وسائل النقل تعود للعمل في سورية: أين إجراءات الوقاية؟

حبيب شحادة – وكالة آسيا

2020.05.16 - 11:26
Facebook Share
طباعة

 
 
بعد أكثر من 60 يوماً على تطبيق الإجراءات الاحترازية لمواجهة كورونا (كوفيد 19) خففت الحكومة إجراءاتها تلك وتدرجت بها عبر عودة عمل مؤسسات الدولة، وبعض النشاطات والفعاليات الاقتصادية في البداية، لتصل لإعادة العمل لوسائل النقل العامة، التي تعتبر أكثر بيئة حاضنة للوباء.
 
شهدت شوارع العاصمة دمشق جراء عودة النقل العام اختناقات مرورية وازدحام للناس في مشهد اعتادوا عليه قبل وباء كورونا وافتقدوه بعده لمدة محدودة، لكنه عاد اليوم رغم خطورته.
 
حيث استأنفت جميع وسائل النقل العامة (سرفيس وباصات نقل داخلي) عملها بتاريخ 10أيار/ مايو، وذلك بموجب قرار الفريق الحكومي المعني بإجراءات التصدي لفيروس كورونا.
 
وكان عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل والمواصلات في محافظة دمشق مازن دباس قال " إنّ المحافظة تتابع تعقيم أكثر من 1800 سرفيس و240 باص و23000 سيارة تعمل ضمن دمشق. كما أكد على الغاء المقاعد الإضافية وعلى عدم وجود أي راكب واقفاً ضمن وسيلة النقل.
 
تصريحات خُلبية!
 
مدير هندسة المرور في محافظة دمشق ياسر بستوني قال بحسب المكتب الإعلامي لمحافظة دمشق إنه تم تعقيم كافة الحافلات في مراكز الانطلاق، وهي مركز انطلاق السومرية الغربي، البولمان، الجنوب، العباسيين، بالإضافة إلى تعقيم الحافلات في المراكز التبادلية وهي: جسر الرئيس، الوزان، السيدة زينب، نهر عيشة، حيث يتم تعقيم الأليات بشكل دوري قبل خروجها من مركز الانطلاق وبعد عودتها.
 
وأضاف بستوني أنه تم التأكيد على السائقين بضرورة ارتداء كمامات. قفازات، والتقيد بعدم وجود عدد ركاب أكثر من المقاعد. وبالتعاون مع شرطة المرور تم توجيه السائقين الذين لديهم مقاعد جانبية بإزالتها، حرصاً على التباعد المكاني والسلامة العامة.
 
ورغم قيام الحكومة باتخاذ تدابير وقائية لمواجهة كورونا ومنع انتشاره بين السكان، إلا أنها وتحت ضغط الوضع الاقتصادي المتأزم خففت من تلك التدابير شريطة الالتزام بمعايير السلامة الصحية من قِبل الناس دون وضع ضوابط إدارية تمنع عدم الالتزام ما دفع بالناس للتكدس في الباصات.
 
إلا أنه على ما يبدو أن الواقع الميداني مُخالف لتصريحات محافظة دمشق لجهة ما يتعلق بالتعقيم وعدم الاكتظاظ في وسائل النقل العامة، ويُعبّر واقع ما بعد عودة وسائل النقل العامة عن فشل المحافظة في التعقيم وفي منع الاكتظاظ حيث غصت وسائل التواصل الاجتماعي بالصور التي تظهر تدافع الناس على الحافلات مشكلين كتل بشرية عشوائية.
 
وفق وزارة الصحة لغاية 15/ أيار / مايو، بلغ عدد المصابين بفيروس كورونا 50 حالة، منها 3 وفيات، و36 حالة شفاء.
 
يقول الخبير الاجتماعي زياد سليمان " إن قرار الفرق الحكومي المعني بالتصدي لكورونا والمتعلق بعودة وسائل النقل لا يمكن ضبط نتائجه المجتمعية وانعكاساتها حيال الوباء ومدى انتشاره، فالناس مضطرة للذهاب لعملها ولقضاء حاجياتها اليومية، ولا يمكن ضبط سلوكها".
 
اكتظاظ بشري في ظل كورونا
 
وفقًا لمعاينة "معد التقرير" فإنه في وسائل النقل العامة لا تتم مراعاة أي من إجراءات السلامة الوقائية، كما أنّها تطيح بقاعدة "التباعد الاجتماعي" التي تدعو لها منظمة الصحة العالمية وكافة حكومات العالم لوقف انتشار الفيروس التاجي. حيث يتكدس المواطنون فوق بعضهم البعض دون ارتداء كمّامات طبّية أو قفازات.
 
وتعتبر وسائل النقل العام المحرك الرئيس لتنقلات السوريين داخل المحافظة الواحدة وخارجها. وتشكل عودتها للعمل بالتزامن مع عودة النشاط في مختلف القطاعات وسيلة أساسية للتنقل في ظل افتقار غالبية السوريين لسيارات خاصة تقلهم ما يرفع من احتمالية الإصابة بالفيروس.
 
وخلال جولة سريعة في عدة مراكز انطلاق لوسائل النقل العام بدمشق تبين وجود بعض الخطوط. مثل قطنا جديدة عرطوز. لم تلتزم بإزالة المقاعد الجانبية ولا بالتباعد المكاني، بالإضافة للنقل الداخلي الذي لم يكتفي بعدد الركاب وفقاً لمقاعد الباص، بل كان هناك أيضاً ناس تقف. كما لا يوجد التزام بالقفازات أو بالكمامة.
 
علاء أحد سكان الجديدة (30 عاماً) يتساءل "كيف تعود المواصلات للعمل والحظر الليلي موجود. بالليل في كورونا بس بالمواصلات ما في كورونا؟ ويقول" الناس تجلس فوق بعضها بالسرافيس وين التدابير الاحترازية بالموضوع".
 
ويضيف علاء أن الازدحام اليومي لا يوصف، والسرافيس ممتلئة، ولا يوجد بها كرسي فارغ، فأين التباعد الاجتماعي، ناهيك عن التدفيش عند النزول والصعود، حيث لا أحد يضع كمامه ولم تُزال الكراسي الجانبية للسرافيس.
 
يقترح الخبير الاجتماعي سليمان أن تكون المخالفة صارمة، خصوصاً لسائقي السرافيس الذين يكدسون الناس فوق بعضها البعض، في حين المفروض أن يبقى كرسي فارغ بين كل كرسيين. حفاظاً على التباعد الاجتماعي ومنعاً لحدوث العدوى.
 
مصدر رسمي في مديرية الشؤون الصحية في محافظة دمشق قال " إنّ التعقيم للحافلات يتم صباحاً ولمرة واحدة وبعد ساعات العمل الطويلة تزول أثار تلك المعقمات". ويضيف، أن المحافظة لا يمكنها مراقبة كل الخطوط والسائقين المخالفين لتعليمات الوقائية.
 
ليس فقط وسائل النقل من شهدت الازدحام والاكتظاظ، بل طال الأمر أيضاً أغلب أسواق العاصمة دمشق وخصوصاً أسواق الألبسة والأحذية التي اكتظت بالناس في مشهد يوحي وكأن كورونا غادر سورية دون رجعة حيث غرق شارع الحمرا بدمشق بالناس المتسوقة دون أدنى وعي بخطر الوباء.
 
يبدو أن تعويل الفريق المعني بالتصدي لوباء كورونا على وعي الناس غير كافي، بل يجب أن يقترن ذلك بإجراءات رادعة لسائقين النقل العام وفقاً للخبير الاجتماعي سليمان، والذي قال " بإن العاصمة دمشق تعاني من أزمة نقل ومواصلات وازدحام قبل كورونا، ومن الطبيعي أن تبقى قائمة بعد رفع الحظر، وما يمكن أن ينتج عن ذلك من خطورة انتشار للوباء.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 5