كشف تسجيل حديث للجاسوس الإسرائيلي السابق جوناثان بولارد، عن محاولة ضغط مباشرة عليه من قبل شخص أرسلته الحكومة الإسرائيلية، بغرض دفعه للانتحار لإغلاق ملفه، ما يوضح درجة التعقيد والتوتر في التعامل مع الملفات الاستخباراتية الحساسة.
الحادثة تعود إلى الفترة ما بين الإفراج عنه من السجن الأمريكي عام 2015 وهجرته إلى إسرائيل عام 2020، حيث عرض عليه رجل، بحسب روايته، “العودة للوطن وجنازة لائقة في جبل هرتسل”، مقابل إنهاء القضية.
بولارد، الذي كان محللاً في البحرية الأمريكية قبل اعتقاله عام 1985 لنقله آلاف الوثائق السرية إلى تل أبيب، قضى عقوبة السجن مدى الحياة، ما أدى إلى توتر العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية لفترة طويلة.
الإفراج عنه جاء بشروط صارمة أبقته داخل الولايات المتحدة حتى رفع القيود عام 2020، ثم هاجر إلى إسرائيل التي منحته الجنسية عام 1995.
على الصعيد الشخصي والسياسي، استُقبل بولارد كبطل من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وأصبح لاحقاً من أبرز داعميه، قبل أن ينتقد بعض السياسات الحكومية في السنوات الأخيرة.
خلال المقابلة، رفض أي وجود عسكري أجنبي في إسرائيل، معتبرًا أن مركز التنسيق المدني العسكري في كريات جات يمثل تهديداً للسيادة الوطنية. المركز، الذي أنشئ بقيادة الولايات المتحدة، يشرف على المساعدات الإنسانية والأمنية لقطاع غزة ويضم قوات أمريكية وأردنية وأوروبية متعددة.
عودة بولارد إلى الأضواء الشهر الماضي أثارت اهتمام الإعلام الدولي بعد اجتماعه السري مع السفير الأمريكي لدى إسرائيل، آثار جدلاً داخل أوساط الاستخبارات الأمريكية.
كما قارن طريقة معاملته أثناء الاحتجاز بمعاملة رهائن حركة حماس، متحدثًا عن تعرضه لسوء معاملة شديد بما في ذلك اغتصاب محتمل، وأضاف ذلك بعداً إنسانياً وإنذارياً لقضية الجاسوس.
التسجيل الجديد يعكس التحديات التي تواجه الأفراد في ملفات الأمن والاستخبارات، يكشف عن ممارسات حكومية ضاغطة لم تُعلن سابقاً، إضافة إلى استمرار الانقسامات داخل إسرائيل حول التعامل مع الملفات الحساسة والأفراد المتورطين فيها.
بولارد اليوم يمثل مثالاً حيّاً على مدى التعقيد القانوني والسياسي والأمني في قضايا التجسس التي تمتد آثارها لعقود، مؤكدًا أن التوتر بين الأهداف الوطنية وحقوق الفرد قد يستمر لسنوات طويلة بعد انتهاء القضايا الرسمية.