جلسة مجلس الوزراء اللبناني اليوم جاءت في وقت حرج على خلفية الضغوط المالية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد، مع استمرار شح السيولة وارتفاع مستويات المديونية العامة، النقاش حول مشروع قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع يمثل اختبارًا حقيقيًا للقدرة على التوازن بين حماية حقوق المودعين وتحقيق استقرار مالي يساهم في جذب الاستثمارات.
حضور حاكم المصرف المركزي كريم سعيد يؤكد أهمية التوافق بين السلطات التنفيذية والمالية لضمان مصداقية القرارات المتخذة.
التأمت الجلسة عند الساعة الثانية من بعد ظهر اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا، برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، وبحضور رئيس الحكومة نواف سلام وكافة الوزراء، لمناقشة ثلاثة بنود أساسية على جدول الأعمال. جاءت في مقدمتها مشروع قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع، إضافة إلى تعيين رئيس مجلس الإدارة – المدير العام للمؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان إيدال وأعضاء مجلس إدارتها.
كما تطرق المجلس إلى مشروع اتفاقية مع المملكة العربية السعودية حول تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة، وناقش أمورًا طارئة تحتاج لاتخاذ القرارات المناسبة.
قبل الجلسة، عقد الرئيس عون اجتماعًا مع رئيس الحكومة نواف سلام استعرضا خلاله الأوضاع العامة في البلاد، مع بحث أبرز المستجدات على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
من جانبه، أكد وزير الاتصالات شارل الحاج أن مشروع قانون الفجوة المالية هو من أهم وأخطر القوانين منذ إنشاء دولة لبنان الكبير، مشددًا على ضرورة مناقشة تفاصيله بدقة.
فيما أشارت الوزيرة حنين السيد إلى أن القانون يعبر عن عدالة اجتماعية مطلوبة للمودعين، بهدف ضمان حقوقهم في ظل الضغوط الاقتصادية المتصاعدة.
كذلك أفادت مصادر مطلعة أن وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني ووزير الزراعة نزار هاني، اللذين حضرا اجتماعًا مع كتلة اللقاء الديمقراطي يوم الأحد، سيقدمان تعديلات على مشروع القانون ولن يصوتا على الصيغة المقترحة الحالية، ما قد يطيل فترة النقاش داخل المجلس.
ذكرت معلومات من قناة ام تي في أن الرئيس عون لن يقبل بأي قانون يمس حقوق المودعين، وأن جلسة اليوم قد لا تنتهي بحسم، وقد يتم إحالة المشروع إلى لجنة وزارية لمزيد من التدقيق والمناقشة قبل اتخاذ قرار نهائي.
الموقف المتوازن للحكومة يبين حرصها على حماية المودعين وفي الوقت نفسه على جذب الاستثمارات وحماية الاقتصاد من أي أزمات إضافية، تحديداً مع تعقيدات الوضع المالي الحالي في لبنان، وارتفاع حجم المديونية إلى مستويات تتجاوز 95 مليار دولار، مع استمرار العجز في الموازنة العامة بنسبة تتراوح بين 12% و14% من الناتج المحلي الإجمالي.
التحدي المطروح أمام مجلس الوزراء يكمن في إيجاد صياغة نهائية تضمن عدالة مالية للمودعين، وتحافظ على التوازن بين السلطة التنفيذية والمؤسسات المالية، بما يسمح بتقديم حلول عملية ومستدامة لتجاوز الأزمة المالية التي تشهدها البلاد منذ سنوات عدة.