد قولها.
ورغم ذلك وحتى اليوم، "لم نسمع من أي مصدر حكومي عن وجود دراسات وأبحاث تظهر أثر قانون سيزر على الاقتصاد وما هي تكلفته المحتملة وكيف يمكن الحد من منعكساته" بحسب سيروب. التي ختمت منشورها بالقول "رغم خطورة الوضع، من الممكن "تحويل الأزمة إلى فرصة، وقد جاءت أزمة كورونا لتعيد الألق إلى الاعتماد على الذات والاكتفاء الذاتي والإنتاج الوطني وإحياء القطاع العام، فهو خط الدفاع الأول ضد المخاطر التي تهدد الاقتصاد السوري، ويجب أن يكون هناك ردّة إلى الاقتصاد الحقيقي".
و يرى مراقبون أن الإدارة الأميركية معنية في هذه المرحلة بتأجيل الحل السوري، وليس بفرض حل، حتى تعيد ترتيب الكثير من أوراقها الإقليمية، وأهمها الملف النووي الإيراني، وملف الصراع العربي الإسرائيلي. لذلك كان القانون في هذا التوقيت بالذات.
وصل قانون "قيصر" الخاص بفرض عقوبات على الدولة السورية إلى مرحلة التصويت في مجلس الشيوخ، في 7 من كانون الأول الحالي، للمرة الأولى منذ تقديمه قبل ثلاث سنوات.
وأُدرج قانون "قيصر" مع قانون الميزانية والتمويل الخاص بوزارة الدفاع الأمريكية، الذي يحظى بإجماع من قيادات الحزبين، الجمهوري والديمقراطي كي يتمكن داعميه من تمريره وفرضه على الشعب السوري في ظل ظروف اقتصادية خانقة.